موضعها ولكنه من المعلوم كما سبق ان الدعاء انما يكون في السجود او في الجلوس قبل السلام ومن ثم فان من اهل العلم من عد ذلك من الادعية التي تقال في اخر الصلاة قبل السلام ومنهم الحافظ ابن القيم رحمه الله في الوابل الصيب فالاحاديث الواردة في هذا الباب كما ترون منها ما جاء فيه ما يدل او في بعض رواياته الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته في هذه الليلة ايها الاحبة نواصل الحديث عن الادعية والاذكار التي تقال بعد التشهد ومما اورده المؤلف من هذه الاحاديث وما رواه عطاء ابن السائب عن ابيه قال صلى بنا عمار ابن ياسر صلاة فاوجز فيها فقال له بعض القوم لقد خففت او اوجزت الصلاة وقال اما على ذلك فقد دعوت فيها بدعوات سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قام تبعه رجل من القوم يقول عطاء هو ابي غير انه كن عن نفسه يعني ما قال تبعته فسأله عن الدعاء ثم جاء فاخبر به القوم اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق احيني ما علمت الحياة خيرا لي وتوفني اذا علمت الوفاة خيرا لي اللهم واسألك خشيتك في الغيب والشهادة واسألك كلمة الحق في الرضا والغضب واسألك القصد في الفقر والغنى واسألك نعيما لا ينفد واسألك قرة عين لا تنقطع واسألك الرضا بعد القضاء واسألك برد العيش بعد الموت واسألك لذة النظر الى وجهك والشوق الى لقائك بغير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة اللهم زينا بزينة الايمان واجعلنا هداة مهتدين هذا الحديث العظيم اخرجه النسائي واحمد وهو من الاحاديث جليلة القدر عظيمة الشأن وقد صححه ابن خزيمة وجمع من اهل العلم من المعاصرين الشيخ ناصر الدين الالباني رحم الله الجميع وقال عنه الهيثم رجاله ثقات الا ان عطاء بن السائب اختلط هذا الحديث الذي سمعنا جاء في صدره ان عمار ابن ياسر رضي الله عنه صلى بهم صلاة فاوجز فيها. يعني صلاة خفيفة فقال له بعض القوم لقد خففت او اوجزت الصلاة. كانت الصلاة قرة عين لهم. فاذا خفف الامام لم يفرحوا وانما لربما سألوه او عاتبوه على هذا التخفيف لانهم يأنسون بها ويلتذون بمناجاة الله تبارك وتعالى فيها فقال اما على ذلك فقد دعوت فيها بدعوات سمعتموه سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما قام تبعه رجل من القوم هو ابي غير انه كن عن نفسه. هذا الذي تبعه يدل فعله على حرص على العلم وعلى الخير مع ان هذا قد يقع من كثيرين يعني ليس فيه مزية ظاهرة لا ينفرد بها الا الواحد بعد الواحد. النادر من الناس. لا تبعه يسأله والكثير تتطلع نفوسهم الى معرفة المبهم وتتشوف نفوسهم لمعرفة ما خفي لكن هذا في الجملة يدل على حرص على الخير فلما كان يدل على هذا القدر اخفى نفسه تبعه بعض القوم وهو من بعض القوم. انظروا حرص هؤلاء على الاخلاص والنية لئلا يتوهم متوهم انه حريص فيكون قد اظهر عمله للناس الى هذا الحد ولذلك نعرف في النجم الذي رمي الشهاب من منكم رأى يعني الكوكب الذي رمي به البارحة وكان من اجاب هذا السائل وقال له انا استدرك وقال اما اني لم اكن في صلاة ولكني لدغت يعني لئلا يتوهم انه كان يسهر في العبادة والصلاة وقيام الليل في تلك الساعة في اخر الليل او في منتصف الليل والناس نيام قال انا رأيته لكن ما كنت في صلاة ولكني لدغت لئلا يتوهم انه كان يتعبد فانظروا الى الدقة الى هذا الحد والله المستعان الله المستعان الله المستعان الله المستعان من الطرائف التي تذكر لا ادري هل هذا صحيح او لا ان احدهم ذهب الى الصيدلي وقال هل عندك دواء التعب من قيام الليل فقال لا اعلمه فقال هل تحب الصالحين؟ قال نعم. قال احبك الله الذي احببتني لاجله يعني هذا لا ادري هل هذا يعني مركب او صحيح؟ لكن المقصود ان من الناس من يتكلف اظهار العمل يتكلف اظهار العمل وهؤلاء انظروا الى هذه الدقة وهذه الحال التي كانوا عليها الحاصل انه رأى ان هذه الدعوات التي دعا بها في هذه الصلاة التي اوجز فيها انها معوضة عما كانت تطلبه نفوسهم من التطويل. يقول دعوت فيها بهذه الدعوات يعني كأن هذا يعوضهم عما طلبوا من التطويل فالشاهد سأله ثم جاء فاخبر القوم لينتفعوا ويدعو بهذا الدعاء. ما هذا الدعاء هو الذي سمعنا. لكن حينما قال دعوت فيها بدعوات اين كانت هذه الدعوات يحتمل انها في السجود ويحتمل انها في اخر الصلاة يعني قبل السلام والحديث لم يرد فيه ما يحدد ما يدل على انه يقال في الجلوس بعد التشهد وقبل السلام ومنها ما جاء فيه انه يقال في الصلاة لكن من غير تقييد فلا بأس ان يكون ذلك مما يقال بعد التشهد لا اشكال بهذا فاذا دعا به بعد فاذا دعا به في السجود ايضا فلا اشكال لا اشكال في ذلك يقول في هذا الدعاء العظيم الذي اشتمل على هذه الجمل العظيمة والمضامين التي تحوي معاني جليلة اللهم بعلمك الغيب بعلمك الغيب يعني كانه يتوسل في دعائه بعلم الله عز وجل الغيب والتوسل يكون بالله باسمائه وبصفاته ويكون ايضا يعني التوسل الصحيح المشروع ويكون التوسل ايضا باعمال العبد الصالحة مثل الثلاثة الذين توسلوا لما انطبقت عليهم الصخرة ذكروا صالح الاعمال في دعائهم اللهم اني اسألك بانك انت الله هذا توسل اليه باسمائه اللهم اتوسل اليك برحمتك وعظمتك هذا توسل صفاته بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق اتوسل بقدرتك على الخلق وقوله وقدرتك على الخلق يحتمل معنيين يعني قدرتك على الخلق يعني على خلق الاشياء تخلق ما تشاء ويحتمل ان يكون المراد بقدرتك على الخلق اي انهم تحت قهرك وتصرفك تتصرف فيهم كما تشاء ترحم من تشاء وتعذب من تشاء وتحيي من تشاء وتهلك من تشاء تميت من تشاء فانت تقضي فيهم بما اردت وكلا المعنيين صحيح. فالله قادر على الخلق اي على خلقهم وايجادهم قادر على الخلق فيكون الخلق الصفة المصدر او قادر على الخلق يعني على المخلوقين يتصرف فيهم ما يشاء وفق حكمته سبحانه وتعالى احيني ما علمت الحياة خيرا لي وتوفني اذا علمت الوفاة خيرا لي هذا يصلح ان يكون قرينه على ان المعنى المراد بقوله وقدرتك على الخلق يعني قدرتك على خلقك على المخلوقين تتصرف فيهم كما تشاء فهذا مناسب هنا ليكون للقرينة هذه التي بعده لانه يتوسل بقدرته على الخلق وبعلمه الغيب على مطلوبه تحقيق مطلوبه احيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني ما كانت الوفاة خيرا لي. فهذا من قدرته على المخلوقين تصرفه فيهم كيف شاء بما شاء لعل هذا واضح فهذه قرينة ترجح احد هذين المعنيين بقدرتك على الخلق بمعنى خلق المخلوقين وايجاد المخلوقين من العدم