الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته نواصل في هذه الليلة ايها الاحبة الكلام على الاذكار التي تقال بعد الصلاة فمن ذلك ما كتب به المغيرة ابن شعبة الى معاوية رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا فرغ من الصلاة وسلم قال لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد هذا الحديث مخرج في الصحيحين وقد مضى الكلام على هذه الجمل فصدر هذا الذكر قد مضى عند الكلام على الثاني من الاذكار بهذا الكتاب اذكار الاستيقاظ باول هذه المجالس بقوله لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وضع بين معكوفين ثلاثا. هذه اللفظة هي احدى الالفاظ الصحيح البخاري وهي ايضا عند النسائي. واستغربها ابن رجب رحمه الله وقال انها غريبة. كان الالباني رحمه الله صحح هذه الزيادة ببعض كتبه ثم تراجع وحكم عليها بالشذوذ ثلاثا وشقه الاخر من قوله اللهم لا مانع لما اعطيت الى اخر الحديث اذا مضى عند الكلام على الذكر الاربعين من هذه الاذكار ولا بأس ان الم المامة سريعة اذكر بالمعنى معنى هذا الذكر الذي نقوله بعد الصلاة فنحن بعد هذه الصلوات الخمس نردد كما سمعنا المؤذن ورددنا معه كلمة التوحيد لا اله الا الله لا معبود بحق الا الله هذه هي الاصل الكبير الذي يكون قاعدة الانطلاق وتبنى عليه الاعمال ويصح به سير العبد الى ربه تبارك وتعالى وهو الشرط الاساس للقبول والسعادة في الدنيا والاخرة تحقيق التوحيد فانظروا كيف يكرر هذا ويردد في مناسبات مختلفة وانظروا كيف تكون هذه الصلاة مؤثرة اذا كنا نعقل ما نقول فيها وما نقول قبلها او بعدها نذكر انفسنا اصل الايمان واصل التوحيد واصل السعادة واصل النجاة لا اله الا الله اشرف وافضل كلمة قيلت على الاطلاق نقولها بعد كل صلاة لكن هذه الكلمة كثيرا ما نرددها ولا نعقل ما نردد قلناها بعد هذه الصلاة ولو ان احدنا اراد ان يسترجع ماذا قال لربما يجد انه كان ذاهلا حينما قالها واذا كان المؤمن يعيد هذه الكلمة ويرددها صباح مساء فكيف يصدر عنه ما يخالفها ويضادها من دعاء غير الله عز وجل او رجاء غير الله تبارك وتعالى او الخوف منه خوفا لا يصلح الا من الله وكذلك ايضا هذه القرابين والذبائح التي يتقرب بها الى الموتى والمقبورين ثم يردد هذا الذي يزاول هذه الشركيات يردد هذه الكلمة فهذا شيء لا شك انه لا يعقله لا اله الا الله وحده لا شريك له فهنا حينما اثبت الوحدانية لله تبارك وتعالى وانه لا معبود الا الله جاء ليؤكد نفي الاشراك مع ان ذلك مضمن في هذه الكلمة. لان لا اله نفي لكل معبود سوى الله والا الله اثبات الوحدانية لله تبارك وتعالى فالشق الاول ينفي كل ما يضاد هذه الكلمة مما يعبد من دون الله ومن العبادات ومن العابدين ايضا فهذه ثلاثة اشياء كل ذلك داخل في لا اله ولذلك قال العلماء بان الولاء والبراء داخل في كلمة التوحيد او يدخل مجافاة المشركين والبراءة منهم بقوله لا اله فهو براءة من المعبودين والعابدين والعبادة كفرنا بكم وبما تعبدون من دون الله وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء ابدا حتى تؤمنوا بالله وحده فهذا قول اهل الايمان الذي علمهم الله عز وجل اياه في القرآن لا شريك له لا في الهيته ولا في ربوبيته ولا في اسمائه وصفاته له الملك المطلق فكل ما في العالم العلوي والعالم السفلي انما هو ملك له وحده لا ينازعه فيه منازع هذه الاملاك وما تحويه كل ذلك تحت قبظته وتصرفه يتصرف فيها كيف شاء الملك المطلق الذي لم يسبق بفقده ولا يلحقه فقد لهذا الملك ولا يعتوره ضعف الملك