وما الى ذلك بل اعرض عن جميع هذه الامور وضرب عنها صفحا واغتنى بمسببها وهو الله تبارك وتعالى الكافي الحسيب والله تبارك وتعالى يكفي من توكل عليه وركن اليه وهذا الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد الذكر الاخير وهو الثالث مما اورده المؤلف تحت هذا الباب باب دعاء لقاء العدو وللسلطان وهو ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال حسبنا الله ونعم الوكيل قالها ابراهيم عليه السلام حين القي في النار وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم وزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. هذا الحديث اخرجه الامام البخاري رحمه الله في صحيحه حسبنا الله ونعم الوكيل حسبنا اي كافينا فان حسبك الله اي كافيك الله والحسب بمعنى الكفاية. فاذا قال العبد حسبي الله اي ان الله كافيا فالله تبارك وتعالى يقول ومن يتوكل على الله فهو حسبه فهو حسبه. لان المتوكل انما يريد الكفاية فيكل امره الى الله تبارك وتعالى ويركن اليه فذكر له الجزاء مباشرة من نوع مطلوبه ومقصوده وهو الكفاية قال فهو حسبه اي كافيه ونعم الوكيل نعمة هذه كلمة تستعمل للمدح قالوا تجمع المدح كله نعمة وهي تقال بازاء بئسا يعني تقابلها فبئس للذم ونعم للمدح نعم الوكيل اي الموكول اليه المفوض اليه الذي يركن اليه وهو الله تبارك وتعالى لان ازمة الامور بيده ونواصي الخلق في قبضته وتحت تصرفه وهو الذي يملك الكفاية وهو القوي العزيز القدير الغني من توكل عليه كفاه مما يخاف ويحاذر حسبي الله كافي الله الله يكفيني ونعم الموكول اليه المفوض اليه الموثوق به المتوكل عليه قالها ابراهيم عليه السلام حين القي في النار لما وضعوا المنجنيق قالوا ابنوا له بنيانا ارادوا ان يلقوه في نار عظيمة جاء في روايات من الاسرائيليات وغيرها انه عرض عليه الملائكة اتاه خازن الماء يقولون وهو في الهواء فقال يا ابراهيم ان اردت ان يعني ان اردت اخمدت النار بالماء فقال لا حاجة لي فيك فاتاه ملك الريح فقال لو شئت طيرت النار فقال لا ثم رفع رأسه الى السماء وقال اللهم انت الواحد في السماء وانا الواحد في الارض يعني من المؤمنين ليس احد يعبدك من المؤمنين هكذا في روايات على كل حال هذه الروايات لا يثبت شيء منها عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن لا شك انه فوض امره الى الله تبارك وتعالى وحده فقال حسبي الله ونعم الوكيل هذا لا شك انه غاية التوكل والثقة بالله تبارك وتعالى وهذا يدل على علو منصبي عليه الصلاة والسلام ورفيع مرتبته في الايمان سمو مقامه فهو لم يتوجه قلبه الى شيء سوى الله تبارك وتعالى من المخلوقين يركن اليه يطلب منه المدد والنصر والتأييد والكفاية والدفع انما يعلمه اهل الايمان لما عرفوا من صفة المعبود جل جلاله وكماله وقدرته وقوته وعزته وهنا ينبغي على العبد ان يستشعر العجز والضعف والحاجة والافتقار الى الله تبارك وتعالى فهو مسبب الاسباب لاحظ هذه نار تحرق من طبيعتها الاحراق هذه الطبيعة اودعها الله عز وجل بها لكن لما شاء الله تبارك وتعالى سلب منها هذه الخاصية هنا ابراهيم صلى الله عليه وسلم كان وحده لم يكن هناك من ينصره من البشر لم يكن هناك اتباع لم يكن هناك قوة تمنعه من هذا من هؤلاء الكفار او هذا الملك الجبار فما الذي حصل الذي حصل ان الله قال للنار كوني بردا وسلاما على ابراهيم فكانت كذلك لان الله تبارك وتعالى هو الذي خلقها وهو الذي اودع فيها هذه الخاصية خاصية الاحراق فهو قادر على سلبها فالذي يفعل ذلك ويخرق العادة قادر على ان يكفيك المخاوف وان ينجيك من كل ما تخشى وتتقي وتحاذر لكن يحتاج العبد مع هذا الى صلة مع الله عز وجل ان يتعرف الى الله في الرخاء من اجل ان يعرفه الله تبارك وتعالى في الشدة. احفظ الله يحفظك فلا يكون العبد مضيعا لحقوق الله تبارك وتعالى فاذا جاءت الشدائد قال يا رب وانما يكون على صلة وثيقة بربه تبارك وتعالى فاذا دعاه اجابه واذا التجأ اليه وتوكل عليه وفوض امره اليه كفاه من كل ما يخاف ويحاذر وقد ذكر الرازي صاحب التفسير الفخر المعروف ذكر كلاما حاصله انه يقول قد بلغ السابعة والخمسين بلغ السابعة والخمسين. يقول الذي جربته هذا خلاصة كلام الرازي. يقول الذي جربته في حياتي من اولها الى اخرها. والذي خرجت فيه هو ان من توجه بحاجته وفقره الى غير الله عز وجل خذل. ومن توجه الى الله تبارك وتعالى كفي. هذا خلاصة كلام للرازي هذا حاصله وهذا الكلام هذا الكلام صحيح وعبارات العلماء في هذا كثيرة يجدها من تطلبها في مظانها والله المستعان وكذلك ايضا النبي صلى الله عليه وسلم حينما قالوا ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم وهذا كان بعد غزوة احد بعد الهزيمة والقتل الذي استحر باصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقد قتل سبعون وجرح كثيرون ثم بعد ذلك يأتي الخبر بان هؤلاء المشركين قد تهيأوا واستعدوا لكرة على المدينة ليستأصلوا النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه فماذا قالوا؟ ماذا قال اهل الايمان قالوا حسبنا الله ونعم الوكيل هذا جاء في السير ان ابا سفيان رجع بقريش بعد ان توجه من احد فلقيه معبد الخزاعي فاخبره انه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في جمع كثير وقد اجتمع معه من كان قد تخلف عن احد وندموا فثنى ذلك ابا سفيان واصحابه فرجعوا يعني انصرفوا عن المدينة وارسل ابو سفيان ناسا فاخبروا النبي صلى الله عليه وسلم ان ابا سفيان واصحابه يقصدونهم فقال حسبنا الله ونعم الوكيل. الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم. الناس يعني ابا سفيان ومن معه. قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. هذا التخويف وهذا الجمع لم يفت في اعضادهم ولم يكن سببا للخور والضعف والتراجع والهزيمة وانما قالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. وايضا زادهم ايمانا كذلك ايضا ما ذكره الله عز وجل في سورة الاحزاب ولما رأى المؤمنون الاحزاب حساب تجمعوا من كل ناحية واحاطوا بالمدينة وجاؤوا لهدف محدد وهو استئصال النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه ماذا قال اهل الايمان حينما رأوا الاحزاب قالوا ولما رأى المؤمنون الاحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم الا ايمانا وتسليما لاحظ هم ماذا رأوا رأوا الابتلاء رأوا الاحزاب فقالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله واحسن ما قيل في ذلك والله اعلم مما ذكره المفسرون فيما يرجع اليه الاشارة بقوله هذا ما وعدنا الله ورسوله ما قاله ابن كثير حيث جمع بين القولين بين قولي المفسرين وهو انهم رأوا الابتلاء لان بعظهم يقول هذا يعني الابتلاء هو الذي وعدنا الله ورسوله ام حسبتم ان تتركوا ام حسبتم ان تدخلوا الجنة واشباه ذلك من النصوص التي وعد الله فيها بالابتلاء قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله والقول الاخر انه النصر ابن كثير جمع بينهما بعبارة موجزة فقال هو الابتلاء الذي يعقبه النصر فان النصر لا يحصل الا بعد الابتلاء لاحظ في هذه الوقت وقت الشدة مباشرة قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله. اما اهل النفاق فقالوا ما وعدنا الله ورسوله الا غرورا كلام ووعود لا حقيقة لها فظهرت مخبأت النفوس في ذلك اليوم وزلزل المؤمنون زلزالا شديدا فهنا اهل الايمان ثقتهم بالله تبارك وتعالى عظيمة فزادهم ايمانا وثباتا ورسوخا في الطريق وكذلك ايضا كذلك في احد قالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. فالتوكل ايها الاحبة هو نصف الدين كما قال الحافظ ابن القيم رحمه الله والنصف الثاني هو الانابة فالدين استعانة وعبادة فالتوكل هو الاستعانة والانابة هي العبادة وقد تكلمت على التوكل بكلام مفصل طويل هذا ما يتعلق بهذا الحديث الحديث الاخر وهو حديث ابن مسعود رضي الله عنه هذا في باب بباب اخر في الباب الذي يليه اترك ذلك لليلة القادمة واسأل الله عز وجل ان ينفعنا واياكم بما سمعنا وان يجعلنا واياكم هداة مهتدين. اللهم ارحم موتانا واشف مرضانا وعافي مبتلانا واجعل اخرتنا خيرا من دنيانا اللهم اصلح لنا شأننا كله واعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. ربنا اغفر لنا ولوالدينا ولاخواننا المؤمنين والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه واياكم اذا كان عندكم سؤال نعم سلامة الله