الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته في هذه الليلة ساشرع في الحديث عن باب الدعاء يوم عرفة وذلك انه في ايام الحج تحدثت عن الاذكار المتعلقة بالحج ثم بعد ذلك بقي هذا الباب وبابين بعده بس اتحدث من هذا الموضع الى اخر الكتاب ان شاء الله تعالى في الليالي الاتي ففي هذا الباب باب الدعاء يوم عرفة اورد فيه المؤلف حديث عمرو ابن شعيب عن ابيه عن جده ان النبي صلى الله عليه وسلم قال خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت انا والنبيون من قبلي لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير هذا الحديث اخرجه الترمذي وقال غريب من هذا الوجه فيه حماد ابن ابي حميد وليس بالقوي عند اهل الحديث وذكر ايضا ابن الملقن نحوا من ذلك ونقل كلام الترمذي وكذلك ايضا ضعفه الحافظ ابن حجر وذلك لي هذا الراوي حماد ابن ابي حميد باسناده وكذا ايضا المناوي والذهب ومن المعاصرين ممن ضعفه سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله وقد حسن هذا الحديث الشيخ ناصر الدين الالباني وقال في موضع حسن لغيره وقبله المنذر وهو عنده صحيح الاسناد او حسن او ما قاربهما قوله عليه الصلاة والسلام خير الدعاء دعاء يوم عرفة خير الدعاء يعني افضل الدعاء وذلك لان يوم عرفة فيه من الفضل وله من المنزلة ما لا يخفى فذلك اجزل اثابة واعجل اجابة خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت انا والنبيون من قبلي لا اله الا الله وحده لا شريك له يعني خير ما قلت بمعنى خير ما دعوت هذا يحتمل لانه قال خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت انا والنبيون من قبلي يعني خير ما دعوت به انا والنبيون من قبلي فيكون ذلك بيانا لهذا الدعاء وهو قول لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير فهذا الذكر يكون بهذا الاعتبار من جملة الدعاء بل هو افضل الدعاء وهذا يرد عليه اشكال معروف عند اهل العلم وهو ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر هذا الذكر لا اله الا الله ولم يذكر دعاء فكيف قال وخير ما قلت انا والنبيون من قبلي لا اله الا الله فهذا ليس فيه سؤال الدعاء الصريح والعلماء رحمهم الله اجابوا عن ذلك باجوبة معروفة فبعضهم قال ان ذلك على سبيل التعريض يعني انه معرض السؤال حينما يقول لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يكون من قبيل التعريض بالسؤال. يعني اذا كان او المعبود وحده وان الملك له دون ما سواه وكذلك له الحمد على كمالاته ومنها العطاء والكرم والافضال والجود وهو على كل شيء قدير يعطي ويغني ويعافي فيكون ذلك من قبيل التعريض الدعاء يعني كانه يقول انا معترف بهذه الاوصاف والكمالات لمن يملكها ويتصف بها فكأنه يقول انا فقير الى جودك وبرك واحسانك ويشبهه ايضا قول من قال بان ذلك باعتبار ان الدعاء يشمل النوعين وهذا اوضح يشمل النوعين دعاء المسألة ودعاء العبادة. دعاء المسألة ان يقول يا رب ارزقني يا رب عافني يا رب اغنني يا رب اغفر لي ودعاء العبادة ان يقرأ القرآن او ان يذكر الله عز وجل يقول لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير او ان يصوم او ان يصلي او ان يعمل عملا من اعمال البر فهذا العمل الذي يعمله حينما يقوم ويقعد ويركع ويسجد او حينما يصوم يوما او يقرأ في كلام الله تبارك وتعالى يتلو القرآن او يذكر ربه هو ماذا يريد يعني حينما نقول هذه الاذكار بعد الصلاة فنحن سائلون بلسان الحال وليس بلسان المقال. بلسان المقول المقال يا رب ارزقني يا رب اعطني يا رب اغفر لي يا رب ارحمني بلسان الحال هو يعمل من اجل ماذا ويصلي من اجل ماذا؟ يصوم من اجل ماذا؟ يتصدق من اجل ماذا؟ هو سائل بفعله يلتمس الطاف الله ورحمته وثوابه فهذا يسأل بالقول وهذا يسأل الفعل الدعاء يشمل النوعين دعاء العبادة ودعاء المسألة فحينما يقول المؤمن او حينما يقول الله تبارك وتعالى وقال ربكم ادعوني استجب لكم ادعوني ما معناه فسر بالمعنيين ادعوني استجب لكم غيره قد يكون افضل في بعض الاحوال وذلك ان المفضول قد يكون فاضلا بالنسبة لبعض الاشخاص او في بعض الاحوال او في بعض الاوقات او في بعض المحال الامكنة يعني فسر اسألوني اجيبكم لانه ذكر الاستجابة وفسر اعبدوني اسيبكم لانه قال ان الذين يستكبرون عن عبادتي هذه قرينة تدل على هذا المعنى. ادعوني استجب لكم والاقرب ان ذلك يحمل على المعنيين وان القرآن يعبر به بالالفاظ القليلة الدالة على المعاني الكثيرة فكل ذلك عبادة وكل ذلك دعاء فالذي يسأل هو في عبادة وهي من افضل العبادات والذي يعمل بطاعة الله عز وجل هو ايضا في عبادة وفي سؤال ودعاء فهذا يدعو بلسان المقال وهذا يدعو بلسان الحال. ادعوني استجب لكم. وهكذا في قوله تبارك وتعالى واذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان. فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون. فهذه فيها القولان كما سبق اذا سألت كعبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداعي اذا دعان. فسر بالعابد اذا عبد عبده انه يثيبه ويعطيه ولا يضيع عمله فهذا العابد سائل بفعله. وفسر ايضا بالمعنى الاخر واذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداعي اذا دعان يعني اذا سأل يا رب فاجيبه لاحظ ماذا قال بعده فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي كثير من اهل العلم من السلف ومن بعدهم قال فليستجيبوا لي يعني بالايمان والعمل الصالح فهذه قرينة على هذا المعنى في ان المراد بالسؤال والدعاء ان المراد به العبادة السؤال بالفعل والواقع ان الاية والله اعلم تشمل النوعين فهنا حينما قال النبي صلى الله عليه وسلم خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت انا والنبيون من قبلي لا اله الا الله وحده لا شريك له فاذا عد ذلك من جملة الدعاء وانه تفسير للدعاء كما يقوله بعض اهل العلم فيقال انه دعاء باعتبار ان الدعاء يشمل دعاء المسألة ودعاء العبادة. فالذكر من جملة دعاء العبادة الذكر من جملة دعاء العبادة لان هذا الذاكر كانه يقول يا رب هو يذكر من اجل طلب الثواب من الله جل جلاله وتقدست اسماؤه فهذا الذكر هو مقارن للدعاء ومشابه له من جهة ان ذلك جميعا يستمد به الالطاف يستمد به ما عند الله تبارك وتعالى ويتوصل به الى المطلوب فسمي بهذا الاعتبار سمي بالدعاء فهذا جواب اخر وهو واضح ذكره جمع من المحققين ولعله اوظح من الاول مع ان الاول قريب. وذكر اهل العلم اجوبة اخرى غير هذا ولكن لا يخلو بعضها من بعد وفي بعضها بعض التكلفات ولم يستبعد بعضهم ان يكون المراد خير ما قلت من الذكر فيكون العطف مغايرا. المعطوف يكون مغايرا للمعطوف عليه يعني النبي صلى الله عليه وسلم يقول خير الدعاء دعاء يوم عرفة يعني افضل الدعاء ان تدعو يوم عرفة فالله تبارك وتعالى ينزل عشية عرفة كما صح النبي عن النبي صلى الله عليه وسلم وفضل ذلك اليوم وما الى ذلك. فالدعاء له اوقات هي مظنة للاجابة كيوم عرفة وكذلك بين الاذان والاقامة وفي السحر في ثلث الليل الاخر وكذلك ايضا يكون في احوال كعند نزول المطر وعند التقاء الصفين في القتال ونحو هذا من الاحوال المعروفة. فتكون مظنة للاجابة فيكون النبي صلى الله عليه وسلم بين امرا وهو ان خير الدعاء دعاء يوم عرفة ثم ذكر افضل ما قال هو والنبيون من قبله افضل المقول سواء كان من الدعاء او من الذكر لا اله الا الله وحده لا شريك له فيكون بهذا الاعتبار الذكر قول وخير ما قلت انا والنبيون من قبلي لا يكون ذلك تفسيرا لما قبله ان خير الدعاء دعاء يوم عرفة وانما هو عطف لامر مغاير يعني هو بين حقيقة ان افضل الدعاء دعاء يوم عرفة ثم قال افادهم فائدة اخرى ان افضل من صدر عنه صلى الله عليه وسلم من الاقوال مطلقا ولا يكون ذلك تفسيرا الدعاء انتقل الى قظية اخرى يبين فيها افضل ما قاله صلى الله عليه وسلم ليس من الدعاء وانما افضل ما قاله مطلقا افضل ما قاله مطلقا. ومن هنا قال بعض اهل العلم بان لا اله الا الله افضل من الدعاء وافضل من وافضل من سائر الاذكار افظل من التكبير تسبيح والتحميد وقد ذكرنا الكلام على هذا في المقدمات عند الكلام على المفاضلات ما هو الافضل التهليل او التكبير او التحميد او التسبيح وذكرت ما يدل على تفضيل بعض هذه الامور وتفضيل ايضا التهليل وان ذلك افضل على سبيل الاطلاق او العموم وان كان مثلا في السجود ما هو الافضل ان يذكر الله يقول لا اله الا الله وحده لا شريك له او يقول سبحان ربي الاعلى قل سبحان ربي الاعلى اذا جلس في التشهد قل التحيات ويصلي على النبي صلى الله عليه واله وسلم اذا كان في قيام فانه يقرأ الفاتحة وان كان في الركعتين الاوليين يقرأ مع سورة اخرى لكن من كان عاجزا عن القراءة فانه يقول عوضا عن ذلك التسبيح والتهليل التكبير والتحميد ونحو ذلك فالمفضول قد يكون فاضلا في بعض الاحوال او الاوقات او الازمنة او بالنسبة لبعض الاشخاص وذكرنا اشياء من هذا القبيل سكن البلاد ال مكة افضل او المدينة افضل او الشام افضل فيفرق بين الحكم العام والحكم بالنسبة للمعين. كما ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله. بعض الناس قد يكون الافضل له سكنى بلد اخر غير هذه البلاد الفاضلة وذلك انه حيث يجد قلبه ويستطيع ان يعبد الله عز وجل وهو مستريح فيكون في حقه افضل وقل مثل ذلك بالصلاة في المساجد ونحو هذا والله تعالى اعلم ويمكن ان يكون هذا الذكر خير ما قلت انا والنبيون ما قبلي من قبلي لا اله الا الله وحده لا شريك له ان يكون مقدمة بين يدي الدعاء. فهي قوله خير الدعاء دعاء يوم عرفة فالدعاء يكون مسبوقا بالثناء على الله وتوحيده والتوسل اليه باسمائه وصفاته وحمده كما مضى في بعض المناسبات فيكون ذلك كالتوطئة لكن هذا قد لا يكون قد لا يدل عليه الظاهر والله تعالى اعلم يعني ظاهر الحديث ظاهر اللفظ وشيخ الاسلام رحمه الله له كلام طويل في المفاضلة بين التهليل والتحميد والتكبير ونحو ذلك واقتران التهليل بالتكبير والتسبيح مع التحميد في كلام طويل لكنه يذكر ان النبي صلى الله عليه وسلم جمع في هذا الحديث بين افضل الدعاء وافضل الثناء يقول فان الذكر نوعان دعاء وثناء. فقال افضل الدعاء دعاء يوم عرفة وافضل ما قلته هذا الكلام ولم يقل افضل ما قلت يوم عرفة لاحظ كأن شيخ الاسلام يرى انه لا يفسر الدعاء بهذا القول قال وانما هو افضل ما قلت مطلقا. وكذلك في حديث ذكر حديثا على كل حال ثم قال وايضا ففي الصحيح عن ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الايمان بضع وسبعون شعبة اعلاها قول لا اله الا الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق. يقول فقد صرح بان اعلى شعب الايمان هو هذه الكلمة كلمة التوحيد لا اله الا الله اعلى شعب الايمان يقول ايضا في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لابي ابن كعب اتدري اي اية في كتاب الله اعظم قال لا اله الا الله الله لا اله الا هو الحي القيوم اية الكرسي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليهنك العلم ابا المنذر يقول فاخبر في هذا الحديث الصحيح انها اعظم اية في القرآن وفي ذاك انها اعلى شعب الايمان. يقول وهذا غاية الفضل فان الامر كله مجتمع في القرآن والايمان. فاذا كانت اعظم القرآن واعلى الايمان ثبت لها غاية الرجحان. يعني اعظم اية في القرآن هي الاية المشتملة على التوحيد. الله لا اله الا هو. واعلى شعب الايمان شهادة ان لا اله الا الله. يقول فدل على انها افضل مطلقا يقول وايضا فان التوحيد اصل الايمان وهو الكلام الفارق بين اهل الجنة واهل النار وهو ثمن الجنة ولا يصح اسلام احد الا به ومن كان اخر كلامه لا اله الا الله دخل الجنة الى اخر ما ذكر هذا حاصل كلامه وقوله في هذا الذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم لا اله الا الله وحده يعني انه منفرد تبارك وتعالى بالتوحيد مستحق وحده للعبادة لا شريك له في الهيته وربوبيته واسمائه وصفاته فهذا مزيد تأكيد. يعني الاول اثبت نص على وحدانيته وحده ثم ايضا لا شريك له. تأكيد لنفي الشركاء. فنص على الوحدانية وكذلك نص على نفي نفي الشركاء له الملك جنس الملك ملك الدنيا وملك الاخرة فالملك الحقيقي لله تبارك وتعالى قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير له الملك وله الحمد الدنيا وفي الاخرة فهو المستحق له على الحقيقة الحمد المطلق من كل وجه فهل هذه تدل على الجنس؟ لا يستحق احد جميع المحامد الا الله جل جلاله لانه الكامل من كل وجه والكامل من كل وجه هو المستحق ان يعبد وحده دون ما سواه. والذي له الملك وحده دون هو الذي يستحق ان تتوجه اليه القلوب والاعمال توجه اليه وتصرف اليه وهو على كل شيء قدير فهو تام القدرة لا يعجزه شيء ولا يتعاصى عليه شيء فهذا الذكر لا اله الا الله هذا الحديث يدل على فضله وعلى فضل الاكثار منه في يوم في يوم عرفة وهذه الكلمة هي اصل دين الاسلام الذي اكمله الله تعالى في ذلك اليوم واكمل اسسه. اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا. نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو واقف في عرفة. اكمل لهم دعائم الدين فكانت هذه الكلمة افضل ما يقال في ذلك اليوم وقد سئل الامام سفيان ابن عيينة رحمه الله عن ما اوردته من الاشكال في تفسير الدعاء بهذا الذكر بقول لا اله الا الله فقال اجاب بالبيت في البيتين المشهورين من جملة ابيات لامية ابن ابي الصلت وجه بهما الى ابن جدعان كانه يتحرى منه عطاء وابن جدعان كان من اجواد العرب في الجاهلية يقول فيها ااذكر حاجتي ام قد كفاني ثنائي ان شيمتك الحياء كما في بعض الروايات البيت اذا اثنى عليك المرء يوما كفاه من تعرضه الثناء هذا مخلوق يقوله لمخلوق يقول ما يحتاج انه يصرح بالسؤال يكفيه الثناء فعلى قول سفيان هذا هذا القول وكذلك ما ذكرته من قول بعض اهل العلم بانه يكون بذلك معرضا بالسؤال معرضا بالسؤال حينما يثني فهو يتحرى شيئا بهذا الثناء وقد ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله هذه الكلمة اختم بها يقول من المعلوم ان الحجيج عشية عرفة ينزل على قلوبهم من الايمان والرحمة والنور والبركة ما لا يمكن التعبير عنه هذه ليس لها صلة مباشرة بمعنى الحديث لكن تتعلق بيوم عرفة احببت ان اريدها ما في هذه الكلمة من النفع اسأل الله عز وجل ان ينفعنا واياكم بما سمعنا ويجعلنا واياكم هداة مهتدين والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه