الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته في باب فضل التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير اورد المؤلف حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان الى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم. هذا الحديث مخرج في الصحيحين. فقوله صلى الله عليه واله وسلم كلمتان هذا فيه ترغيب فذلك شيء يسير يخف على المكلفين ليس فيه مشقة ولا عنت المقصود بالكلمتين بمعنى الجملتين المفيدتين لان الكلمة كما يقال كما عرفنا تطلق على الكلام كما يقال كلمة الشهادة تقال لي الخطبة يقال القى كلمة ونحو ذلك ايقصد بها الكلام وتقال لي الجملة فهي الكلمة بالمعنى اللغوي او العرفي وليست الكلمة عند النحات لان الكلمة عند النحات هي اللفظ المفرد فزيد كلمة عند النحات لكن زيد كريم هذه كلمة عند اهل اللغة زيد كريم الله لا اله الا هو الحي القيوم. هذي كلمة عند اهل اللغة. كلمة الشهادة كلمة التوحيد ونحو ذلك هذا هو المراد. كلمتان ليس المجرد ليس المراد انهما لفظتان مفردتان وانما جملتان خفيفتان في هذا اشارة الى قلة ما تضمنتهما من الالفاظ مع خفة ذلك على الالسن فهما شيء سهل يسير شبه في سهولة جريانه على اللسان بما خف على الحامل الذي يحمل المتاع فيكون الشيء الخفيف مما لا يثقله ولا يرهقه ولا يلحق به عنتا ومشقة خفيفتان هكذا وصفهما النبي صلى الله عليه وسلم لسهولتهما على اللسان لحسن نظمهما واشتماليهما ايضا على الاسم الكريم على اسم الله تبارك وتعالى ولما تضمنته هذه الجمل من تنزيهه تبارك وتعالى وتسبيحه وتقديسه جل جلاله وتقدست اسماؤه عمل قليل عبارات قليلة والجزاء المرتب عليها كبير وزنها في الميزان عند الله تبارك وتعالى ليس بالشيء السهل. الحسنة قد تثقل على بعض النفوس او على كثير من نفوس فعل الحسنات فعل المعروف وقد تخف عليهم السيئة وفعل السيئة فيقدم عليها ويلتذ لربما بها وتدعوه نفسه دعاء حثيثا الى مقارفتها وقد يروى ذلك عن عيسى عليه الصلاة والسلام انه علل ذلك باعتبار ان الحسنة حضرت مرارتها وغابت حلاوتها اعتبار ان الجزاء عليها موعود فثقلت بخلاف السيئة يعني لذة عاجلة حاضرة متقضية ثم بعد ذلك يعقبها مرارة وجاء في ذلك الاثر فلا يحملنك ثقلها على تركها. والسيئة حضرت حلاوتها وغابت مرارتها فلذلك خفت فلا يحملنك خفتها على ارتكابها ثقيلتان في الميزان يعني مع الخفة على الالسن في المقابل فان الميزان تثقلان فيه وهذا يدل على ان تسبيح الله تبارك وتعالى وتقديسه من افضل الاعمال الصالحة. التي يتقرب الى الله تبارك وتعالى بها فهي من اجل ما يدخر من الاعمال من اعظم الذخائر التي يرصدها العبد لاخرته فيجد اثر ذلك حينما يقدم على ربه تبارك وتعالى هذا بالاضافة الى ما يعجل له من ذلك من انشراح في الصدر وانفساح فيه وراحة وطمأنينة الا بذكر الله تطمئن القلوب بما ايضا ينضاف الى ذلك مما جاء في قوله تبارك وتعالى فاذكروني اذكركم فاذا ذكر الله تبارك وتعالى العبد فلا تسأل عن الطافه المتتابعة التي تصوب تجاه هذا العبد كالمطر وهنا وصف هاتين الكلمتين بانهما ايضا حبيبتان الى الرحمن ثقيلتان في الميزان حبيبتان الى الرحمن. الميزان اجمع اهل السنة على اثبات الميزان كما اخبر الله تبارك وتعالى وكما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم فهذه الموازين توزن بها اعمال العباد كما قال الله تبارك وتعالى ونضع الموازين القسط ليوم القيامة. وقال فمن ثقلت موازينه. قال ومن خفت موازينه وقال والوزن يومئذ الحق الى غير ذلك من النصوص الواردة في كتاب الله تبارك وتعالى وفي سنة رسوله رسول الله عليه الصلاة والسلام كقوله عليه الصلاة والسلام عن ساقي ابن مسعود حينما ضحك الصحابة رضي الله عنهم وتعجبوا من دقتهما فاخبر النبي صلى الله عليه وسلم انهما اثقل بالميزان من احد وكذلك في حديث البطاقة المعروف الرجل الذي يؤتى به فينشر له تسعة وتسعون سجلا. كل سجل من هذه السجلات مد البصر فيوضع في كفة من الميزان ويؤتى له ببطاقة فيها شهادة ان لا اله الا الله. فذكر النبي صلى الله عليه وسلم ان هذه البطاقة بتلك السجلات وهذا امر ثابت لا خلاف فيه بين اهل السنة والجماعة الاعمال توزن ويوزن العاملون كما قال النبي صلى الله عليه وسلم يؤتى بالرجل السمين يوم القيامة فيوضع في الميزان فلا يزن عند الله جناح بعوضة وتوزن السجلات بدليل حديث البطاقة. فالاعمال توزن والسجلات توزن والناس يوزنون في الميزان والعبرة هناك ليست بكثرة ما توفر في هذه الاجساد من اكتناز بلحم او امتداد لقامة او نحو ذلك انما العبرة بالاعمال التي تثقل الموازين فهذه لكمال عدل الله تبارك وتعالى اخبر انه يضع الموازين لوزن اعمال العباد فيريهم اعمالهم توزن امامهم فيكون الواحد شاهدا على نفسه وهنا تنقطع حجتهم ويكون ذلك غاية في انصافهم ويكون في ذلك من التبكيت للمسيئين الذين خفت موازينهم ما فيه فالله تبارك وتعالى قد احصى لهم هذه الاعمال ويجازيهم عليها ويزنها امامهم ثم بعد ذلك تتكشف الحقائق بمذخور الاعمال تخف موازين العبد او تثقل وعندها يقال كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا فهذا الميزان ثقيلتان في الميزان حبيبتان الى الرحمن حبيبتان الى الرحمن باي اعتبار باعتبار انهما موصوفتان بكثرة المحبوبية فالحبيب بمعنى المحبوب كما جاء احب الكلام الى الله سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم وذكر الله تبارك وتعالى محبوب له ولكن منه ما يكون اكثر محبوبية واقرب اليه تبارك وتعالى مما يكون سببا لقرب الذاكر بذلك وذكر الرحمن في هذا الموضع هذا فيه ما فيه من الاشارة الى تعلق ذلك برحمته تبارك وتعالى فان المقصود من الحديث بيان سعة رحمته على عباده حيث يجازي على العمل القليل بالثواب العظيم خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان فهذا من رحمته تبارك وتعالى بخلقه حبيبتان الى الرحمن اتان الكلمتان سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم وقد عرفنا معنى التسبيح ومعنى سبحان وان ذلك يعني التنزيه وعرفنا هذه الواو ايضا قبل ليلتين اللي هي واو الحال كانه يقول اسبح الله متلبسا بحمدي له او انها عاطفة والتقدير اسبح الله واتلبس بحمده او انها للاقتران اسبحه تسبيحا مقترنا بحمده او ان ذلك يتعلق بمحذوف اسبح الله واثني عليه بحمده الى غير ذلك من الاحتمالات والامر في ذلك يسير سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم. هذا الحديث هو اخر حديث ختم به الامام البخاري رحمه الله صحيحه لانه يشير في ذلك الى ختم المجالس بالتسبيح المجلس حينما يختم سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك. سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك. تختم المجالس فكذلك ايضا تختم صلاة الليل بالتسبيح وتختم الفرائض بالتسبيح في الادبار ادبار الصلوات الى غير ذلك من الذكر الوارد في اعقاب بعض العبادات فالبخاري رحمه الله ختم صحيحه بهذا الحديث واتبعه على ذلك جمع من الائمة في تصانيفهم فاسأل الله عز وجل ان يختم لنا ولكم بالسعادة وان يعيننا واياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته وان يشرح صدورنا وان يعظم اجورنا وان يغفر لنا ولوالدينا ولاخواننا المسلمين. اللهم ارحم موتانا واشفي مرضانا وعافي مبتلانا واجعل اخرتنا خيرا من دنيانا. والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه