ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته ايها الاحبة لا زال الحديث متصلا بقوله صلى الله عليه وسلم من تعار من الليل فقال حين يستيقظ لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم الحديث فقوله صلى الله عليه وسلم ثم قال الحمدلله وسبحان الله ولا اله الا الله والله اكبر فذكر عليه الصلاة والسلام هذه الكلمات الاربع التي هي افضل الكلام بعد القرآن كما عند مسلم من حديث سمرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال احب الكلام الى الله تعالى اربع لا يضرك بايهن بدأت سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر وقوله صلى الله عليه وسلم لا يضرك بايهن بدأت هذا يدل على ان الاذكار التي تقال بعد الصلاة لا يطلب فيها ترتيب معين فلو انه بدأ باي هذه الكلمات فان ذلك لا يؤثر في الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم لان اقول سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر احب الي مما طلعت عليه الشمس يعني هذا لو قالها مرة واحدة يقول احب الي مما طلعت عليه الشمس. ما الذي تطلع عليه الشمس هذه الدنيا من اولها الى اخرها بما فيها من العمران بما فيها من الزروع والحروث بما فيها من المراكب والدواب بما فيها من الكنوز من الاحمر والابيض الذهب والفضة كل هذا داخل فيه ويدخل فيه غير ذلك مما نعلمه وما لا نعلمه احب الي مما طلعت عليه الشمس فهذه الكلمات الاربع اذا ايها الاخوة لها منزلة لها مكانة لها فضل عظيم لا يمكن ان يقدر بشيء مما في هذه الحياة التسبيح لو نظرنا الى هذه الكلمات الاربع على سبيل الاجمال التسبيح تنزيه لله عز وجل عما لا يليق بجلاله وعظمته الحمد فيه اثبات انواع الكمال لله تبارك وتعالى كما سيتضح اضافة الى ما ذكرنا في الليلة الماضية التهليل فيها التوحيد الخالص لله رب العالمين. لا اله الا الله لا معبود بحق الا الله التكبير فيه تعظيم المعبود جل جلاله وتقدست اسماؤه انه لا شيء اكبر منه كما وضحنا ذلك في الكلام على الاسماء الحسنى في الكلام على اسمه الكبير وسيأتي مزيد ايضاح في الكلام على هذه الكلمات ان شاء الله تعالى فلو نظرت الى التسبيح والتحميد سبحان الله والحمد لله تجد ان هاتين الكلمتين ان هاتين الجملتين تتضمنان التوحيد بشقيه التوحيد بشقيه فهنا كلمة لا اله الا الله نفي واثبات التسبيح تنزيه نفي النقائص عن الله تبارك وتعالى ومن اعظم هذه النقائص الشركاء والا الله اثبات الوحدانية لله تبارك وتعالى هو المستحق وحده ان يعبد دون احد سواه فالاثبات في جانب في جانب الحمد وهكذا في قوله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ليس كمثله شيء هذا جانب التنزيه وهذا في التسبيح وهو السميع البصير هذا جانب الاثبات اثبات صفات الكمال وكما يقول بعض اهل العلم كالشيخ محمد الامين الشنقيطي رحمه الله بان الله ذكر من الصفات في قوله وهو السميع البصير اجلى الصفات مما يلزم به اهل النفي والتعطيل اذا كانوا ينفون عن الله اوصاف الكمال بدعوى التنزيه فيقول هذه السمع والبصر اثبتها الله عز وجل من بين سائر الصفات حينما ذكر التنزيه في قولا ليس كمثله شيء يقول رحمه الله يعني كانه يقول لا تتنطع يا عبدي فتنفي