ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته نتحدث في هذه الليلة ايها الاحبة عن الحديث الثاني من الاحاديث التي اوردها المؤلف مما يقال عند الاستيقاظ وهذا الحديث وقوله صلى الله عليه وسلم من تعار من الليل فقال حين يستيقظ لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم رب اغفر لي من قال ذلك غفر له فان دعا استجيب له فان قام فتوضأ ثم صلى قبلت صلاته هذا حديث اخرجه البخاري رحمه الله وهذا اللفظ الذي اورده المؤلف ولفظ ابن ماجة وذلك ان فيه زيادات ليست في لفظ البخاري فهنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول من تعار من الليل فقال حين يستيقظ سيأتي ايضاح ذلك بيان المراد به وهل هذا يكون من ادعية الاستيقاظ او مما يقال حال التنبه حينما يكون الانسان في حال النوم فقوله لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد في رواية يحيي ويميت بهذه الزيادة وهو على كل شيء قدير هنا سبحان الله والحمد لله وعند البخاري الحمد لله وسبحان الله وهذا بما يبدو من تصرف بعض الرواة وقوله ولا اله الا الله هذه ليست عند البخاري الا في بعض النسخ ببعض روايات الصحيح ولكنها عند ابن ماجة وغيره فهي ثابتة لا اله الا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. العلي العظيم هذه ليست عند البخاري وانما عند النسائي وابن ماجة رب اغفر لي فهنا من قال ذلك غفر له. فان دعا استجيب له. فان قام فتوضأ ثم صلى قبلت صلاته هذه الاختلافات في الالفاظ يستدل بها كما سبق من قال بانه يجوز تبديل لفظة بلفظة في الاذكار الواردة وبينا الكلام على هذا وما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث لعلكم تذكرون ذلك امنت بكتابك الذي انزلت وبنبيك الذي ارسلت فقال الصحابي وبرسولك الذي ارسلت فالنبي صلى الله عليه وسلم اعادها عليه وبنبيك الذي ارسلت. فهنا ابدال لفظة بلفظة مع ان الرسول ابلغ واتم في المعنى من النبي ومع ذلك اعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم ليقولها ثانية كما سمعها ونبيك فيفهم منه انه لا يبدل شيء من الالفاظ وسيأتي ايضاح لهذه القضية ايضا لهذه المناسبة لكن هنا اذا جاء في الحديث زيادات مثل لا اله الا الله هنا فانه يمكن القول بان الافضل ان يؤخذ باوفى الروايات اذا كانت هذه الزيادات ثابتة وصحيحة نأخذ بالاتم والاكمل هذا الحديث ايها الاخوان حديث عبادة الذي سمعنا وحديث عظيم شريف القدر من اجل الاحاديث ففيه ما وعد الله تبارك وتعالى عباده على التيقظ من نومهم حال كون السنتهم لاهجة بذكره تبارك وتعالى تلهج بكلمة التوحيد لا اله الا الله تلهج لله تبارك وتعالى بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل فهي ذاكرة لربها وخالقها جل جلاله وتقدست اسماؤه هذه الالسن وما ورائها من النفوس التي تفطنت لهذا حال الاستيقاظ من النوم والانسان يغالب فيه ما يغالب ويكابد فيه ما يكابد ولا يكون في حال من تمام اليقظة ومع ذلك يسارع الى الاعلان بالشهادة بالتوحيد وتكبير المعبود وتسبيحة حمده تبارك وتعالى هذا لا شك انه يدل على قلب يقف ولسان ذاكر فهو يعلن الاذعان لله تبارك وتعالى بالملك والاعتراف له بالحمد كما يقول الشراح يحمده على جزيل النعم التي لا تحصى من كان بهذه المثابة فان هؤلاء تكون السنتهم رطبة بذكر الله تبارك وتعالى لانهم ان كانوا يذكرونه في هذه الحال فهم في حال النشاط واليقظة التامة يكونون اعظم ذكرا له جل جلاله وتقدست اسماؤه فهم يضيفون اليه القدرة التامة والملك الكامل وقلوبهم في حال من الاطمئنان بتوحيده وعبادته وذكره وتسبيحه وتنزيهه عما لا يليق بجلاله وعظمته ينزهونه عن صاف النقص يسلمون بالعجز عن نيل شيء الا به تبارك وتعالى. والله تبارك وتعالى وعد باجابة دعاء من بهذا دعاه من كان بهذه المثابة من عباده. وان يقبل صلاته اذا صلى والله لا يخلف الميعاد فهو الكريم الجواد الوهاب فينبغي لكل مؤمن كما يقول شراح الحديث كابن بطال رحمه الله ان من بلغه هذا الحديث ينبغي ان يغتنم العمل به. وان يخلص نيته لربه ان يرزقه حظا من قيام الليل لان هذا تنبه تعار من الليل. فحينما يقوم يصلي يصلي ماذا يصلي من الليل وان الله تبارك وتعالى ان يرزقه الاعانة والتسديد فانه لا عون الا به وان يسأله فكاك رقبته من النار لانه حينما يدعو يستجاب له هذا الدعاء وان يوفقه لعمل الابرار وان يتوفاه على الاسلام كما كان الانبياء عليهم الصلاة والسلام يسألون ربهم تبارك وتعالى ذلك وهم خيرة الخلق هم صفوة الناس فمن رزقه الله عز وجل حظا من قيام الليل فليكثر من شكره على ذلك وليسأل ربه ان يديم عليه هذه النعمة وان يختم له بالفوز بالعاقبة وان يحسن له الختام فهذا اذا سمعه المؤمن اقبلت نفسه وتنشطت لمثل هذه المقامات والاحوال التي تكون لهؤلاء من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات. الامام البخاري رحمه الله ذكر هذا الحديث تحت باب فضل من تعار من الليل تعار من الليل. النبي صلى الله عليه وسلم يقول من تعار من الليل ما معنى تعار من الليل هذه اللفظة تعار تقال للسهر والتمطي والتقلب على الفراش ليلا مع الكلام. تقلب مع الكلام ولهذا فسرها اكثر اهل العلم باليقظة مع صوت يعني وهو نائم تنبه حال نومه تتحرك مع صوت يصدره مع صوت يصدر منه. يعني الانسان عادة اذا تحرك لربما يمد صوته بانة او بهاء ممدودة او نحو ذلك مما يدل على ضعف وارتخاء وعجز وما الى ذلك مما يكون عليه النائم حينما يحصل له يقظة حينما يحصل له يقظة ايها الاحبة فان الانسان في هذه الحال يبادر الى النوم من جديد اي يرجع الى النوم من جديد وكثير من الناس لربما يحصل له ان كما فسر هنا يقظة مع صوت هذه المعاني متقاربة على كل حال اعراض الطير هو صوته الظليم ذكر النعام يصدر صوتا يقال له ذلك فهذا يدل على صوت في حال التوقف يتحرك يعني كما نقول تنبه حال النوم حصلت له انتباهه حصلت له يقظة حال النوم فانقلب فتحرك غير نومته غير هيئته في نومه نام على جنب اخر او نحو ذلك وصدر مع هذا صوت هذا الصوت يصدر عادة في مثل هذه الحال يدل على ان الانسان لا زال يغالب النوم ولا زال في سكرات من هذا النوم ونحن عرفنا ان النوم انه موتى صغرى انه وفاة صغرى مثل هذا الانسان لربما يكون في حال من الذهول لا يعي فيها كل الوعي بهذه الحال يتذكر الذكر هذا يدل على ماذا؟ يدل على قلب يقف هذا الانسان قلبه حي ولهذا قال الشراح بان قوله هنا حينما عطف القول على التعار فقال هذا الذي يصوت عادة بانين او نحو ذلك من اصوات تصدر منه تدل على تراخ وعجز وضعف وما الى ذلك عادة يصدر منه صوت بغير الذكر لكن هذا صدر منه ذكر الله تبارك وتعالى وهو في هذه الحال ولهذا قالوا بانه عطف القول على التعار هنا لاحظ تعار من الليل فقال فصار هذا الصوت الذي اصدره هو الذكر نفسه ويحتمل ان تكون الفاء تفسيرية لما صوت به المستيقظ بهذا الاعتبار فقال فهذا هو التعار تيقظ مع صوت حركة مع للحركة للنائم مع صوت فيكون هذا الصوت هو قوله كما جاء في هذا الحديث يعني الذكر فهنا خص الفضل المذكور بمن صوت بما ذكر من ذكر الله تبارك وتعالى. فبعض الشراح يقولون هذا هو السر في اختيار لفظ تعار دون استيقظ او انتبه لماذا لان هذا الذي يتعار يصدر صوتا حينما يتيقظ فصوت هذا الذاكر هو ذكر الله تبارك وتعالى بما جاء في هذا الحديث هذا لا يتفق الا لمن تعود على الذكر وصار سجية له واستأنس به وغلب عليه حتى صار حديث نفسه في نومه ويقظته فمثل هذا اكرم باجابة دعوته وقبول صلاته اذا صلى وهذا فيه فيه عبر في حال المغالبة يعني مما اذكر ما قرأته قديما في اخبار المجانين ان احد الوزراء زار مستشفى للمجانين فكان هذا يخبط وهذا يقوم وهذا يقعد وهذا يضرب برأسه في الجدار ونحو ذلك. الا واحد كان في غاية الصمت لا يتكلم ولا يتحرك فهذا الوزير اخذ جولة على هؤلاء وراء ما بهم من الاحوال ماذا يسقط وهذا يقوم وهذا يدور وهذا الا هذا فهو في غاية الصمت. فلما هم بالخروج هذا الوزير انتهت الجولة قال عندي سؤال قال تفضل اسأل قال متى يجد النائم لذة النوم فقال الوزير اذا اراد ان ينام قال وكيف يجد لذة شيء لم يدخل فيه قال فاذا استيقظ قال كيف يجد لذته وقد فارقه قال فاجبني انت قال حينما يحصل له انتباهه يقوم لحاجة ثم يرجع. يعني ما كمل النوم فقال لا كلمت مجنونا بعدك بهذا الذكاء وبهذا الحذق والمعرفة والبصر عجز هذا الوزير ان يجيب بمثل هذا الجواب وهذا الجواب وجيه كما ترون حينما يقوم الانسان يحصل له انتباهه ثم يريد ان يرجع يرد على التلفون يرد على الجرس هو يريد اسرع ما يكون ان يرجع لفراشه لينام بان هذا الهاتف قد قطع عليه هذا النوم ولذته وغمرته فيبادر الى الرجوع هذا يذكر الله تبارك وتعالى بهذا الذكر المفصل هذا يدل على ان هذا الانسان ان الذكر يجري على لسانه بمجرد ما يحصل له ادنى انتباهه. فكيف بالانتباهة الكاملة فهذا امر عجيب يستدعي الوقوف عنده والتفكر فيه انتهى الوقت الان وبقي الحديث بقي في التعليق على هذا الحديث بقايا ولا يستكثر الكلام في ذلك فان هذا الحديث قد تضمن كنزا من الكنوز التي لطالما فرطنا فيها فنسأل الله عز وجل ان يعيننا واياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه