ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته ايها الاحبة هذا الذكر كما اسلفنا يكون به حياة القلب وعافيته وبه يصقل هذا العضو الذي هو ملك الجوارح فهي تأتمر بامره وتقف عند حركته وتوجهه فحيثما وجهها توجهت ومن ثم فان ذلك ينعكس على الجوارح كما انه يثمر في هذا القلب الاعمال القلبية الزاكية فان صلاح هذا القلب وزكاءه يعني ويقتضي ان تزكو فيه وتنمو الاعمال التي هي اشرف من جنس اعمال الجوارح تزكو فيه الاعمال التي جنسها اشرف من جنس اعمال الجوارح وهي اعمال القلوب فهذا الذكر اذا اكثر منه العبد فان ذلك يورثه محبة المعبود جل جلاله وهذه امور لا تخفى كما ان من احب شيئا فانه يكثر من ذكره ويلهج باطرائه والثناء عليه وذكر محامده وفضائله وكمالاته والله تبارك وتعالى هو العظيم الاعظم ذو الصفات الكاملة الذي يستحق الحمد من كل وجه ويستحق الشكر من كل وجه ويستحق الثناء والتمجيد من كل وجه فاذا اشتغلنا بذكر الله تبارك وتعالى حصلت لنا المحبة وتحققت في قلوبنا وهذه المحبة كما يصفها الحافظ ابن القيم رحمه الله هي روح الاسلام وقطب رحى الدين ومدار السعادة. فاذا احب العبد ربه واحب الرب عبده فلا تسأل عن حاله. من الاقبال على الطاعة والانتفاف عن المعصية والفرح والسرور والانشراح بذكره فيجد قلبه وانسه وراحته بهذه المجالس التي يذكر الرب تبارك وتعالى فيها كما ان ذلك يورثه مراقبة الله تبارك وتعالى فلا يغيب ذلك عن قلبه. واذا حصلت هذه المراقبة دخل العبد في مرتبة الاحسان ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك هذه المراقبة يأتي معها العبد بالاعمال الصالحة على الوجه الاكمل فاذا صلى كان قلبه حاضرا في صلاته فيأتي بها على وجه وحال من الخشوع مرضية كما ان انه حينما يعمل شيئا من الاعمال الصالحة فانه يراقب الله ولا يلتفت الى المخلوقين ومن ثم فان نيته وقصده انما هو ارادة ما عند الله تبارك وتعالى دون التفات الى ما لا يحل الالتفات اليه من الرياء والسمعة. اذا كان العبد يراقب ربه ان حالته في الخلوة والجلوة تكون على حال سواء لا فرق بين خلوته وجلوته لانه يعلم ان الله يراه اما الغافل فلا سبيل له الى تلك المنازل والمراتب العالية كما لا سبيل للقاعد الى الوصول الى بيت الله الحرام. وهذان مثالان مما يتصل باعمال القلوب ولك ان تحضر هذه المعاني في سائر الاعمال القلبية من الخوف والرجاء وما الى ذلك. كما ان من فوائد هذا الذكر ايها الاحبة انه يصرف صاحبه عن الاشتغال بما لا ينفعه. يصرفه عن اشتغال بالباطل واللغو بجميع انواعه والعبد لابد له من ان يتكلم. لابد لهذا اللسان من حركة فان لم يتكلم بذكر الله وذكر اوامره تكلم بهذه الامور التي تضره ولا تنفعه من الغيبة والنميمة والكذب والفحش والباطل وصار لسان حاله في مجالسه تعال بنا نغتب ساعة. تعال بنا اجلس نلغو ساعة اما اهل الذكر فانهم بمنأى عن ذلك وفي شغل شاغل عنه فلا سلامة ايها الاحبة من هذه الامور الا بان يشغل هذا اللسان بذكر ربه وخالقه وفاطره سبحانه وتعالى. فمن عود لسانه ذكر الله كما يقول الحافظ ابن القيم صان لسانه عن الباطل واللغو. ومن يبس لسانه عن ذكر الله ترطب بكل باطل ولغو وفاحش كما هو مشاهد. فهذا الاشتغال بهذا يجعله من الذاكرين والناس اما ان يكون ممن له لسان ذاكر او ممن له لسان لا ولابد من احدهما فهي النفس كما هو معلوم ان لم تشغل بالطاعة شغلت صاحبها باضداد ذلك تشغل صاحبها بالمعصية تشغل صاحبها بالباطل هو القلب ان لم تسكنه محبة الله تبارك وتعالى سكنته محبة المخلوقين. هو اللسان ان لم تشغله بالذكر شغلك باللغو لا سيما في مثل هذه الاوقات ايها الاحبة التي كثر فيها اشتغال الناس بالقيل والقال وصارت مجالسهم عامرة النقل والكلام والرد والمجادلة وما الى ذلك مما ينقلونه ويتلقونه عبر هذه الوسائل الاعلامية. فاذا جلسوا صار هذا الاشتغال هو ديدنهم. فمن الذي يشتغل في مثل هذه الايام بذكر الله عز وجل ويعمر هذه المجالس بهذه الامور النافعة. ان تتابع الاحداث ايها الاحبة. وكثرة ما ينقل من الحق والباطل. ومما يثق به المرء ومما لا يثق به ويتناقله الناس على سبيل السرعة كل ذلك يجعلنا نمعن في هذا الاشتغال الذي يبعدنا كثيرا عن ذكر الله عز وجل فتحصل الغفلة للعبد. من فوائد هذا الذكر انه غراس الجنة وهل تعلمون شيئا مما يشتغل به الناس في مجالسهم يكون غراسا للجنة سوى الذكر؟ النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه يقول لقيت ليلة اسري بي ابراهيم الخليل عليه السلام. فقال يا محمد اقرئ امتك السلام. واخبرهم ان الجنة طيبة التربة وعذبة الماء وانها قيعان وان غراسها سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر. هذا غراس الجنة. فاذا قال الانسان هذه الكلمات الاربع فقد غرس اربعا من غراس الجنة. واذا اكثر فان ذلك يكون له اكثر وفضل الله عز وجل عليه اعظم لكن حينما يريد الانسان ان يغرس في هذه الحياة الدنيا بستانا فقد يستنطف ذلك ما عنده من المال. وتلحقه الديون. ولا يدري ما الذي يكون له بقاء من هذه الغراس وما الذي يثمر منها وما الذي لا يثمر؟ ولكن هذا الغراس الذي يكون رابحا بكل حال. وفي حديث جابر رضي الله عنه مرفوعا من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة. هذه امور يسيرة تغرس بها الجنان هكذا ايضا ما رتب عليه من عظم الجزاء مما لا يوجد في غيره من الاعمال. فهنا في الصحيحين من حديث ابي هريرة طيرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من قال لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مئة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت احد بافضل مما جاء به الا رجل عمل اكثر منه انا ذكرته مختصرا فيما يتصل بالحرز من الشيطان فقط وهذا سياقه كاملا. والشاهد هنا ولم يأت احد بافضل مما جاء به الا رجل عمل اكثر منه. اذا هذا هذا الذكر الذي يقوله الانسان يكون به متقدما يكون به فاضلا على غيره من العاملين الذين يعملون سائر الوان التطوعات ومن قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وان كانت مثل زبد البحر وعند مسلم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه مرفوعا لان اقول سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر احب الي مما طلعت عليه الشمس. ما الذي تطلع عليه الشمس من الاحمر والاصفر من الكنوز من الزروع من الدواب من العقارات احب الي مما طلعت عليه الشمس. وهنا ما قيد ذلك بعدد. لان اقول سبحان الله الحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر احب الي مما طلعت عليه الشمس. في ماذا يتسابق المتسابقون في هذه الحياة الدنيا؟ ما الذي يقضون به اوقات اتاهم سواء من حصل منهم او لم يحصل. ان الكثيرين انما يتعلمون هذه السنين المتطاولة رجالا ونساء من اجل ان يحصل ان يحصل عائدا من مال يعود عليه في نهاية المطاف لا يدري هل يجده او لا يجده وقل مثل ذلك في من تنأى به البقاع من اجل طلب لقمة العيش. وهكذا اولئك الذين يقضون الساعات الطوال. ولو نظر العبد في مثل هذا لوجد انه يفوت خيرا عظيما على نفسه من غير ان يحتاج الى بذل جهد ولا كلفة. لا عيب في ان الانسان يطلب الرزق وهذه سنة الله عز وجل في هذا الخلق وانما المقصود ايها الاحبة لفت الانظار الى ما نغفل عنه فنحن نغفل عن خير عظيم وهكذا في حديث ثوبان رضي الله عنه مرفوعا من قال حين يمسي واذا اصبح رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد الله عليه وسلم رسولا كان حقا على الله ان يرضيه. فمثل هذا معناه انه يكون له الفلاح والفوز فبذلك يحصل له رضا. هذا بعض ما جاء في فضله. وذلك يدل على غيره وهو قليل من كثير. اسأل الله تبارك وتعالى ان يجعلنا واياكم من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات. ربنا اغفر لنا ولوالدينا ولاخواننا المسلمين. والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه