ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته بهذه الليلة نشرع في الحديث عن اذكار الاستيقاظ من النوم اول ما يبدأ به الانسان منذ ان فتح عينه منذ استيقظ من نومه منذ افاق منذ احياه الله تبارك وتعالى من موتته الصغرى حينما توفاه ربه تبارك وتعالى ورد اليه روحه كيف يشكره كيف يذكره كيف يرتبط به وبذكره منذ اول وهلة من اول لحظة يرتبط بها بذكر الله عز وجل فلا يكون غافلا بحال من الاحوال يرتبط بذكر الله تبارك وتعالى وبتذكر الاخرة حينما تعود اليه روحه بعد وفاته التي توفاه الله تبارك وتعالى حال نومه كيف يبدأ المسلم الحياة؟ كيف يبدأ يومه الجديد ما هي الاهتمامات الحقيقية ما هي الاعمال المجزية؟ ما هي الاعمال ذات الشأن؟ ما هو العمل المثمر ما هو المستقبل الحقيقي كيف يتوجه التفكير باي شيء يرتبط العبد باي شيء يعني المكلف ان هذه الامور التي شرعها لنا الله تبارك وتعالى. تجعل المؤمن بمنأى عن الغفلة تجعل حياته في يقظة دائمة لا يغفل بها عن ربه تبارك وتعالى ولا يغفل عما ينتظره من المآل والمصير في الدار الاخرة الاهتمامات التي ينبغي ان تستحوذ على التفكير بخلاف اولئك الذين قد فتنوا وفسدت فطرهم وبصائرهم فهم يعارضون ويكرهون ما يذكر الناس بالموت والحساب والجزاء والاخرة لا سيما النشء. يقولون لا تفسدوهم بربطهم بالاخرة وتذكيرهم بالموت والكلام عن القيامة والعذاب والنشور فيعيش الواحد منهم في حال من الخوف والتوجس والترقب نقول ان التفكير في الاسلام الاهتمامات لدى اهل الايمان تختلف عن حال هؤلاء من الدنيويين من اهل الدنيا الذين لا يتذكرون الاخرة ولا يتذكرون نعمة الله عز وجل عليهم حينما يستيقظ المؤمن يقول مباشرة الحمد لله الذي احيانا بعدما اماتنا واليه النشور يحمد ربه يضيف اليه الاوصاف الكاملة الجميلة على انعامه وافضاله وعطائه الجزيل على ما تفضل عليه به من حياة جديدة وبعث جديد بعد ان قبض روحه الله الذي يتوفى الانفس حين موتها والتي لم تمت في منامها ايمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الاخرى الى اجل مسمى. هذه التي ارسلها فعادت الى الحياة من جديد هذه نعمة جديدة هذا يوم جديد ينادي نعمة مستاة فاغتنمها حياة تتجدد في كل يوم بعث يحصل ويشاهد بكل مفتتح يوم ومبتدأه هذا اليوم نعمة هذه النعمة تحتاج الى شكر تحتاج الى حمد تحتاج الى معرفة لفضل الله عز وجل على عبده وانعامه ولا يكون العبد معرضا عن ذلك فضلا عن ان يستغل هذا اليوم في معصية الله عز وجل فضلا عن ان يستفتحه بالمعاصي من كلام محرم او في عالم محرمة من نظر محرم من عبادة لغير الله عز وجل هذه نعمة تحتاج الى شكر وشكرها ان يستغل كل لحظة فيما يرضي الله تبارك وتعالى هناك نفوس تقبض ايها الاحبة فلا ترجع الى اصحابها اخر العهد يقولون نام فلان ليس به بأس ثم بعد ذلك لم يعد الى الحياة وانما توفاه الله تبارك وتعالى وهو في فراشه هذا امر يحصل كثيرا فاذا ارسل الله عز وجل روحك فاحمد الله على هذه النعمة. الحمد لله الذي احيانا بعدما اماتنا واليه النشور فيفتتح العبد ايها الاحبة يومه بذكر الله عز وجل بحمده كما يذكره عند النوم كما سيأتي ليختتم عمله بذكر الله تبارك وتعالى فتكتب الحفظة باول صحيفته عملا صالحا وتختمها بمثله فيرجى له مغفرة ما بين ذلك من مزاولاته واعماله وخطاياه هنا سمى هذا الاستيقاظ احياء هو حياة كما سمى النوم موتا الحمد لله الذي احيانا بعد ما اماتنا وذلك ان النوم يزول معه الادراك. الروح لها احوال غيبية وتعلقات بالجسد ومفارقات فهي ترتفع وتنفصل عنه انفصالا تزول معه الحياة بكليتها يزول معه الحركة يزول معه كل معنى للحياة الجسدية حياة الجسد حينما تفارق الروح الجسد بالوفاة الكبرى. فيعود جثة هامدة لا حراك فيها يصير جمادا لا يشعر وهناك مفارقة جزئية يرتفع معها العقل والادراك ولكن الروح يبقى لها ارتباط في الجسد فهي تعمره من جهة فيبقى هذا النفس يتردد تبقى هذه الاجهزة تعمل في وظائفها المختلفة دماؤه تجري في عروقه وهو بهذا يحكم له بالحياة شرعا وحسا ولكن هذه الحياة ليست بحياة كاملة كما ان هذه الوفاة ليست بوفاة كاملة بل هي حياة ناقصة وهي وفاة ترفع الادراك وان لم يحصل انفصال للروح ومفارقة للجسد بالكلية هاتان وفاتان وحياتان وفاة كبرى ووفاة صغرى. حياة كبرى وحياة صغرى فهنا اشبهت هذه الوفاة الصغرى النوم اشبهت الوفاة الكبرى من بعض الوجوه والله يتوفى الانفس في هذه وفي هذا كما ان ارسال الروح اليه من جديد ليرجع اليه الادراك هذه حياة وهذه الحياة تشبه الحياة الاخرى بعد الموت بالبعث والنشور حينما يقوم الناس من قبورهم احياء ولكن هناك عادت اليه روحه فعمرت جسده فقام يمشي بعد ان كانت مفارقة له مفارقة تامة ومن هنا ايها الاحبة اطلق الموت على النوم الحمد لله الذي احيانا بعدما اماتنا بعض اهل العلم يقولون لان انتفاع الانسان بالحياة انما هو لتحري رضا الله وقصد طاعته واجتناب سخطه وعقابه فمن نام زال عنه هذا الانتفاع. فكان كالميت فحمد الله تعالى على هذه النعمة وزوال ذلك المانع قالوا وهذا ينتظم معه ما بعده من قوله واليه النشور يعني اليه المرجع في نيل الثواب بما يكتسب في هذه الحياة الجديدة في هذا اليوم الجديد اليه النشور بمعنى ان الانسان حينما يرد الله عز وجل اليه روحه بعد النوم بعد الوفاة الصغرى فهو يعود الى ذكر الله وعبادته الحمدلله الذي احيانا بعدما اماتنا يعني كأن هؤلاء لاحظوا ان هذا الموت لما كان العبد معطلا فيه من الذكر والعبادة بهذا النوم فهو موت فاذا عاد من جديد اليه ادراكه عاد الى ذكر ربه والى عبادته فهذه هي الحياة. هكذا قال بعض اهل العلم كالطيب رحمه الله وبعضهم يقول ان قوله واليه النشور بمعنى الاحياء للبعث يوم القيامة كما يقول النووي رحمه الله بمعنى ان هذا الاحياء من الموتة الصغرى المتجدد في كل يوم يذكره من اول يومه بالبعث والنشور وان الله قادر على اعادته من جديد بعد ان يبلى ويموت هذا الانسان الذي تتكرر له هذه الوفاة في كل ليلة يتكرر له الحياة ايضا في كل يوم فهذا برهان ودليل على قدرة الله عز وجل على اعادته من جديد فهو يذكره ذلك دائما فلا يكون غافلا يكون مستعدا يكون متهيأ لما سيلاقي ومن ثم كل الاعمال التي يعملها من مطلع هذا اليوم الى خاتمته من مبتدأه الى منتهاه اعمال يحاسب عليها نفسه ويراقبها لانه يتذكر تماما انه سيعاد وسيحاسب وان النشور الى الله تبارك وتعالى فهنا نبه باعادة اليقظة بعد النوم الذي هو موت على اثبات البعث بعد الموت وبعض اهل العلم يفسر النشور واليه النشور بالتفرق في طلب المعاش وغيره من حاجات الانسان ومطالبه بعد الهدوء والسكون بالنوم الذي واشبه ما يكون بالموت بل سماه الله وفاة ونجد في كتاب الله تبارك وتعالى استعمال النشور بمعنى البعث بعد الموت في مقام لا يحتمل سوى هذا المعنى كما في قوله تبارك وتعالى هو الذي جعل لكم الارض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور اي نشركم من قبوركم الاعادة بعد الموت هذا باطباق المفسرين ان هذه الاية تتحدث في سورة تبارك عن الاعادة بعد الموت واليه النشور. لكن في قوله تبارك وتعالى وهو الذي جعل لكم الليل لباسا. والنوم سباتا وجعل النهار نشورا هذه الاية من سورة الفرقان. هذه تحتمل وجعل النهار نشورا. فبعض اهل العلم ككبير المفسرين اعني ابا جعفر بن جرير رحمه الله ومن وافقه كالقرطبي يقولون المقصود هنا وجعل النهار نشورا اي يقظة وحياة ومنه قوله ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا. على قول ابن جرير وذلك من الانتشار للمعاش. يعني النهار سبب الاحياء للانتشار للمعاش وجعل النهار نشورا. قالوا والقرينة على ذلك هي انه ذكر قبله الذي جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا يحصل به السكون وتهدأ الحركة وجعلت النهار نشورا تنتشرون به تتفرقون في طلب المعايش والارزاق والحاجات وما الى ذلك فهذا الموضع في كتاب الله تبارك وتعالى من سورة الفرقان يحتمل هذا المعنى يحتمل هذا المعنى وجعل النهار نشورا يعني انه حياة وانتشارا تطلبون فيه الارزاق اذا ايها الاحبة الحمد لله الذي احيانا هذه نعمة بعدما اماتنا واليه النشور فيتذكر العبد ان الذي احياه بعد موتته الصغرى قد انعم عليه بنعمة متجددة تستحق الشكر وانه قادر على احياءه بعد موتته الكبرى. فالمعنيان سائغان في هذا المقام فكل ذلك ينبغي ان يتذكره العبد الحمدلله الذي احيانا بعدما اماتنا واليه النشور ان الاعادة بعد الموتى الصغرى لهذه الحياة الجديدة في يوم جديد انما هو الى الله وحده ليس لاحد سواه. لا احد يستطيع ان يرد اليه روحه بالامكان الله على كل شيء قدير ان تبقى روحه عند ربه تبارك وتعالى فلا ترجع اليه. فيكون اخر العهد به في هذه الحياة الدنيا كما ان ذلك ايضا في الوقت نفسه يذكره بالنشور الاكبر يوم القيامة. انظروا كيف ايها الاحبة ترتبط هذه المعاني وتربط القلب بمصالحه الكبرى والحقائق الكبرى والمستقبل الذي ينتظره والنعم المتجددة. وكيف يبتدأ اليوم بالذكر والحمد لله عز وجل هكذا يكون المؤمن فاذا كان يفقه هذه المعاني التي يرددها فان قلبه بمعزل عن الغفلة من اين تأتي الغفلة لقلب يفقه هذه المعاني ويعقلها فهو في غاية اليقظة فنسأل الله تبارك وتعالى ان يجعل قلوبنا حية عامرة بذكره وشكره وحسن عبادته. اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا ونور صدورنا وذهاب احزاننا وجلاء همومنا. اللهم ذكرنا منه ما نسينا وعلمنا ما منه ما جهلنا وارزقنا تلاوته اناء الليل واطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه