الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته هذا باب ما يقول من اتاه امر يسره او يكرهه واورد فيه المؤلف حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا رأى ما يحب قال الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات واذا رأى ما يكره قال الحمدلله على كل حال هذا الحديث اخرجه ابن ماجة والحاكم وابن السني بعمل اليوم والليلة وقد جود اسناده الامام النووي والعيني وقال ابن عساكر حسن غريب وصححه السيوطي والالباني في بعض كتبه مع انه قال اعني الالباني قال في بعض المواضع يمكن تحسينه وقال في موضع اخر حسن وقال في موضع اخر ضعيف قولها رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا رأى ما يحب قال مثل هذا التركيب كما عرفنا يدل على انه كان من عادته اذا رأى ما يحب قال الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وفي بعض الالفاظ والروايات كان اذا اتاه الامر يسره في بعضها اذا اتاه الشيء يسره قال الحمد لله الذي بنعمته تتم والصالحات يعني تقع الامور المحبوبة فذلك تفضلا منه جل جلاله وتقدست اسماؤه على عباده فهو يحسن اليهم وييسر لهم الاسباب التي توصلهم الى المحاب والمسار ويدفع عنهم الضر ويرفع عنهم الكربات والشرور وما الى ذلك واذا اتاه الامر يكرهه وفي اللفظ الاخر واذا رأى ما يكره قال الحمد لله على كل حال اذا رأى ما يكره بنفسه اذا رأى ما يكره في غيره من الامور التي تقع للانسان في نفسه في ولده في ماله وما يقع ايضا لمن يحتفوا به فيقول الحمد لله على كل حال وذلك انه تبارك وتعالى انما يقضي لحكمة وعلم وبصر نافذ بخلقه جل جلاله وتقدست اسماؤه فافعاله تبارك وتعالى خير وانما يقع المكروه والشر في مفعولاته لا في افعاله وسواء علم العبد ما في مضامين ذلك من الخير او لم يعلم فان النبي صلى الله عليه واله وسلم قال عجبا لامر المؤمن ان امره كله له خير ان اصابته سراء شكر فكان خيرا له وان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له. ولاحظ في هذه المواضع الثلاثة عجبا لامر المؤمن ان امره كله له خير له قال له ما قال عليه فذكر السراء قال كان خيرا له اذا شكر وان اصابته الضراء صبر فكان خيرا له فذلك يكون للمؤمن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فالمؤمن يتقلب في في احوال من العبودية في حال السراء وفي حال الضراء والله تبارك وتعالى محمود في ابتداء الخلق وانتهاء الخلق واستمرار الخلق وهو محمود على ما انزل من الشرائع ومحمود على كل على كل الاحوال وهذا يدل على ان الشدائد التي تقع في الدنيا يلزم يلزم العبد الشكر عليها. لانها تفضي به الى منافع عظيمة اذا صبر واحتسب ذلك عند الله تبارك وتعالى ويكون العاقبة لاهل الايمان من اهل الصبر والاحتساب واليقين ويكون لهم الثواب الجزيل وما الى ذلك من حسن العاقبة وقد ذكر الحافظ ابن القيم رحمه الله تبارك وتعالى ما يمكن ان يوجه به هذا يعني ان الله تبارك وتعالى محمود على كل حال. فيقول اذا رأى ما يكره الحمد لله على كل حال وذلك ان الله تعالى موصوف بكل بكل كمال وهو منزه عن كل عن كل نقص وعيب. فكما انه موصوف في افعاله بكل حمد وحكمة وغاية محمودة فهو منزه فيها عن كل عيب وظلم وقبيح وبهذا استحق ان يكون محمودا على كل حال وان يكون محمودا على المكاره كما هو محمود على المحاب الى اخر ما ذكر رحمه الله. والمقصود ان الله محمود في السراء وهو محمود ايضا في الضراء فيحمد في السراء حمد شكر واما في الضراء فيحمد حمد تفويض والصبر لان الشيء الذي يضر الانسان قد لا يتبين يعني الشيء الذي يكرهه قد لا يتبين له وجهه وما فيه من المصلحة له ولكن الله تبارك وتعالى عليم حكيم يضع الامور في مواضعها ويوقعها في مواقعها فاذا وقع للانسان المرض او وقع له خسارة في تجارته او نحو ذلك فلا ينبغي للانسان ان ييأس وان يقنط وان يسوء ظنه بربه تبارك وتعالى وان الله اراد ان يكسره او نحو ذلك من الظنون السيئة التي لا تليق بالله تبارك وتعالى. فتدبيره جل وعلا مبناه على العلم والحكمة. اذا هذا التدبير لامر الخليقة انما هو تدبير على وجه من الكمال الذي لا يعتريه نقص بحال من الاحوال. واذا كان كاملا في تدبيره وافعاله وتصريفه لامور فهذا يقتضي ان ان يحمد فاذا كان العبد يرى الامور المحبوبة فيحمد عليها فكذلك اذا رأى الامور المكروهة عليه ان يحمد الله تبارك وتعالى عليها. وقد ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ان الرضا وان كان من اعمال القلوب يقول فكماله هو الحمد كمال الرضا يقول حتى ان بعضهم فسر الحمد بالرضا فسر الحمد بالرضا ولهذا جاء في الكتاب والسنة حمد الله على كل حال وذلك يتضمن الرضا بقضائه. وفي الحديث اول من يدعى الى الجنة الحمادون. الذين يحمدون الله في السراء والضراء. وجاء ايضا عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان اذا اتاه الامر يسره وذكر شيخ الاسلام رحمه الله هذا الحديث فهذا كله يدل على كماله تبارك وتعالى. وقد جاء في المسند مسند الامام احمد من حديث ابي موسى الاشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا قبض ولد العبد يقول الله لملائكته اقبضتم ولد عبدي؟ فيقولون نعم. فيقول اقبضتم ثمرة فؤاده فيقولون نعم. فيقول ماذا قال عبدي؟ فيقولون حمدك واسترجع يعني قال انا لله وانا اليه راجعون فيقول ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت بيت الحمد. سموه بيت الحمد. والنبي صلى الله عليه وسلم هو صاحب لواء الحمد وامته هم الحمادون الذين يحمدون الله تبارك وتعالى على السراء والضراء ثم ذكر شيخ الاسلام ان الحمد على الضراء يوجبه مشهدان. يعني ان يستحضر العبد بقلبه امرين الاول ان يعلم بان الله تبارك وتعالى مستوجب لذلك. وانه مستحق له تمام الاستحقاق فانه احسن كل شيء خلقه واتقن كل شيء وهو العليم الحكيم الخبير الرحيم. فهو مستوجب الحمد والثاني مما يستحضره العبد ويوجب له الحمد في حال الضراء وعلمه بان اختيار الله لعبده المؤمن خير من اختياره لنفسه يعني الاول ان تستحضر ان ربك تبارك وتعالى مستحق للحمد وانه قد احسن كل شيء خلقه وانه عليم حكيم وان نفعله كاملة اذا يستحق الحمد الامر الثاني ان تستحضر بان اختيار الله لك خير من اختيارك لنفسك. واذا كان الامر كذلك فلماذا يتسخط الانسان ولماذا ييأس ولماذا يقنط ولماذا يسوء ظنه بالله جل جلاله وتقدست اسماؤه فاذا وقع له المرض يعلم ان الله ساق له هذا ليرفعه. لا ليكسره وهكذا اذا وقع له المكروه مات له ولد او نحو ذلك فانه يحمد الله عز وجل ويسترجع ويصبر ويحتسب فان هذا الجزع لا يرد له المفقود لا يرد له الفائت ويعلم ان الله تبارك وتعالى قد اختار له ذلك عن علم وحكمة ليست هذه الاقدار خبط عشواء من تصب تمته ومن لا تصب من الناس يسلم كما يقول شاعر الجاهلية واما ما يقوله بعض الناس الحمد لله على كل حال هذا قد ذكر بعض اهل العلم كالشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله عفوا ما يقوله بعض الناس من قولهم الحمدلله الذي لا ايحمد على مكروه سواه فان بعض اهل العلم ذكر بان هذه الكلمة غير صحيحة وانها لم ترد وان معناها غير صحيح وانما يقال الحمد لله على كل حال لماذا هذه الكلمة؟ الحمد لله الذي لا يكره الذي لا يحمد على مكروه سواه ليست كما ينبغي باعتبار انها تحمل في مضامينها رسالة للسامع كأن هذا الانسان يقول بان الله عز وجل قد ساق له المكروه والشر والضر وما الى ذلك كأنه يوصل الى السامع ان الله قد ساق له المكروه فيقول انا في شدة انا في كرب انا في مكروه الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه السامع مباشرة يتبادر الى ذهنه ان هذا الانسان ليس في عافية وانه في حال من الشدة وما يكرهه ومثل هذا لا يكون من الشكر ولا يكون من الحمد الحقيقي الذي يكون مفضيا بالعبد الى الرضا كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله. لكن هو يقول انا في مكروه والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه يقولها وهو يستشعر ما هو فيه من الشدة فهذا لا يكون حال من كان راضيا صابرا وانما يحمد وفي ضمن ذلك هذه الرسالة التي يوصلها الى السامعين. هذا والله تعالى اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه اللهم صلي على محمد لا اله الا الله السلام عليكم