ويطلق على معنى اخص من ذلك يعني صار عندنا معنى كبير وهو معنى صحيح لكل ما يتقرب به الى الله وعندنا معنى متوسط وهو الحج بجميع اعماله بما فيه الهدي ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته تحدثنا في الليلتين الماضيتين عن قول المصلي بدعاء الاستفتاح وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض حنيفا وما انا من المشركين وفي هذه الليلة نتحدث عن جمل مما تضمنه هذا الذكر والدعاء وذلك قوله ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك امرت وانا من المسلمين ان صلاتي هنا لما قال وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض حنيفا وما انا من المشركين قال ان صلاتي ونسكي به شائبة تعليل فهو لما قرر انه متوجه الى الله تبارك وتعالى وحده وانه لا يشرك به غيره يقول ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين. كيف اشرك بمن كانت حياتي له ومماتي له ونسكي له هكذا قال بعض اهل العلم وذلك يظهر وجهه على احد المعاني التي يفسر بها قوله ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي بالله رب العالمين فقوله ان صلاتي الصلاة معروفة هي تلك العبادة ذات الركوع والسجود ويدخل في ذلك الفرض والنفل ان صلاتي فان صلاة مفرد مضاف الى معرفة وهو ياء المتكلم والمفرد اذا اضيف فان ذلك يكسبه العموم. ان صلاتي يعني صلواتي ان صلاتي لا تتخذوا عدوي يعني اعدائي عدو هنا مفرد اضيف الى الياء ضمير والضمائر معارف فصار ذلك للعموم ان صلاتي يعني صلواتي جميعا الفرض منها والنفل هذه الصلاة ذكرت اولا لانها اجل العبادات وهي الركن الاول بعد الشهادتين فان الشهادتين وما الركن الاول من اركان الاسلام؟ ثم يأتي بعد ذلك الصلاة وهي عماد الاسلام هي العمود فاذا ذهب العمود فانه لا بقاء ولا قيام لدين المرء بغيرها ان صلاتي كلها لربي يعني انه لا يصلي لغير الله تبارك وتعالى لا باعتبار التقرب الى معبود سواه يصلي له صنم او قبر او نحو ذلك كما يفعل المشركون يصلون لغير الله جل جلاله وتقدست اسماؤه ان صلاتي ونسكي النسك جمع نسيكه واصل النسك العبادة يقول فلان متنسك يعني متعبد فلان صاحب نسك فلان من النساك يعني من العباد ان نسيكه يقولون هي الفضة المذابة المصفاة صافية نقية من كل شوق ويقال النسيكة ايضا لما هو اعم في المعنى يعني يقال النسك ليه كل ما يتقرب به الى الله جل جلاله يعني كل ما يتعبد به ويتقرب كل انواع القربات يقال لها نسك ومن ثم نحن نعرف ان اعمال الحج مثلا يقال لها المناسك الطواف السعي الوقوف بعرفة المبيت بمزدلفة البقاء في منى والمبيت بها رمي الجمار كل هذه يقال لها مناسك فالنسك ايها الاحبة يطلق باطلاق عام واسع حتى لا يلتبس لانكم تجدون في كتب اللغة في كتب الفقه وفي شروح الحديث وفي كتب التفسير عند تفسير الاية ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين هذه اللفظة النسك يأتي لمعنى عام كبير وهو كل ما يتقرب به الى الله تبارك وتعالى ويطلق تارة على معنى اخص هذا المعنى الاخص تارة يقال للحج الحج يقال له النسك فلان ادى النسك ذهب لاداء النسك وكذلك العمرة اقول حلق شعره في نسك ونحو ذلك فهذا شاع في الاستعمال وهو اطلاق لا اشكال فيه وعندنا معنى اخص وهو رقم ثلاثة وهو الذبائح من الهدي والاضاحي الذبائح التي يتقرب بها الى الله فان المشركين يتقربون الى معبوداتهم بذبح الذبائح ونحرها واذا قرأتم في تاريخ العرب في مثل كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام هذا كتاب كبير بنحو عشرة مجلدات ذكر في كل ما يتصل باحوال العرب على طريقة منظمة مرتبة في الترتيب والتبويب فاذا نظرت الى المواضع التي يتقرب العرب بها الى معبوداتهم بالذبائح عندهم اماكن مخصصة للقبائل يقصدونها ويذهبون اليها وتعرفون الرجل الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم انه نذر ان ينحر ابلا ببوانة فسأله النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا المعنى هل هذا موضع يعني للمشركين يتقربون به الى معبوداتهم واوثانهم سأله عن هذا فاخبره اجاب بان لا فامره النبي صلى الله عليه وسلم ان يوفي بنذره. فحينما تنظرون الى اعمال المشركين تجدون مواضع يقصدونها يذهبون يسافرون اليها في نواحي في جزيرة العرب هذي مواضع للذبح عندهم يتقربون بالذبائح والنحائر لمعبوداتهم واصنامهم اللات والعزى ومنات ونحو ذلك كل بحسبه وبما املى عليهم الشيطان فالنساءك هي الذبائح يتقرب بها فاهل الايمان يتقربون الى الله لانه لا يجوز التقرب بالذبح لغير الله. فالذي يذبح للصنم مشرك الذي يذبح لصاحب القبر مشرك الذي يذبح الجن مشرك فمن الناس من اذا بنى دارا امره الساحر او الكاهن او نحو ذلك ان يذبح على عتبتها شاة او من المعز او ديكا اسود او نحو ذلك فهذا انما يفعلونه للجن ويأمرونهم باشياء في تفاصيل معروفة عند هؤلاء الاشرار هذا كله من الاشراك بالله عز وجل وكان ايضا هؤلاء يتلاعبون بالناس اذا حفروا بئرا امروهم ان يذبحوا على شفى هذه البئر من اجل الا تغورها الجن بزعمهم فيذبحون فهذا كله من الشرك الاكبر المخرج من الملة الله العافية يقع فيه بعض الجهلة ويقع فيه اهل الاشراك عموما هذا كله من الشرك الاكبر. اذا هذا المعنى اخص ان النسك والنسيكة يقال للذبيحة ولهذا جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال النسك ها هنا ان صلاتي ونسكي انه الذبائح وجاء عنه المعاني الاخرى يعني قال مرة الدين والحج والذبائح فذكر الاطلاقات الثلاثة وهي اطلاقات صحيحة تجدونها في كلام السلف وهم عرب خلص وتجدونها في كلام العرب ايضا من غير اهل العلم من السلف رضي الله تعالى عنهم ولهذا فان من اهل العلم من حمله هنا على اعم المعاني فيدخل في ذلك الحج ويدخل في ذلك الذبائح وهذا احسن في التفسير والله تعالى اعلم لانه ينتظم هذه الاقوال ولهذا قال الزجاج كل ما يتقرب به الى الله تعالى فهو نسك لكن هو لم ينكر ان الغالب في الاطلاق هو الذبائح فيكون ذلك في عرف الاستعمال يعني انه خصه العرف الذبائح ولا فان الاصل انه يشمل هذا وغيره. كل ذلك يقال له نسك. فاذا حملناه على المعنى العام قل ان صلاتي ونسكي يعني تقربي وتعبد عبادتي كل ذلك لربي وخالقي جل جلاله وتقدست اسماؤه واذا قلنا بانه المراد به الذبائح قل ان صلاتي وذبيحتي وهذا من ذهب اليه يستدل بقوله تبارك وتعالى فصل لربك وانحر وانحر فسر بمعنى بعيد وضع اليدين على الصدر قريبا من النحر في القيام في الصلاة ولكن هذا كما سبق في التعليق على التفسير انه معنى بعيد ولكن الذي عليه الجمهور النحر هو يعني ما يتقرب به من النحائر فتكون الذبائح النحر كما هو معلوم في غالب الاستعمال في الاطلاق انما يقال لنحر الابل واما البقر والغنم فانها تذبح فيقال ذبحت الشاة ونحرت الناقة ولا يقال في غالب الاستعمال ذبحت الناقة ذبحت الجمل ونحرت الشاة مع انه يصح من حيث اللغة يعني من قال ذلك؟ عبر به؟ لا يقال انه غلط لكنه صحيح الا انه قليل بالاستعمال قليل و هنا اذا ان صلاتي ونسكي تقرب او ذبيحتي فصلي لربك وانحر هذا ذكر الصلاة ذكر النحر مما يؤيد التفسير بانه صلاتي ونسكي يعني ذبيحتي فهذا معنى صحيح يشهد له القرآن الا انه لا ينفي ذلك عما عداه ولماذا ذكر الصلاة والذبح والعبادات كثيرة اذا فسر بالذبح والا اذا قيل بانه النسك هو العبادة يكون من باب عطف العام على الخاص يعني الصلاة هي جزء من العبادة صلاتي وعبادتي لكن لاهمية الصلاة خصها فان ذكرى الخاص ثم بعد ذلك ذكر العام او العكس يدل على اهمية هذا الخاص افرده من بئر سائر افراد العام قل من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال جبريل ميكال عليهما الصلاة والسلام من جملة الملائكة لكن لمنزلتهما اذا اذا فسر العبادة النسك يكون من باب عطف العام على الخاص. فالصلاة من جملة العبادات واذا فسر بالذبح فما وجه الاقتران بين الصلاة والذبح يقال لانهما من اجل العبادات وصل لربك وانحر هذا واضح في الاقتران لم يختلف في تفسيره بالعبادة النحر لكن النسك اختلف في تفسيره كما سبق فشيخ الاسلام رحمه الله تكلم بكلام مفصل جيد يمكن ان يراجع في مظانه حاصله ان الصلاة هي اجل العبادات البدنية اجل العبادات البدنية وان النحر اجل العبادات المالية التقرب الى الله بالذبائح والنحائر هذا من اجل ما يتقرب به ويظهر به العبد بذله وتعظيمه لربه وخالقه جل وجلاله في هذا الذبح ففيه اظهار للتعظيم وبذل للمال المحبوب بهذه النحائر. ولهذا كان في الاصل اخراج المال في الاضحية افضل من التصدق به يتقرب الى الله تبارك وتعالى بهذه المحائر والذبائح فيكون ذلك اعظم في اجره الله تبارك وتعالى قال لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن ينالها التقوى منكم فهذا يتقربون به الى الله لينالوا الاجر والثواب. واذا قيل الحج ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي صلاتي ونسكي يعني صلاتي و وحجي. فالحج عبادة تجمع مركبة من العبادة المالية والعبادة البدنية على قول طائفة من اهل العلم هنا صلاتي ونسكي اتاني اشرف العبادات وهذا حينما يقول ومحياي ومماتي لله الصلاة والنسك هذا يدل على الاخلاص ومن ثم لا يصح الانسان ان يقول مثل هذا الكلام ثم يلتفت قلبه في صلاته الى رياء لاحد او ان تكون عبادته من اولها موجهة الى غير الله تبارك وتعالى. وهكذا في ذبحه لا يذبح لغير الله ولا يرائي ايضا بهذه الذبائح لانه اذا كان منذ عهد الصحابة رضي الله تعالى عنهم في اواخر عهدهم لما ذكروا هدي النبي صلى الله عليه وسلم وانه ضحى بكبشين املحين الى اخره وان الاضحية تكفي الواحدة عن الرجل وعن اهل بيته قالوا ثم تباهى الناس لذلك الوقت ثم تباهى الناس فصاروا يذبحون ذبائح كثيرة ولربما يكون ذلك على سبيل احيانا المباهاة ذبحنا عشر ذبحنا عشرين نعم في الهدي في الحج نحر النبي صلى الله عليه وسلم قدم مئة من الهدي نحر بيده الشريفة عليه الصلاة والسلام ثلاثا وستين واكمل علي رضي الله عنه الباقي ففي الهدي سواء كان متمتعا او قارنا او مفردا. يشرع له الهدي وان كان لا يجب على المفرد فالنبي صلى الله عليه وسلم اختلف في حجه هل كان مفردا او قارنا لكنه قدم هذا الهدي وكان يكفيه شاة واحدة عليه الصلاة والسلام ولكنه تقرب الى الله بمئة. فعلى كل حال اما الاضحية فتكفي واحدة عن الرجل وعن اهل بيته والحاجة لان تكون الزوجة لها اضحية والاولاد والبنات كل واحد له اضحية وهم معه ونفقتهم واحدة. فهنا يحذر الانسان من انه يرائي الاضحية وهذا مدخل من مداخل الشيطان الشيطان لا يترك احدا ان اخذ اضحية ضخمة كبيرة ذات ثمن مرتفع قد يدخل عليه الشيطان من جهة المباهاة والرياء وما الى ذلك وقد يدخل عليه الشيطان فيزين له البخل والشح في بحث عن الارخص والاقل كانه مغرم فهذا ايضا لا يليق ولا يصوغ بحال من الاحوال يكون مخلصا في صلاته مخلصا في نسكه قال ومحياي ومماتي هذا نتحدث عنه ان شاء الله تعالى في الليلة الاتية اسأل الله تبارك وتعالى ان ينفعنا واياكم بما سمعنا وان يجعلنا واياكم هداة مهتدين والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه