الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد ومن ادعية الاستسقاء ما جاء عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا استسقى قال اللهم اسق عبادك وبهائمك وانشر رحمتك واحي بلدك الميت هذا الحديث اخرجه ابو داوود سكت عنه وقد صحح اسناده جمع من اهل العلم كالامام النووي كما حسنه الشيخ ناصر الدين الالباني وقال ابن الملقن روي مرسلا ومتصلا وقال ابو حاتم المرسل اصح وفي اسناده علي ابن قادم صويلح يقول كان اذا استسقى اي طلب الغيث عند الحاجة اليه طلب السقيا ومثل هذا التركيب عرفنا انه يدل على المداومة والتكرار كان اذا استسقى فهو يكرر مثل هذا الدعاء صلى الله عليه وسلم في استسقائه فيقول عليه الصلاة والسلام اللهم اسق عبادك وبهائمك اسق عبادك من الرجال والنساء العبيد الاماء صغار الكبار وهذه الاضافة مناسبة في هذا المقام ليست اضافة تشريف وانما هذا اضافة خلق ويكون فيه ايضا من المعنى الزائد ان هذا مقام استرحام طلب الرحمة فهؤلاء عبادك الى من يلجأون الى من تكلهم فهم خاضعون لعظمتك وجلالك وهذه العبودية للسيد يقوم على عباده يقوم على شؤونهم يعطيهم يطعمهم يسقيهم يصلح احوالهم. فيقولون نحن عبادك يا رب قد افتقرنا الى رحمتك وقد توجهنا اليك لتسقينا اسق عبادك وبهائمك اهائم هنا يدخل فيها جميع دواب الارض من ذوات الاربع وغيرها وان كان هذا اللفظ قد يطلق في الاصطلاح العرفي يعني في بعض العرف على نوع منها. فقد يطلق ذلك على خصوص ما له اربع قوائم ولو كان في الماء يعني مما يعيش في الانهار او البحار وقد يطلق على كل حي لا يميز البهيم يعني الذي لا عقل له الذي لا يعقل من جميع انواع الحيوانات من بهيمة الانعام والسباع والدواب بمختلف انواعها وهذا والله اعلم كانه اليقظ بالمقام لان جميع هذه البهائم محتاجة الى السقيا وجعل ذلك مقابلا لما ذكر من العباد عبادك وبهائمك. يعني اسقي البشر وغير البشر من الحيوانات والدواب ونحوها وانشر رحمتك والرحمة هنا يدخل فيها دخولا اوليا الغيث وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته فهو مظهر من مظاهر الرحمة يرحم الله عز وجل بها من شاء من عباده يعني ابسط بركات الغيث ومنافع هذا المطر على العباد انشر رحمتك بعد ما سأل السقيا فان الناس قد يسقون وقد ينزل المطر ولكن لا يكون رحمة لهم اما لما يحصل بسببه من الضرر العام او لما يكون او لكونه لا يحصل بسببه نفع تنزل الامطار وكأن الارض لم تمطر كما نشاهد في هذه السنوات في اغلبها والله المستعان انشر رحمتك فاذا سأل الانسان ربه الغيث فانه لا يقول اللهم انزل علينا المطر وانما يقول اللهم اغثنا اللهم اغث عبادك وبهائمك ويقول وانشر رحمتك لان ذلك اذا انفك عن الرحمة فانه يكون لغرق وهدم او لا يكون فيه او لا يكون فيه نفع واحي بلدك الميت. لاحظ عموم هذا الدعاء فاشتمل على ما يحصل به الاغاثة من حاجة العباد ومن حاجة الدواب والبهائم وكذلك حاجة الارض احي بلدك الميت فهذه الارض تكون ممحلة هامدة لا نبات فيها فاذا نزل عليها الغيث اهتزت يعني بالنبات وربت انتفخت وارتفعت لحركة النبات في اسفلها او تحتها ثم بعد ذلك تنشق الارض عن مسمار النبات تخرج الارض بركتها وتنبت من كل زوج بهيج واحيي بلدك الميت بانبات الزرع بعد موت هذه الارض وجذبها فانظر الى اثار رحمة الله كيف يحيي الارض بعد موتها وانشر رحمتك هذه اثار رحمته تبارك وتعالى والله الذي ارسل الرياح فتثير سحابا فسقناه الى بلد ميت فاحيينا به الارض بعدا موتها وهكذا كما في قوله تبارك وتعالى واحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج هذه الارض الميتة ينزل عليها المطر فتتحول الى شيء اخر نباتات جميلة خظرا مونقة ولم يكن بها شيء فهذا يدل على قدرة الله عز وجل على احياء الموتى وبعثهم من قبورهم كما يخرج هذا النبات من هذه الارض الممحلة هذا الحديث يدل على استحباب هذا الدعاء في الاستسقاء بعد ذلك يأتي الباب الذي بعده وهو الدعاء اذا رأى المطر تلك الاحاديث الثلاثة هي حينما يطلب المطر يستسقي. فاذا نزل المطر ماذا يقول جاء في حديث عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كان اذا رأى المطر قال اللهم صيبا نافعا اللهم يعني يا الله صيبا نافعا. هذا اخرجه البخاري في صحيحه كان اذا رأى المطر كما قلنا يدل على الخصب والنفع اذا نافعا لا يكون مغرقا وهذا من التتميم لقوله صيبا لان الصيب مظنة للمطر للضرر فقال صيبا نافعا يعني لا يحصل به هدم ولا غرق ولا تعطل السبل المداومة والتكرار ان ذلك من هديه وعادته صلى الله عليه وسلم اذا رأى المطر فلا يقال ذلك بعد الاستسقاء اذا نزل المطر فحسب وانما اذا رأى المطر قال ذلك كل ما نزل مطر رآه قال ذلك ولا يكون ذلك في اول نزول له. وانما يتكرر مع تكرره والقاعدة ان ما علق على الشرط مثل هذا اذا رأى المطر فانه يتكرر بالتكرره اذا سمع النداء قال من يعني فمثل هذا ليكونوا بهذا الاعتبار اذا رأى المطر المقصود به الماء النازل كما هو معروف وفسره بعضهم بتفسيرات على كل حال هذا لا يخفى يقول اللهم صيبا اصله صيوب الصيب المقصود به المطر اللهم صيبا لكن فيه زيادة على معنى المطر وكما هو معلوم من ان اللغة لا يكاد يوجد فيها شيء من الالفاظ المترادفة يعني لفظة تطابق الاخرى بمعناها مطابقة كاملة من كل وجه. لكنها تفي بمعناها الاصلي ولكن يبقى هناك معاني خادمة معاني تكميلية ثانوية تختص بها كل لفظة. فالصيب هو المطر لكن الصيب فيه زيادة على معنى المطر ولذلك قيده بعضهم بالكثير قالوا لان هذه اللفظة تشعر بذلك فهو صيوب هو كثير الهطول والنزول لانه يصوب يعني ينزل ويقع في اللفظ فيها في بنائها ما يدل على الكثرة والشدة اذا هو المطر الكثير اللهم صيبا نافعا يعني مطرا وفيرا كثيرا نافعا ولا يكون هذا المطر مطرا يسيرا خفيفا ومن يعرف المطر ويعرف الارظ ويعرف حاجة الارظ وحاجة الناس وعايش هذه الامور وعاناها انه يعرف ان الامطار التي تنزل قليلة وما تلبث ان تنقطع وتنقضي ان مثل هذا لا تنتفع به الارض انتفاعا كبيرا لا فيما يتصل بما تحويه في جوفها من المياه التي يسلكها الله عز وجل فيها ولا فيما يتعلق بانتفاع الشجر والارض بهذا المطر المطر اذا كان كثيرا ظهرت اثاره ظهرت اثاره فيما يختزن في باطن الارض وظهرت اثاره فيما تراه العيون يعني الابار التي تجف عشرات السنين اذا نزل المطر الكثير رأى الناس الماء فيها وما رأوه قبل اربعين سنة يظهر الماء بهذه الابار؟ من اين ظهر؟ لان الارظ صار الماء في بطنها النباتات التي او الاشجار او التي تحتاج الى ما ان كثير هذه قد لا يجدي معها كثيرا الماء اليسير. هذا المطر القليل ينبت الربيع ربما وقد لا ينبت شيئا اذا نزعت منه البركة فهذا ينبت الربيع يخرج به الازهار ونحو ذلك لكنه يضمحل اذا تحول الهواء وبدأ الحر ويتحول الى هشيم تذروه الرياح لكن المطر الكثير الذي تنتفع به الاشجار ويبقى سائر العام هذا لابد ان يكون مطرا وفيرا كثيرا غزيرا وهذا يعرفه من له اشتغال بالزراعة او اشتغال بالرعي او غير ذلك مما له تعلق بالمطر فهنا يدعو ان يكون صيبا يعني كثيرا وكذلك ان يكون نافعا فقد يكون صيبا ولكنه لا ينفع فسؤال النفع في هذا المطر لانه قد يكون ضارا وقد لا يكون ضارا ولكنه يكون عديم النفع لا ينتفع الناس به نزل مطر كثر وتتابع ولكن لم يظهر اثره. كانه لم ينزل لنزع البركة نزع البركة والبركة لو وجدت في القليل لبان وظهر اثره من التواريخ التي عرفت في بلاد نجد في هذا العصر بالقرن الماضي يؤرخ بها الناس الى اليوم سنة هم يعبرون كانوا يؤرخون سنوات حصلت فيها احداث غير عادية وهناك سنوات حصل فيها امراض وموت كثير فكانوا يؤرخون بها هناك سنوات حصلت فيها حروب سنوات حصل فيها جوع شديد وقحط شديد فيؤرخون بها هذه تواريخ معروفة عندهم من هذه السنوات التي يؤرخون بها سنة يقال لها سنة الدمنة هذه سميت بهذا لانه نزل مطر خفيف جدا خفيف جدا بحيث انه اعزكم الله اذا رفع ضمن الغنم لا يرى تحته شيء يعني جاف لخفة المرض المطر الذي نزل ولكنه شوهد من الربيع والنبات والكمأ في تلك السنة ما لا يقادر قدره حتى ان الناس كانوا يأخذون الكمأ ويجدونه في الليل والراكب على راحلته هذا الكلام قبل اكثر من سبعين سنة الراكب على الدابة على الراحلة يجد رائحة الكمأ وهو يسير بالسفر او نحو ذلك وكانت سنة خصب وخير كثير حصل للناس. وما نزل الا مطر يسير لو قلبت هذه التي هي فضلات الغنم لما شوهد تحتها شيء يعني تحتها جاف لان المطر اللي نزل هو عبارة عن اشبه ما يكون الطلق ومع ذلك حصل به هذا وانما يكون به الانتفاع اجعله تقدير هكذا صيبا نافعا يعني اجعله اللهم صيبا نافعا يعني اجعله صيبا نافعا كما يدل على ذلك بعض الروايات كما في بعض السنن عند النسائي وابن ماجة وكذلك عند البيهقي اجعله صيبا نافعا هذا المعنى. اللهم صيبا نافعا يعني اجعله صيبا آآ نافعا او اسقنا صيبا نافعا او نسألك صيبا نافعا ويحتمل ان يكون ذلك على تقدير انه حال اللهم انزله حال كونه صيبا نافعا انزل علينا المطر حال كونه صيبا نافعا وعلى كل حال مثل هذا الدعاء فيه من المعاني والفوائد والاداب ما لا يخفى فاذا سأل المؤمن المطر او يسأل كثرة المطر ويسأل ايضا مع ذلك النفع ويسأل البركة فنسأل الله عز وجل ان يغيث قلوبنا وبلادنا وبلاد المسلمين وان يعيننا واياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته طيب السلام عليكم