الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته. اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته في هذه الليلة ايها الاحبة نشرع في الحديث عن الاذكار التي تقال بعد الصلاة فاول ذلك ما جاء عن ثوبان رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا وقال اللهم انت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والاكرام يقول الوليد قلت للاوزاعي كيف الاستغفار؟ قال تقول استغفر الله استغفر الله هذا الحديث رواه الامام مسلم في صحيحه فقوله كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا انصرف من صلاته يعني سلم من صلاته استغفر ثلاثا وقال هذه الصيغة كان اذا انصرف من صلاته قال تدل على المداومة وان النبي صلى الله عليه وسلم كان يواظب على ذلك فهذا هو الغالب في استعمال هذه الصيغة كان يأمر اهله بالصلاة والزكاة يعني اسماعيل صلى الله عليه وسلم يواظب على ذلك فهنا النبي صلى الله عليه وسلم كان يواظب على هذا الذكر يستغفر ثلاثا استغفر ثلاثا يقول استغفر الله فان الاحرف الثلاثة في اوله للطلب يعني انه يطلب مغفرة الله تبارك وتعالى اصل الفعل غفر فدخل عليه الالف والسين والتاء هذه الاحرف الثلاثة تدل على الطلب استغفر يعني اطلب مغفرة الله هذا هو المعنى مثل ما تقول استعفي منك يعني اطلب ان تعفيني تقول استطعم يعني طلب الطعام استسقى طلب السقيا فهنا اذا قلت استغفر الله يعني اطلب مغفرة الله وعرفنا ان الغفر يشمل امرين اثنين الاول الستر وقلنا مأخوذ من ومنه المغفر غطي رأس المقاتل فهو يستر رأسه وفي الوقت نفسه يحصل به الوقاية من ضرب السلاح فاذا قلت اللهم اغفر لي فمعنى ذلك انك تطلب الستر وتطلب ايضا الوقاية من جرائر هذه الذنوب والمعاصي استغفر الله جناية في حق الله عز وجل من المعصية او التقصير في طاعته تبارك وتعالى. استغفر الله اطلب ستره واطلب ايضا ان يقيني تبعة هذه الذنوب وعواقبها وجرائرها وما يحصل من جرائها من الاخذ والعقوبة وما الى ذلك ولاحظوا هنا انه يستغفر ثلاثا بعد هذه العبادة التي هي عمود الاسلام الصلاة وهي الركن الذي يأتي بعد الشهادتين مباشرة وهي صلة بين العبد وربه تبارك وتعالى فهي بتلك المنزلة التي وصفها الله تبارك وتعالى ولها هذه الاثار العجيبة البليغة في الدنيا والاخرة صلة بين العبد وبين ربه وكذلك ايضا هذه الصلاة تنهاه عن الفحشاء والمنكر وتكفر بها ذنوبه كما جاء ذلك في احاديث متنوعة منها ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من ان ذنوب العبد تكون على عاتقه فاذا ركع او سجد تساقطت هذه الذنوب وقد ذكرت اشياء من هذا غير قليلة في الكلام على ماذا ضيع من اضاع الصلاة هذا عنوان مجلس خاص تكلمت فيه عن هذه القضايا جميعا فالمقصود اذا كانت الصلاة بهذه المثابة ولا هذه الاثار في الدنيا وفي الاخرة. الناس يأتون من امة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة غرا محجل من اثار الوضوء وقوله تبارك وتعالى سيماهم في وجوههم من اثر السجود ذكر بعض السلف ان ذلك في الاخرة ما يكون من النور بسبب هذه الصلاة المقصود ان هذه العبادة بهذه المثابة فاذا فرغ استغفر ثلاثا كما قال الله عز وجل فاذا قضيتم مناسككم هذا الركن الخامس الحج فاذكروا الله كذكركم اباءكم او اشد ذكرا فامر بذكره بعد قضاء المناسك وهنا بعد الصلاة استغفار وفي قيام الليل والمستغفرين الاسحار فبعد ان يقوم ليلا طويلا يبقى في السحر مستغفرا استغفر من ماذا؟ يحيي الليل بقيام وليس بمشاهدة قنوات سيئة او ما الى ذلك من معاصي الله تبارك وتعالى. ومع ذلك يستغفر في الاسحار فهذا كله يدل على اهمية الاستغفار من جهة ثم ايضا فيه دفع العجب عجب العبد بنفسه وبعمله ثم ايضا هذه الاعمال الصالحات التي يعملها العبد هي توفيق من الله ومنة وهداية ونعمة انعم بها عليه فهو يحتاج الى شكر عليها فيستغفر ربه لعجزه لانه مهما عمل من شكر فذلك الهام من الله وتوفيق وهداية تحتاج الى شكر اخر ثمان هذه الاعمال التي يؤديها العبد من صلاة وحج وغير ذلك لا تخلو من تقصير واخلال فيحتاج الى استغفار ولاحظوا في اخر الصيام ولتكملوا العدة ادت الصوم ولتكبروا الله على ما هداكم. ولعلكم تشكرون نشكره على الهداية ونشكره على التوفيق ونشكره على الاعانة على الصيام هدانا لرمضان وهدانا لاحكام الصيام وهدانا الشريعة هدانا للايمان هدانا للعمل هداية توفيقية وفقنا هناك من لا يصوم ايضا اعاننا وقوانا هناك من يتوق الى الصيام لكنه لا يستطيع عاجز مريض فكل ذلك فيحتاج العبد ولذلك ليلة العيد وفي صبيحة يوم العيد حتى يأتي المصلى حتى يخرج الامام يكبر فيختم هذه الطاعات والعبادات بهذه الاذكار فالعبد حينما يكون بهذه المثابة يكون ذاكرا شاكرا ولا يمكن ان يحصل له شيء من العجب او رؤية العمل او ان يكون ممن يتعاظم بعمله الصالح او نحو ذلك ولا يكون مدلا على ربه تبارك وتعالى بالطاعة وانما يكون مخبتا منكسرا فلا تزيده الطاعة والعبادة الا مزيدا من الاخبات والانكسار فهنا اذا انصرف من صلاته سلم يعني استغفر ثلاثا هذا يدل على انه يبدأ بذلك وهذه ايها الاحبة نعم نعم اننا نتعلم السنن اذا سافرتم في كثير من البلاد شرقا وغربا تجد من البدع ما لا يقادر قدره. بمجرد دخول الوقت او قبل دخول الوقت لكل صلاة يبدأ في منارة المسجد في الميكروفون صلوات على النبي صلى الله عليه وسلم وبعضهم يضع تلاوة حتى يؤذن ثم بعد المؤذن يرددون اشياء ما انزل الله بها من سلطان بعد الاذان ثم بعد ذلك اذا صلوا يبدأ الامام يوزع على هؤلاء الناس هذه المسابيح كل واحد ياخذ وحدة معلقة عنده على مسمار طويل ثم بعد ذلك يوزعها على هؤلاء ثم يبدأ هو واحيانا يكون مؤذن المسجد احيانا يكون رئيس المسجد هو المؤذن. فيجلس على مكان مرتفع ويبدأ يردد اذكارا اكثرها غير مشروع ويبدأون يرددون ثم بعدين يرفع الامام يديه ويبدأ يدعو ويقرأ الفاتحة ويبدأون يرددون. فاذا صليت بين هؤلاء ولم تفعل نظروا اليك نظرا يكاد ان يزيلك من مقامك شدة الانكار ولربما اجترأوا على بعض اهل بلدهم ممن عرف السنة ونحو ذلك فاخرجوهم من المسجد اخراجا لانه لا يشاركهم في هذه الاشياء. بدع وخرافات وتتحير مع هؤلاء كيف تتعامل معهم لانهم لا يمكن ان يتقبلوا منك قليلا او كثيرا الا اذا شاركتهم في مثل هذه البدع والا فكأنك لم اصلي عندهم هذه نعمة من الله تبارك وتعالى ان هدانا للسنة وهذه الاذكار الشرعية ما نعرف قدر هذا الا اذا ذهبنا هنا وهناك رأيت هذه البدع في مشارق الارض ومغاربها هذا اذا سلم المسجد من القبر وفي بعض البلاد لا يكاد يوجد مسجد الا وفي قبر نسأل الله العافية. وبعض هذه القبور يطوفون به كما يطوفون بالكعبة ويعتكفون عنده ويقدمون النذور والقرابين من غير نكير والله المستعان. فعلى كل حال كان يستغفر ثلاثا صلى الله عليه وسلم ثم يقول اللهم انت السلام اللهم انت السلام احنا عرفنا في الكلام على التشهد معنى السلام. حينما يقال ذلك في اسماء الله تبارك وتعالى اللهم انت السلام السلام المؤمن المهيمن وذكر قبله القدوس في اية الحشر قدوس السلام المؤمن المهيمن السلام اصل ذلك من السلامة ومنه قيل للجنة دار السلام لانها سالمة من الافات والعيوب والنقائص لا يحصل فيها مرض ولا تعب ولا حزن ولا حاجة ولا فقر ولا صداع ولا هم ولا موت ولا خوف ولا حزن انما هي سالمة من جميع الافات لا يمل ساكنها كما هو في الدنيا ولا يطلب عنها حولا تحول الى مكان اخر فهي سالمة من كل عيب ونقص وافة والله هو السلام الذي سلم من كل عيب وبرئ من كل افة كما قال الحافظ ابن القيم رحمه الله في النونية وهو السلام على الحقيقة سالم من كل تمثيل ومن نقصان فهذا معنى صحيح انه سالم يعني من العيوب والنقائص وذكر بعض اهل العلم معنى اخر وهو الذي انه سلم خلقه من ظلمه يسلمون من ظلمه لا يظلم الناس شيئا فهذا يرجع الى المعنى الاول في الواقع سلام يعني ان الله تبارك وتعالى سالم من كل عيب ونقص من هذه العيوب والنقائص الظلم فهو منزه عنه تبارك وتعالى وقد ذكر الحافظ ابن القيم رحمه الله فيه قولين اعني في السلام. الاول السلام انه اسم مصدر والمعنى انه ذو السلام يعني على حذف المضاف يعني ذو السلامة والثاني انه ان المصدر هنا السلام بمعنى الفاعل اي السالم يعني وحده لا اله الا هو ولا معبود سواه تباركت تباركت يعني قلنا من قبل ان البركة تدل على كثرة الخير تعاظم الخير تعاظم خيره وبره واحسانه وجوده وما الى ذلك السالم من كل العيوب والنقائص فهو السلام من الصاحبة والولد والسلام من الكفؤ والنظير والسمي والمماثل والسلام من الشريك واذا نظرت الى جميع صفاته تبارك وتعالى صفات الكمال وجدت كل صفة سالمة من كل عيب ونقص. فصفاته سلام عن كل ما يضاد الكمال فحياته سلام من الموت ومن السنة والنوم وكذلك قيوميته وقدرته سلام من التعب واللغوب وعلمه سلام من عزوب شيء عنه او عروض نسيان او حاجة الى تذكر او تفكر وارادته السلام من خروجها عن الحكمة والمصلحة وكلماته سلام من الكذب والظلم فكلماته تمت صدقا وعدلا وغناه سلام من الحاجة الى غيره بوجه وكل ما سواه فهو محتاج اليه وهو غني عن كل ما سواه وملكه سلام من منازع فيه او مشارك او معاون او شافع عنده بدون اذنه. وهذا لكمال قوته وعظمته وغناه لان اهل الدنيا يشفع عنده من يشفع من غير اذن لنقص ملكهم ولحاجتهم ايضا الى هؤلاء الشفعاء فاذا ردوا شفاعتهم تخوفوا غوائلهم. لان ملكهم قد لا يقوم الا بهم من الاعوان وما الى ذلك والاهيته تبارك وتعالى سلام من مشارك له فيها بل هو الذي لا اله الا هو وحلمه وعفوه وصفحه ومغفرته وتجاوزه كل ذلك سلام من ان يكون لضعف او لحاجة كما يكون من المخلوقين بل هو محض جوده واحسانه وكرمه وكذلك عذابه تبارك وتعالى وانتقامه وشدة بطشه وسرعة عقابه كل ذلك سلام من ان يكون ظلما او تشفيا او غلظة او قسوة بل هو محض الحكمة والعدل ووضع الاشياء في مواضعها فهو سلام مما يتوهم اعداؤه الجاهلون به وقضاؤه وقدره سلام من العبث فهو سلام مما يتوهم الجاهلون وقضائه وقدره سلام من العبث والجور والظلم وشرعه ودينه سلام من التناقض والاختلاف والاضطراب وعطاؤه سلام من كونه معاوضة او لحاجة الى المعطى ومنعه سلام من البخل خوف الاملاق بل عطاؤه احسان محض لا لمعاوضة ولا لحاجة. ومنعه عدل محض وحكمة لا يشوبه بخل ولا عجز واستواؤه وعلوه على عرشه سلام من ان يكون محتاجا الى العرش او الى حملة العرش بل كل ذلك مفتقر اليه تبارك وتعالى وهو غني عن ذلك كله. وكماله تبارك وتعالى سلام من كل ما يتوهمه المتوهمون وسلام من ان يصير تبارك وتعالى مفتقرا الى شيء بل كل شيء يفتقر اليه وموالاته لاوليائه السلام من ان تكون عن ذل او ضعف او خوف كما يوالي المخلوق المخلوق بل هي موالاة رحمة وخير واحسان وبر كما قال الله تبارك وتعالى وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل يعني بسبب الذل وكذلك محبته لمحبيه واوليائه سلام من عوارض محبة المخلوق للمخلوق من كونها محبة حاجة او تملق او انتفاع بقربه هكذا ايضا ما اضافه الى نفسه من صفات الكمال كاليد والوجه ونحو ذلك. فهو سلام عما يقوله الممثلون او المعطلون فهذا كله داخل في هذا الاسم الكريم اللهم انت السلام يقول ابن القيم رحمه الله وكم ممن حفظ هذا الاسم لا يدري ما تضمنه من هذه الاسرار والمعاني نردده وقد لا نشعر بما تحته من هذه المعاني الكبار العظيمة فهو المعظم السالم من مماثلة الخلق ومن كل نقص ومن كل ما ينافي الكمال هذه المعاني ذكر الشيخ عبدالرحمن ابن السعدي رحمه الله انها ضابط ما ينزه عنه فهو ينزه عن كل نقص هذا اولا وينزه ويعظم ان يكون له مثيل او شبيه ان ينزه عن النظراء عن المثيل والشبيه وعن الكفو او السمي او الند او المضاد كما ينزه عن نقص صفة من صفاته التي هي اكمل الصفات واعظم الصفات واوسع الصفات اذا ينزه عن كل سوء وعن مماثلة المخلوقين ومن النقصان هذا معنى قولنا انه السالم من كل عيب ونقص منك السلام يعني منك يطلب ويرجى ويستوهب فلا تحصل السلامة الا لمن سلمه الله تبارك وتعالى والا فان السلام متعذرة واعلم ان الامة لو اجتمعوا على ان ينفعوك لم ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله لك. ولو اجتمعوا على ان يضروك لم يضروك الا بشيء قد كتبه الله عليك اعلم ان ما اصابك لم يكن ليخطئك. لا تقل لو وانما اخطأك لم يكن ليصيبك فانما تستوهب السلامة وتطلب من الله عز وجل فمن اراد السلامة فليتوجه اليه فهو الذي يملك ذلك هو صاحب العظمة والمنة وذو الجلال والاكرام قلنا من قبل بان الجلال فسر بالعظمة وما الى ذلك والاكرام بمعنى المنة والاحسان فهو مكرم لاوليائه بالانعام عليهم والاحسان اليهم وبعض اهل العلم يقولون ذو الجلال والاكرام انه المستحق لان يجلى ويكرم الى غير ذلك مما ذكرناه سابقا الحافظ ابن القيم رحمه الله يقول تأمل هذه الالفاظ الكريمة كيف جمعت نوعي الثناء؟ اعني ثناء التنزيه اللهم انت السلام فهذا فيه تنزيل لله عز وجل ثناء التنزيه والتسبيح وثناء الحمد والتمجيد. السلام ومنك السلام. تباركت فهذا تمجيد لله وحمد له بابلغ لفظ واوجزه واتمه معنى وهنا اذا قلت اللهم انت السلام فانت تنزه عن كل عيب ونقص واذا قلت تباركت يا ذا الجلال والاكرام الى اخره فهذه صفات ثبوتية تثبت له الكمالات هذا ما يتعلق بهذا الذكر الذي يقال اول ما يقال بعد السلام. واسأل الله تبارك وتعالى ان ينفعنا واياكم بما سمعنا وان يجعلنا واياكم هداة مهتدين والله اعلم