الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته نواصل الحديث ايها الاحبة في هذه الليلة عما جاء من الذكر بعد الصلاة من التسبيح والتحميد والتكبير ثلاثا وثلاثين ويقول تمام المئة لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير تكلمنا عن معاني هذه الجمل وقلنا بان قوله سبحان الله بمعنى التنزيه لله تبارك وتعالى وان الحمد لله بمعنى اضافة صفات الكمال والمحامد له جل جلاله وان التكبير الله اكبر يعني هذا فيه اثبات عظمته فالتكبير بمعنى التعظيم وزيادة وكل هذا جاء مفصلا في مناسبات اخرى الله تبارك وتعالى اكبر من كل شيء في ذاته وفي قدره وفي عزته وجلاله وصفاته وافعاله بقي ان نشير الى بعض القضايا والمسائل فمن ذلك ان هذا التكبير جاء في مواضع شرع الله تبارك وتعالى ان يكبر فيها وهذا جاء في القرآن وجاء في سنة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فمن ذلك بعد اكمال العدة من صيام شهر رمضان فلما ذكر الله تبارك وتعالى الايات ايات الصيام في سورة البقرة قال ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون هذا تكبير شرعه الله تبارك وتعالى في اخر الشهر عند انقضائه اذا ظهر هلال شوال وهذا مشروع في ليلة العيد وفي صبيحة يوم العيد الى ان يخرج الامام وكذلك عند ذبح الانساك في الحج لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم. وبشر المحسنين وهكذا عند الصلاة فنحن نفتتحها بقول الله اكبر وفي كل انتقال نقول الله اكبر وتكلمنا عما يتضمنه ذلك من المعنى والهدايات وما ينبغي ان يكون عليه حال العبد من الانصراف عن الوساوس والخواطر فلا يلتفت الى شيء حينما يكون صافا بين يدي الله عز وجل يناجيه فانه اكبر من كل شيء وكيف يتوجه الذهن ويشتغل بغيره؟ وهكذا ايضا في الاذان في اوله واخره وكذلك في الاقامة وذكرنا ما في ضمن ذلك مما ينبغي على العبد ايضا انه اذا سمع الله اكبر فانه يترك ما بيده ويتوجه الى المسجد مجيبا لهذا النداء لانه لن ينشغل بشيء اعظم من ذلك الله اكبر وكذلك ايضا عند الشروع في الطواف واذا حاذ الحجر الاسود فانه يكبر في كل شوط بمنزلة التكبيرات بكل صلاته بكل انتقال فيها وهكذا عند الصفا والمروة والسعي بينهما وكذلك ايضا عند ركوب الدابة في السفر واذا ارتفع في سفره على مكان من علو الارض فانه يكبر الله تبارك وتعالى وهكذا عند رمي الجمار في الحج وفي عشر ذي الحجة كما هو معلوم ايضا وايام التشريق وكذلك ايضا بعد الفريضة وهو ما نحن فيه هذا بالاضافة الى ما يكون من ذكر عند النوم او ما يقوله اذا تعار من الليل وقد مضى الكلام على ذلك في بعض المناسبات فهذا وغيره ايها الاحبة يدل على اهمية التكبير ومنزلته و هذا اقوله توطئة لما سيأتي الكلام عليه بالمفاضلات هذا التكبير في هذه المواطن بعشر ذي الحجة وفي ليلة العيد اخر شهر رمضان وما اشبه ذلك ما سره ما علته ذكر شيخ الاسلام رحمه الله ان ذلك يبين ان التكبير مشروع في هذه المواضع الكبار لكثرة الجمع كما في الاعياد والحج او لعظمة الفعل او لقوة الحال او نحو ذلك من الامور الكبيرة عظمة الفعل عظمة الفعل مثل ماذا مثل عند الذبح الدخول بالصلاة ونحو هذا ليبين ان الله اكبر وتستولي كبرياؤه على القلوب فهذه الامور الكبار لا تكون مستولية عليه بل يكون ذكر الله تبارك وتعالى وكبرياؤه يملأ قلبه فيكون الدين كله لله ويكون العباد له مكبرين فيحصل لهم مقصودان مقصود العبادة بتكبير قلوبهم لله ومقصود الاستعانة بانقياد الطالب لكبريائه. يعني يكون متعبدا بهذا التكبير من جهة ومن جهة اخرى يكون قلبه خاضعا لربه تبارك وتعالى فلا يستولي عليه رؤية الجيوش مثلا جيوش الكفار جيوش الاعداء ونحو ذلك لربما يمتلئ قلبه من خوفهم او نحو ذلك وانما يكون الله اكبر في احواله كلها. والحافظ ابن القيم رحمه الله تكلم على سر التكبير عند في الصلاة. فذكر معنى لطيفا وهو انه لما كان المصلي قد تخلى عن الشواغل وقطع جميع العلائق وتطهر واخذ زينته وتهيأ للدخول على الله تعالى ومناجاته شرع له ان يدخل دخول العبيد على الملوك فيدخل بالتعظيم والاجلال فشرع له ابلغ لفظ يدل على هذا المعنى فيدخل بالتعظيم فيقول الله اكبر فهذا اللفظ فيه من التعظيم ما فيه. كذلك فان العبد اذا وقف بين يدي ربه تبارك وتعالى وقد علم ان لا شيء اكبر منه وتحقق قلبه ذلك واشربه سره استحيا من الله ومنعه وقاره وكبرياؤه ان ينشغل قلبه بغيره وما لم يستحضر هذا المعنى فهو واقف بين يديه بجسمه وقلبه يهيم في اودية الوساوس والخطرات والله المستعان ولو كان الله اكبر من كل شيء في قلبي هذا لما اشتغل عنه بصرف كلية قلبه الى غيره كما ان الواقف بين يدي الملك المخلوق لما لم يكن في قلبه اعظم منه لم يشغل قلبه بغيره ولم يصرفه عنه صارف. وهذا قد مضى الكلام عليه ان الانسان اذا كان بين يدي عظيم من اهل الدنيا فانه يكون في غاية التأدب والاشتغال بما ينبغي ان يكون عليه بحضرته دون ان ينصرف قلبه الى مكان اخر بعد ذلك ننتقل الى مسألة من المسائل التي وعدت الحديث عنها وهي ما الذي نقدمه من هذه الكلمات قلنا قل سبحان الله والحمد لله والله اكبر ويقول تمام المئة لا اله الا الله وحده لا شريك له الى اخره وانه جاء في بعض الروايات الصحيحة بعض الاحاديث الصحيحة انه يقول خمسا وعشرين كل واحدة من هذه الاربع فما الذي يبدأ به ماذا يقدم؟ هل يقدم التسبيح او يقدم التكبير او يقدم التحميد اكثر الروايات على تقديم التسبيح على التحميد وتأخير التكبير هكذا سبحان الله الحمد لله والله اكبر فهذا على كل حال في اكثر الروايات لكنه ليس بلازم لانه جاء في بعض الروايات على غير هذا النسق بل انه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث سمرة رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال افضل الكلام اربع سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله اكبر وفي رواية احب الكلام الى الله اربع سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر. لا يضرك بايهن بدأت رواه مسلم هذا نص صريح بان الترتيب ليس بلازم ولكن اهل العلم نظروا في الترتيب الى كون الافضل ان يبدأ بالتسبيح ثم التحميد ثم يكون التكبير بعد ذلك نظروا الى امرين. الامر الاول الى الروايات فقالوا ان اكثر الروايات على هذا الترتيب فجعلوه مرجحا. الامر الثاني نظروا الى المعنى ما تضمنته هذه الجمل والالفاظ فقالوا ان النظر في ذلك يقتضي تقديم التسبيح على التحميد ثم يكون التكبير بعد ذلك قالوا يبدأ بالتسبيح لتضمنه لنفي النقائص عن الله تبارك وتعالى فهو تنزيه يبدأ به اولا ثم التحميد لتضمنه اثبات الكمال لله عز وجل لانه لا يلزم من نفي النقائص اثبات الكمال فالاول نفي النقائص الثاني اثبات الكمال ثم ياتي التكبير لانه كما قالوا لا يلزم من اثبات الكمال انه ولنا في النقائص الا يكون هناك كبير اخر يعني نفيت عنه النقائص اثبت له الكمال هذا لا يمنع من وجود كبير اخر. فهنا تقول الله اكبر فهو منزه وموصوف بصفات الكمال وهو اكبر من كل كبير اكبر من كل كامل بحسب الكمالات اللائقة بالمخلوقين اما الله تبارك وتعالى فله الكمال المطلق فاذا رأيت من تظن انه قد كمل في الكرم او قد كمل في قوته او كمل في علمه او كمل في غير ذلك من الاوصاف الغنى ونحو ذلك فالله الله اكبر الله اكبر من تظن انه قد كمل في الاحسان فالله اكبر من هذا ومن ثم فان القلب يعظم الله عز وجل ولا يتعاظم مخلوق فيمتلئ القلب من محبته او الخوف منه او رجائه او ونحو هذا وانما يكون القلب دائما متوجها الى الله تبارك وتعالى. وهذا هو التربية على التوحيد حقيقة. هذا هو التوحيد الذي يملأ القلب فلا يزاحم خوف الله ولا محبته ولا رجاءه ولا تعظيمه شيء البتة ثم يختم بالتهليل الدال على انفراده تعالى بجميع ذلك. قل لا اله الا الله وحده لا شريك له هذا الحديث الذي بين ايدينا الذي نحن نشرحه بالليلة الماضية وفي هذه الليلة وهو قوله صلى الله عليه وسلم من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين. لاحظوا اللفظ قال وحمد الله ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين. فتلك تسعة وتسعون. وقال تمام المئة لا اله الا الله الى اخره فهنا قوله صلى الله عليه وسلم من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وحمد الله ثلاث ظاهره انه في العد ماذا يقول انه يقول سبحان الله سبحان الله سبحان الله سبحان الله سبحان الله حتى يبلغ هذا العدد فاذا كمله قال الحمدلله الحمدلله الحمدلله الحمدلله حتى يكمل ايضا هذا العدد هذا ظاهر الحديث لكن لو انه قال سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله اكبر اذا كان يريد ان يقول كل واحدة خمسا وعشرين او يقول سبحان الله والحمد لله والله اكبر سبحان الله والحمد لله والله اكبر سبحان الله والحمد لله والله اكبر هكذا يجمع بينها في العد حتى يبلغ ثلاثا وثلاثين. لا يفرد كل واحدة فهذا ايضا لا اشكال فيه وهذا قد يفهم من بعض ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في هذا الحديث السابق حديث سمرة رضي الله تعالى عنه افضل الكلام اربع سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر وكذلك لما قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابي هريرة لما اشتكى الفقراء وقالوا ذهب اهل الدثور بالاجور فعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم هذا الذكر الذي يقولونه بعد الصلاة. فماذا علمهم علمهم ان يسبحوا ان يقولوا دبر كل صلاة ان يقولوا هذا الذكر على كل حال الاتيان فيه بواو العطف وسبحان الله والحمد لله والله اكبر هذا يشعر بانه يقول ذلك يجمعه ثم بعد ذلك حتى يكرر حتى يأتي بهذا العدد هذا رجحه بعض اهل العلم كالقاضي عياض رحمه الله. الحافظ بن حجر قال الذي يظهر ان كل واحد من الامرين حسن ولا اشكال فيه لكنه قال يتميز الافراد بان الذكر يحتاج الى عدد اكثر. يعني يعقد اكثر اذا قال سبحان الله سبحان الله سبحان الله سبحان الله سبحان الله لاحظوا غير لما يقول سبحان الله الله الحمد لله والله اكبر سبحان الله والحمد لله والله اكبر سبحان الله والحمد لله والله اكبر قالوا هذه الطريقة لما يجمع يكون اقل في العد فيكون عمله وعقده فان يمينه الانامل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم واعقدن بالانامل فانهن مستنطقات. تشهد له يوم القيامة فاذا كان العد اكثر كانت حسناته واجره اوفى واعظم فقالوا هذه الطريقة فيها مزية وهي ما ذكر. على كل حال الحافظ بن حجر يقول اذا كان يجمعها سبحان الله والحمد لله والله اكبر يقول يحصل له الثلث في العد فقط يعني في حركة الاصابع على كل حال الامر في هذا يسير وينظر فيما هو ادعى لضبطه العدد وما هو ادعى لحضور القلب فان هذا يقدم على ما ذكره الحافظ ابن حجر رحمه الله فاذا استوى ذلك فله ان يعتبر بالعدد والنظر الى عقد الانامل او ينظر الى الترتيب في المعنى ويأتي بالتسبيح اولا ثم التحميد ثم التكبير اذا كان يعقل ذلك والا فان اكثر الناس لا يتفطنون له ولا يدرون ما تحت هذه الالفاظ من المعاني والهدايات فضلا عن ان هذا جاء بعد هذا لانه يكون هذا تنزيه ثم بعد ذلك وصفات الكمال ثم بعد ذلك هو اكبر من كل كبير ونحو هذا على كل حال لكن حديث ابي هريرة كما سبق انهم يسبحون ويحمدون ويكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين هكذا فهم منه بعض رواته فهم منه بعض اهل العلم سبحان الله والحمد لله والله اكبر هكذا يجمعها ولكن حديث الباب كانه في ظاهره يدل على انه يفرد كل واحدة. وقول النبي صلى الله عليه وسلم لا يضرك بايها بدأت. ايضا فصار عندنا قضية القضية الاولى كيف يرتبها القضية الاخرى وهي هل يفرد كل واحدة بالعد حتى ينتهي الى العدد المحدد او انه يذكرها مرتبة او غير مرتبة مجموعة حتى ينتهي العدد مسألتان واظح هذا الاولى هل يبدأ بالحمد تسبيح ثم الحمد ثم التكبير هذي المسألة الاولى المسألة الثانية هل يفرد سبحان الله اذا قلنا يبدأ بها؟ فيقول ذلك ثلاثا وثلاثين فاذا انتهى قال الحمد لله ثلاثا وثلاثين ثم بعد ذلك يقول الله اكبر ثلاثا وثلاثين او انه يقول سبحان الله والحمد لله والله اكبر يعد ثلاثا وثلاثين مرة بهذه الطريقة في الجمع بقي الكلام على بعض المفاضلات فضلت بين هذه الالفاظ والوقت انتهى فاترك الحديث عنها ان شاء الله تعالى الليلة الاتية واسأل الله تبارك وتعالى ان ينفعنا واياكم بما سمعنا ويجعلنا واياكم هداة مهتدين والله اعلم