ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته ايها الاحبة بالليلة قبل الماضية ذكرت امرا يتصل بهذه الاذكار المتعلقة بالفضائل فضل هذه الاذكار وذلك ما يتصل بالمفاضلة بين قراءة القرآن والذكر مع ان الذكر يشمل قراءة القرآن وفي هذه الليلة اذكر امرا اخر اشار اليه العلماء ومن هؤلاء الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرحه لصحيح البخاري المسمى بفتح الباري حيث نبه الى ان هذه الفضائل الواردة فضل الاذكار التي سمعنا طرفا منها يقول انما هي لاهل الشرف في الدين والكمال. يعني اهل الاستقامة اهل الصلاح الذين يتنزهون من الحرام والمعاصي العظام فهو يقول لا تظن ان من ادمن الذكر واصر على ما شاءه من شهواته وانتهك دين الله وحرماته انه يلتحق بالمطهرين المقدسين ويبلغ منازلهم بمجرد كلام يجريه على لسانه ليس معه تقوى ولا عمل صالح يعني ان هؤلاء هم الافضل وانهم هم الاكمل وانهم هم اهل الخيرية وما الى ذلك افضل من اهل الجهاد واهل الصدقة وافضل من الامرين بالمعروف والناهين عن المنكر وما اشبه ذلك الحافظ ابن حجر يقول هذه الاذكار انما يكون هذا الفضل لمن كان مستقيما على امر الله تبارك وتعالى لا المضيع المفرط الذي لا يرفع بذلك رأسا فهو يقرر ان الذكر المجدي هو الذي يرى اثره على صاحبه فيما يأتي ويذر. ومن هنا فهو يوجه ويبين كيف يفضل الذكر على الجهاد وعلى كل الاعمال باعتبار ان فضيلة الجهاد انما هي بالنسبة الى ذكر اللسان المجرد كما ذكرنا في المفاضلات فالذي يجري الذكر على لسانه من غير مواطئة القلب مثلا اهل الجهاد المشتغل بالجهاد افضل واكمل منه حالا يقول اما من اتفق له ان جمع ذلك كمن يذكر الله بلسانه وقلبه ويستحضر ذلك كل هذا في صلاته او صيامه او تصدقه او قتاله الكفار فهو الذي بلغ الغاية القصوى. والعلم عند الله عز وجل. وذكرنا هذه الدرجات والمراتب والمفاضلات التي ذكرها غيره كالحافظ ابن القيم رحمه الله فالناس ليسوا على مرتبة واحدة لكن هذه الاحاديث التي سمعنا طرفا منها كلها تدل على شرف الذكر ومنزلته وفضيلته يكفي ان العلماء اصبحوا يبحثون عن توجيهات اجوبة لسؤالات طرأت على اذهانهم استشكلوها وذلك لعظم ما جاء في الذكر من النصوص الدالة على فضيلته وعلى تفضيله على سائر الاعمال. فجعل العلماء يتحيرون هناك اعمال كبار وهذا جالس فقط يذكر كيف يفضل عليها؟ هذا يكفي في بيان منزلة الذكر بصرف النظر عن الاجابة المعينة التي يذكرها هذا او ذاك بعد ذلك ايها الاحبة نتحدث عن الاحاديث الاخرى في هذا الباب من الفضائل وهي في نوع اخر وذلك في الغافلين عن ذكر الله تبارك وتعالى في مجالسهم من ذلك الحديث السابع من قعد مقعدا لم يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة ومن اضطجع مضطجعا لا يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة التيرة هي الحسرة والموتور يقال لمن قتل له قتيل ولم يدرك بثأره فيبقى موتورا يبقى في حال من الحسرة يتحسر على هذا الذي فاته ولا يستطيع ان يدركه فهو يحصل له من جراء ذلك نقص وحسرة. والله تبارك وتعالى يقول ولن يتركم اعمالكم يعني لن ينقص شيئا من اجوركم ولن يقطع عنكم هذه الاجور اذا هذا المجلس الذي لا يذكر الله تبارك وتعالى فيه يكون على اهله ترة قلوا او كثروا والمضطجع سواء كان الانسان يضطجع لينام او ليستريح لا يذكر الله فيه. فالانسان هو اما مع الناس وفي المجالس او نحو ذلك او في حال من الاسترخاء فكل ذلك اذا عطله من ذكر ربه تبارك وتعالى فان هذا المجلس او هذا المضطجع يكون عليه حسرة. اذا ان كان في حال الانفراد او في حال الاجتماع فان ذلك حينما يصير معطلا من ذكر الله عز وجل يكون على اهله يكون عليهم حسرة وذكر الله تبارك وتعالى كما سبق يشمل قراءة القرآن. يشمل الذكر الاخر باللسان واذا كان مع مواطئة القلب فهو اكمل اذا الانسان يتحسر على ما يقع له من هذه المجالس او الخلوات التي لا يذكر الله فيها كيف اذا كانت هذه المجالس او الخلوات في معصية الله ومساخطه كيف لو كانت هذه المجالس في القيل والقال والغيبة والنميمة وما الى ذلك كيف لو كانت هذه المجالس في فحش وفجور كيف اذا كانت تلك الخلوات في معصية الله عز وجل ومحادته ومشاقته ومشاقة اوليائه بالوقيعة في اعراضهم والتندر بهم والاستهزاء والسخرية وما الى ذلك فهذا يكون عليه ترة هذا الانسان الذي يشاهد في الشبكة او يكتب او نحو ذلك ما يسخط الله عز وجل من غيبة او نميمة او يكتب وقيعة في اعراض الصالحين والخيرين يتندر بهم. يرميهم بالالقاب القبيحة كل هذا داخل فيه بل هو اشد فهؤلاء لا يذكرون الله بل الشيطان جليسهم وقرينهم تؤزهم الشياطين لهذه الافعال الشنيعة وبهذا يعلم المؤمن قدر ما فاته حينما يفرط بذكر الله تبارك وتعالى لا سيما اذا استحضرنا ان الاشتغال بطاعة الله عز وجل هي من ذكره. في المجالس التي يجتمع فيها الناس لمدارسة القرآن او مدارسة العلم او يجتمعون فيها على امور من الخير مشروعات نافعة للمسلمين نافعة للامة وما اشبه هذا مشروعات في الدعوة الى الله في الاصلاح في المجتمع في مساعدة الفقراء المساكين المنكوبين المحتاجين كل هذا من العبادات فهو ايضا من جملة ذكر الله تبارك وتعالى وان كان المتبادر من هذا هو ذكره جل جلاله باللسان يدل على ذلك الحديث الذي بعده. حديث الثامن ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم صلى الله عليه وسلم الا كان عليهم ترة فان شاء عذبهم وان شاء غفر لهم هذا يدل هذه الجملة الاخيرة ان شاء عذبهم وان شاء غفر لهم يدل على ان ذلك من قبيل ترك الواجب ولان الله لا يعذب على ترك المستحى اذا لا يصح ان تخلو مجالسنا من ذكر الله تبارك وتعالى ولا يصح ان تخلو مضاجعنا وخلواتنا من ذكر لله جل جلاله سفيان بن عيينة رحمه الله يقول اذا اجتمع قوم يذكرون الله تعالى اعتزل الشيطان والدنيا مجلس ذكر. فيقول الشيطان للدنيا الا ترين ما يصنعون يعني يذكرون الله فتقول الدنيا دعهم فانهم اذا تفرقوا اخذت باعناقهم اليك هذا من باب التقريب والتصوير للحالة الواقعة لدى اكثر الناس يعني الشيطان يتحسر حينما يرى الناس يجتمعون على ذكر الله عز وجل على خير على امور نافعة فكان الدنيا تقول له بلسان الحال انهم بمجرد تفرقهم اخذ اعناقهم اليك اقودهم اليك الدنيا حينما تشغلهم وتصرفهم عن ذكر الله وعن طاعته هنا الشيطان يجد بغيته فتخلو المجالس من ذكر الله عز وجل ويكون الاشتغال بها انما هو في الدنيا وعرضها الزائل بعيدا عن ذكر الله. لا بأس ان الناس يحصلون المنافع والمكاسب والتجارات ويتبادلون مصالحهم في امورهم الدنيوية لا اشكال لكن ان ينفرد ذلك في هذه المجالس لا يذكر الرب تبارك وتعالى فيها اصلا هذا هو المذموم وفي الحديث الاخر الحديث التاسع ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله تعالى فيه الا قاموا عن مثل جيفة حمار وكان لهم حسرة قاموا عن مثل جيفة حمار الحمار اذا كان بين ايديهم في المجلس وهو حي فانهم يشمئزون ولا يطيب لهم ذلك المجلس وامامهم هذا الحمار قد ربض في وسطه وهذا امر مشاهد كيف لو كان هذا الحمار جيفة فان مثل هذا المجلس لا يمكن ان يطاق ولا صبر لاحد عليه تذكر هنا هذا الامر المنفر قذيفة الحمار هي اسوأ الجيف او من اسوأ الجيف من بين سائر الحيوانات التي تخالط الناس ويخالطونها وبعض اهل العلم يقول ايضا فيه اشارة الى جانب ومعنى اخر البلادة لان الحمار اذا ذكر ذكرت البلادة معه ولهذا مثل الله عز وجل حال اليهود لما تركوا العمل بالتوراة مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل اسفا مما ذكره العلماء في الكلام على هذا المثل المضروب لليهود لما تركوا العمل بها مما قالوا قالوا الحمار ابلد الحيوان فهكذا هذا الحمار الذي يحمل الكتب العظيمة وهو لا يدري ما فيها. كذلك حال هؤلاء الذين حملوا هذا الكتاب التوراة ولكنهم لم ينتفعوا به بحال من الاحوال وهكذا قالوا لربما ايضا لانه له نوع ملابسة للشيطان ولهذا اذا سمعنا نهيق الحمار وكذلك نباح الكلاب بالليل فان الانسان مأمور بالاستعاذة. وهكذا ايضا لك ان تتصور هؤلاء الناس يقومون عن مثل جيفة حمار لو ان ذلك كان وليمة قد اجتمعوا فيها فهذه الاجتماعات والمجالس التي لا ترضي الله عز وجل او مجالس الغفلة هي اعظم واشد من هذا المثل المضروب وهذه الصورة المذكورة في هذا الحديث كأن قوما اجتمعوا على هذه الجيفة هم يقومون عن مثل جيفة حمار يقومون عنها بماذا تناولها واكلها اجتمعوا عليها فاذا ذكر هذا في مثل هذه السياق فلا يفهم منه الا ان هؤلاء قد اجتمعوا على وليمة او طعام بنحو هذا او بمنزلة هذا فقاموا عن مثل ذلك كيف يكون حالهم اذا في الاخرة يوم القيامة حينما يتذكرون هذه المجالس او تعرض لهم في صحائف الاعمال فهؤلاء الذين قاموا من جيفة حمار اعزكم الله ومن يسمع ماذا يجدون في تلك الجيفة الا الرائحة مزعجة والمنظر الكريه والطعم الذي هو في غاية السوء. فهل ندرك اثر الغفلة عن ذكر الله تبارك وتعالى في مجالسنا هل ندرك اثر الغفلة في خلواتنا؟ فكيف اذا كانت هذه المجالس في الاثم وقطيعة الرحم. كيف اذا كانت في عدوان على الناس. كيف اذا كان هذا الانسان يشاهد المناظر والمشاهد المنكرة المحرمة التي تغريه بالفاحشة والرذيلة هذا يقوم عن ماذا كيفة ماذا او لا فقط غفلة لا يذكر الله عز وجل فيه جيفة حمار اذا اذا كانت تلك الذنوب الجرائم والمعاصي في الجلوات او الخلوات في اجتماع هؤلاء الناس من المتشاكلين في طبعهم وذوقهم واهتماماتهم قد يجتمعون على معاصي على ذنوب على قنوات سيئة على شيشة على اعزكم الله خمر هذا يدخن وهذا يسكر وهذا يقومون عن ماذا واولئك الذين قال فلان فعل فلان اما علمت ما فعل فلان ما حصل لعلان. ما قال فلان لفلان. فلان احذروا منه كذا وفلان كذا وفلان فيه كذا وفلان ما فيه كذا من خيار عباد الله من الاتقياء والصالحين والدعاة الى الله عز وجل وطلاب العلم علماء وخيار الامة من صالحيها فمثل هذا لا شك انهم يقومون عن اسوأ من جيفة الحمار نسأل الله العافية ولو ان هذه المزاولات صورت بصور المحسوسات لرأى الناس امرا عجبا الذنوب يا اخوان لو كان لها روائح لما استطاع احد ان يقترب منا ذنوب لو كان لها روائح من فضل الله عز وجل ان الله يستر العيب ويغفر الذنب فعلى العبد ان يتوب وان يغسل ذنوبه بالتوبة الصادقة النصوح وان يكون عف اللسان وان يكون عف الجوارح عف البصر نسأل الله عز وجل ان يصلح قلوبنا واعمالنا واحوالنا وان يلطف بنا. اللهم ارحم موتانا واشف مرضانا وعافي مبتلانا واجعل اخرتنا خيرا من دنيانا. والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه