اذ ان الله تعالى اثبت الكلام في سورتين بسورة النداء وهو الكلام بصوت رفيع ولا يطلق في كلام العرب النداء الا على ما كان صوتا رفيعا ولا يمكن ان يقال في هذا وقول الله تعالى وناديناه من جانب الطور الايمن وقربناه نجيا. واذ نادى ربه موسى ان ائت القوم الظالمين. وقوله وناداهما ربهما الم انهكما عن تلكما الشجرة. وقوله ويوم يناديهم فيقول اين شركائي الذين كنتم تزعمون. وقوله ويوم يناديهم فيقول ماذا اجبتم المرسلين هذه الايات الكريمات كلها تثبت ان الكلام الذي يتصف به جل في علاه حقيقة وليس مجازا كما يدعيه من يدعيه انه مجاز بل لا يطلق ولا يعرف الا على الكلام الحقيق الكلام الحقيقي واثبت نداء وهو الحديث مسارا فالله جل وعلا اثبت لموسى هذين النوعين من الكلام قال جل في علاه وناديناه من جانب الطور الايمن وهذا الكلام بصوت رفيع مسموع وقربناه نجيا. وهذا كلام كلام مخافة ومناجاة ومسارة وكلاهما ثابت لموسى عليه السلام وقد خصه الله عز وجل بذلك ولهذا كان من اوصافه عليه السلام انه كليم الرحمن وذلك ان اختصاصه بهذه الصفة ميزه الله تعالى به عن سائر النبيين. من جهتين من جهة اثبات جميع اوجه الكلام من النداء والنداء. ومن جهة ان الله عز وجل ابتدأ الوحي اليه بالكلام مباشرة دون واسطة بخلاف سائر المرسلين فان الله عز وجل كلمهم واوحى اليهم بواسطة وهو جبريل عليه السلام في ابتداء الوحي ولهذا اخبر الله تعالى عن اختصاص موسى بالكلام دون سائر النبيين فقال وكلم الله موسى تكليما تحقيقا لهذا المعنى وانه كلمه كلاما ميزه به عن سائر النبيين صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين فالمقصود ان هذه الايات تثبت ان كلام الله عز وجل كلام حقيقي وانه بصوت مسموع رفيع وخفي وقد جمع الله هذين النوعين لنبي من انبيائه وهو موسى عليه السلام في قوله جل وعلا وناديناه من جانب الطور الايمن وقربناه نجيا وهذا النداء من الصفات الفعلية وهو وهو دليل على ان الكلام الذي يتصف به جل في علاه صفة ذاتية باعتبار ان الله لم يزل ولا يزال متكلما جل في علاه وهو صفة فعلية باعتبار افراد الكلام واحاده وباعتبار ايضا انواعه فان النداء ليس في كلام الله ليس كل كلام الله نداء وليس كل كلام الله نشاء ولذلك كان نداؤه ومناجاته جل وعلا لمن يناجيه من عباده من صفات الفعل