وبينا ان المراد انهم في الميزان عند الله سواء من حيث الثواب والعقاب بقي الكلام على ما بعده فالله تبارك وتعالى يقول فالذين هاجروا اي من اهل الايمان من الرجال ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته نواصل الحديث ايها الاحبة في هذه الليلة ان هذه الايات وما تضمنته من الهدايات اعني الايات التي ختمت بها سورة ال عمران كنا نتحدث عن قول الله تبارك وتعالى فاستجاب لهم ربهم اني لا اضيع عمل عامل منكم من ذكر او انثى بعضكم من بعض والنساء الذين تركوا الاهل والوطن والعشيرة في الله ولله ابتغاء ما عند الله هؤلاء الله تبارك وتعالى يجزيهم على هذا العمل الذي هو من اجل الاعمال ومن ارفع مراتبي الموالاة والمعاداة لاعداء الله تبارك وتعالى. اذ ان اعلى ذلك قوى الجهاد في سبيل الله بالقتال هذي اعلى صور المفاصلة مع الاعداء. يلي ذلك الهجرة ان يترك الاهل والوطن والعشيرة لله وفي الله ثم بعد ذلك تأتي المراتب الاخرى في الموالاة والمعاداة فالله عز وجل يقول فالذين هاجروا خرجوا من بلاد لا يأمنون فيها ولا يستطيعون ان يقيموا دين الله فيها الى بلد يستطيعون عبادة الله ويأمنون على انفسهم ويتمكنون فيها من القيام بشعائرهم فيتعبدون الله عز وجل من غير مضايقة سواء كان ذلك الى بلاد الاسلام كما هي الهجرة من مكة الى المدينة او كان الى بلد اخرى ليست ببلد اسلام كالهجرة الاولى والثانية من مكة الى الحبشة ولم تكن الحبشة ارض اسلام ولكن المشهور عند العلماء انهم يعرفون الهجرة يقولون هي الانتقال من بلد الكفر الى بلد الاسلام لكن هذا في غالب اطلاقاتها ولكنها لا تنحصر بذلك وانما ضابطها ما ذكرت. ينتقل من بلاد لا يأمن بها لا يستطيع اقامة دينه وشعائره الى حيث يأمن الى حيث يستطيع ان يعبد الله عز وجل وهذا هو المقصود الاساس. يعني من وجود الانسان وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. فيقدم ذلك على كل شيء. قدم على مصالحه الشخصية على دنياه على تجارته على بلده واخرجوا من ديارهم هنا في كثير من المواضع يذكر الله تبارك وتعالى هجرة اهل الايمان حينما هاجروا من مكة الى المدينة فيظيف ذلك الى المشركين يخرجون الرسول واياكم او يؤتى به بالبناء للمجهول اخرجوا من ديارهم يعني اخرجهم الكفار. مع انهم خرجوا بانفسهم وفي غالب الاحوال انهم خرجوا مستخفين لكن لما كان اولئك الكفار هم الذين ضايقوهم واذوهم ومن هنا كانوا قد اضطروهم الى الخروج نسب الاخراج الى الكفار فكأنهم اخرجوهم بالفعل والا فان اهل الايمان هم الذين هم الذين خرجوا هم الذين هاجروا في حالة من الاستخفاء والكفار ما كانوا يريدون لهم هذا الخروج ولذلك يقول الله عز وجل عن النبي صلى الله عليه وسلم واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك او يقتلوك او يخرجوك ويمكرون ويمكر الله فذكر الاخراج اخرا لكن من عرف التفاصيل التي كانت ابان هجرته صلى الله عليه وسلم انهم قد عزموا في نهاية المطاف على ان الخروج ليس هو المصلحة وان كانت هذه احدى الافكار المطروحة قبل ذلك من قبل الكفار او من قبل بعضهم. يتشاورون في اخراجه ثم بعد ذلك تأتي الاعتراضات من قبل اخرين وتعرفون ما اشار به الشيطان عليهم في ذلك لئلا يكون ذلك سببا لمنعة تحصل بعد ذلك في بلاد اخرى او انتشار لهذا الدين والحق الواضح المبين وهنا اخرج من ديارهم اذوهم فهنا كان الاضطرار الى الخروج واوذوا في سبيلي يعني هذا الاذى لم يكن لخصومات شخصية لم يكن لتصفية حسابات على امور مادية دنيوية او نحو ذلك انما كان ذلك في سبيل الله لم يكن لهم ذنب ولم يكن لهم جرم ولا جناية انما امنوا بالله وحده فتسلط عليهم هؤلاء الشياطين والاشرار فاذوهم غاية الاذى كما قال الله عز وجل يخرجون الرسول واياكم. لماذا ان تؤمنوا بالله ربكم وذكر هنا لفظ الجلالة الله هذا الاسم وذكر الرب على سبيل التتابع ان تؤمنوا بالله ربكم ولم يكتفي بواحد منهما كانه يقول انكم امنتم بالله فهو المألوه المعبود الذي ينبغي ان تخضع النفوس والجباه له وحده دون ما سواه. وهو ربكم خالقكم ورازقكم ومربيكم بالنعم الظاهرة والباطنة فعبادته امر لا اشكال فيه ولا غرابة وليس ذلك بجرم فهو ربكم ينبغي ان تتوجهوا اليه بالعبادة دون من سواه ان تؤمنوا بالله ربكم. وهكذا في قوله وما نقموا منهم الا ان يؤمنوا بالله العزيز الحميد. باصحاب الاخدود فهؤلاء الذين اخرجوا في سبيل الله واضطهدوا في سبيل الله واوذوا في سبيل الله وقاتلوا وقتلوا قاتلوا وقتلوا لاحظ هنا القتال قاتلوا وقتلوا هذه اعلى كما قلنا صور المفاصلة مع اعداء الله تبارك وتعالى. فهذه القراءة التي نقرأ بها قاتلوا وقتلوا. يعني قاموا بهذا وهذا وهذه اكمل صور الجهاد ان يقتل اعداء الله وان يقتل في سبيل الله يعني يكون له نكاية في الاعداء ثم هو بعد ذلك يكون شهيدا بقراءة اخرى متواترة لابن كثير وابن عامر من السبعة وقاتلوا وقتلوا قتلوا وزيادة المبنى لزيادة المعنى وذلك والله اعلم لكثرة الافراد الذين يقع عليهم القتل من اهل الايمان وعسكرهم. يعني الذين يقتلون في سبيل الله كثر فقال قاتلوا وقتلوا والا فالانسان يقتل مرة واحدة فهنا قتلوا يدل على الكثرة وذلك لكثرة من وقع عليهم القتل في صفهم ومعسكرهم من جند الله عز وجل وحزبه من اهل الايمان. في القراءة الاخرى لحمزة والكسائي وقتلوا وقاتلوا وهذه في المعنى مثل القراءة الاولى التي نقرأ بها الا انه فيها تقديم وتأخير قتلوا وقاتلوا هم لا يقتلون الا بعد ان يقاتل وعلى كل حال ذكر ما هو اشد وذلك ما يقع عليهم من القتل فابتدأ به على هذه القراءة والله تعالى اعلم. جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله ارأيت ان قتلت في سبيل الله صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر ايكفر الله عني خطاياي قال نعم ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم كيف قلت فاعاد عليه ما قال فقال نعم الا الدين قاله لي جبريل انفة هذا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مطابق لهذه الاية في الجزاء المذكور لهؤلاء وذلك يخرج من مشكاة واحدة وهي الوحي والنبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى قال الله تعالى في بيان جزاء هؤلاء لاكفرن عنهم سيئاتهم تكفر السيئات تغفر جميعا. والسيئات هنا جمع مضاف الى المعرفة وذلك للعموم فدل على ان القتل في سبيل الله يكفر الكبائر ويكفر الصغائر فيذهبها ويبطلها ويزيلها ويمحوها بالكلية وليس ذلك فحسب ولادخلنهم جنات تجري من تحتها الانهار جنات جنات هي البساتين التي تستر من دخلها لكثرة اشجارها تجري من تحت هذه الاشجار والقصور الانهار التي فيها انواع المشارب من اللبن والعسل والخمر والماء غير الاسم الذي لم يتغير لا رائحته ولا لونه ولا طعمه لا بشيء من الطاهرات ولا بشيء من النجاسات اعني بذلك انه لم يتغير التغير المذموم الذي يحصل بالدنيا من بقاء الماء مدة لا يتحرك ولا يستعمل. فيقال له اس تتغير رائحته ويتغير طعمه هذا الماء غير اسن والا فهم يشربون على كل حال من ماء في غاية النقاء والصفاء وطيب الطعم والرائحة. هذا الذي يحصل لهم ثوابا من عند الله لاحظ هنا نكره ثوابا اي عظيما جليلا لان التنكير احيانا يفيد التعظيم ويشعر به. ثم يدل على عظمة هذا الثواب انه اضافه اليه تبارك وتعالى ثوابا من عند الله. والله هو الكريم العظيم الغني فاذا كان هذا الثواب من عند الله اذا هو ثواب عظيم جزيل لا يقادر قدره. حينما يقال لانسان يقول له عظيم من العظماء في الدنيا يقول هذا ساعطيك سادفع اليك سابعث اليك هدية من عندي شخصيا ماذا يتوقع يذهب ذهنه هنا وهناك في جزيل العطايا لكن حينما يقول له احد ممن عرف بالامساك والقبض او قلة ذات اليد اقول له ساعطيك هدية من عندي وماذا يتوقع وقع شيئا يسيرا ولو اعطاه شيئا له شأن او قيمة لربما استغرب وقال هذا ما ما خطر على بالي ولا توقعته يقلبه معقولة واذا اعطاه شيئا لربما يأخذه على اغماض لانه يتوقع انه لا شأن له ولا قيمة لكن حينما يقال ثوابا من عند الله ولا تسأل عن هذا الثواب طافه اليه يدل على انه عظيم والعظيم لا يعطي الا الجزيل الكثير ثوابا من عند الله يعني لاثيبنهم ثوابا كائنا من عند الله تبارك وتعالى. والله عنده حسن الثواب. هذا امر ثالث يدل على عظم هذا العطاء والثواب والجزاء عنده حسن الثواب عنده حسن الجزاء لمن عمل صالحا وامن بالله تبارك وتعالى. هذا الذي لهؤلاء اما هؤلاء الكفار هؤلاء البؤساء هؤلاء المساكين الذين لربما يستهويهم المرعى الوخيم فترتع به نفوسهم تهش له ثم بعد ذلك ما يفتأ ان يقتلها فتموت حبطا هذه النفوس البهيمية نفوس الكفار هؤلاء مثلهم ايها الاحبة مثل غنم رتعت في ارض فيها مروج خضراء ولكنها سامة فاذا نظر اليهم الناظر الذي لا بصر له ولا معرفة يقول ما هذه المراعي ما هذه الزروع وما هذه الاشجار والاعشاب والنباتات التي انطلقت فيها هذه الدواب فيظن ان ذلك خيرا لها ولكنه مرعا وخيم. نباتات سامة ترتع ثم بعد ذلك تكون هلكتها. هذا حال الكفار في المتع الدنيوية العطايا الدنيوية اذا رآهم من لا بصر له يقول يتقلبون بانواع النعيم. اجواء غائمة بلاد باردة بلاد خضراء على مد البصر بلاد ممكنة مطالبهم وحاجاتهم مذللة ليس عندهم ما يستعصي عليهم من امور الدنيا. غنى. البنية التحتية. كل انواع الخدمات متوفرة تصل الواحد الى بيته لا يحتاج ان يقف طوابير ولا يحتاج ان يتعب ولا يحتاج ان يبتئس ويذهب كثير من ابناء المسلمين يعجبون بما هم فيه بل لربما يفتن بعض وهم بذلك كفار وعندهم هذه الاشياء حتى الاجواء ممطرة دائما واجواء. جميلة خرافية كما يعبر بعض الناس هكذا يقولون. اذا اعجبوا بشيء قالوا خرافي ولكن في الواقع هي مراتع المجرمين مراتع الظالمين مراتع اهل النار حيث يمتعون قليلا وتكون هذه المراعي في النهاية تهوي بهم في منتهاها الى حفرة من حفر النار يتهافتون ويتساقطون فيها. هؤلاء مثلهم ايها الاحبة كالحب الذي يوضع يضعه الصياد يستدرج به الصيود ثم بعد ذلك شيئا فشيئا تتبعه وما علمت ان حتوفها تنتظرها في هذه المراتع او بعيد هذه المراتع فهذا طعم فهذا الذي يتمتع به هؤلاء الكفار هو طعم الى النار هو قوتهم الى النار لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد قلبون يذهبون ويجئون بالتجارات والمكاسب والاموال الطائلة والصناعات وانواع الملاذ وجيوش تشرق وتغرب وحاملات في الطائرات وحاملات ومدمرات وغير ذلك استعراض شرقا وغربا ويراهم المؤمن الضعيف لربما يفتتن بهذا. ما هذا؟ ما هذا التمكين ميزانيات ضخمة وهائلة بارقام لا يعرف الانسان احيانا كيف يقرأها لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد لا تنظر الى ما فيه هؤلاء من الترف من النعيم من اللذات فهؤلاء مع ما هم فيه عما قليل يزول ذلك جميعا متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد. هذا استدراج يزول ذلك وينقشع ويتحول بسرعة وتصير الحال الى ارتهان بالاعمال فيبقى الواحد منهم مأسورا بعمله وعند ذلك يندم ولا ينفعه الندم. فكل ذلك من قبيل الاستدراج. متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد ما الفائدة ان يمشي الانسان بحلل ومروج الى حفرة من حفر النار يهوي بها من يقبل بهذا لو قيل له تمشي ممشى يوم او سنة في طريق كله من المروج واللذات لكن النهاية حفرة لابد ان تقع فيها من حفر النار ويحترق ويموت لا يقبل بهذا احد فكيف بنار لا يموت فيها ولا يحيى؟ لا يمكن ان تقاس بنار الدنيا. فعلى اي شيء يغبط هؤلاء فالله تبارك وتعالى يستدرجهم ما يجادل في ايات الله الا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد فهذه كهابه ان الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع في الدنيا ثم الينا مرجعهم. ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون نمتعهم قليلا ثم نضطرهم الى عذاب غليظ افمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كما متعناه متاع الحياة الدنيا. ثم هو يوم القيامة من المحضرين. هذه حال الكفار والله عز وجل يقول في سورة الزخرف ولولا ان يكون الناس امة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون درج ولبيوتهم ابوابا وسررا عليها يتكئون وزخرفا ذهب لكن ان كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والاخرة عند ربك للمتقين فهذه هي الحقيقة التي يجب ان نعيها جيدا وان نعرفها دون ان يكون الناس امة واحدة يعني لان لا يفتن المؤمن بالكافر حينما يرى الابواب من ذهب والسرر من ذهب. المجالس من ذهب ومن فضة بيوتهم الان من اخشاب وحديد وطوب ومع ذلك هذه الفتنة العظيمة بهم. كيف لو كانت لبنة من ذهب ولبنة من فضة ودرج من ذهب ومجالس ومتاكي من ذهب؟ ما الذي يحصل للناس سيفتن بهم كثير من اهل الايمان ولكن الله رؤوف رحيم لطيف بعباده. لم يجعلهم بهذه المثابة والا لولا الخشية على اهل الايمان يفتنوا بهؤلاء الكفار لك انت بيوت هؤلاء الكفار بهذه المثابة من الذهب والفضة ثم ماذا لو كانت الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافر شربة ماء جناح بعوضة ما قيمة البعوضة فضلا عن الجناح ما سقى منها كافر. اذا هي الدنيا باكملها لا تساوي عند الله جناح بعوضة. اذا الفتنة على ماذا الحسرات على ماذا تنافس على ماذا اسأل الله عز وجل ان ينفعنا واياكم بما سمعنا يجعلنا واياكم هداة مهتدين والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه