الحمد لله الصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته بباب فضل الذكر او فضل التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير اورد المؤلف حديث طارق بن اشيم رضي الله تعالى عنه قال كان الرجل اذا اسلم علمه النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة ثم امره ان يدعو بهؤلاء الكلمات اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني وفي لفظ عنه رضي الله عنه انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم واتاه رجل فقال يا رسول الله كيف اقول حين اسأل ربي قال قل اللهم اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني ويجمع اصابعه الا الابهام فان هؤلاء تجمع لك دنياك واخرتك يجمع اصابعه الى الابهام لانها اربع كلمات في الرواية الثانية. وهو يعلمه هكذا اغفر لي ارحمني وعافني وارزقني يجمع اصابعه الا الابهام لكن في الرواية الاولى اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني وذكر فيه زيادة الهداية في الرواية الاولى فقوله هذا الحديث اخرجه الامام مسلم في صحيحه وهو يشبه الحديث الذي مضى بالليلة الماضية وهو ان اعرابيا جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال علمني كلاما اقوله قال قل لا اله الا الله وحده لا شريك له الله اكبر كبيرا والحمد لله كثيرا سبحان الله رب العالمين لا حول ولا قوة الا بالله العزيز الحكيم. قال فهؤلاء لربي فمالي قال قل اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني تذكر هذه الكلمات الاربع ذكر الهداية معها وذلك من حديث سعد ابن ابي وقاص رضي الله عنه واما سؤال المعافاة فلم يذكر في هذه الرواية ولكنه جاء في بعض الفاظ الحديث السابق حديث سعد بن ابي وقاص رضي الله تعالى عنه وقوله كان الرجل اذا اسلم علمه النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة هذا السياق كما عرفنا من قبل يدل على المداومة والتكرار ان ذلك كان من هديه صلى الله عليه وسلم اذا اسلم الرجل ان يعلمه الصلاة ويحتمل ان يكون المقصود جنس مسائل الصلاة من شروطها واركانها او الصلاة التي تحضره حينما اسلم وبين هذين ملازمة لا تخفى فان الصلاة كما هو معلوم هي الركن الثاني فالركن الاول هو شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله الركن الثاني هو الصلاة. فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمه الصلاة وهذا يدل على انها اهم المطالب بعد الشهادتين وهي العبادة الوحيدة التي فرضت في السماء وقد جاء من النصوص الامرة بها ما لم ياتي في عبادة من العبادات لا الصيام ولا الحج ولا الزكاة حيث انها ليست باكثر منها وان كانت كثيرة اعني الزكاة والامر بها فهذه لما كانت اعظم المطالب كان النبي صلى الله عليه وسلم يبتدأ بها من اسلم. يعلمه كيف يصلي فما منزلة هذه الصلاة عندنا وفي تعليمنا وتربيتنا لاولادنا وفي الاولويات التي نربي انفسنا عليها ونربي اولادنا ايضا عليها. ما هي الاولويات هل هذه الاولويات هي الدراسة والتخرج والعمل والوظيفة فتجد الناس في اوقات الانصراف او الذهاب الى اعمالهم يغدون مبكرين الطرقات في حال من الازدحام الشديد ولكنك حينما تذهب لصلاة الفجر لا تجد زحاما ولا يكاد يمر بهذه الطرقات الا الواحد بعد الواحد. هؤلاء من اين خرجوا حينما يذهبون الى اعمالهم او مدارسهم واين هم في وقت الصلاة هذه البيوت التي تكتنف المساجد يمنة ويسرة وشمالا وجنوبا اين ساكنوها اين هم من المساجد لماذا لا تعمر المساجد كما تعمر الدنيا والبحث عنها وطلب المعايش وما الى ذلك سواء كان ذلك في عمل ومهنة يزاولها الانسان او كان ذلك في دراسة يرجي من ورائها الم يكتسب به شيئا من هذا الحطام والله المستعان. فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمه الصلاة ويعلمه ايضا ان يدعو بهؤلاء الكلمات والمقصود بهذه الكلمات الجمل وقد عرفنا في بعض المناسبات ان الكلمة تقال لي اللفظ المفردة كما تقال لي الجملة كما تقال ايضا لما هو اكثر من ذلك كالخطبة وكذلك ايضا الكلمة التي يقولها الانسان طالت ام قصرت كما قال ابن مالك رحمه الله وكلمة بها كلام قد يؤم يعني يقصد قال فلان القى كلمة وليس المقصود انه القى لفظة واحدة فيعلمه هؤلاء الكلمات يدعو بهن اللهم اغفر لي يعني يا الله اغفر لي وعرفنا ما يتضمنه الغفر من الستر وايضا المحو ووقاية شؤم الذنوب والمعاصي وما الى ذلك هذا الاسلام ايها الاحبة كما هو معلوم يجب ما قبله كما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك ايضا الهجرة تجب ما قبلها فهذا الذي اسلم تمحى ذنوبه جميعا وكيف يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم منذ البداية ان يقول اللهم اغفر لي والله عز وجل يقول قل للذين كفروا ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف فالاسلام يكون سببا لغفران الذنوب لكن الجواب عن هذا هو ان العبد بحاجة دائما الى سؤال المغفرة لانه لا يخلو من تقصير ومن مقارفة ما لا يليق فان كل بني ادم خطاء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. كل ابن ادم خطاء وخير الخطائين التوابون واذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. يستغفر كما سبق بيومه او في مجلسه لربما سبعين مرة او مئة مرة او اكثر من هذا وكيف بغيره؟ فالنبي صلى الله عليه وسلم يعلم هذا الذي اسلم حديثا وهذا يدل على شدة الحاجة لمثل هذه المطالب والدعوات يعلمه اولا ان يقول اللهم اغفر لي لان ذنوب العبد اذا اجتمعت عليه فان ذلك مؤذن بان تهلكه وان تحرقه وقد مثل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوم نزلوا منزلا ثم بعد ذلك صار هذا يأتي بعود وهذا يأتي بعود وهذا يأتي بعود حتى انضجوا يعني طعامهم فهذه الذنوب اذا تكاثرت على العبد فانها تحرقه. فيحتاج العبد دائما الى استغفار وكثير من الناس لربما يغويهم الشيطان بالمعصية ثم بعد ذلك يصرفهم عن الاستغفار والتوبة ويزين لهم ذلك من باب التنزيه لله عز وجل تارة بانه بتوبته هذه يكون متلاعبا فيصده عن التوبة والاستغفار او يكون ذلك من باب التيئيس ان ذنوبه هذه لا يمكن ان تغفر فييأس ويقنط من رحمة ربه تبارك وتعالى ومغفرته. والله يغفر الذنوب جميعا فهنا لابد للعبد من كثرة الاستغفار فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم هؤلاء الذين يدخلون في الاسلام الاستغفار اغفر لي ثم ايضا قال وارحمني وقد عرفنا من قبل ان ذكر الرحمة بعد ذكر الاستغفار ان الاستغفار من باب التخلية والرحمة من باب من باب التحلية يعني اسبغ علي رحمتك فهنا يكون بالمغفرة قد سلم ونجى وتخلص من السيئات وجرائرها من الاثام والعقوبات وطلب الرحمة يكون به حصول المطلوبات والمرغوبات والانسان لا يحصل له الكمال المطلوب الا اذا نجا من المرغوب وحصل المطلوب المرغوب وذلك هو الفلاح فان حقيقة الفلاح هو النجاة من المرهوب والظفر ب المطلوب فهذه الرحمة تحلية كما سبق في الليلة الماضية فاذا حصلت للعبد الرحمة فانه يحصل له الخير في الدنيا والاخرة. ومنتهى ذلك بدخول الجنة والنظر الى وجه الله الكريم فهذه الالطاف كلها من رحمة الله تبارك وتعالى بعباده وما ذكر بعد ذلك انما هو من رحمته جل جلاله كما ذكرنا في الليلة الماضية فقوله وعافني وارزقني فاذا حصلت له الرحمة فانه يطلب الهداية يقول واهدني وهذه الهداية يدخل فيها نوعا الهداية هداية الارشاد بان يهدى العبد الى محاب الله تبارك وتعالى ان يهدى الى العلم الصحيح ان يهدى الى الحق الذي قد يخفى على كثيرين او قد يختلف فيه كثيرون اهدني لما اختلف فيه من الحق باذنك. فكثير من الناس قد يخطئ الحق وقد يبحث ويقرأ ولكنه يصل الى نتائج غير صحيحة لا سيما مع كثرة الفتن وبعد العهد بشمس النبوة وكثرة الجهل وغلبة الاهواء فان ذلك مؤذن بخفاء الحق على كثير من النفوس التي لربما تستجمع كثيرا من هذه الاوصاف فالعبد بحاجة دائما الى سؤال الهداية ولذلك في كل ركعة نقول اهدنا الصراط المستقيم فلا غنى للعبد عن هداية ربه تبارك وتعالى. انظروا الى هذا الاختلاف في مشارق الارض ومغاربها بين المنتسبين الى الاسلام كثرة هذا الاختلاف في العقائد وفيما دونها من الامور العملية والعلمية كل هذا انما هو بسبب الجهل تارة او بسبب الهوا وسوء القصد تارة اخرى فيحتاج العبد الى سؤال الهداية هداية الارشاد والهداية الثانية وهي هداية التوفيق من اجل ان يوفق العبد للعمل بما علم فان الكثيرين يعلمون ولكنهم لا يوفقون للعمل بذلك من الناس من يعرف ان الاسلام حق ولكنه لا يدخل في الاسلام ومن الناس من يكون قد ورث الاسلام وراثة او دخل فيه وعرف كثيرا من حقائقه لكنه لا يعمل بمقتضاها. يعلم ان الغيبة حرام ثم يغتاب يعلم ان الكذب حرام ويكذب يعلم ان الصلاة واجبة ولا يصلي يعلم ان الزكاة واجبة وقد لا يزكي المرأة تعلم ان الحجاب واجب عليها ومع ذلك تفرط فيه و لربما ضيعت كثيرا من معالمه معرفة الحق شيء والهداية التوفيقية شيء اخر. التوفيق للعمل والتطبيق ولا امتثال فنحن نعلم كثيرا من حقائق الدين ولكن العمل لا يوازي هذا العلم فيحتاج العبد الى الهدايتين فاذا قال اهدني فيدخل في ذلك هداية الارشاد وهداية التوفيق. وعافني فاذا حصلت له الهداية فهو بحاجة الى الى المعافاة هذه المعافاة تكون في البدن بالسلامة من العلل والاوصاب والامراض التي لربما تضعفه عن القيام بطاعة الله عز وجل والانسان انما يطلب العافية في بدنه من اجل ان يعبد الله تبارك وتعالى وان يشتغل بذكره وشكره وليس من اجل ان يأكل ويمرح ويتقلب في الملاذ كما تتقلب البهائم وهكذا ايضا يحتاج العبد الى عافية في دينه فيسلم من الفتن والضلالات والبدع والاهواء فاذا حصل له هذه العافية فان هدايته تكون تامة فيعمل بمقتضى هذه الهداية لانه اذا فتن في دينه لم يعافى في الدين فان ذلك يصرفه عن مقتضى الهداية وكذلك المفتون وكذلك غير المعافى في بدنه. ولذلك قال النبي وسلم نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ لان الانسان اذا كان صحيحا فارغا فهنا يمكن ان يعمل بمساخط الله تبارك وتعالى وان يطغى. فتحصل له الغفلة والشرود عن طاعة المعبود تبارك وتعالى اما اذا كان الانسان مشغولا مع عافية في بدنه فانه لا يجد وقتا للمعصية. وهكذا ايضا اذا كان الانسان فارغا لكنه معتل البدن فانه لا يجد لا يجد للمعصية طعما اللذات والشهوات تضمحل ويشتغل الانسان بمرضه وعلته وطلب البرء لها فاذا اجتمع الصحة والفراغ فان اسباب الغواية تكون قد استحكمت ان لم يلطف الله عز وجل بهذا العبد. ولذلك اوقات الاجازات ما لم تستغل بما ينفع ويجدي ويرفع والا فان هذه افة. لربما تفتك بكثيرين ثم يقول وارزقني ارزقني ارزقني هنا طلب الرزق يدخل فيه الرزق ايضا بنوعيه الرزق الاعظم الذي يكون بقوت القلوب وما يحصل لها من الالطاف الربانية والعلوم النافعة والمعارف الصحيحة التي تعرف بالمعبود جل جلاله وتعرف بالطريق التي رسمها لعباده على التفصيل كما انها تعرف بالدار التي يصير اليها السالكون فهذا يكون بالعلم النافع وكذلك بالعمل الصالح فان العلم النافع من الرزق وكذلك ايضا العمل الصالح فان ذلك جميعا من الرزق وكل ذلك يدخل في الرحمة ولكن ذلك يكون من قبيل التفصيل وعطف الخاص على العام ويدخل في هذا الرزق ايضا الرزق الذي يكون به قيام الابدان وانما قوام الانسان بهذين والاعظم منهما ما يحصل به قوام القلب بالايمان والعمل الصالح. وبه تتحقق النجاة. لكنه حينما يكون عادما لما يقوم به البدن فان غايته ان يموت ثم بعد ذلك يلقى ربه تبارك وتعالى ويصير الى حال لربما كانت اكمل مما كان عليه في الدنيا ان كان على على جادة وعمل صالح وايمان لكن الموت هو سبيل كل حي. فهذه الاشياء التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم قال تجمع لك دنياك واخرتك تجمع لك امور الدنيا المطالب الدنيوية والمطالب الاخروية ورتبها بهذا الترتيب المغفرة فهي تحلية تخلية ثم الرحمة فهي فهي تحلية ثم عطف عليها الهداية من باب عطف الخاص على العام وبعد تمام المطالب سأل العافية ليقدر على شكر الله تبارك وتعالى والقيام بوظائف العبودية وطلب الرزق لتستريح نفسه عن الهم بتحصيله فيكفى ذلك فينبغي على العبد ان يحرص على هذا الدعاء الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمه من دخل في الاسلام ويلازمه ولا يكون ذلك مختصا بوقت من الاوقات. فيمكن ان يدعو به بعد التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والاستعاذة من الاربع بالصلاة وكذلك يدعو به في سجوده ويدعو به في تحرى اوقات الاجابة ويردد ذلك على لسانه ويكثر منه فهذا من اجمع الادعية تجمع له دنياه واخرته هذا خير من ادعية ملفقة يلفقها الانسان لنفسه او يلفقها له غيره ثم بعد ذلك تنشر عبر هذه الوسائل ويقال دعاء مجرب هذا الدعاء جرب في المكان الفلاني جرب عند المقام او عند لربما الملتزم او نحو ذلك فاستجيبت فيه الدعوات هذه ادعية جامعة علمنا النبي صلى الله عليه وسلم اياها فينبغي الا نفرط فيها والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه والسلام عليكم