الكامل التام اما ملك المخلوق فيكون مسبوقا العدم ويلحقه العدم ويكون محتفا بانواع النقائص ملك المخلوق لا يقوم الاعوان وجنود ووزراء وما الى ذلك اما ملك الله عز وجل وهو لا يحتاج فيه لا الى وزير ولا الى معين ولا الى اجناد فكل هؤلاء هم عبيده ومماليكه ولا يحصل لهذا الملك نقص او ضعف بوجه من الوجوه ثم هذا الملك الذي يحصل بعض الخلق في الدنيا انما ذلك بما ييسره الله عز وجل لبعض هؤلاء المخلوقين قل اللهم مالك الملك الملك ملكه له الملك فاللام هنا الاختصاص او ان ذلك للملك بحسب الاعتبار الذي يقال عن الملك له الملك قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير فاذا ايقن العبد بهذا فان فقره انما يتوجه به الى ربه ومليكه الذي له الملك بالكامل من كل وجه لك حاجة توجه الى الله اظهر فقرك الى المليك الاعظم المالك الملك ولا تذل لاحد من المخلوقين ان يعطيك او ان ينفعك او غير ذلك مما يحصل لكثير من الخلق تعلق بزيد او عمرو ان يعطيه ان ينفعه الى غير ذلك فانما يكون افتقار القلب الى ربه وفاطره وخالقه جل جلاله فيكون العبد مستغنيا عن سؤال المخلوقين ويكون القلب ممتلئا بتعظيم الله عز وجل ومحبته والخوف منه ورجائه وبهذا تكون سعادته وفلاحه وله الحمد لكماله المطلق فهو محمود في ذاته واسمائه وصفاته وافعاله يحمد في السراء والضراء كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا اتاه ما يسره قال الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات. واذا اتاه ما لا يسره قال الحمد لله على كل حال. فالله محمود في الحالات كلها. ولكن لا يجمل ولا يحسن ان يقال في حالة ضراء الحمدلله الذي لا يحمد على مكروه سواه. لان ذلك يحمل في طياته رسالة يفهمها المخاطب وهو ان هذا القائل في حال يكرهها. والعبد يصرفه ربه تبارك وتعالى كيف يشاء ولا يعلم العبد اين تكون مصالحه ومنافعه واين الخير لانه محجوب عن الغيب وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والتعقيب والله يعلم وانتم لا تعلمون. فاذا كان الامر كذلك والله يعلم وانتم لا تعلمون. فاذا اصاب الانسان الضر فانه لا يسخط ولا يجزع. واذا سئل ما يقول الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه. قل انا بخير احمد الله عز وجل واذا اصابه الفقر فكذلك وهكذا حينما يبتلى بولده او يبتلى بزوجه او يبتلى بغير ذلك فانه يظهر الرضا عن ربه تبارك وتعالى لانه يعلم والعبد لا يعلم بعد هذه الكلمات المعبرات عن التوحيد الخالص لله عز وجل ايضا يقرر فيها معنى يرجع الى ما سبق لمن كان يفقه ذلك عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم اذا كان الملك الحقيقي لله واذا كان الله تبارك وتعالى هو الاله الذي لا اله سواه ولربى ولا معبود بحق الا هو فاذا يأتي ما بعده اللهم لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد لا مانع لما اعطيت لانك انت مالك الملك وانت خالق الخلق وانت الاله الواحد الاحد فما اعطاه الله عز وجل لاحد من خلقه لا يستطيع احد ان يمنعه هذا العطاء سواء كان مالا او ولدا او كان عافية او كان هداية او كان علما واعلم ان الام لو اجتمعوا على ان ينفعوك لم ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على ان يضروك لم يضروك الا بشيء قد كتبه الله عليك انتهى فالنفع انما هو من الله النافع الضار واذا اراد الله تبارك وتعالى ان يمنع احدا عطاء ايا كان نوعه فلا يستطيع من باقطارها ولو تظافر على ذلك الاولون والاخرون والجن والانس على ان يعطوه على ان يوصلوا له هذه المطالب من عافية من وظيفة من رئاسة من مال من ولد لا يمكن لو اجتمع الاطباء الذين باقطار الدنيا لما استطاعوا فذلك كله بيد الله تبارك وتعالى وانما هم مجرد اسباب لكن اذا كانت ارادة الرب تبارك وتعالى المنع فانه لا يمكن ان يتحقق ذلك فيتوقف طب الاطباء ثم بعد ذلك ايضا يبطل فعل الدواء واثره فلا يجدي مع هذا شيئا فاذا عرف العبد انه لا مانع لما اعطى الله ولا معطي لما منع فيكون رغبته ورهبته متوجهة الى ربه تبارك وتعالى فلا يحتاج الى ان يصانع الناس من الناس من يكون ذله وعبوديته للمخلوقين فهو يحاول ان يكون علاقات علاقات بالوجهاء علاقات بالتجار علاقات بمسؤولين علاقات باولادهم ان كانت امرأة علاقات بزوجاتهم وبناتهم وذويهم بل لربما يحرص بعض الناس ان يدرس ولده بمدرسة يدرس فيها اولاد الكبراء بزعمه ان هؤلاء في المستقبل سيلون الولايات ويكون لهم من الرتب والحل والربط وما الى ذلك فيكون الولد له علائق ووشائج ويرجي مثل اللي يقول اه اسأل الله ان يرزقك من اجل ان تقرضني قل اسأل الله ان يغنيك بفضله وان يغنيني بفضله اما ان يرزقك من اجل ان تقرضني؟ لا فمن الناس من هذا خلاصة التفكير عنده اللهم اغن فلانا من اجل ان يقرضني قل اللهم اغنه من فضلك واغنني من فضلك لكن من الناس من جبل قلبه نسأل الله العافية او كأنه جبل على الافتقار للمخلوقين في كل شيء ويرى انه لا يتحقق له شيء الا بالتوجه للمخلوق والتعلق بالمخلوق ومصانعة زيد فيقع في الملق والنفاق ويمدح بالباطل فيترك ذكر الله والثناء عليه ليتملق لفلان او فلان. عبد في غنى عن هذا كله يعبد ربه تبارك وتعالى ويملأ قلبه بذكره ومحبته والاقبال عليه وهنا هذا هذه الجمل ايها الاحبة هي تحقيق لهذه الوحدانية ايد الربوبية خلقا كما يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله خلقا وقدرا وبداية وهداية هو المعطي المانع لا مانع لما اعطى ولا معطي لما منع وهو تحقيق ايضا لتوحيد الالهية شرعا وامرا ونهيا وهو ان العباد وان كانوا يعطون ملكا وعظمة كما يقول شيخ الاسلام وبختا ورياسة في الظاهر او في الباطن يقول فلا ينفع ذا الجد منك الجد اي لا ينجيه ولا يخلصه من سؤلك وحسابك حظه وعظمته وغناه وعرفنا ان الجد بمعنى الحظ ويقال للغنى فلا ينفع الانسان تلك المكاسب التي حصلها من الثروات ولا ينفعه تلك النجاحات التي حققها في حياته ان كان له نجاحات من ذوي الطموح ونحو ذلك فحصل اعلى ما يطمح اليه من هذا المتاع الزائل فهذا صاحب حظ يغبطه عليه كثير من الناس ولكن ذلك لا ينفعه من الله تبارك وتعالى ولا ينفع ذا الجد منك ما قال عندك لا ينفعه منك يعني ينفعه هنا مضمن معنى يخلصه وينجيه كما يقول شيخ الاسلام ولذلك عدي بمنك لا ينفعه منك يعني لا يخلصه منك ولا ينجيه انه صاحب منزلة صاحب مكانة صاحب ثروات صاحب اموال صاحب مليارات هذا لا قيمة له انما يخلصه ايمانه وعمله بعد رحمة الله عز وجل ولا ينفع ذا الجد منك ما قال ولا ينفع ذا الجد عندك لو قال عندك يعني تكون الحظوة تكون النجاحات تكون الرئاسات تكون الوجاهات تكون الثروات تنفع عند الله عز وجل فيفتدي بها مثلا يدفع اموالا ليخلص نفسه ولكن هذا كله لا ينفع العبد لا يخلصه فهذا الكلام تضمن تحقيق التوحيد بنوعيه توحيد الربوبية وتوحيد الالهية وتحقيق اياك نعبد واياك نستعين وكذا فاعبده وتوكل عليه وما الى ذلك من المعاني الجامعة اسأل الله تبارك وتعالى ان يجعلنا واياكم ممن يحقق التوحيد وان يحسن لنا العاقبة في الامور كلها وان يعيننا واياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه