ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له النوم فان الاثار المرتبة على هذه الاذكار من حفظه وكفايته انه لا يضره شيء مثلا بقدر ما يكون له من حضور القلب وفهم المعنى والمضمون فاذا تحقق هذا كان الاثر تاما هذا الذي نزل منزلا وقال اعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق اذا كان قد احضر قلبه وفهم ما تحت هذه العبارة من المعاني فانه لا يضره شيء واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فمرحبا بكم جميعا معاشر الاخوة والاخوات واسأل الله تبارك وتعالى ان يعيننا واياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته في غرة هذا الشهر الحرام ذي القعدة وهو من الاشهر الحرم الثلاثة المتعاقبة وهي من اشهر الحج ولا شك انها من اعظم شهور العام والله تبارك وتعالى يقول ان عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والارض منها اربعة حرم في هذه الشهور العظيمة نتحدث في بقعة هي من احب البقاع الى الله تبارك وتعالى وهي المساجد عن مطلب ويعد من اجل المطالب واشرفها وهو الكلام على معاني الاذكار وذلك ان الذكر كما سيتضح ان شاء الله تعالى ومن اجل الاعمال وافضلها واحبها الى الله جل جلاله وتقدست اسماؤه فالاشتغال به اشتغال بمطالب جليلة والتعرف على معانيه يعد من اشرف العلوم وافضلها الناس كثيرا ايها الاحبة اعني طلاب العلم يستشرحون كلام المصنفين من العلماء وهم بشر يصيبون ويخطئون ويحصل لهم من السهو والغلط ما لا ينفك منه البشر وهذا كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم الذي فيه جوامع الكلم وهو الحق والهدى والصواب الذي متى ما ثبت فانه لا يتطرق اليه خطل ولا خلل ولا غلط وانما هو الهدى بحذافيره الاشتغال بهذا ايها الاحبة يبصرنا بمعاني هذه الاذكار الجليلة العظيمة التي نرددها صباح مساء وفي صلاتنا وفي تحولنا وتنقلنا ولكننا في كثير من الاحيان نقولها من غير حضور القلب كما اننا نرددها في احايين كثيرة ونحن لا نتفطن لما في مضامينها من المعاني العميقة والدلالات العظيمة بل لربما يصدر من الواحد منا ما يقتضي خلاف ما يردده وهذا شيء مشاهد تجد الرجل لربما يركب الطائرة او يركب السيارة وهو يسافر الى بلاد لا يحل له السفر اليها او الى مقاصد لا يجوز له ان يقصدها من الامور المحرمة ثم هو يقول اللهم انا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى ولربما وضع في اذنيه سماعة يسمع الاغاني والمعازف وهو يردد بلسانه هذا الدعاء وهذا الذكر الذي يقال بالسفر بل لربما يذكر في بعض الطائرات ويعقبه من اصوات المعازف او يسبقه ما يدل على استخفاف واستهتار وجهل بالغ وغفلة عظيمة عن مضامين هذا الذكر الذي يردد على مسامع الناس اللهم انا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى واي عمل ذاك الذي يرضاه على هذه الحال التي يكون عليها هذا المسافر الذي سافر ليعصي الله تبارك وتعالى هذه غفلة ثم ايضا ايها الاحبة الحديث عن هذه المعاني معاني هذه الاذكار يبصرنا بمضامينها ليكون ذلك ادعى لحضور القلب عند ذكرها فان معرفة المعاني والهدايات التي تضمنتها داعية لحضور القلب معها هذا بالاضافة الى ان معرفة هذه المعاني مع حضور القلب يحصل به الاثر المرتب على هذه الاذكار في الدنيا والاخرة بقدر ما يحصل من هذا الاستشعار وحضور القلب وفهم المعنى فهذا الانسان الذي يردد بلسانه من غير حضور للقلب يردد هذه الاذكار لا يكون له من الاجر المرتب على قول هذه الاذكار كما لو كان يحضر قلبه ويعقل المعنى هذا في الاخرة الاجر واما في الدنيا الاثار اذا نزل منزلا ماذا يقول؟ اعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق وهكذا ما يقوله حينما يخرج من بيته حينما يريد لا يضره شيء وهذا شيء مشاهد. ويكفي ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر به وقد ذكرت في بعض المناسبات ان احدهم كان يذكر اصحابه حينما نزلوا منزلا بهذا ويقول لا بد من حضور القلب وهو يتكئ على الارض ووضع يده خلفه ثم قبض قبضة من تراب وكان يعبث بها واذا هي هذا التراب به عقرب وكان في يده وما ضره مع انها لا تمهل في الوقت الذي كان يذكر اصحابه بهذا ويقول لكن لابد من حضور القلب وهو يعبث بالتراب خلف ظهره ويقبض قبضة ثم بعد ذلك يفاجأ على كل حال ايها الاحبة اقول نحن بحاجة الى مثل هذا الحديث نحن احوج ما نكون جميعا يحتاجه العامة يحتاجه طلاب العلم يحتاجه العالم يحتاجه الرجل المرأة الكبير الصغير ان نتدارس مثل هذه الاشياء هذا من انفع العلم واجله واشرفه هذا العلم الذي يحتاج اليه كل احد هذا العلم الذي يتكرر في سائر الاوقات في اليوم والليلة بهذه الصلاة التي نصليها بقيامنا وركوعنا وسجودنا وجلوسنا نحتاج الى معرفة هذه الاشياء ولهذا من يحتسب عند الله عز وجل هذه المجالس وارجو ان تكون مقربة الى وجهه واسأله تبارك وتعالى ان يرزقنا واياكم فيها نية هذا بالاضافة ايها الاحبة الى ما نعانيه من الجفاف هناك مشكلة حقيقية هناك جفاف هناك تصحر لو نظرنا الى ما تلهج به السنتنا وما يتردد في مجالسنا هل هو ذكر الله تبارك وتعالى كم مرة في اليوم والليلة نقول لا اله الا الله كم مرة في اليوم والليلة نستغفر كم مرة نقول لا حول ولا قوة الا بالله احيانا يكتشف الانسان ايها الاحبة ان لسانه قد انعقد وكأنه قد جف ولربما ينتظر الساعة واكثر وهو على فراشه ينتظر النوم فاذا تفطن وجد ان لسانه جافا لا يكاد يتحرك بل لربما يتحرك بثقل والمطلوب خلاف ذلك ان يكون اللسان رطبا بذكر الله عز وجل اننا ايها الاحبة نذكر الناس والدنيا والاموال وما يتبع ذلك من الاولاد وما نلهج به صباح مساء من ذكر هذا العرض الفاني اكثر مما نذكر ربنا تبارك وتعالى هذا اذا كان الاشتغال بمباح فكيف باولئك الذين صار قوتهم وزادهم الى الدار الاخرة اعراض العباد لا يجتمعون في مجلس ولا يلتقون الا على القيل والقال وعيب الناس ولمزهم وغمزهم ونبزهم بالالقاب ويحسبون انهم يحسنون صنعا اذا مكر بالعبد صار شغله بغيره صار شغله بما يضره وكما سمعتم في الايات التي قرأت في صلاة العشاء ولا تكونوا كالذين نسوا الله فانساهم انفسهم اولئك هم الفاسقون الذين نسوا الله نسوه فلم يذكروه نسوه فلم يعبدوه نسوه جعلوه وراء ظهورهم تركوا ذكره بقلوبهم والسنتهم وجوارحهم هذا النسيان بمعنى الترك فجازاهم الله عز وجل بالمثل جزاء وفاقا فانساهم انفسهم انساهم ما ينفعهم فلم يقبلوا على ما يرفعهم وانما صار اشتغالهم ولهجهم وسعيهم وكدهم فيما تحصل به التعاسة وقد خاب من دساها بل ربما يتحول ذلك الى لون من اللذة يلتذ بها ولكنها كلذة السموم الفاتكة او لذة ذلك الهر الذي يلعق مسن الجزار وما فيه من بقايا لحم ودم ثم بعد ذلك ما يلبث لسانه ان يتشقق فيبدأ يلعق من دمه حتى يكون بذلك هلاكه ايها الاحبة هذا الجفاف الذي نعانيه هو الذي يورثنا الوحشة هو الذي يورثنا الالم هو الذي يورثنا الضيق هو الذي يورثنا القلق هو الذي يورثنا الاكتئاب هو الذي يورثنا هذا الحزن الطويل هو الذي يورثنا هذه الوجوه التي لربما يرى البؤس على ظاهرها وذلك ان من اعرض عن ذكر الله عز وجل فقد وعده الله بالمعيشة الضنك كما سيأتي ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ومن الذكر الذي يدخل في هذه الاية وذكره تبارك وتعالى باللسان كما يدخل فيه الذكر الاخر وهو كلامه الذي انزله على رسوله صلى الله عليه وسلم وهو اجل الذكر واشرفه كل هذا داخل فيه والقرآن يعبر به بالالفاظ القليلة الدالة على المعاني الكثيرة ان الكثيرين ايها الاحبة يعانون من ضيق ومن عصرة في قلوبهم قد لا يعرفون اسبابها ولا يجدون شيئا يبررها من واقعهم حيث يتقلبون بالوان النعيم واللذات ومع ذلك هذه الوحشة تلازمهم وتلاحقهم ولربما صرحوا هذه الابدان ورتعت في المحال التي يرون فيها ما يحصل به بهجة النفوس من الخضرة والجمال والمياه الخرارة وما الى ذلك ولكن هذه العصرة تلاحقهم فيرجع الى كآبته وكانه لم يصنع شيئا لماذا لان اجمام البدن يحصل بالطعام والشراب والنكاح واكل الطيبات ومزاولة اللذات ولكن اجمام الروح لا يحصل الا بارتباطها وصلتها بربها وخالقها وفاطرها جل جلاله وتقدست اسماؤه اذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول والله اني لاستغفر الله واتوب اليه في اليوم اكثر من سبعين مرة اكثر من سبعين مرة وهو الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. كم نستغفر نحن ونتوب في اليوم والليلة معاشر المذنبين المسيئين المقصرين وفي حديث الاغر المزني عن النبي صلى الله عليه وسلم انه ليغان على قلبي يغاني على قلبي واني لاستغفر الله في كل يوم مائة مرة رواه مسلم ليغان على قلبي واني لاستغفر الله يحتمل ان يكون المعنى انه يستغفر مما وقع من هذا الغين على القلب ويحتمل ان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر لهم هذا الامر من اجل ان يستزيدوا من الاستغفار والذكر يقول انا مع هذا الاستغفار الكثير في اليوم مئة مرة ومع ذلك يغان على قلبي وهو اصفى الناس قلبا عليه الصلاة والسلام وهذا الغين فسره بعضهم كالقاضي عياض رحمه الله فترات عن الذكر الذي من شأنه ان يداوم عليه صلى الله عليه وسلم فاذا فتر عنه لامر ما عد ذلك ذنبا فاستغفر منه ان ربما اشتغل بامور كما يقول بعضهم يشتغل بمصالح الامة واعداد الجيوش وجهاد الاعداء ومداراة اخرين والجلوس الى الناس فيشغله ذلك فيحصل له هذا الاثر ويستغفر في اليوم مئة مرة فكيف بالذي قد جف لسانه فلا شك ان القلب سيتسحر ولابد فهذا الغيم كما قيل شيء يعرض للقلب فسره بعض المعاصرين كالشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله بالغم ما نسميه نحن بالكتمة والخطاب يقول يغان على قلبي يعني يغطى ويلبس على قلبي وابو عبيد القاسم ابن سلام رحمه الله يقول يتغشى القلب ما يلبسه كانه يعني من السهو وبعضهم يقول شي يعتري القلوب الصافية مما تتحدث به النفس الى غير ذلك مما قيل. المقصود انه عرض يحصل للقلب مع كثرة الاستغفار مع كثرة الاستغفار فماذا يقول البطال الذي لا يعرف الذكر اصلا هذه تدعونا ايها الاحبة الى المراجعة والمحاسبة والنظر في احوال هذه النفوس وما تلهج به هذه الانفس وما نعانيه ونكابده من الام وضيق في نفوسنا ووحشة لا يزيلها اكل مستلذ ولا شراب ولا غير ذلك انما يزيلها الارتباط بالخالق تبارك وتعالى بذكره بالقلب واللسان والجوارح