بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله سلام من الله عليكم وتحية مني اليكم. واهلا بكم في الصفحة الثامنة عشرة من القرآن الكريم. وقد تخيرت لكم منها
الاية الثامنة عشرة بعد المائة من سورة البقرة. وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله او تأتينا اية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم. قد بينا الايات لقوم يوقنون
عطفت هذه الاية على ما سبقها لبيان اشتراك المشركين مع اهل الكتاب من اليهود والنصارى في الاقوال والعقائد الضالة. فكما قالت اليهود لموسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهره
كما قالت النصارى لعيسى هل يستطيع ربك ان ينزل علينا مائدة من السماء قال المشركون هلا يكلمنا الله او نرى معجزة وقلوبهم متشابهة وايات الله واضحة لمن يظهر اليقين. ويعترف بالحق لا لقوم مكابرين
وفي هذه الاية وقفات اولها لولا لولا هذه حرف تحضيط بمنزلة هلا ولو ما طبعا اصيب منه هنا التعجيز والاعتذار عن عدم الاصغاء للرسول استكبارا اذ عدوا انفسهم احرياء بالرسالة وسماع كلام الله تعالى
ولاحظوا هذه لولا مختصة عند اهل النحو وفي العربية في الواقع مختصة بالافعال. خلاف لولا لولا الشرطية التي تعرب حرف امتناع لوجود تلك لا تدخل الا على الاسماء. يأتي بعدها مبتدأ وآآ غالبا خبره محذوف. اما هذه
فهي مختصة بالافعال. كقوله تعالى مثلا وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم وقد يضمر الفعل بعدها كما قال الشاعر تعدون عقر النييب افضل مجدكم بني ضوثرا لولا الكمي المقنع
اي لولا تعدون الكمية الشجاع المقنعة؟ والوقفة الثانية على قوله او تأتينا اية ارادوا هنا مطلق اية التنكير النوعية والمراد بالاية العلامة والدلالة طبعا في هذا مكابرة وجحود لما جاءهم من الايات. وحسبك باعظمها وهو القرآن الكريم
لكن هم يريدون علامة يعني اي علامة جاءت جاءت هنا على التنكير على انهم في مقام اخر آآ بينوا بعض العلامات كما قالوا مثلا وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الارض ينبوعا. يحسبون ان الايات هي
فقط عجائب الحوادث والمخلوقات وما دروا ان الاية العلمية العقلية اوضح المعجزات لعمومها ودوامها  والوقفة الثالثة على قوله تعالى كذلك قال الذين من قبلهم هذه كناية عن الاعراض عن جواب مقالهم
وانه لا يستأهل ان يجاب. لانهم ليسوا بمرتبة بمرتبة بمرتبة من يكلمهم الله وليست افهامهم باهل في ادراك ما في نزول القرآن من اعظم اية والرابعة تشابهت قلوبهم اي كانت قلوبهم متشابهة في سوء النظر
فلذا اتحدوا في المقالة والقلوب هنا كما لا يخفى هي العقول. كما يعني في في مواضع كثيرة من القرآن الكريم وقوله تشابهت صيغة من صيغ التشبيه وهي اقوى من حروفه. اقوى من ان يعني تأتي به
تشبيه واقرب للتشبيه البليغ. ومن محاسن ما جاء في ذلك في الشعر قول الشاعر تشابه دمعه اذ جرى ومدامته ثمين مثل ما في الكأس عيني تسكب والوقفة الاخيرة على قوله تعالى قد بينا الايات لقوم يوقنون
يوقنون هذه الصيغة بصيغة المضارع المضارعة بصيغة المضارع. للدلالة على التجدد والاستمرار وهي كناية عن كون الايمان خلقا لهم بعكس اولئك الذين دأبهم الاعراض والمكابرة واما تبيين الايات وهو ما جاء من القرآن المعجز للبشر
الذي تحدى به جميع البشر ولم يستطع احد منهم ان يأتي بمثله وفي الحديث الشريف ما من نبي الا اوتي من الايات ما مثله امن عليه البشر وانما كان الذي اوتيت وحيا اوحى الله اليه
فارجو ان اكون اكثرهم تابعا يوم القيامة وقد لمح امير الشعراء شوقي هذا المعنى بقوله جاء النبيون بالايات فانصرمت وجئتنا بكتاب غير منصرم اياته كلما طال المدى جدد يزيلهن جمال العتق والقدم