الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فهذا باب الذكر بعد نزول المطر اورد المؤلف حديثا واحدا وهو حديث زيد ابن خالد الجهني رضي الله عنه انه قال صلى لنا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم صلاة الصبح بالحديبية على اثر سماء كانت من الليلة فلما انصرف اقبل على الناس فقال هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا الله ورسوله اعلم قال اصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فاما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب واما من قال بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب. هذا الحديث اخرجه الشيخان البخاري ومسلم قوله صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح بالحديبية صلى لنا يعني اماما صلاة الصبح بالحديبية والحديبية ناحية معروفة قريبة من مكة بعضها من الحل وبعضها من الحرم وهي تبعد من ناحية الغرب عن مكة بنحو اثنين وعشرين كيلا اتنين وعشرين كيلو متر من ناحية الغرب على طريق جدة القديم يمر الطريق بها ثم عنها قريبا تأتي بعدها حد ثم بعد ذلك تأتي بحرة ثم وهي منتصف الطريق ثم بعد ذلك تأتي ام السلم ثم بعد ذلك جدة وهي التي وقع فيها الصلح صلح الحديبية الذي نسب اليها وفي الطريق الجديد هي من ناحية ما يعرف الان بالشميسي الطريق الذي يأتي الى مكة وتكون الى ناحية اليسار في الداخل من الداخل صلى بهم صلى الله عليه وسلم هناك على اثر سماء يعني مطر فالمطر يقال له سماء اذا نزل السماء بارض قوم رأيناه ولو كانوا غضابا وذلك ان كل ما كان في العلو يقال له سماء ولما كان المطر في السحاب فقيل للنازل سما على اثر سماء عقب مطر واثر يقال اثر يعني عقب ويقال اثر ايضا بالفتح يعني ايضا بنفس المعنى بعد فهما لغتان بالفتح والكسر تقول جاء فلان على اثر فلان يعني بعده وجاء فلان على اثري فلان كل ذلك صحيح خرج في اثره وخرج في اثره يعني بعده شاهد ان النبي صلى الله عليه وسلم سأل اصحابه لما انصرف من الصلاة على اثر سماء كانت الليلة والليلة تقال عند العرب التي سبقت يومها فهذه الليلة التي نحن فيها الان بعد صلاة العشاء هذه تابعة لليوم الذي بعده وهو يوم الجمعة هذه ليلة الجمعة يصلى فيها على النبي صلى الله عليه وسلم وايضا يقرأ فيها سورة الكهف كما يقرأ في يوم الجمعة كما دل على ذلك الحديث فاذا اصبحنا تقول بت الليلة في مكان كذا يعني الليلة التي مضت انقضت فصرت في صبيحتها فهنا فلما انصرف اقبل على الناس فقال هل تدرون ماذا قال ربكم؟ اقبل على الناس يعني بوجهه صلى الله عليه وسلم وهذا هو المشروع ان الامام بعد ما ينصرف من الصلاة يستقبل الناس اتدرون ماذا قال ربكم؟ هذا في اثبات صفة الكلام والقول لله تبارك وتعالى على ما يليق بجلاله وعظمته وان كلامه يتعلق بارادته ومشيئته. يتكلم متى شاء كيف شاء بما شاء اتدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا الله ورسوله اعلم هذا من ادب اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهذا امر غيبي لا يطلعون عليه وانما يكون بطريق الوحي فاذا جاء مثل هذا؟ فالجواب وكذلك لما لا يعلمه الانسان يقول الله اعلم متى يقول الله ورسوله اعلم ليس ذلك في كل شيء. في مثل هذه القضية التي سألهم عنها النبي صلى الله عليه وسلم قالوا الله ورسوله اعلم لانه سألهم ليخبرهم فاذا سئلت عن حكم شرعي لا تعرفه يمكن ان تقول الله ورسوله اعلم. لكن حينما يقال لك هل سافر زيد ال زيد موجود او سافر؟ ما يجوز ان تقول الله ورسوله اعلم. لان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم عن حال زيد انما الله اعلم الله اعلم هل ستذهب غدا ستسافر غدا ما يصح ان تقول الله ورسوله اعلم وانما تقول الله اعلم وانما نقول الله ورسوله اعلم فيما يتعلق بالحكم الشرعي وما الى ذلك قال اصبح من عبادي مؤمن بي وكافر مؤمن بي وكافر. هذه جملة مبهمة فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بما بعدها مؤمن بي وكافر. كافر يعبد الاصنام مؤمن يؤمن بالله وحده لا شريك له الا هذا هو المقصود قال صلى الله عليه وسلم فاما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب واما من قال بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب وهنا يقول اصبح من عبادي يعني بعض العباد فمن تبعيضية مؤمن بي وكافر يعني كافر بي يعني ان بعضهم كافر بالله تبارك وتعالى او ان بعضهم مؤمن بالله وكافر بغيره كما ان بعضهم كافر به ومؤمن ب غيره يقول بان من قال مطرنا بنوء كذا وكذا مطرنا بنوء كذا وكذا بنوء كذا وكذا ما المراد به انه المقصود به يعني سقوط النجم وطلوع ما يقابله من الناحية الاخرى فهذا يعني بمعنى مطرنا بطلوع نجم وسقوط اخر فالنوم كما يقول الازهري رحمه الله هو سقوط نجم في المغرب وطلوع ما يقابله في ناحية المشرق فالساقطة في المغرب اللي تغيب يعني هي الانواع هي الانواع. والطالعة في المشرق يقال لها البوارح فهذه النجوم لها اسماء كما هو معروف هذه الانواع كان لها اسماء والعرب كانوا يستسقون بالانواع يستسقون بالانواع وهذا من الشرك بالله تبارك وتعالى وكما يدل عليه هذا الحديث فاضافوا السقيا والمطر الى النجم ولم يضيفوا ذلك الى الله تبارك وتعالى فكان ذلك كفرانا منهم. قال فذلك بي مؤمن الكوكب. هؤلاء كما قال الله تبارك وتعالى وتجعلون رزقكم انكم تكذبون يعني التكذيب قال بعض المفسرين المعنى وتجعلون شكر ما رزقكم الله تبارك وتعالى من الغيث انكم تكذبون يعني تنسبون ذلك الى النجوم تضيفون ذلك الى غير الله تبارك وتعالى. فهذا يدل على ان القول قول الانسان مطرنا بنوء كذا ان هذا كفر. لكن هل هذا الكفر يكون من قبيل الكفر المخرج من الملة او انه غير مخرج من الملة هذا فيه تفصيل كما ذكر اهل العلم كالنووي وغيره في تفصيل فان قال ذلك معتقدا ان هذه الانواع ذات تدبير مع الله تبارك وتعالى وان ذلك يضاف اليها. باعتبار انها مؤثرة من دون الله عز وجل فهي التي تنزل المطر فهذا كفر اكبر وهو شرك في الربوبية يعني يعتقد القائل ان مع الله مدبرا اخر في هذا الكون ان هذه الانواع تتصرف تنزل المطر وتتصرف مع الله تبارك وتعالى في تدبير في تدبير امر الخليقة وهذا لا يجوز بحال من الاحوال. هؤلاء يعتقدون ان منشأ المطر هو هذا النوع اه هو هذا النوء كما يزعم اهل الجاهلية وهذا النوع كفر اكبر كما قال الامام الشافعي وجماهير اهل العلم ولا شك انه كفر. النوع الثاني من يعتقد ان الذي ينزل المطر هو الله وحده لا شريك له وانه لا مدبر معه وانما يقول مطرنا بنوء كذا بنجم كذا يقصد بذلك التوقيت يعني على طلوع النجم. في وقت النجم الفلاني فهذا يكون من قبيل شرك الالفاظ يعني انه ليس بكفر اكبر مخرج من الملة ولا يكفر قائله ولكنه لا يجوز له ان يقول ذلك لانها كلمة موهمة وقد شابه فيها الكفار باضافة النعمة الى غير مسديها فهذا لا يجوز لاحد ان يتفوه به ولو كان يقصد ولو كان يقصد ان منزل المطر هو الله لكن هذا هو التوقيت فقط فلا يجوز اضافة ذلك الى غير الله ولهذا جاء في بعض الروايات اصبح من الناس شاكرا وكافرا فذكر الشكر والكفران مما يدل على انه من قبيل كفر النعمة لمن لا يعتقد ذلك. وفي بعض الروايات ما انعمت على عبادي من نعمة الا اصبح فريق بها كافرين طريق بها كافرين. يقول الامام الشافعي رحمه الله لا احب لاحد ان يقول مطرنا بنوء كذا. وان كان النوء عندنا الوقت والوقت مخلوق لا يضر ولا ينفع ولا يمطر ولا يحبس شيئا من المطر. وانما يقول مطرنا وقت كذا. كما يقول بشهر كذا. ومن قال مطرنا بنوء وهو يريد ان النوم انزل الماء فهو كافر حلال دمه ان لم يتب هذا كلام الشافعي. وقد كان السلف رضي الله عنهم ينكرون مثل هذه العبارات الحسن البصري رحمه الله سمع رجلا يقول طلع سهيل وبرد الليل سهيل النجم المعروف الذي يخف فيه شدة الحر واذا ظهر كما يقال ظهرت العاهة يعني ما في بطون الدواب ونحو ذلك من العاهات والامراض كالجرب ونحو ذلك يظهر على ظاهريها على جلدها ونحو ذلك فالحاصل انه او توقيت فقط فماذا قال الحسن رحمه الله لما قال هذا الرجل طلع سهيل وبرد الليل كره ذلك وقال ان سهيلا لم يأت قط بحر ولا برد مع ان العبارة يقصد التوقيت انه في وقت كذا مثل ما يقال مثلا اذا صارت الساعة العاشرة صباحا اشتدت الرمظاء اذا صارت الساعة الثانية عشرة او السماء الشمس في كبد السماء صار ذلك منتهى الحر اذا صار ظل كل شيء مثليه برد الهواء وخف الحر يعني وقت العصر فمثل هذا هو من قبيل التوقيت ولكن مثل هذه العبارات ظاهرها اضافة هذه الامور الى غير المدبر المتصرف في هذا الكون سبحانه وتعالى. وكره الامام ما لك ان يقول الرجل للغيم او السحابة ما اخلقها للمطر. يعني ما احراها بان تمطر لئلا يضاف ذلك الى السحاب ونحن نشاهد السحاب يأتي السماء ملبدة بالغيوم وفي هيئة ممطرة ثم لا ينزل منه قطرة ويتجاوز الناس. فهذه امور مرجعها الى الله تبارك وتعالى. فكان السلف يحتاطون في مثل لهذه القضايا وقد قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله بان هذا كثير جدا في الكتاب والسنة يعني من النهي عن اضافة النعمة الى غير المنعم فيكون اشراكا بالله تبارك وتعالى تارة يكون من قبيل الاكبر الشرك الاكبر وتارة من قبيل الشرك الاصغر يقول شيخ الاسلام وقد قال بعض السلف كقولهم كانت الريح طيبة والملاح حاذقا يعني راكب السفينة ووصلوا الى مطلوبهم ومرادهم قالوا كانت الرياح طيبة والملاح حاذقا كأنهم يضيفون النجاة والسلامة الى الريح والملاح وقل مثل ذلك في امثلة يقولها الناس وقد ذكر الشيخ محمد الامين الشنقيطي رحمه الله في كتابه اضواء البيان ايضا امثلة من ذلك وربط هذا بقوله تبارك وتعالى وهو الذي ارسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وانزلنا من السماء ماء طهورا لنحيي به بلدة ميتة ونسقيه مما خلقنا انعاما واناسيا كثيرا. ولقد صرفناه بينهم ليذكروا يعني المطر فابى اكثر الناس الا كفورا. يقول الشنقيطي رحمة الله عليه يدخل فيه من قال مطرنا بنوء كذا ولقد صرفناه بينهم فابى اكثر الناس الا كفورا يقول ومن قال مطرنا بالبخار يعني ما يقوله اهل الطبيعة او العلوم الطبيعية كما يقال يعني يزعمون ان الطبيعة هي التي انتجت المطر. يقولون مياه البحار تتبخر ثم تصعد الى اعلى ثم بعد ذلك تتكثف ثم بعد ذلك تتحول الى سحب يحصل لهذه السحب احوال واطوار حتى تمطر فيقول اضافة ذلك الى الطبيعة والى انه مجرد بخار يصعد ثم ينزل بان هذا يدخل في هذه الاية. مع انه لا ينكر ان هذه السحب تتكون من امور متعددة منها ما يتصاعد من الابخرة وهذا امر يعرفه اهل الجاهلية يعني قبل اهل العلوم العصرية كما يقول الهزلي عن السحب شربنا بماء البحر ثم ترفعت متى لجج بيض لهن نأيج اللجج البيض يعني السحب الكبار لها نائيج فهي مليئة بالمطر. هذا شاعر جاهلي يذكر تبخر المياه شربنا بماء البحر يعني السحب حتى ترفعت متى لجج بيض لهن نئيج هذه السحب العظام الكبار. فاهل الجاهلية كانوا يعرفون مثل هذه القضية. لكن الشيخ رحمه الله يقصد ان المطر لا يكون بامر يجري في الطبيعة من غير مدبر خالق وهو الله سبحانه وتعالى. هذا هو المراد والا بين البحار تتبخر وتتكون السحب من البحار ومن غيرها ولكن الله هو الذي يدبر هذا الكون لكن لا يسند ذلك الى الطبيعة فيكون ذلك من قبيل الكفر بالمنعم المدبر المتصرف جل جلاله وتقدست اسماؤه على كل حال بهذا نعرف ان هذه المقولة لا تصح مطرنا بنوء كذا وما كان على شاكلتها فان ذلك يكون على حال تارة يكون من الكفر والشرك الاكبر وتارة يكون من الاصغر. على كل حال هنا الايمان مؤمن بي او الذي يعترف بفضل الله عز وجل وينسب النعم اليه انه هو منزل المطر منزل الغيث انه هو المتصرف سبحانه وتعالى فهو مالك كل شيء هو الخالق المدبر لشؤون العالم. هذا الايمان هنا مؤمن بي مطرنا بفضل الله ورحمته لا علاقة للكواكب بهذا. وقل مثل ذلك اولئك الذين يعتقدون او لربما يفعلون ذلك من باب قضاء الاوقات يزعمون ان من ولد في برج كذا انه يكون من طبيعته كذا ومن ولد في برجي كذا يكون من طبيعته وهذا يفشو بين الشباب والفتيات وهذا لا يجوز وهو داخل في الكهانة وذلك من ادعاء علم الغيب ومن اضافة التدبير والتصرف والتأثير الى هذه الابراج وهذا من قبيل الشرك هذا من قبيل الشرك فينبغي الحذر من مثل هذا وللاسف كثير بين الشباب والفتيات عبر مواقع وايضا مجلات اظهر ذلك مما يقال فيه ذلك او يكتب على كل حال. هذا الحديث يعلمنا هذا الادب ان نقول مطرنا بفضل الله وبرحمته اسأل الله تبارك وتعالى ان ينفعنا واياكم ما سمعنا اجعلنا واياكم هداة مهتدين والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه