يقول المؤلف رحمه الله في وسطية اهل السنة والجماعة وهم اي اتباع الكتاب والسنة من اهل السنة والجماعة وسط في باب افعال لله تعالى اي فيما يثبتونه من افعال الله تعالى في ما يتصل صلة فعله بخلق العبد بافعال العباد. بين الجبرية والوعيدية وهذان فريقان ظل في افعال الله عز وجل وذلك ان الفرق في افعال الله عز وجل ثلاثة اهل السنة والجماعة الذين يثبتون لله تعالى كمال الفعل وتمام القدرة وانه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. وانه سبحانه وبحمده في ذلك كمال العلم وكمال الخلق وكمال احاطة بما يكون من عباده جل في علاه ولا يعارضون القدر بالشرع بل يؤمنون بقدر الله عز وجل وينقادون لشرعه جل في علاه بخلاف هذه الطوائف التي انحرفت فظلت تصادمت الشرع بالقدر وذلك في فعل الجبرية او انهم اخرجوا افعال العباد عن تقدير الله عز وجل فجعلوا في خلف كون في الكون ما ليس من تقديره وما ليس من قضائه جل في علاه. والله تعالى يقول وان من شيء وهو الله تعالى يقول ان كل شيء انه بقدر ويقول جل في علاه والله على كل شيء قدير وهو على كل شيء قدير سبحانه وبحمده. فهاتان الطائفتان الجبرية والوعيدية القدرية متقابلتان كلاهما اخذا ببعض النصوص وظل عن الاخر. وبالتالي انحرفوا عن السبيل المستقيم وخرجوا عن الصراط القويم ومالوا عن الوسط الى بنيات الطريق اما بغلو واما ابي جفاء اما بافراط واما بتفريط. اهل السنة والجماعة يؤمنون بان الله تعالى خالق كل شيء وانه ما شاء كان وما لم يشاء لم يكن. وانه من حكمته وعظيم قدرته جعل لخلقه مشيئة هذه المشيئة عنها تصدر افعالهم والخلق مشيئة وفعلا خلق لله عز وجل. كما قال تعالى وما تشاؤون الا ان يشاء الله ان الله كان عليما حكيما فالله منح العباد مشيئة واختيارا على ضوءه يجري مجازاتهم بالاحسان احسانا وبالسيئات اما معاقبة ومؤاخذة واما عفو وتجاوز فهذا مقتضى ما دلت عليه النصوص. اما الجبرية والقدرية فانهم ضالوا فالجابرية قالوا ان كل ما يكون من العبد لا دخل له فيه. وليس له اختيار في ايجاده. بل هو كالريشة في مهب الريش ليس له ادنى تصرف فيما يصدر عنه. وهؤلاء سموا الجبرية لانهم يعتقدون ان الخلق مجبورون على افعالهم ويقابلهم القدرية الذين يقولون ان الله تعالى لم يخلق افعال العباد بل العباد خلقوا على انفسهم فاثبتوا مع الله خالقين. ثم قالوا ان الله تعالى لم يعلم ما يكون من الخلق فنفوا العلم والكتابة والخلق والمشيئة فلم يؤمنوا بالقدر وهذا في غلاتهم. واما الاخف غلوا فهم الذين اثبتوا علم الله وكتابته لكنهم نفوا خلق الله ومشيئته بما يكون من افعال العباد فقالوا لا يكون في افعال العباد لا يكون من افعال العباد ما هو خلق لله وما هو بمشيئة بل العباد يفعلون ما يفعلونه دون مشيئة الله وارادته وهذا زعموا انه تنزيه لله عن الظلم وهم قد ظلموا انفسهم بعدم العلم بكمال ما دلت عليه النصوص من اثبات خلق الله لكل شيء وان ذلك لا ينافي ما هو معلوم بالعقل والحس ان الانسان يفعل ما يشاء اختيارا. انتم الان في هذه الحلقة اجئتم مختارين وجلستم بارادتكم ام ان ثمة شيئا اجبركم على المجيء بالتأكيد ان الجميع جاء باختياره وبارادته وهذا ما منحه الله تعالى الخلق لكن هذا لا ينفي ان الله علم ذلك وكتبه في الازل وانه جل في علاه خلقه وشاء وهنا السر الخفي في ارتباط مشيئة الانسان بمشيئة الله انه مهما شاء للانسان فان الله منحه الاختيار لكن هذه المشيئة لا تخرج عن مشيئة الله عز وجل. فاذا ضاق عقل الانسان عن ادراك هذا الارتباط بين مشيئة البشر ومشيئة الله فليؤمن بانه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وانه ما من شيء الا هو خلق الله وارادته وان الله تعالى لا يظلم الناس شيئا. ولكن الناس انفسهم يظلمون. املأ قلبك يقينا بهذه العقائد تسلم من تلك الانحرافات التي تورط فيها الجبرية والقدرية واعلم ان هؤلاء يقدمون عقائدهم المنحرفة في بعض الاحيان بزخرف من القول قد يعمى عنه الانسان فيظن ان هذا تنزيه لله عز وجل وهو في الحقيقة قدح في الله وعدم ايمان بما دلت عليه النصوص. جاء رجل عند خليفة من الخلفاء وعنده عالم من العلماء. فقال وهو منحرف الاعتقاد قال سبحان من تنزه عن الفحشاء كلمة جميلة سبحان من تنزه عن الفحشاء سبحان من تنزه عن الفحشاء فتفطن له العالم وعلم انه اراد بهذه الكلمة ان ينفي عن الله خلق ما يكون من افعال العباد التي تخالف امره من الفساد والشر وان هذا ليس خلقا لله. فماذا اجاب فبماذا اجابه العالم؟ رد عليه مباشرة كلمة تمتلئ ايمانا ويقينا بم دلت عليه الادلة في الكتاب والسنة وتجمع ذلك فقال سبحان من لا ايكون في ملكه الا ما يشاء سبحان من لا يكون في ملكه الا من يشاء الا ما يشاء. وهذا اكمل تنزيها واعظم تمجيدا وثناء على الله عز وجل من ذلك الذي قال تلك المقالة فقال سبحان من تنزه عن الفحشاء فمقتضى ذلك ان يكون في ملك الله ما لا يشاء ان يكون في ملك الله ما لا يريد. وهذا نقص في حق الله جل وعلا ارأيت لو انه فعل احد في ملكك ما لا تشتهي ايدل ذلك؟ الا يدل ذلك على ضعفك وعدم قدرتك؟ الجواب نعم بلى هذا يدل دلالة واضحة على عدم القدرة. فلهذا قال قال العالم في جواب هذا الانحراف قال سبحان من لا يكون في ملكه الا ما يشاء. واعلم بارك الله فيك ان ما يردده بعض الناس من السؤال هل الانسان مسير او مخير لا هل الانسان مسير ام مخير؟ ليس ثم ليس الجواب ان يقال انه مسير ولا ان يقال انه مخير. منحك الله اختيارا في امور كثيرة وقضى جل في علاه عليك امورا ليس لك بها اختيار انت لم تختر لونك ولم تختر لغتك في الاصل عندما خلقت من بلد يتكلم باللغة العربية لم تختر اشياء كثيرة مما يجري في خلقك خلقها الله خلقك الله بها طولا وعرضا ووزنا وما الى ذلك. لم تختر ذلك الله تعالى خلقك على هذه الصورة وعلى هذا الشعب او على هذه الحال لكن هذا لا يعني انه ليس لك اختيار بل الا منحك اختيارا في امور كثيرة فانت تذهب اذا شئت وتأتي متى شئت تقوم متى شئت تفعل متى شئت تفعل ما تشاء في امور كثيرة فليس ذمة جواب يكون في احد الاختيارين فقط بل الانسان له اختيار في امور وليس له اختيار في امور ولهذا اقوم جواب لهذا السؤال ان يقال ان الانسان ميسر. ميسر بل ما يكون مما قضاه الله مما لا اختيار للانسان فيه. ومما للانسان فيه اختيار. كما قال الله تعالى فاما من اعطى اتقى وصدق بالحسنى ايش فسنيسره لليسرى. واما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى قال فسنيسره للعسرى. فالانسان ميسر ليس مسيرا وليس مخيرا مطلقا اختيارا يخرجه عن ارادة الله عز وجل بل هو ميسر وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم اعملوا فكل ميسر لما خلق له فالجواب عن هذا السؤال الذي يتكرر كثيرا على السنة بعض الناس؟ هل الانسان مسير او مخير؟ ان الانسان ميسر كما دل عليه القرآن والسنة فاما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى. واما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره العسرى. وقد قال صلوات الله وسلامه عليه لما سئل فيما العمل يا رسول الله؟ قال اعملوا فكل ميسر لما خلق له اهل السنة والجماعة فتح الله عليهم. فكانوا وسطا بين هاتين الضلالتين الجبرية الذين الذين يلغون اختيار الانسان ويجعلونه كالريشة بمهب الريح. وهؤلاء يترتب على اعتقادهم ان دخولهم الجنة ودخول النار ليس للعمل العمل لا اثر له انما هو محض مشيئة الله التي لا تتعلق بها حكمة ولا رحمة ولهذا يقولون لو ان الله عز وجل جعل اكبر الطائعين واعظم العابدين في النار وجعل اكبر العاصين واعظم المعاندين في الجنة لما كان ظالما والله تعالى قد تنزه عن الظلم وهذا يجافي الحكمة كما يجافي النصوص التي دلت على كمال الرحمة وان الجنة هي دار العباد الصالحين وان النار هي دار المعتدين الظالمين المجرمين فليس من حكمة الله ولا من رحمته ان يجعل اولياءه في جهنم وان يجعل اعداءه في الجنة. والجبرية يعتقدون انه ما في مشكلة في هذا لانهم ينفون عن الله الحكمة وينفون عنه جل في علاه ما اقتضته رحمته من انه سبحانه وبحمده لا يظلم الناس شيئا هذا ما يتصل به ما يترتب على العقائد المنحرفة ولذلك يا اخوان احيانا العقيدة المنحرفة لا يبدو عوارها ولا يظهر فسادها الا بمعرفة لازم تلك العقائد وما يترتب عليها ولهذا ينبغي للمؤمن ان يلزم ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم ان يعتصم بما اعتقده سلف الامة الصالح من الصحابة والتابعين وتابعهم باحسان فانهم اعلم الخلق بالله. وانصح الخلق للامة وهم افصح الامة بيانا واعظمها ايضاحا فوجب ان يكون ان تكون الاستقامة والهدى ما كانوا عليه صلوات الله وسلامه عليه. يقابلهم الذين يخرجون عن افعال الله عز وجل ما آآ ما يكون من آآ افعال الخلق حيث انهم يعتقدون ان افعال الخلق خارج خارجة عن ارادة الله عز سيأتي المزيد بيان وايظاح في مسائل القدر في حديث المؤلف رحمه الله عن هذا الاصل الايمان بالقدر نسأل الله ان يرزقنا الايمان الصادق واليقين الراسخ وان يكمل ظواهرنا وبواطننا بما كان عليه سيد الورى صلوات الله وسلامه عليه وما جرى عليه اصحابه الكرام