عني صفات الكمال. نعم ليس كمثله شيء ولكن هو السميع البصير. اثبت صفات الكمال فماذا عسى ان تقول في صفتي السميع والبصير فاثبت الباقي فان اثبات هذين الوصفين يكون سبيلا وسببا لاثبات جميع صفات الكمال اذا اثبت السمع والبصر فالحاصل ان هاتين الجملتين التسبيح والتحميد بينهما تكامل هذا تنزيه وهذا اثبات هذا تخلية وهذا تحلية داخلية يعني من كل نقص وهذا تحلية باوصاف الكمال ومن هنا قدم التنزيه لانه من باب التخلية والتخلية مقدمة على التحلية. فتنزهه وتطهره من كل عيب ونقص وتثبت له اوصاف الكمال اللائق بجلاله وعظمته ومن هنا ذهب كثير من اهل العلم الى ان تقديم التسبيح على التحميد اولى قالوا هذا ترتيب منطقي تخلية ثم تحلية فاذا اراد الذاكر ان يذكر يبدأ بالتسبيح. سبحان الله مع ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يضرك بايهن بدأت. لكن من جهة النظر قالوا لو انه قدم التنزيه اولا سبحان الله ثم التحميد يكون ثانيا ومن هنا ايضا فان بعض اهل العلم قالوا ان التحميد اكمل من التسبيح قالوا لان التسبيح تنزيه وتخلية وليس فيه اثبات بدلالته الظاهرة من جهة المنطوق وان كان يقتضي ثبوت كمال ضده اذا نزهت الله اوصاف النقص فهذا يقتضي انه متصف بجميع صفات الكمال لكن الحمد به اثبات جميع صفات الكمال لله تبارك وتعالى وسيأتي مزيد ايضاح لهذا ومن هنا قالوا التحميد اكمل من التنزيه من هنا ايضا قالوا بان التحميد افضل من التسبيح لكونه يتضمن اثبات صفات الكمال هاتان الكلمتان التسبيح والتحميد تتضمنان اثبات انواع التوحيد لو نظرنا مثلا الى توحيد الاسماء والصفات فتجد ان قوله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير الذي هو اصل في باب الاسماء والصفات وعرفنا في الليلة الماضية ان هذا النوع من التوحيد يقوم على اصلين نفي النقائص واثبات الكمالات فهذا موجود في التسبيح والتنزيه. يعني نحن ننظر الى هاتين الجملتين الان ثم سنتحدث عن كل واحدة منهما اذا التسبيح والتحميد متضمنان لهذا النوع من التوحيد الذي هو توحيد العلم والمعرفة التوحيد العلم الذي مداره على اثبات اوصاف الكمال لله تبارك وتعالى من اولها الى اخرها ونفي. التشبيه والمثال وتنزيهه تبارك وتعالى عن العيوب والنقائص وهذا ما يدور عليه التسبيح والتحميد فسبحان الله ليس كمثله شيء والحمد لله اثبات لنعوت الجلال واوصاف الكمال وتوحيده في هذا الباب بتحقيق هذين الامرين فاذا قال العبد سبحان الله والحمد لله قد حقق هذا النوع من انواع التوحيد ذكر هذا المعنى جمع من اهل العلم كالحافظ ابن القيم والحافظ ابن رجب واخرين وهنا لو تأملت في قصر الحمد على الله تبارك وتعالى في صرف الحمد الى المعبود جل جلاله. الحمد. نحن عرفنا ان الهادي للاستغراق كل الحمد لله اللام هذه لي الاستحقاق الحمد مستحق لله لان اضافة معنى كالحمد الى ذات تكون اللام للاستحقاق. الحمد لله. اضافة ذات لذات من شأنها ان تملك تقول الكتاب لزيد هذا للملك اللام تكن للملك اضافة ذات الى ذات ليس من شأنها ان تملك تقول المفتاح للباب هذا للاختصاص اللام للاختصاص هذا الفرق بين هذه الثلاث فهنا الحمد لله الحمد مستحق لله تبارك وتعالى هذا الحمد الذي يكون مستحقا لله جل جلاله لا يكون بمجرد اللسان كما هو معلوم. فان ذكر ذلك في اللسان من غير مواطئة القلب ومحبة الحامد للمحمود جل جلاله لا يكون حمدا على الحقيقة قد يكون نفاقا قد يكون تزلفا قد يكون ملكا فالحمد الحقيقي لابد من مواطئة القلب. ولابد من محبة من تحمده ولابد من الرضا عنه والخضوع له فلا يكون حامدا من لم يكن كذلك من كان معرضا عن محبة الله عز وجل والخضوع له هذا من جهة وهذا توحيد ومن جهة اخرى فان الحمد يكمل ويعظم ويكثر اذا كثرت اوصاف الكمال وتعاظمت. فالله تبارك وتعالى له جميع اوصاف الكمال. اذا حمده اكمل الحمد. واكثر الحمد واعلاه وكلما نقصت صفات الكمال نقص من الحمد بقدره. ولهذا كان الحمد الذي لا يكون الا لله تبارك وتعالى لا يحصيه الا هو على الحقيقة. ونحن لا نحصي ثناء عليه تبارك وتعالى لان اوصافه مهما قلنا فانه اكمل واعظم واجل من ذلك هذه الاوصاف مضمنة في الاسماء كما هو معلوم. والاسماء لا نحصيها اسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك او ذكرته في كتابك او علمته احدا من خلقك او استأثرت به في علم الغيب عندك اذا هناك اسماء استأثر بها في علم الغيب تتضمن اوصافا كاملة لا نعلمها فله من المحامد ما يليق بجلاله وعظمته وان قصرنا في حمده ومهما اجتهدنا فاننا لا نستطيع بحال من الاحوال ان نوفيه حمده. ان الاوصاف الكاملة التي نعرفها لا نستطيع ان نقوم بحمده على الوجه اللائق عليها لو نظر الانسان الى النعم التي حباها الله تبارك وتعالى بها. فانه يعجز عن حمده تبارك وتعالى. يعجز لو جلس طول الوقت يطوف بالكعبة بلا توقف لما حمد الله على الوجه اللائق لان طوافه واعانته وتوفيقه هي نعمة تحتاج الى حمد جديد كل خطوة يخطوها هي تحتاج الى حمد جديد كيف اذا يدرك حمده على الوجه اللائق هذا مثال بسيط لو ظل ساجدا الى ان يموت فانه لا يوفي حمده على الوجه اللائق لان الله هو الذي اعانه وقواه ووفقه وهداه لهذا فيحتاج الى حمد اخر وهكذا ايها الاحبة فالخلق لا يحصون الحمد لله تبارك وتعالى على الوجه اللاحق اما توحيد الالهية فاذا عرفنا ان جميع المحامد مضافة الى الله تبارك وتعالى وانه منزه عن جميع النقائص فهذا يقتضي انه المعبود واحدة الذي يستحق العبادة وحده دون احد سواه لانه الكامل من كل وجه ومن كان كاملا من كل وجه فهو الذي ينبغي ان تخضع له الاعناق. وان تذل له الرقاب وان يعبد وحده دون ما سواه هذا لو نظرت الى كلمتي التوحيد كما قلنا لا اله الا الله فتجد ان سبحان الله تعني التنزيه تنزيه الله عز وجل اولا عن الشركاء والانداد والمعبودات التي تعبد من دونه سبحانه وتعالى واذا نظرت الى جانب الاثبات في الحمد ايضا وتجد اثبات الكمالات التي من اولها واعظمها انه الاله المعبود وحده هذا اول ما يثبت من كمالاته سبحانه وتعالى الوحدانية وقل مثل ذلك في جانب الربوبية فهذه الكلمات ايها الاحبة تثبت هذه الانواع الثلاثة اذا نظرنا اليها بهذا التركيب والاجتماع سبحان الله والحمد لله ثم بعد ذلك يأتي الكلام على كل واحدة منها على سبيل الانفراد هذا واسأل الله عز وجل ان ينفعنا واياكم بما سمعنا وان يعيننا واياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته بقي من هذا الكلام على هذا الحديث مجلسان ان شاء الله تعالى