وقوله صلى الله عليه وسلم لله اشد فرحا بتوبة عبده المؤمن التائب من احدكم براحلته. متفق عليه وقوله صلى الله عليه وسلم يضحك الله الى رجلين يقتل احدهما الاخر كلاهما يدخل الجنة متفق عليه وقوله صلى الله عليه وسلم عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غيره ينظر اليكم ازلين قنيطين. فيظل يضحك يعلم ان فرجكم قريبا. حديث حسن. هذه الاحاديث الثلاثة كلها في اثبات صفات الفعل لله عز وجل وانه سبحانه وبحمده يفعل ما يشاء ولا ريب ان الله تعالى اخبر في كتابه عن افعاله واخبر عنه رسوله صلى الله عليه وسلم وافعاله الاختيارية تليق به وهي منوطة بمشيئته ثابتة له على الوجه اللائق به سبحانه وبحمده. فالحديث الاول حديث انس ابن مالك رضي الله تعالى عنه في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لله اشد فرحا بتوبة عبده المؤمن التائب من احدكم براحلته يخبر النبي صلى الله عليه وسلم بعظيم الفرح الذي يكون من الله جل وعلا لتوبة التائب. فالله سبحانه وتعالى يفرح بتوبة عبده اشد من فرح صاحب الراحلة الذي اضاعها واظلها في الصحراء ثم وجدها من غير سعي منه. فالله سبحانه وبحمده اشد فرحا بالعبد بتوبة العبد من صاحب الضالة تعود اليه ضالته ويجد ضائع ماله من غير جهد ولا طلب وهذا فيه الخبر عن عظيم رحمة الله بعباده. وهو يدل على عظيم محبته جل في علاه للتوبة. وان التوبة تقع منه هذا الموقع العظيم الجليل. اذ ان الله تعالى يفرح بها. وما فرح الله تعالى به سبحانه وبحمده فانه يحبه وهو مما يندب الى التحلي به كما دل عليه الحديث الشريف اما الحديث الاخر وهو اثبات صفة الضحك لله عز وجل على الوجه اللائق به يضحك الله الى رجلين يقتل احدهما الاخر كلاهما يدخل الجنة هذا الحديث رواه البخاري ومسلم من حديث ما لك عن ابي الزناد عن الاعرج عن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه. يخبر فيه النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن ضحكه هذا يدل على رضاه جل في علاه بهذه الحال والخبر عن ضحك الله عز وجل جاء في سنة النبي صلى الله عليه وسلم على وجه متواتر وهو دال على عظيم صفاته وكماله سبحانه وبحمده ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم ينظر اليكم الرب قنطين اي بسبب قلة المطر او جذبه وقحط الامطار فيظل يضحك سبحانه وبحمده يعلم ان فرجكم قريب. لما سمع ذلك ابو رزين العقيلي رضي الله تعالى عنه. وهو من الصحابة الكرام قال يا رسول الله اويضحك الرب؟ يستفسر هل يضحك ربنا جل في علاه؟ فاجاب النبي صلى الله عليه وسلم نعم ثم علق ابو رزير رضي الله تعالى عنه على هذا الخبر فقال لن نعدم من رب يضحك خيرا. انظر كيف كان اثر هذا الخبر على هذا الصحابي الكريم الذي استدل بهذا الوصف على عظيم احسان الرب جل في علاه وان ضحكه سبحانه وبحمده موجب لعطائه مؤذن بكريم احسانه وجزيل بره لعباده وجزيل بره بعباده سبحانه وبحمده واما الحديث الثالث فهو حديث حديث رواه غير واحد من اهل العلم باسناد لا بأس به. قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم عجب ربنا من قنوط عباده اي من اياسهم فالقنوت هو شدة اليأس من الاجابة والعطاء. وقرب غيره. اي واقتراب زمن تغييره سبحانه وبحمده. فيعجب الله عز وجل من حال الناس تمتلئ صدورهم قنوطا من فضل الله واحسانه. والفرج قريب منهم. والفرج والتغيير الى الاحسن والافضل بين ايديهم يوشك ان ينزل بهم ينظر اليكم اذلين قانطين. فيظل يضحك يعلم ان فرجكم قريب. وهذا يدل على اثبات صفة التعجب لله وليعلم ان التعجب لا يلزم منه الجهل ولا يلزم منه نقص من المعاني التي يمكن ان يتوهمها المتوهمون. فالتعجب يكون للرضا بالشيء. ولتعظيمه خروجه عن نظائره فالله سبحانه وتعالى اخبر عن تعجبه من بعض حال عباده وذلك تعظيما لهذه الحال ورضا بها وقد يكون التعجب ايضا في سياق عظيم الغضب وشدة المقت. كما قال جل وعلا بل عجبت ويسخرون. فان العجب هنا دال على عظيم وقته جل في علاه وغضبه على هؤلاء الذين بين لهم ما بين ودلهم على سبل الهدى والرشاد مع اصرارهم على ما هم عليه من الكفر والعناد. ولذلك قال كيف تكفرون بالله؟ وقال تعالى وكيف تكفرون وانتم عليكم ايات الله وقد يأتي التعجيب في سياق نفي الحكم وعدم ثبوته. كما قال تعالى في عهود المشركين كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله اي لا يكون ذلك. فالاستفهام هنا والتعجيب هنا نفي لما يتوهم من التزام العهودي مع نقض هؤلاء للعهد الذي بينهم وبين اهل الاسلام والمقصود ان هذه الادلة دالة على اثبات هذه الصفات لله عز وجل وهي من صفات الفعل النزول والفرق والضحك والتعجب والله سبحانه وبحمده له الصفات العليا وله الكمال المطلق ليس كمثله وهو السميع البصير