هذا معنى المعنى الثاني بتصرفك فيهم فهم تحت قدرتك وقهرك وارادتك المعنى الثاني يرجحه هذه القرينة انه قال بعده احييني ويتوسل بهاتين الصفتين علم الغيب والقدرة على الخلق. فمن يعلم الغيب ويتصرف في خلقه من كما يشاء فهو يعلم ما يكون الاصلح له هل هو البقاء او الفناء الحياة او الموت لان الانسان نظره قاصر فهو لا يعلم ما يستقبل بقادم ايامه فيفوض ذلك الى الله تبارك وتعالى فيقول احيني ما كانت الحياة. انت الذي تتصرف في الخلق كما تشاء قادر عليهم لا احد يقدر سوى الله تبارك وتعالى ذاك الذي قال انا احيي واميت قال ابراهيم فان الله يأتي بالشمس من المشرق فات بها من المغرب. اراد المكابرة قال انا احيي واميت. والواقع انه لا يحيي ولا يميت ولا يستطيع ان يتصرف بنفسه فضلا عن ان يتصرف في غيره هذا امر معلوم هذا امر معلوم والله المستعان فهنا احييني ما علمت الحياة خيرا لي فناسب التوسل بهاتين الصفتين غاية المناسبة في هذا المطلوب او لهذا المطلوب بعلمه الغيب وقدرته على الخلق. يقول احيني كونك تعلم الغيب وانا لا اعلم كونك انت الذي تتصرف في خلقك كما تشاء بالايجاد والاعدام الاحياء والاماتة النفع والضر لا يملكه الا الله تبارك وتعالى احيني ما علمت الحياة خيرا لي وتوفني اذا علمت الوفاة خيرا لي هنا لاحظ احيني يعني ابقني على قيد الحياة ما علمت الحياة خيرا لي لما كان هذا هو الاصل ان المؤمن اذا مد في ايامه وعمره فانه يزداد من الاعمال الصالحة ان كان مشمرا مجتهدا في العمل الصالح فانه يزداد فكل يوم هو في زيادة واما اذا كان مقصرا فلعله ان يستعتب ويرجع ويتوب الى الله تبارك وتعالى. فهنا قال احييني ما علمت الحياة خيرا لي. الاحظ في الموت قال وتوفني اذا علمت الوفاة خيرا ليه لان الاصل خيركم من طال عمره وحسن عمله والمؤمن يكون البقاء في الاصل خيرا له يكون خيرا له ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم ان يتمنى المؤمن الموت لضر نزل به هذا نهى عنه. لماذا؟ لان الاصل ان بقاءه يكون سببا للتزود بالعمل الصالح والتوبة والرجوع الى الله تبارك وتعالى والمراجعة توفني اذا علمت الوفاة خيرا لي الله عز وجل هو الذي يعلم الغيب. فجاء هنا التقييد بما يتعلق بطلب الحياة بكونها خيرا له وطلب الوفاة بكونها خيرا له فان الله تبارك وتعالى قد يقدر له الحياة مع كون الوفاة افضل له لما يكون في تلك الحياة من الفتنة وقد يقدر له الوفاة مع ان الحياة قد تكون خيرا لهذا المعين لما فيها من اكتساب الخيرات ولكنه امر لا بد منه عن الموت لابد منه يكرهه العبد وهو امر لازم قل ان الموت الذي تفرون منه فانه ملاقيكم فهذا كما في الاستخارة في الامور المشتبهة فهذا ليس كالتعليق بالمشيئة ما يقول اللهم احيني ان شئت وتوفني ان شئت فهذا لا يليق فان الله لا مكره له ولهذا نهي عن التعليق بالمشيئة في الدعاء وعلل بذلك امر العبد ان يعزم المسألة ولا يعلق يقول ان شئت اللهم اهدني ان شئت اللهم اهد فلانا ان شئت الله يهديك ان شاء الله اصلحك الله ان شاء الله هذا ما يصلح بل لا بد من العزم لان الله لا مكره له فلا يعلق بالمشيئة. لكن هنا لم يعلق بالمشيئة هنا علق بالعلم ما علمت الحياة خيرا لي وتوفني اذا علمت الوفاة شرا لي. اما المشيئة فلا يقع شيء في الوجود الا بها بمشيئة الله تبارك وتعالى وارادته ثم ذكر بعده قال اللهم واسألك خشيتك في الغيب والشهادة الخشية هي خوف خاص الخوف الذي يكون مع علم بالمخوف منه يقال له خشية خشية الخوف مطلق وهو مراتب مثل ما يقال الحب مطلق وله مراتب بعض اهل العلم ذكر عشرة مراتب للمحبة. الخوف كذلك له مراتب الخوف قد يكون من مبهم يقول انا خائف. تقول من ماذا؟ يقول ما اعرف لكن اذا كان مع علم بالمخوف منه يسمى خشية يقال فلان يخشى الله ومن يخشى الله يعني يخاف ربه تبارك وتعالى مع علم بهذا الرب من صفات عظمته جلاله وقوته وجبروته وما الى ذلك. يقول انا اخشى الله الانسان اذا كان يخاف من شيء يعرفه ويعلمه تقول انا اخشى من كذا اخشى من كذا وعارف يخاف من ماذا لكن اذا كان عنده خوف لا يعرف منشأه يقول انا خايف اشعر بخوف ولا يعرف منشأ هذا الخوف. فهنا اسألك خشيتك في الغيب والشهادة. الغيب يعني اذا غاب عن الناس والشهادة فالعلانية بحضرة الناس فيكون ملازما للخشية في احواله كلها واذا كان ملازما للخشية في احواله كلها فان ذلك يقتضي ان يحفظ جوارحه وسمعه وبصره ان يحفظ لسانه عن كل ما لا يليق عما يسخط الله تبارك وتعالى. وان يكون قائما بما امره الله عز وجل به سواء كان بحضرة الناس او في حال المغيب في حال الغيب حيث لا يشاهدونه ولا يرونه ولا يطلعون على حاله وهذا معنى من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب. خشي الرحمن بالغيب يعني حينما يغيب عن الناس. اما قوله تبارك وتعالى في سورة البقرة الذين يؤمنون بالغيب فان المشهور من كلام المفسرين ان المقصود يؤمنون بالغيب كل ما غاب عن الحس ويدخل في ذلك الايمان بالله وملائكته ما الى ذلك من امور الغيب والمعنى الثاني يؤمنون بالغيب يعني ليسوا كالمنافقين يظهرون الايمان امام الملأ واذا خلوا الى شياطينهم قالوا ان معكم انما نحن مستهزئون. فاهل الايمان يؤمنون في الحالين في حال الجلوة وفي حال الخلوة هو ملازم للايمان فعلى كل حال هنا خشيتك في الغيب والشهادة ونحن احوج ما نكون الى هذا ويحتاج العبد دائما ان يسأل ربه ذلك. لان اسباب الفتنة اليوم في حال الغيب حينما يغيب الانسان عن الانظار عظيمة فتحتاج الى مراقبة لله عز وجل. الناس لا يطلعون عليها. هذه الفتنة تلاحقه في جهازه الجوال تلاحقه في بيته في غرفته في فراشه تلاحقه في مكتبه تلاحقه في سيارته تلاحقه في كل مكان اقرب شيء اليه لاصقة به معه هذا الجهاز في كل مكان حتى في المسجد وفيه من اسباب الشر في الفتن المتعلقة بالشبهات والمتعلقة بالشهوات ويستطيع ان يكتب ما شاء وفي نفس اللحظة يقرأه من بالافاق. وقد يضع اسماء مبهمة وقد يشاهد مشاهد محرمة فيحتاج ان يسأل ربه كثيرا. يدعو بهذا اسألك خشيتك في الغيب والشهادة فيكون ملازما لهذا لا يكون في حال الجلوة امام الناس على حال من الاعتدال والاستقامة وظاهره الصلاح واذا خلا بمحارم الله انتهكها. نسأل الله العافية هذا لا يكون عليه المؤمن الذي يخشاه في الغيب والشهادة انتهى الوقت اكمل ان شاء الله تعالى في الليلة الاتية واسأل الله عز وجل ان ينفعنا واياكم بما سمعنا وان يجعلنا واياكم هداة مهتدين والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه سلمت معه