لله رب العالمين اصلي واسلم على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد فهذا هو الدرس الاخير من دروس كتاب المعاملات من منهج السالكين في مسائل الفقه في الدين العلامة الشيخ عبد الرحمن ابن ناصر السعدي رحمه الله ثم بعد ذلك يبقى كتاب الجنايات والحدود واخر ما يتعلق من مسائل المعاملات احكام النذور النذر بالاصطلاح الشرعي هو ايجاب شيء لم يجبه الله عز وجل ولا رسوله صلى الله عليه وسلم على العبد فمن اوجب على نفسه امرا الزم نفسه امرا هذا يسمى نذرا مثل قول الانسان لله علي ان اصوم غدا مثل قول الانسان ان شفى الله مريضي ذبحت شاة ان رد الله غائبي نحرت بدنة فهذا يسمى نذرا والاصل في النذر انه ينقسم الى قسمين نذر منجس وهو الذي لا يعلقه النادر بشيء مثل قول الانسان لله علي ان اقوم هذه الليلة ما علقه بشيء او مثل قول الانسان نذر علي ان التزم حلق العلم او قول الانسان نذر علي الا ادخل الى المكان الفلاني فهذا يسمى نذرا منجزة والقسم الثاني هو النذر المعلق النذر المعلق بشرط او وصف او حال فانه لا يقع الا اذا وقع الشرط او وقع الوصف او وقع الحال ومثال النذر المعلق ان يقول الانسان نذر علي ان نجح ابني ان اعمل وليمة فهذا شرط ومثل هذا لو قال اذا انتهى بيتي نذر علي ان انحر جزورا فهذا نذر مشروط وقد اتفق الفقهاء رحمهم الله ان النذر المعلق مكروه لماذا هو مكروه لان النبي صلى الله عليه وسلم قال لما سئل عن النذر قال انه لا يأتي بخير انت تقول ان صار كذا فعلت كذا ان صار كذا فعلت كذا تظن ان نذرك يأتي بخير فان النبي صلى الله عليه وسلم قال انه اي هذا النذر المعلق المشروط لا يأتي بخير وانما يستخرج به من البخيل متفق عليه واما النذر المنجز فهو قربة الى الله عز وجل وهل هو مكروه او لا الصحيح انه لا يكره لا ابتداؤه فضلا عن الوفاء به والنذر بقسمي المنجز والمعلق يجب على الناذر الوفاء به النذر بقسميه المنجز والمعلق يجب على النادر الوفاء به ذلك لان الله تبارك وتعالى مدح الذين يوفون بالنذر فقال الله عز وجل عنهم يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا ومما يدل على ان النذر عبادة قوله تعالى وما انفقتم من نفقة او نذرتم من نذر فان الله يعلمه فدلالة الاقتران ان النذر قرينة الصدقة الا ان الصدقة منها ما هو فرض كالزكاة والحقوق الواجبة ومنها ما هو نفل كالتطوعات واما النذر فلا يقع الا واجبا لان الانسان اذا نذر على نفسه شيئا صار لازما عليه فرضا حتما واجبا ليس له التملص منه ولهذا قال المصنف رحمه الله وعقد النذر مكروه هذا على قول الجمهور ان عقد النذر مكروه مطلق سواء كان منجزا او معلق. المعلق لا خلاف في كراهته واما المنجز فالصواب انه لا يكره ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر تعريظا وهو النذر المعلق فقال انه لا يأتي بخير وذلك لان الله عز وجل شرع الشرائع فبين الفرائض والواجبات وكل فرض وواجب مبين في الكتاب والسنة وبين المندوبات والمستحبات فكل مندوب ومستحب مبين في الكتاب والسنة فما الداعي ان يوجب الانسان على نفسه شيئا لم يجبه الله ورسوله هذا وجه الكراهة عند من كره النذر على اي شيء ينعقد النذر الناس ربما ينذرون ونزور الناس تنقسم ثلاثة اقسام نذر في المحرمات كقول الانسان نذر علي ان لا اصل رحم فلان فهذا نذر محرم بالاتفاق لا يجوز الوفاء به ويجب تركه مثل هذا لو قال نذر علي ان اشرب خمر لا يجوز له بحال الوفا بهذا النذر يجب عليه ان يمكث ثم اختلف الفقهاء ماذا عليه الصواب ان عليه كفارة يمين لان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر ان النذر شأنه شأن الكفارة كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم كفارة النذر كفارة اليمين يعني اذا لم يمكن الوفاء به او لم يصح الوفاء به شرعا في المحرمات ونحو ذلك ومما يدل على انه لا يجوز الوفاء بنذر المعصية قول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان قال من نذر ان يطيع الله فليطعه ومن نذر ان يعصي الله فلا يعصه متفق عليه ولما رواه مسلم من حديث عمران ابن حصين رضي الله عنه قال لا وفاء لنذر في معصية اذا من نذر معصية لا يجوز الوفاء وعليه كفارة يمين يطعم عشرة مساكين او يكسهم او يكسهم او اذا لم يجد الطعام والكساء ولا الرقاب اذا يصوم ثلاثة ايام النوع الثاني النذر في الطاعات وهو ان ينذر الانسان انه يقوم الليل او يقرأ جزءا من القرآن او يذكر الله الف مرة او يصوم او يصل رحما او يبره او يصدقه او يأمن ونحو ذلك من البر سواء كان فعلا او تركا فهذا باتفاق الفقهاء واجماعهم يجب عليه ان يفي بنذره يجب عليه ان يفي بنذره فلو قال قائل نذر علي ان اصوم غدا ثم نسي وما وفاة الغد فعليه كفارة يمين لو قال القائل نذر علي ان اقوم الليلة فنام فعليه كفارة يمين وهذه قاعدة ان كل نذر نسيه الانسان ففات وقته او ذهب زمانه ومكانه او ذهب سببه ولا يمكن الوفاء به فانها تنقلب الى يمين وفيها كفارة يمين النوع الثالث من انواع النذور نذر المباحات كان يقول الانسان نذر علي ان اسوق السيارة وامشي بها الى الوفرة هذا له طاعة وله معصية يسمى نذر المباح لو قال قائل نذر علي ان اقف في الشمس وان لا استظل هذا له طاعة وله معصية لو قال القائل نذر علي لا اتكلم الى الغد هذا مباح لا هو طاعة ولا هو معصية ماذا يفعل جاء في الحديث الصحيح ان رجلا اغمي عليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما له لماذا اغمي عليه قال انه فلان نذر الا يستظل وان يصوم والا يركب ويذهب الى الحج لاحظوا نذر امرين شرعيين الصوم والذهاب للحج وامرين مباحين عدم الاستظلال والمشي وعدم الركوع فقال النبي صلى الله عليه واله وسلم ان الله عن نذر هذا لغني مروه فليركب وليستظل وليتم صومه لاحظ الان كان النذر مركبا من عبادة ومباح فالعبادة لا بد من اتمامها. والمباح تترك هذا اذا كان مركبا انتبه الان لو كان النذر مركب كيف مركب؟ قال نذر علي ان اقوم الليلة والا تلحف وان لا اصلي الفجر في جماعة الاول عبادة والثاني مباح والثالث حرام فماذا يفعل يجب في الطاعة وليس ولا يجب في المباح واما المحرم فلا يجوز له الوفاء به فماذا عليه الان هذا نذر واحد مركب عليه ان يطيع في الاول وان يكفر عن الثاني انا انا ارتكاب المحرم طيب من نذر المعصية يعني ان كان النذر مباحا او جاريا مجرى اليمين كنذر اللجاج والغضب او كان نذر معصية فالصحيح من اقوال اهل العلم ان النذر المباح ونذر المعصية وما جرى مجرى اليمين كنذر اللجاج والغضب لم يجب الوفاء به. لم يجب الوفاء به طيب ماذا ماذا عليه؟ هل علي لا علي ليس عليه شيء؟ لا الدين يؤدبه عشان مرة ثانية ما يقول كل شوي نذر علي نذر علي يقول حتى لما نذرت الكف حراما ونذرت مباحا لا يجب الوفاء به. لكن يجب عليك كفارة يمين يجب عليك كفارة اذا كفارة اليمين ملزمة للناذر في نذر الحرام وفي نذر المباح طيب اذا نذر الطاعة ولم يفعل ايضا فيه كفارة يمين هذه هي احوال النذري على وجه الخلاصة. لذلك ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ان المنذور اذا لم يكن قربة لم يكن عليه فعله بالاتفاق طيب اذا نذر المباح وفعله هل عليه كفارة يمين؟ الجواب لا لو قال والله لاقومن الليل ولا اتلحف فقام من الليل واصابه البرد ولم يتنحف فليس عليه شيء لانه ادى النذر في الطاعة وادى النذر في المباح لكن ليس في اداء نذر المباح اجر وانما الاجر في نذر الطاعة ولكن لو كفر عن نذر المباح كفارة يمين اجر على ذلك هجر على ذلك ونقل ابن حزم رحمه الله الاتفاق ان من نذر معصية فانه لا يجوز الوفاء به لان المسلم ممنوع من المعاصي سواء كان بترك الواجبات او ارتكاب المحرمات هذا خلاصة ما يتعلق بالنذر نسأل الله جل وعلا ان يرزقنا واياكم العلم النافع والعمل الصالح وان شاء الله تعالى الملتقى يكون بداية الفصل القادم نتوقف عن هذا الدرس ان شاء الله ونسأله جل وعلا يتقبل منا ومنكم صالح العمل سبحانك اللهم وبحمدك نشهد ان لا اله الا انت نستغفرك ونتوب اليك