وما جعله الله الا بشرى ولتطمئن به قلوبكم. وما النصر الا من عند الله ان الله عزيز حكيم. وما جعله الله اي انزال الملائكة الا بشرى. اي لتستبشر بذلك نفوسكم ولتطمئن به قلوبكم والا فالنصر بيد الله ليس بكثرة عدد ولا عدد ان الله عزيز لا يغالبه مغالب. بل هو القهار. الذي يخذل من بلغوا من الكثرة وقوة العدد والالات ما بلغوا. حكيم النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ويكرهون لقاء عدوهم كانما يساقون الى الموت وهم ينظرون. والحال ان هذا لا ينبغي خصوصا بعدما تبين لهم ان خروجهم بالحق ومما امر الله به ورضيه. فبهذه الحال ليس للجدال محل فيها المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي يجادلونك في الحق بعد ما تبين الى الموت وهم ينظرون. قدمت على امام هذه الغزوة الكبرى المباركة الصفات التي على المؤمنين ان يقوموا بها. لان من قام بها استقامت احواله وصلحت اعماله. التي من اكبرها الجهاد في سبيل الله فكما ان ايمانهم هو الايمان الحقيقي. وجزاءهم هو الحق الذي وعدهم الله به. كذلك اخرج الله رسوله صلى الله عليه وسلم من بيته الى لقاء المشركين في بدر بالحق الذي يحبه الله تعالى وقد قدره وقضاه. وان كان المؤمنون لم يخطر ببال الهم في ذلك الخروج انه يكون بينهم وبين عدوهم قتال. فحين تبين لهم ان ذلك واقع جعل فريق من المؤمنين يجادلون لان الجدال محله وفائدته عند اشتباه الحق والتباس الامر. فاما اذا وضح وبان فليس الا الانقياد والاذعان هذا وكثير من المؤمنين لم يجري منهم من هذه المجادلة شيء. ولا كرهوا لقاء عدوهم وكذلك الذين عاتبهم الله ان قادوا للجهاد اشد الانقياد. وثبتهم الله وقيض لهم من الاسباب ما تطمئن به قلوبهم كما سيأتي ذكر بعضها وان يعدكم الله احدى الطائفتين انها لكم. وتودون ان غير ذات وكان اصل خروج يتعرضون لعير خرجت مع ابي سفيان ابن حرب لقريش الى الشام. قافلة كبيرة. فلما سمعوا برجوعها من الشام ندب النبي صلى الله عليه وسلم الناس فخرج معه ثلاثمائة ومضعة عشر رجلا معهم سبعون بعيرا يعتقدون عليها ويحملون عليها متاعهم. فسمعت بخبرهم قريش فخرجوا بمنع غيرهم في عدد كثير وعدة وافرة من السلاح والخيل والرجال يبلغ عددهم قريبا من الالف توعد الله المؤمنين احدى الطائفتين. اما ان يظفروا بالعير او بالنفير فاحب العيرة لقلة ذات يد المسلمين. ولانها غير ذات شوكة ولكن الله تعالى احب لهم واراد امرا اعلى مما احبوا اراد ان يظفروا بالنفير الذي خرج فيه كبراء المشركين وصناديدهم. ويريد الله ان يحق الحق بكلماته. فينصر اهله ان يستأصل اهل الباطل ويري عباده من نصره للحق امرا لم يكن يخطر ببالهم ليحط الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون. ليحق الحق بما يظهر من الشواهد والبراهين على صحته وصدقه ويبطل الباطل بما يقيم من الادلة والشواهد على بطلانه. فلا يبالي الله بهم ان تستغيثون ربكم فاستجاب لكم اني ممدكم بالف من الملائكة مردفين اي اذكروا نعمة الله عليكم لما قارب التقاؤكم بعدوكم استغثتم بربكم وطلبتم منه ان يعينكم وينصركم فاستجابوا لكم واغاثكم بعدة امور. منها ان الله امدكم بالف من الملائكة مردفين. اي يردف بعضهم بعضا حيث قدر الامور باسبابها ووضع الاشياء مواضعها. ومن نصره واستجابته لدعائكم ان انزل عليكم نعاسا ليطهركم به يغشيكم اي فيذهب ما في قلوبكم من الخوف والوجل. ويكون امنة لكم وعلامة على النصر والطمأنينة. ومن ذلك انه انزل من السماء مطرا ليطهركم به من الحدث والخبث وليطهركم به من وساوس الشيطان ورجسه وليربط على قلوبكم ان يثبتها فان ثبات القلب اصل ثبات البدن ويثبت به الاقدام فان الارض كانت سهلة دهسة فلما نزل عليها المطر تلبدت وثبتت به الاقدام. ومن ذلك ان الله اوحى الى الملائكة اني معكم بالعون والنصر والتأييد فثبتوا الذين امنوا اي القوا في قلوبهم والهموهم الجراءة على عدوهم. ورغبوهم في الجهاد وفضله. سالقي في قلوب الذين كفروا الرعب الذي هو اعظم جند لكم عليهم. فان الله اذا ثبت المؤمنين والقى الرعب في قلوب الكافرين. لم يقدر الكافرون على الثبات لهم ومنحهم الله اكتافهم. فاضربوا فوق الاعناق اي على الرقاب. واضربوا منهم كل بنان. اي مفصل وهذا خطاب اما للملائكة الذين اوحى الله اليهم ان يثبتوا الذين امنوا. فيكون في ذلك دليل انهم باشروا القتال يوم بدر او للمؤمنين يشجعهم الله ويعلمهم كيف يقتلون المشركين. وانهم لا يرحمونهم. وذلك لانهم شاقوا الله ورسوله. اي حاربوا ابوهما وبارزوهما بالعداوة اتق الله ورسوله فان الله شديد العقاب. ومن عقابه تسليط اوليائه على اعدائه قيلهم ذلكم فذوقوه وان للكافرين عذابا ذلكم العذاب المذكور فذوقوه ايها المشاققون لله ورسوله عذابا معجلا وفي هذه القصة من ايات الله العظيمة ما يدل على ان ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله حقا منها ان الله وعدهم وعدا فانجز هموه. ومنها ما قال الله تعالى قد كان لكم اية في فئتين التقت فئة تقاتل في سبيل الله واخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين. ومنها اجابة دعوة الله للمؤمنين ما استغاثوه بما ذكره من الاسباب. وفيها الاعتناء العظيم بحال عباده المؤمنين وتقييد الاسباب التي بها ثبت ايمانهم وثبت اقدامهم وزال عنهم المكروه والوساوس الشيطانية. ومنها ان من لطف الله عبده ان يسهل عليه طاعته. وييسرها باسباب داخلية وخارجية