الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته وصل الحديث في هذه الليلة على هاتين الايتين من اخر سورة البقرة بجملة الاذكار التي تقال عند النوم وقد مضى الحديث في الليلة الماضية عن ما يتصل بالحديث الذي ورد فيه ذكر ذلك وحديث ابي مسعود البدري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الايتان من اخر سورة البقرة من قرأهما ما في ليلة كفتاه وبينا المراد بهذه الكفاية واقوال العلماء في ذلك. قوله تبارك وتعالى امن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون الايمان كثير من المفسرين وآآ كثير من المتأخرين من اهل اللغة يفسرونه بالتصديق. يقولون صدق الرسول وهذا غير دقيق. اذ ان الايمان افترق مع التصديق في اللغة كما انه يختلف عنه في المعنى في الشرع. وقد ذكر شيخ الاسلام رحمه الله في كتابه الايمان الكبير سبعة فروقات بين الايمان والتصديق في اللغة ولهذا لا يقال امن بالله اي صدق بالله يؤمنون بالله ان يصدقونا لا وانما الايمان اقرب ما يفسر به اي يقال هو الاقرار الخاص الذي هو بمعنى التصديق الانقيادي فليس كل تصديق يقال له ايمان. فالله عز وجل يقول عن الجاحدين المكابرين وجحدوا بها واستيقن انفسهم ظلما وعلوا وهم يعلمون في قرارة نفوسهم ان ما جاء به الرسول الذي ارسل اليهم انه حق ولكنهم دفعوا ذلك على سبيل كابرة. ولهذا قال الله عز وجل يعرفونه كما يعرفون ابناءهم فهذا يدل على انهم يعلمون ذلك ويصدقون به ولكن هذا التصديق لا ينفعهم. كما في القصيدة التي تنسب لابي طالب وقد ذكرها الحافظ بن كثير رحمه الله في البداية والنهاية وهي قصيدة طويلة يمدح فيها النبي صلى الله عليه وسلم. وكان مما قال فيها ولقد علمت ان محمد من خير اديان البرية دينا او يعلم هذا ومع ذلك لم يؤمن فلم ينفعه هذا العلم. اذا لابد من الانقياد تصديق انقيادي تصديق خاص بمعنى الاقرار اما مجرد ما يقع في قلبه من التصديق لكنه ينكر ذلك ويكابر فهذا ليس بايمان صحيح. كما انه يفترق عنه من جهة اللغة كما سبق الايمان فيه معنى الامن وهذا لا يوجد في التصديق والايمان يقال في الاشياء التي فيها خفاء بخلاف التصديق وهكذا في سائر الفروقات في اللغة حتى من جهة التعدية تقول امن له وامن به وتقول صدقه ولا تقول امنه. التصديق يتعدى بنفسه. ويتعدى بالحرف. قل صدق به ويتعدى بنفسه. اما الامام فلا يقال امنه لا يتعدى بنفسه وانما يتعدى بالحرف الى غير ذلك من وجوه الفرق. اذا امن الرسول بمعنى اقر وصدق تصديق قياديا واذعن وانقاد ما جاء به الله تبارك وتعالى. امن الرسول وهو صلى الله عليه وسلم بما انزل اليه من ربه وهنا الايمان عد بالحرف الباء. امن بذلك بمعنى اقر به وانقاد واذعن امن الرسول بما انزل اليه. فما هذه تفيد العموم بكل ما انزل اليه من ربه. وهذا يشمل العقائد والاحكام يشمل الاخبار والقصص والامثال والحكم وما الى ذلك. سواء كان ذلك مما انزل اليه بوحي الله تبارك وتعالى في القرآن او كان ذلك بما اوحاه اليه من غير القرآن فان السنة وحي وجبريل صلى الله عليه وسلم كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم بهذا وهذا ولربما القي في روعه صلى الله عليه واله وسلم. ان روح القدس نفث في روعي يعني في قلبي. انه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها واجلها. فهذا نوع من الوحي لكن القرآن لا يأتي بهذا. وانما عن طريق الملك عن الله جل جلاله جلاله ولما ذكر ايمان الرسول صلى الله عليه وسلم بما انزل اليه من ربه وهو القدوة عليه الصلاة والسلام ذكر ايمان المؤمنين والمؤمنون امنوا يعني بما انزل على الرسول صلى الله عليه وسلم من ربه. وهكذا جاء هذا في سياق الثناء والمدح وفي سياق ايضا ايضا التعليم لاهل الايمان فالمؤمن ليس امامه الا التصديق والانقياد من الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ وعلينا الايمان والتسليم ولا يسع المؤمن غير هذا. اما الذي يسوء ادبه مع ربه تبارك وتعالى فيكون في قلبه او على لسانه نوع معارضة لما جاء به الرسول وسلم فهذا لم يحقق الايمان الصحيح. يقول انا لا اقبل شيء حتى اعرضه على عقلي. فما قبله عقلي قبلته فجعل عقله حاكما على وهذا لا يمكن ان يكون صاحبه مسلما مستسلما فلم يحقق الاسلام الصحيح. لهذا قال الله عز وجل وما كان بمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم. قال انما كان قول المؤمنين اذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم ان يقولوا سمعنا واطعنا هذا هو اللائق والواجب باهل الايمان ولا يسعهم غير ذلك. كل يعني من الرسول صلى الله عليه وسلم واهل الايمان امن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله. كل امن بالله انه واحد احد فرد صمد لا اله غيره ولا رب سواه امنوا بانه واحد في الهيته وربوبيته واسمائه وصفاته كل هذا داخل في قوله كل امن بالله وملائكتي فالايمان بالملائكة يكون مجملا ومفصلا. فالمجمل ان الله خلق ملائكة كراما وانه تبارك وتعالى قد اوكل بهم من الوظائف والاعمال والمهام ما لا يعلمه الا هو واخبرنا عن بعض ذلك فمنهم حملت الرسالات بين الله وخلقه ومنهم من وكل بالارواح ومنهم من وكل بالارزاق والقطر منهم من وكل بالسحاب منهم من وكل باعمال العباد الى غير ذلك منهم خزنة للجنة وخزنة للنار ومنهم من يتعبدون لله تبارك وتعالى. اطت السماء وحق لها ان تئط وذكر النبي صلى الله عليه وسلم انه ليس فيها موضع شبر الا وفيه ملك قائم او ساجد لله تبارك وتعالى واخبر عن البيت المعمور الضراح انه يأتيه في كل يوم سبعون الف ملك لا يعودون اخبر عن النار يوم القيامة انه يؤتى بها ولها سبعون الف زمام لكل زمام سبعون الف ملك تاب النار لها سبعون زمام لكل زمام سبعون الف ملك عدد هؤلاء مع ما ذكر هذا شيء لا يحصيه الا الذي خلقه تبارك وتعالى. هذا الايمان المجمل ان نؤمن بان الله خلق ملائكة كراما والايمان المفصل ان نؤمن بمن ذكر منه مثل جبريل وميكائيل ومن ذكر بصفته كملك الموت ومالك خازن النار وما اشبه ذلك هذا نؤمن به ايمانا مفصلا وهذا الايمان المجمل يكفي ويتحقق به المقصود. لكن الايمان المفصل يكون فيه زيادة في الايمان والايمان راتب فالقدر الذي لا بد منه انه اذا بلغ ذلك احدا من الناس فعليه ان يذعن وان يقر ولا ينكر يعني لا ينكر احدا من الملائكة ويقول انا لا اؤمن بهذا الملك اذا كان ذلك قد ثبت في الكتاب او في السنة. لكن من الاسماء ما لا يثبت مثل ملك الموت لم يثبت هذا الاسم لا في الكتاب ولا في السنة وهكذا ايضا بالنسبة للكتب. فان الامام بالكتب يكون مجملا ان الله انزل كتبا تضمنت الهدايات والايمان والتوحيد والشرائع على الانبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام. الايمان المفصل ان نؤمن بما اذكر من هذه الكتب مثل التوراة والانجيل والزبور مثل هذه الكتب لكن ذلك لمن بلغه. يعني لو ان احدا فقط امن بان الله انزل كتبا لكنه لا علم له بشيء من هذا ولا ينكر شيئا منها فانه يكفيه الايمان المجمل. اما الرسول صلى الله عليه وسلم فلا بد من الايمان به. على وجه ولا يصح الايمان الا بهذا. كل امن بالله وملائكته وكتبه ورسله. والرسل كذلك هناك فايمان مجمل وايمان مفصل. ايمان مجمل ان الله ارسل رسلا الى خلقه. واوحى اليهم بوحيه. واذى القدر هو الذي تحصل به يحصل به الايمان ويتحقق لكن لابد من الايمان بخصوص النبي صلى الله عليه واله وسلم. والايمان المفصل ان يؤمن بمن ذكر منهم. والمذكورون القرآن جملة معروفة عليهم الصلاة والسلام. امن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله فهؤلاء هذه صفة اهل الايمان انهم لا يفرقون في الايمان فيؤمنون ببعض ويكفرون ببعض. ان الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون ان يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون ان يتخذوا بين ذلك سبيلا اولئك هم هم الكافرون حقا ولهذا تجدون في خبر قوم نوح مثلا ان الله تبارك وتعالى يضيف اليهم الكفر بالمرسلين. مع انهم انما كفروا بنوح صلى الله عليه وسلم وهو اول رسول الى اهل الارض ولكن كذب قوم نوح المرسلين وذلك ان من كذب واحدة فقد كذب بالجميع. فهؤلاء الذين يقولون نؤمن بموسى صلى الله عليه وسلم مثلا. وبانبياء بني اسرائيل ولا نؤمن بعيسى ولا بمحمد صلى الله عليه وسلم فهؤلاء لا ينفعهم ايمانهم وهم كفار بنص القرآن. وهكذا الذين يقولون نؤمن بموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام ولا نؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم او من منهم كبعض طوائف اهل الكتاب الذين يقولون نؤمن بان محمدا صلى الله عليه وسلم رسول من عند الله حق ولكنه ارسل الى العرب خاصة هذا يوجد بعض فرق اهل الكتاب يقولون هذا انظر القدم. فهؤلاء ايضا لا ينفعهم هذا الايمان لا نفرق بين احد من رسله كما فعل اولئك من اهل الكتاب. وقالوا يعني الرسول صلى الله عليه وسلم واهل الايمان سمعنا واطعنا وهذا من مقتضى الايمان السمع والطاعة. سمعنا قولك يا رب وفهمناه وقمنا به وامتثلنا ذلك. سمعنا سماع استجابة وقبول وانقياد اتكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون فهؤلاء ليست لديهم الاستجابة فذلك السمع كعدمه سمعنا واطعنا فهم حينما سمعوا سمع قبول تبع ذلك الطاعة والانقياد والعمل والامتثال هذا هو الشعار المؤمن. اذا جاءك النص عن الله او عن رسوله صلى الله عليه واله وسلم فقل سمعنا واطعنا. ولا يقول الانسان لا. حتى اقتنع او نحو ذلك مما يمكن ان يقوله البعض قديما او حديثا بان هذا يعارض القواعد والاصول او ان هذا يعارض العقول او نحو ذلك ولا يوجد في كلام الله ولا كلام رسوله صلى الله عليه وسلم شيء البتة يعارض العقل لكن يوجد فيه ما تتوقف العقول بادراكه لانها قاصرة. انما تجول في هذا العالم المشهود ولها حد محدود لا تستطيع ان تتجاوزه. فالانبياء عليهم الصلاة والسلام جاءوا محارات العقول ولم يأتوا العقول لم يأتوا بشيء يقول العقل لا يمكن هذا محال ابدا لكن جاءوا باشياء يتوقف العقل ويقول انا لا ادرك هذا. فيقصر دونها هذا لا اشكال فيه. وعقل الانسان لا يدرك اقرب الاشياء يا ايلي الان لو نظرنا في هذا الكهرباء تارة تضيء وتارة تبرد وتارة تحرك وينتقل الانسان بالسيارة او الطائرة تطير او نحو ذلك. هذي الكهرباء لا نراها ولا نجد لها رائحة ولا نسمعها ولا شيء من ذلك. ومع ذلك هي موجودة. اثارها ظاهرة فما كل شيء يحيط به العقل الارض كروية ولو قيل نحن نؤمن بهذا ان الارض كروية ونرى صورها الحقيقية الاقمار الصناعية لكن لو قيل لك انت الان في الجزء السفلي كيف تتصور هذا الان اليست حينما تكون الارض كروية ان من الناس من يكون في الاسفل كيف هؤلاء يعيشون ويتنقلون والعمارات والناطحات والدنيا والبحار انهار لا يتغير شيء قل جاذبية وفلسفات لا انا لا انكر الجاذبية. لكن هل يتصور هذا العقل ولا يتوقف يتوقف العقل كيف يوجد ناس في الجزء الاسفل من الارظ؟ الجهة الثانية ويعيشون كما لو كانوا في الاعلى لا فرق. هذا امر يتوقف دونه العقل انا اتصور هذا هل تتصورون هذا؟ تصور انه يوجد لكن كيف يقع؟ لو بقينا مع العقول لقلنا يسقط كل شيء كيف يتنقلون كيف تحصل معايشهم البحار لا تتحرك ولا تتغير وكأن شيئا لم يكن. فهذا العقل يقصر دونه مع انه شيء مشاهد هذه الروح التي تملأ الجسد الجميع يقر بها. وبمجرد ما تخرج يتحول الى جماد مثل الخشبة تماما لا حراك به ولا يمكن ان يجيب على سؤال ولا يتحرك بعد ان كان يدبر يأمر وينهى ويتحول الى شيء اخر يقرأون في بعض سير خلفاء بني العباس كما يحكي اقرب الناس اليه من وزرائه انه عنده مرض الموت من شدة هيبته كان بنو العباس من بني عمه وقرابته لا يجرؤون على الدخول عليها وهو يحتضر. فكان هذا الوزير هو الذي قد ابتلي يبعثونه تارة وحينا بعد حين لينظر هل فارق الحياة او لا يقول فاقتربت منه فنظرت يقول فنظر الي بعين كاد قلبي ان يطير من الهيبة والخوف يقول ثم تراجعت هذا هو في مرض الموت يقول ثم اتيته ثانية فوجدت تلك العين التي نظر الي فيها قد قضمها فأر مات وجاء فأر وعدا عليها تلك العين هذا الفأر هذا الفأر الضعيف ما استطاع ان يدفعه عن نفسه وهؤلاء الكبراء ومن سيكون خليفة من بعده ما يجرؤون على المجيء للنظر فقط هل مات او لم يمت او يجلسون عنده؟ هيبة له ثم يتحول بعد خروج الروح الى شيء اخر تماما فهذا امر لا يدركه العقل لكنه شيء مشاهد العقل ليس مدركا لكثير من الاشياء التي حوله فكيف بالعالم العلوي والغيب وما الى ذلك كل امن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله وقالوا سمعنا واطعنا غفرانك هذا سؤال للمغفرة والرحمة مع هذا الايمان والاذعان والادب والانقياد سمعنا واطعنا غفرانك. اغفر لنا يا رب والمغفرة عرفنا انها تضمن الستر والوقاية. ستروا الوقاية. ربنا واليك المصير يعني المرجع يا ربنا فاغفر لنا فنصير اليك يا رب يوم يقوم الحساب اترك الكلام على باقي الاية في ليلة اخرى واسأل الله عز وجل ان ينفعني واياكم بما سمعنا ويجعلنا واياكم هداة مهتدين والله اعلم وصلى الله على سلامتنا