يقول في دبر كل صلاة حين يسلم لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا حول ولا قوة الا بالله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته بهذه الليلة ايها الاحبة واصلوا الحديث عن الاذكار الواردة بعد الصلاة فعن ابي الزبير قال كان ابن الزبير لا اله الا الله ولا نعبد الا اياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا اله الا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون وقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلل بهن دبر كل صلاة كان يقول في دبر كل صلاة عرفنا ان دبر الصلاة يحتمل ان يكون في اخرها قبل السلام وان يكون بعده لكنه جاء موضحا هنا انه حين يسلم فهذا لا اشكال فيه وقد تجد في بعض الروايات كما في الحديث السابق تجد الاقتصار ببعض الفاظها على دبر الصلاة وفي بعضها ما هو مصرح بان ذلك بعد السلام فمثل هذا اذا ضم بعضه الى بعض اتضح معناه وهذه من فوائد جمع المرويات والالفاظ الصحيحة للحديث الواحد هنا يقول حين يسلم فهم بعض اهل العلم انه يبدأ بذلك اين يسلم انه بمجرد التسليم يقول لا اله الا الله الى اخره والظاهر ان هذا غير صريح فهو يحتمل فحين يسلم اراد ان يبين به ان ذلك ليس مما يقال دبر الصلاة بمعنى قبل السلام وانما بعد السلام وان قال قبله مثلا اللهم انت السلام او استغفر ثلاثا ونحو ذلك يقول لا اله الا الله وقد تكلمنا على هذه الكلمة في مناسبات من اخرها ما ذكرته في الليلة الماضية لا اله الا الله لا معبود بحق الا الله وحده هنا جاء التأكيد بذكر الوحدانية مع ان لا اله الا الله هذه تدل على الوحدانية لا معبود بحق الا الله فهو الواحد المعبود لا شريك له ولا ند ولا نظير قد جاءت كلمة التوحيد باقوى صيغة من صيغ الحصر كما هو معلوم عند الاصوليين واهل اللغة وهو النفي والاستثناء هذي اقوى صيغة صيغ الحصر في القوة متفاوتة في الرتب فاقواها لا يرشد الا العلماء كما يقول صاحب المراقي يعني النفي والاستثناء هذي اقواها اعلاها ثم يأتي بعد ذلك الحصر بانما وهكذا في درجات متفاوتة فكلمة التوحيد جاءت بهذه الصيغة القوية لا اله الا الله ثم قال وحده فهذا مزيد من التوكيد ثم قال لا شريك له هذا توكيد ايضا في نفي الشركاء ذاك يعني المؤكد قبله وحده تأكيد للوحدانية لا شريك له تأكيد لنفي الشركاء والانداد له الملك وتكلمنا عن هذا في الليلة الماضية ملك كله لله وملكه كامل من كل وجه وله الحمد لاحظ له الملك ما قال الملك له فقدم الجار والمجرور ومثل هذا يشعر بالحصر له الملك يعني وليس لغيره ليس لاحد سواه له الملك وله الحمد ايضا هذا يشعر بالحصر يعني وليس لاحد سواه الذي يستحق الحمد من كل وجه هو الله تبارك وتعالى وقد عرفنا معنى الحمد وقلنا ان ذلك بمعنى اضافة المحامد واوصاف الكمال الى الله تبارك وتعالى وان الف الحمد تفيد الاستغراق كل المحامد هي مستحقة لله تبارك وتعالى وعرفنا من قبل ان من كان يحمد من كل وجه فهذا لكونه الكامل من كل وجه كامل في ذاته باسمائه بصفاته بافعاله فهو له الكمال المطلق وان من كان بهذه المثابة فهو الذي ينبغي ان يعبد دون احد سواه له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ذكر الوحدانية ثم ذكر الملك ثم ذكر الحمد فهو محمود في ملكه وهو محمود بالهيته ومحمود في ربوبيته جل جلاله وتقدست اسماؤه وهو على كل شيء قدير على كل شيء قدير قدير صيغة مبالغة يعني ان قدرته كاملة وتامة من كل وجه لا يعجزه شيء ولا يمتنع عليه امر من الامور بخلاف المخلوقين فانهم يعجزون ويأملون ثم يخفقون اما الله تبارك وتعالى فهو قادر على كل شيء لا حول ولا قوة الا بالله. لاحظ هذا التتابع في هذه الجمل. هو على كل شيء قدير لا حول لا تحول من حال الى حال ولا قوة فان الخلق ضعفاء لا يستطيع احد منهم ان يقوم بنفسه ولا ان يتصرف في مصالحه ولا ان يدبر شؤونه ولا ان يحقق نجاحا ولا فلاحا الا بالله تبارك وتعالى. لا تحول من حال الى حال الا بالله عز وجل باعانته وتيسيره وهدايته وتوفيقه وتقديره ومن ثم فهذا اعلان من العبد اعلان بالخضوع لربه وخالقه جل جلاله. انه لا يملك شيئا العبد ضعيف عاجز العجز الكامل وان القدرة والقوة والحول كله لربه تبارك وتعالى فاذا كان الامر كذلك فينبغي ان يوحده وان يعبده وان يعتصم به وان يركن اليه وان يتوجه اليه بكليته دون التفات الى ما سواه. ولهذا قال بعده لا اله الا الله من كان بهذه المثابة فلا معبود بحق سواه قال ولا نعبد الا اياه. يعني الاول لا اله لا معبود بحق. ثم عاد فصرح حاله وتوجهه فقال ولا نعبد الا اياه على صيغة كلمة الشهادة. لا نعبد الا اياه. لا اله الا الله لا نعبد الا اياه لنتوجه باعمالنا بما نتقرب به الوان القربات من صلاة من ذبح من طواف من صيام من ذكر الى غير ذلك الا لله تبارك وتعالى ولا نعبد الا اياه. فلا يلتفت قلب العبد الى المخلوقين يعبدهم او يرائيهم او يسمع رجاء حظوة او منزلة عند الخلق او ثناء او مدح او غير ذلك من المطالب الردية المرضية له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن. له النعمة هنا ايضا قدم الجار المجرور يعني النعمة له تبارك وتعالى خلقا والذي يخلق النعم وملكا فهو الذي يملكها وخالقها وهو مالكها فكل النعم لله تبارك وتعالى هو المنعم المتفضل على عباده وما بكم من نعمة فمن الله فكل هذه النعم التي يتقلب بها الناس صباح مساء. والتي لا يستشعرون اكثرها مثل نعمة الهواء وبرده ونعمة الماء ونعمة البصر والسمع ونعم ظاهرة وباطنة من الهدايات والعطايا والهبات التي ندرك بعضها ويخفى علينا اكثرها. كل هذا لله تبارك وتعالى. وله الفضل احسان الذي يصل الى العباد هذا كله من الله عز وجل. فهو الذي يملكه وهو الذي يسديه وهو الذي يعطيه. العبد الذي يردد بعد كل صلاة مثل هذا الكلام كيف يغفل عن طاعة ربه تبارك وتعالى وكيف يجترئ عليه في خلوته او جلوته بالمعصية وكيف يتعلق قلبه بغيره باي لون من الوان التعلقات هؤلاء الذين يشتكون من تشتت القلب بسبب التعلق بمخلوق احبوه فصار ذلك عشقا تيم هذه القلوب وعبدها لغير فاطريها تبارك وتعالى فهؤلاء لو ان قلوبهم عرفت معبودهم وامتلأت بمحبته ومعرفة اوصافه الكاملة لما التفتت الى شيء سواه كل هذه النعم اللي نتقلب فيها من الله تبارك وتعالى له النعمة وله الفضل لو ان احدا اعطاك هدية ملكك لو شفع لك شفاعة لو انه احسن اليك باي لون من الوان الاحسان يملكك لو نتوقف في الطريق وقال امضي ملكك بهذا الاحسان فكيف بنعم الله عز وجل التي تترى لا تتوقف فهذا لا شك انه يسوق القلوب سوقا الى محبة ربها وفاطرها جل جلاله وله الثناء الحسن عرفنا انه تكرير الحمد ثانيا كما في الحديث القدسي اذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال الله حمدني عبدي فاذا قال الرحمن الرحيم قال اثنى علي عبدي فهذا من الثناء من التثنية اعادة الحمد ثانيا كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وهو احسن ما فسر به بما يبدو الله تعالى اعلم. له الثناء الحسن. الحسن هذه صفة هل هذه صفة مقيدة حقيقية او انها صفة كاشفة. يعني الثناء هل يكون بخير دائما فيقال الحسن هي صفة كاشفة فقط. توضح حقيقة الامر كما نقول الصراط المستقيم هو الصراط لابد فيه من الاستقامة فاذا قلنا المستقيم فهذه صفة كاشفة تبين حقيقة الامر حينما تقول مثلا رجل ذكر فذكر هذه صفة كاشفة لانه لا يكون رجل الا ان يكون ذكرا امرأة انثى فهذه صفة كاشفة بخلاف لما تقول رجل طويل وتقول امرأة حسناء فهذه صفة مقيدة للموصوف فهنا له الثناء الحسن هذه صفة مقيدة. لان الثناء من الاضداد الثناء يقال الثناء الحسن والثناء غير الحسن. الجنازة حينما تحمل فيثني الناس عليها خيرا او يثني الناس عليها شرا كما جاء في الحديث فهذا كله ثناء مما يقال بحق الغير يكون بالخير والشر كونوا بالكمال والذم فهنا قيد ذلك وله الثناء الحسن ثم اعادها ثالثة اعادها ثالثة كلمة التوحيد هذا الذكر كله توحيد من اوله الى اخره. فهو يقول لا اله الا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. مخلصين له الدين. مخلصين له الطاعة. هذا بخلاف اهل الاشراك. الشرك الاكبر معه غيره واهل الشرك الاصغر الذين يراؤون باعمالهم وتتوجه قلوبهم الى غير معبودهم طلبا للمحمدة وما الى ذلك مخلصين له الدين. هذا الان بعد الصلاة يقول ذلك واذا كان يرائي بهذه الصلاة او يرائي بهذا الذكر فهذا اعلان ينادي على نفسه بالكذب في دعواه هذه مخلصين له الدين. الدين الطاعة هنا يقول شيخ الاسلام رحمه الله بان العبد عليه ان يلاحظ التوحيد والانعام اجتماع هذا وهذا له النعمة وله الفضل. قبله لا اله الا الله وبعده لا اله الا الله فالله عز وجل يقول هو الحي لا اله الا هو فادعوه مخلصين له الدين. الحمد لله رب العالمين هذا موافق لما جاء في هذا الحديث. وهكذا فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون فذكر الحمد وذكر اخلاص الدين لله جل جلاله وتقدست اسماؤه والمنعم لا شك انه والذي يستحق ان يعبد دون من سواه ولو كره الكافرون يعني نحن على هذا التوحيد والاخلاص للمعبود جل جلاله ولو كره الكافرون فهذا مقام من مقامات الاعتزاز بالدين والايمان يعتز المؤمن بعقيدته وتوحيده وايمانه ولو كره ذلك اهل الضلال والاشراك ولو كره الكافرون فالمؤمن لا يطلب رضاهم فانهم لا يرضون عنه بحال من الاحوال الا كما قال الله عز وجل ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم. فحتى هذه تدل على الغاية حتى تتبع ملتهم. هنا يتحقق الرضا لكن هنا قال ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم اي لن ترضى اليهود حتى تتبع ملتهم ولن ترضى النصارى حتى تتبع ملتهم. فانك ان اتبعت ملة ايضا اليهود سخط النصارى واذا اتبعت ملة النصارى ساخط اليهود فهؤلاء لا يمكن ان يتحقق الرضا وهذه اصل كبير في من يتوهم انه يمكن ان يرضي اعداء الله عز وجل. فالرضا متعذر اما القتال فكما قال الله تبارك وتعالى ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم ان استطاعوا فالقتال يمكن ان يتوقف اذا حصلت الردة واما الرضا فلا يتوقف حتى تتبع ملتهم تتبع ملة من تبعت ملة هؤلاء سخط هؤلاء وهكذا فالله احق ان يرضى ويطاع ويعبد المقصود ان هذا اعلان بعد كل صلاة اعلان من المؤمن بانه على التوحيد والاخلاص ولو كره الكفار ذلك فانه لا يطلب رضاهم كما قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم يا ايها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين ان الله كان عليما حكيما واتبع ما يوحى اليك من ربك ان الله كان بما تعملون خبيرا. وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا. فهنا الامر النهي عن طاعتهم لا تطع الكافرين والمنافقين ان الله كان عليما حكيما يعلم عواقب الامور ويعلم ما تفضي اليه طاعتهم وهو حكيم يضع الامور في مواضعها. فطاعته وطاعة رسوله. هو الحق والصواب الطريق والمخرج لا طاعة هؤلاء ولهذا قال عن المنافقين فترى الذين في قلوبهم مرض يعني النفاق يسارعون فيهم. يقولون يعني معلين هذه المسارعة نخشى ان تصيبنا دائرة يعني يحتاطون لانفسهم فيتولون الكافرين نخشى ان تصيبنا دائرة حرب الاعداء فيجعلون لهم يدا عند هؤلاء فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم. يقولون نخشى ان تصيبنا دائرة عسى الله ان يأتي بالفتح او امر من عنده فيصبحوا على ما اسروا في انفسهم نادمين وهنا في اية الاحزاب واتبع بعد ما نهاه عن طاعتهم قال واتبع ما يوحى اليك من ربك ان الله كان بما تعملون خبيرا. اعلم اي التفات يحصل للعبد يعلم احواله يعلم نيته وقصده وما يجري في الخفاء لان الخبير هو الذي يعلم بواطن الاشياء ان الله كان بما تعملون خبيرا. ثم هؤلاء لن يتركوه فقال وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا بل ان قوله تبارك وتعالى بعده ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه حمله بعض المفسرين وان لم يكن هذا هو الراجح لكنه قول معروف في التفسير قالوا ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه يعني لا يجتمع طاعة المعبود تبارك وتعالى وطاعة اعدائه من الكفار والمنافقين ما يجتمع في قلب واحد ابدا. وهذا المعنى له وجه ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه وان كان الاقرب ان هذا مقدمة لمن سيأتي بعده من ابطال التبني الظهار فالمقصود ان هذه الكلمات التي نرددها هي اصول كبار لو ان الامة تعي ما تقول فان احوالها ستتغير من اولها الى اخرها والله المستعان وهؤلاء الاعداء لا يريدون بالمسلمين خيرا بحال من الاحوال يعني من الاشياء المضحكات المبكيات هذه الايام تسمع انزعاج كبير لدى هؤلاء الاعداء من المصالحة بين الفلسطينيين وما شأنكم يعني على المكشوف كما يقال لا يريدون من هؤلاء ان يجتمعوا وان يصطلحوا ساخطين عليهم والله المستعان واسأل الله تبارك وتعالى ان ينفعنا واياكم ما سمعنا ويجعلنا واياكم هداة مهتدين