بسم الله الرحمن الرحيم. يسر اخوانكم في مشروع كبار العلماء ان يقدموا لكم قراءة لكتاب من احوال سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله في الحج رواية الشيخ محمد بن موسى الموسى مدير مكتب بيت سماحة الشيخ اعداد محمد بن ابراهيم الحمد بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة بقلم المعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن والاه اما بعد فهذه اوراق قليلة تبين احوال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز في الحج فسماحة الشيخ رحمه الله حج اثنتين وخمسين حجة وكان خلال تلك الحجج مثالا يحتذى في حسن الاقتداء والحرص على بذل الخير ونفع الناس وبذل العلم والقيام بالاعمال العظيمة التي لا يوفق لها الا من وفقه الله عز وجل. وقد تفضل برواية هذه الاحوال رجل خبير بسماحة الشيخ مطلع على كثير من احواله الخاصة والعامة ذلكم هو صاحب الفضيلة الشيخ محمد بن موسى الموسى حفظه الله فهو مدير مكتب بيت سماحة الشيخ عبدالعزيز وهو ممن عرف سماحته قبل اربعين سنة من وفاته ولازمه قبل ان يموت بست عشرة سنة ولقد شاهد وسمع الكثير من احوال سماحة الشيخ وهذا الكتيب الذي بين يديك ايها القارئ مستل من رواية كبيرة تفضل بها الشيخ محمد وعنوانها جوانب من سيرة الامام عبدالعزيز ابن باز وقد جاءت فيما يزيد على خمسين وستمائة صفحة وتلك الرواية تمثل صورة صادقة لحياة سماحة الشيخ عبدالعزيز رحمه الله فهي تصور اخلاقه وعلمه وعبادته وحاله في الصحة والمرض وفي الاقامة والسفر وتصور مواقفه الرائعة واخباره الماتعة وقصصه المؤثرة واياده البيضاء ومآثره الغراء ومنهجه الفريد في التعامل مع الناس على اختلاف طبقاتهم كما انها تحتوي على لطائف من سيرة سماحة الشيخ واملاءاته ومكاتباته النادرة فعسى ان ييسر الله بمنه وكرمه اخراج تلك الرواية كاملة في القريب العاجل. ولعل السبب في افراد هذه الاوراق واستلالها من تلك الرواية هو الرغبة في اطلاع جمهور الناس على هذا الجانب من سيرة ذلك الامام. وحفز همم المسلمين واهل العلم خصوصا للتأسي بذلك الامام وبما يقوم به في ذلك الموسم العظيم من تطبيق للسنة وحرص على الدعوة الى الله ونفع الناس ونحو ذلك مما سيرد ذكره وما من ريب ان تأثير المعاصر له وقعه في النفس وسماحة الشيخ عاش بيننا ولم يفارق الدنيا الا منذ مدة قريبة وذلك في السابع والعشرين من محرم سنة عشرين واربعمئة والف من الهجرة وهذه الرواية تحتوي على ست واربعين فقرة تبين احوال سماحة الشيخ واخباره في الحج كما انها تحتوي على عمله في يوم عيد الاضحى وفي اخر هذه الاوراق بيان نادر املاه سماحة الشيخ بعد حجه عام ثلاثة وستين وثلاثمائة والف من الهجرة وبين فيه ما استفاده في حج ذلك العام. وما اتفق به من المشايخ فالى تلك الرواية التي تفضل بروايتها فضيلة الشيخ محمد الموسى حفظه الله والله المستعان وعليه التكلان. وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه محمد ابن إبراهيم الحمد في الخامس عشر من شهر شعبان سنة اثنتين وعشرين واربعمئة والف من الهجرة الزلفي اثنان وثلاثون وتسعمائة واحد عشر الفا صندوق البريد ستون واربعمئة من احوال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز في الحج سماحة الشيخ رحمه الله يلزم الاعتدال في سفره وحضره. وفي شتى احواله واطواره. الا انه يتجدد ويقوى في واسم الخير والطاعات ففي الحج تعلو همته ويتضاعف نشاطه ويزداد قوة على قوة فيقوم بالاعمال العظيمة في خضم الزحام وضيق الاوقات. وينشرح صدره حتى مع كثرة الانفاس وتقاطر الناس عليه من شتى الالوان والبلدان والطبقات ويحرص كل الحرص على تطبيق السنة بحذافيرها في حجه حتى مع كبر سنه ووهن عظمه ومما يحضرني في شأن حجه رحمه الله ما يلي الاولى كان من عادة سماحة الشيخ رحمه الله انه يتوجه الى مكة لاداء الحج في الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة تقريبا ويمكث في مكة شهرا كاملا لاداء الحج والقيام بالافتاء والقاء الدروس والكلمات وانجاز الاعمال الخاصة بالحج ونحو ذلك الثانية وكان هو والوفد المرافق له يعانون معاناة شديدة اذا اراد سماحته الذهاب الى الحج والعمرة وذلك بسبب قلة المقاعد فهي لا تكاد تفي بالحاجة وربما نقصت عن بعض من سيرافقونه وهو رحمه الله لا يطلب من اي مسؤول ان يخصه بشيء دون غيره فكان صابرا على تلك المعاناة وفي السنوات الاخيرة اتصل احد المحبين بصاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبدالعزيز وقال له يا سمو الامير هذا سماحة الشيخ عبدالعزيز يلاقي مشقة عظيمة اذا اراد الذهاب للحج او العمرة فلو تكرمتم ببذل الجهد في سبيل تخصيص طائرة تقله عند ذهابه وايابه فلبى سموه هذه الرغبة وقال لا مانع لدينا من ذلك ونأمل ان يوافق سماحته فاتصل سموه بخادم الحرمين الشريفين واخبره بالامر فوافق على الفور وامر حفظه الله بتخصيص طائرة لسماحته اذا اراد السفر وقال غلو لسماحة الشيخ الطائرة سوف تأتيه في الوقت الذي يريد السفر فيه فحصلت الراحة التامة ولله الحمد الثالثة وكان من عادة سماحته في كل موسم حج انه يحج معه اعداد كثيرة من الرجال والنساء واغلب هؤلاء من الفقراء وغير السعوديين. فكل من طلب من سماحته الصحبة او اوصى من يستأذنه فيها قال حياه الله ولا يسأل عمن سيذهب معه ولا عن عددهم. ولا عن ضيق المكان ولا عن سعته الرابعة وكان عدد الذين يحجون مع سماحته ويرافقونه في مخيمه ومقر اقامته في الحج يقدر بثمانمائة حاج الخامسة وكان عدد الرجال والنساء الذين يقدم لهم الطعام في منى وعرفة. يتراوح ما بين ثمانمائة الى الف حاج وليس العجب من هذا وانما العجب ان يكفيهم طعام اخذ فيه حساب خمسمائة شخص ولكن البركة في طعامه ظاهرة للعيان يشهد بذلك من وقف عليه وكلما زاد العدد ظننا انه لن يكفيهم ومع ذلك يكفيهم ويبقى منه شيء اما عدد الذين يتناولون طعام الغداء مع سماحته في مكة فيتراوح عددهم ما بين ثلاثمائة الى اربعمائة ولا اعلم ان الطعام الذي قدم اليهم لم يكفهم السادسة كان المرافقون لسماحته يضيقون ذرعا من كثرة الاتين. ومن ضيق المكان ومن خشية الحرج. فكانوا يعانون من ذلك معاناة شديدة اذ يريدون التوفيق بين رغبة الشيخ ومنهجه في استقبال الناس وعدم رده احدا منهم وبين القيام بحق الوافدين اليه مع ضيق المكان وكثرة العدد فاذا قلنا لسماحته يا سماحة الشيخ كل يرغب في الحج معكم. سواء من داخل البلاد او خارجها وانتم تعلمون ان السيارات لا تكفي وان المكان المخصص لكم لا يكفي قال الله المستعان ما هي الا ساعات وينتهي كل شيء اصبروا واحتسبوا وابشروا بالاجر الجزيل. وما يدريكم لعلنا لا نحج بعد عامنا هذا ستتيسر الامور وينتهي كل شيء على ما يرام. السابعة كان سماحته يحرص كل الحرص على مراعاة مشاعر ضيوفه وكان كثير السؤال عنهم كثير التوصية بهم وكثيرا ما يقول للموظفين معه ارحموهم لو وجدوا غيركم ما اتوا اليكم الثامنة كان عدد الصحون التي تقدم فيها المائدة في العادة يتراوح ما بين اربعين الى خمسة واربعين. وقد تصل الى خمسين واذا وضعت المائدة تسابق الضيوف الى مائدته الخاصة مع انها لا تتميز عن غيرها الا انهم يحرصون على القرب من سماحته ويزدحمون حولها واذا قيل له مبتعدوا او منعوا من ذلك قالوا نحن نحب ان نأكل مع سماحة الشيخ نحن نريد ان نراه ونسمع كلامه ونأنس بقربه ويقولون ارحمونا انتم ترونه دائما ونحن هذه فرصتنا اما سماحة الشيخ فيرحب بهم ولا يرضى بان يساء اليهم ولا يقوم حتى يسأل هل انتهوا خشية ان يعجلهم اذا قام مبكرا وكان دائما يسأل خاصته عسى ما نقص عليهم شيء عسى الذي وضع لهم كفاهم؟ كم عدد الصحون؟ فاذا قيل له كفاهم وزيادة تهلل وفرح وقال التمسوا بعض الفقراء واعطوهم بقية الطعام. ولم اسمع منه كلمة فيها شيء من الفظاظة او الغلظة بل يظهر للفقراء والمساكين الفرح مع ان بعضهم يزاحم الشيخ في مكانه وربما اخذوا اللحم او الفاكهة من بين يديه وهو لا يتكلم كلمة واحدة ولا يقوم من مكانه حتى يقال له انتهوا من الطعام. واذا قاموا من الطعام رفعوا ايديهم يدعون لسماحته ومما يقولونه نسأل الله ان يجعلك تأكله من ثمار الجنة غفر الله لك ولوالديك التاسعة لا فرق عند سماحته بين الفقير والغني والشريف والوضيع والسفير والوزير فهم يجتمعون جميعا على المائدة وكل من اكل مع سماحته جعل يلتفت هنا وهناك ينظر في وجوه الناس على تباينهم واختلاف السنتهم ومراتبهم والوانهم فهذا عربي وهذا اعجمي وهذا اسود وهذا ابيض وهذا من قريب وهذا من بعيد. وفي احد الايام قال له احد الحاضرين ممن يعرف سماحة الشيخ يا شيخ بعض هؤلاء لا يعرفون ادب الاكل ولا يحسن الجلوس معهم. فلو انفردت عنهم وارحت نفسك من هؤلاء فقال سماحة الشيخ رحمه الله انا الذي وضعت الطعام لهم وهم جاؤوا الي وراحتي بالاكل معهم. والرسول صلى الله عليه وسلم كان يأكل مع اصحابه ومع الفقراء حتى مات ولي فيه اسوة وسوف استمر على هذا الى ان اموت والذي لا يتحمل ولا يرغب الجلوس معهم نسامحه ويذهب الى غيرنا العاشرة والعجيب في الامر ان هذه الاعداد الكبيرة المتباينة تنتظم امورهم ويحملهم المكان المعد لهم. وتنقلهم السيارات التي خصصت لنقلهم. وينتظم اكلهم وشربهم ونومهم ووضوءهم وصلاتهم وخروجهم ودخولهم. وسر ذلك والله اعلم هو صلاح نية هذا الرجل الامام ولا نزكي على الله احدا الحادية عشرة والعجيب ايضا ان الامام ابن باز يعيش معهم وبينهم وكانه واحد منهم لا فرق بينه وبينهم ولا يتميز عنهم بالطعام او السيارة التي تقله وتتنقل به بين المشاعر. وقد عرض عليه بعض المسؤولين عن الحج ان يجعل لسماحته موكب خاص وسيارات رسمية تفك الزحام اذا دعت الحاجة لذلك فامتنع سماحته وقال نسير مع الناس فاذا وقفوا وقفنا واذا ساروا سرنا. ولا نسمح بتخصيصنا بشيء فسبحان من وهبه هذا الزهد وهذا التواضع وهذا التحمل وهذه الاخلاق الثانية عشرة يحرص سماحة الشيخ على تطبيق السنة في الحج والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم. فمنذ احرامه وتلبسه بالنسك تراه متخشعا متذللا مطمئنا ملبيا مستغفرا الله مكثرا من ذكره الثالثة عشرة فاذا دخل الحرم نسي الدنيا وما فيها وجعلها خلف ظهره فاذا بدأ بالطواف علته السكينة والخشوع واخذ يطوف بحضور قلب وكثرة ذكر الرابعة عشرة واذا انتهى من الطواف وادى ركعتيه توجه الى المسعى فاذا بلغ الصفا نزل من العربة التي تقله وهذا بعد ان كبر واصبح السعي شاقا عليه ووقف يدعو طويلا ثم شرع بالسعي وهكذا يفعل عندما يبلغ الصفا او المروة في كل شوط. الخامسة عشرة وفي تلك الاثناء يتقاطر الناس عليه للسلام ولطلب الدعاء فلا يمل ولا يضجر فكان يرد السلام ويقول حياكم الله. واذا طلبوا منه الدعاء دعا لهم في الحال السادسة عشرة في اليوم الثامن من ذي الحجة يوم التروية يخرج سماحته من مكة الى منى في الساعة العاشرة صباحا تقريبا وهو محرم. واذا وصل الى منى جلس في المصلى حتى يصلي الظهر ثم يلقي كلمة ثم يدخل خيمته وتقرأ عليه بعض المعاملات وتقرأ عليه الصحف الصادرة ذلك اليوم ثم يتغدى ويصلي العصر بالناس ويلقي كلمة توجيهية يبين خلالها ما يشرع للحاج في ذلك اليوم. ثم يدخل خيمته ويقرأ عليه ما تيسر من المعاملات والكتب ثم يأخذ قسطا من الراحة حتى يحين وقت اذان المغرب فيقوم للصلاة وبين المغرب والعشاء يجلس في المصلى يلقي كلمة ثم توجه اليه الاسئلة المكتوبة والشفوية فيجيب عنها والناس حاضرون يستمعون وبعد العشاء من ذلك اليوم يكون لديه موعد لالقاء محاضرة في بعض المخيمات اما في معسكر الامن العام او الحرس الوطني او في بعض مخيمات الجاليات او في بعض حملات الحج واذا لم يكن لديه موعد لالقاء محاضرة جلس في خيمته وعرض عليه ما تيسر من كتب متعلقة بالحج او شيء من المعاملات حتى الساعة العاشرة والنصف تقريبا ثم يبيت تلك الليلة في منى السابعة عشرة واذا صلى بالناس الفجر يوم التاسع من ذي الحجة يوم عرفة القى كلمة بعد الصلاة وبين خلالها ما يشرع للحاج في ذلك اليوم. واوصاهم بالعناية بالحج وتجنب كل ما يبطله او ينقص ثوابه ثم يجيب عن الاسئلة وبعد طلوع الشمس يتوجه الى عرفة تعلوه السكينة والوقار فاذا ركب في الحافلة التي تقله تزاحم الناس يريدون الركوب معه في تلك الحافلة وكان من طيب نفسه انه لا يرد احدا حتى ان السيارة تضيق وتحمل فوق العدد المطلوب. واذكر اننا في سنة من السنوات كنا متجهين من منى الى عرفة بصحبة سماحته في الحافلة التي تقله فسلم عليه بعض المشايخ فقال تفضلوا فركبوا حتى ازدحمت السيارة حيث ركب سبعة اشخاص زيادة على العدد المزدحم في السيارة من قبل. واذا قلنا لسماحته تزاحم الناس حفظك الله ماذا نعمل؟ قال السيارة كثيرة الحمد لله ساعات وتنقضي اصبروا وابشروا. الثامنة عشرة واذا رأيت سماحته وهو في السيارة يتنقل بين المشاعر او في الخيمة او غير ذلك رأيته يلهج بالذكر والتلبية والدعاء والاستغفار التاسعة عشرة واذا وصل الى عرفة اتجه الى الخيمة المعدة له ثم يتناول القهوة ويتناول بعدها وجبة خفيفة والغالب انه في الحج يقتصر على الفاكهة واللبن والتمر العشرون وبعد ذلك يشرع بالذكر والتلبية والدعاء على كل احواله قائما او قاعدا او مضطجعا الحادية والعشرون وقبل الظهر بساعة تقريبا من يوم عرفة يذهب الى الخيمة الكبيرة التي فيها المصلى وهناك يستمع الى خطبة عرفة عبر المذياع ثم يصلي بالناس الظهر والعصر جمعا وقصرا وبعد الصلاة يلقي كلمة بمن معه من الحجاج يوصيهم من خلالها بكثرة الذكر والدعاء ويبين لهم بعض الاعمال المتعلقة بذلك اليوم ثم يعود الى خيمته ويستريح قليلا وهو يلهج بذكر الله الثانية والعشرون واذا جاء قبيل العصر ذهب الى المصلى في الخيمة الكبيرة ثم تفرغ للدعاء حتى غروب الشمس الثالثة والعشرون واذا غربت الشمس ركب السيارة متجها الى المزدلفة لا يتحدث بشيء سوى الذكر والدعاء والتلبية والاجابة عن الاسئلة فاذا بلغها اذن بالناس للصلاة وصلى بهم المغرب والعشاء جمعا وقصرا للعشاء ثم يتناول شيئا يسيرا من الطعام ثم يستلقي ويتقلب على فراشه وتسمعه يذكر الله ويدعو ويلبي. الرابعة والعشرون وفي اخر الليل يقوم للتهجد اذ هو يرى ان من عادته التهجد انه يصلي تهجده ولو كان في المزدلفة وقد سألته عن ذلك فقال المزدلفة وغيرها سواء في القيام. ولما قلت له هذا حديث جابر رضي الله عنه في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم. لم يذكر فيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قام للتهجد ليلة المزدلفة علله سماحة الشيخ بانه ربما خفي على جابر رضي الله عنه. الخامسة والعشرون واذا صلى الفجر في المزدلفة القى كلمة بمن صلى بهم وبين خلالها الاحكام الواردة في اعمال ذلك اليوم. ثم مكث في المزدلفة حتى يسفر جدا ثم وجهوا بعد ذلك الى منى السادسة والعشرون كان في اخر عمره يوكل من يرمي عنه الجمار الا يوم الثالث عشر. حيث يرميها بنفسه واذا رمى الجمرة الاولى اخذ ذات اليمين ودعا طويلا بما يقرب من ثلث الساعة واذا رمى الثانية اخذ ذات الشمال ودعا كما دعا في الاولى ثم يرمي الثالثة ولا يقف للدعاء بعدها. السابعة والعشرون لا يخرج سماحته من منى الا يوم الثالث عشر من ذي الحجة وكان لا يؤدي صلاة الظهر من ذلك اليوم الا في مكة ولو لم يصل مكة الا متأخرا ولو كان في الساعة الثالثة ظهرا. وكان يمنع من معه من صلاة الظهر في منى ذلك اليوم. بل انه في يوم من الايام اذن احد مرافقي سماحته لما حان وقت الظهر في منى ذلك اليوم. فانكر عليه سماحة الشيخ رحمه الله وقال من الذي امرك نحن لا نصلي الظهر من يوم الثالث عشر الا في مكة هذه هي السنة وهكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم يعني ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يؤدي الظهر يوم الثالث عشر الا في مكة الثامنة والعشرون عمله وقراءاته وعرض المعاملات عليه اذا كان في مكة اثناء الحج هو هو عندما يكون في الرياض او الطائف. بل ربما زاد عمله في الحج اكثر من عمله في غيره حيث يلاقي من معه من الموظفين تعبا مضاعفا. مع ان سماحة الشيخ يتجدد نشاطه وعزمه التاسعة والعشرون في الحج وفي ايام منى تقرأ على سماحته المعاملات المطولة المختلفة وينهي الكثير منها في تلك الايام. الثلاثون وتقرأ عليه الصحف ونشرة وكالة الانباء ويستمع لنشرات الاخبار عبر الاذاعة الحادية والثلاثون وتقرأ عليه الكتب المتعددة وكتب المناسك الخاصة او كتاب الحج من بعض الكتب كالمغني والمقنع وحاشية الروض المربع كما يقرأ عليه منسكه كل سنة وكان يضيف عليه ويستدرك ويقول ما اضعف العبد. الثانية والثلاثون وفي ايام منى يصبح مخيم سماحته كانه خلية نحل من كثرة الغادين والرائحين والداخلين والخارجين والمستفتين والمسلمين وطالبي الشفاعات ونحوهم. يصدق عليه قول الشيخ محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله حيث يقول في قصيدة يمدح فيها سماحة الشيخ الم تره في موسم الحج قائما فيعشوا بنحل والحشود له تترا الثالثة والثلاثون وفيها يعقد الاجتماعات الخاصة والعامة ويحصل من جراء ذلك خير كثير للمسلمين. الرابعة والثلاثون وفيها يلتقي الوفود الكثيرة من الاماكن المختلفة سواء من المسلمين القادمين من امريكا او اوروبا او اسيا او افريقيا او غيرها الخامسة والثلاثون وفيها يستجيب للمسلمين الذين يطلبون المنح او الذين يطلبون منه الشفاعة في الاقامة او الذين يطلبون ان يزودوا بالكتب الدينية باللغة العربية او غيرها او الذين يطلبون منه دعم المراكز الاسلامية او عمارة المساجد السادسة والثلاثون وفي ايام الحج يلتقي العلماء الذين يجتمعون عنده ويوردون عليه الاشكالات التي تستجد في المناسك او غيرها فتراه يجيب عليها مهما عضلت. بمنتهى اليسر والسهولة في الغالب. فتكون اجاباته وفتاواه محل القبول عند الجميع السابعة والثلاثون في ايام الحج يسعد المسلمون القادمون اليه برؤياه والسلام عليه وسماع وصاياه والصدور عن رأيه الثامنة والثلاثون في ايام الحج يزوره الامراء والمسئولون والوجهاء التاسعة والثلاثون في ايام الحج لا يكاد هاتف سماحته يتوقف رنينه فهذا يسلم عليه وهذا يطمئن على صحته وهذا يستفتيه وهكذا الاربعون في ايام الحج يلقي سماحته الدروس والمحاضرات في منى ومكة وتسجل هذه الدروس والمحاضرات ويبلغ عددها اربعة عشر او ثلاثة عشر شريطا كل هذا عدا الكلمات التي يلقيها في مسجده بعد العصر في العزيزية او بعد الفجر او الظهر وعد الكلمات التي يلقيها في المساجد الاخرى الحادية والاربعون وفي تلك الايام تجرى معه المقابلات الصحفية وتعرض عليه الاسئلة الاذاعية التي يجيب من خلالها عن القضايا المتنوعة الثانية والاربعون في ايام الحج يترأس مجلس ادارة دار الحديث الثالثة والاربعون وهكذا يعمر اوقات حجه بالنفع العميم. ويملؤها بالاعمال العظيمة الجليلة التي لا يكاد يصدق بها من سمعها. ومع ذلك تتم بمنتهى اليسر والسهولة وقلة التكلف الرابعة والاربعون من اراء سماحته في الحج انه لا يرى وجوب طواف الوداع للمعتمر وكثيرا ما يخرج من مكة بعد العمرة دون ان يطوف للوداع الخامسة والاربعون ويرى ان من ذهب الى مكة قاصدا الحج او العمرة ونوى انه يذهب الى مكة وبعد الاستقرار والراحة يعود الى الميقات ويحرم منه يرى انه لا شيء عليه السادسة والاربعون سماحة الشيخ حج اثنتين وخمسين حجة واول حجة حجها كانت عام تسعة واربعين وثلاثمائة والف من الهجرة ثم حج بعدها اربع حجات متفرقة ومنذ عام اثنين وسبعين وثلاثمائة والف من الهجرة الى الثامن عشر واربعمائة والف من الهجرة لم يترك الحج في اي عام من تلك الاعوام سماحة الشيخ رحمه الله رجل اثر اخراه على دنياه فحياته كلها جهاد وتضحية وكفاح متصل وعمل دؤوب لا فرق عنده بين ايام الدوام الرسمي وغيرها من ايام الخميس والجمعة وايام الاجازات والاعياد بل ربما تضاعف عمله وزاد قيامه بالمسؤوليات في ايام الاجازات. والعيد عند سماحته كغيره من الايام. له نصيبه من العمل والجهد المتواصل واستقبال الناس والقيام بمصالحهم الخاصة والعامة سواء كان ذلك مباشرة او مراسلة او عبر الهاتف اما عمله في عيد الاضحى فحدث ولا حرج فسماحته يكون في عيد الاضحى موجودا في مكة لاداء الحج. اذ هو يحج كل عام ولم ينقطع عن الحج منذ عام اثنين وسبعين ثلاثمئة والف من الهجرة وقبل ذلك حج خمس مرات في فترات مختلفة. سماحة الشيخ في يوم عيد الاضحى. وفي يوم العيد يصلي سماحته الفجر في مزدلفة ثم يلتفت الى من حوله ويلقي عليهم كلمة يبين لهم فيها ما يشرع للحاج في يوم العيد. ثم بعد ذلك يلهج بالذكر والدعاء الى ان يسفر جدا وبعد ذلك يتجه الى منى ملبيا ذاكرا داعيا. وفي الطريق يستمع الى خطبة العيد من الحرم عبر المذياع. وبعد وصوله الى منى يوكل من يرمي عنه ويذبح اضحيته وهديه وبعد الظهر يلقي كلمة في المصلى في مخيمه في منى. ثم تعرض عليه الاسئلة فيجيب عنها وفي هذا اليوم يكثر الزوار لسماحته للسلام عليه وتهنئته بالعيد حيث يزوره الامراء والعلماء والدعاة والوفود القادمون من الخارج والعامة والاقارب وغيرهم. كما يكثر المتصلون على سماحته في ذلك اليوم من الداخل والخارج ولا ينسى في ذلك اليوم ان يتصل باقاربه ففي ذلك اليوم يتصل باخيه الاكبر محمد ويتصل بجميع اولاده وبعد صلاة العصر من يوم العيد في منى يلقي كلمته وتعرض عليه بعض الاسئلة ثم يأخذ بعض الراحة وبعد المغرب يلقي كلمة في المخيم الذي يقيم فيه وتوجه اليه الاسئلة حتى صلاة العشاء وبعد العشاء يذهب لالقاء محاضرة في بعض المخيمات او يذهب لاجتماع الدعاة في الحفل الذي تقيمه وزارة الشؤون الاسلامية ومثل عمله في هذا اليوم يكون عمله في اليوم الحادي عشر والثاني عشر. وفي اليوم الثالث عشر يتجه الى مكة وقد مر بنا تفصيل عمله في تلك الايام عند الحديث عن حجه رحمه الله تعالى. بيان لما استفاده سماحة الشيخ في حج عام ثلاثة وستين دين وثلاثمائة والف من الهجرة هذا البيان وجد ضمن اوراق سماحته رحمه الله. وقد جاء فيه ما يلي بسم الله الرحمن الرحيم. بيان ما استفدته في هذه الحجة في سنة ثلاث وستين وثلاث مئة والف من الهجرة وبيان ما اطلعت عليه من الكتب ومن اتفقت به من المشايخ من ذلك اني اتفقت بالاخ الشيخ ابراهيم ابن محمد العمود من ال ابا الخيل وهو قاضي سامطة الان. وقد اخبرني عن الشيخ عبدالله بن محمد القرعاوي بما يسر القلب من جهة اجتهاده وفتحه المدارس وكثرة تلامذته ويذكر ان المدارس كثيرة منها مدرسة صامتة وفيها من التلامذة نحو ثمانين. وقد تخرج منها جماعة منهم حافظ بن احمد الحكمي وحسن وحسين ابن محمد النجمي وعثمان بن عثمان الحملي وحسن حملي ومحسن حملي ومحمد عثمان نجار وغيرهم وترتيب التلامذة على الشيخ في التوحيد وكتب العقائد كالتدميرية والواسطية والقرآن بالتجويد. والخط والحساب والحديث والمصطلح وكثير من رسائل المشايخ واصول الفقه والفرائض وهم في التعليم المذكور طبقات مذكورة والمتولي للتدريس في المدرسة المذكورة حافظ نيابة عن شيخه ومعه ستة من كبار التلامذة يعملون معه في المدرسة المذكورة وفتح فيها ايضا في سامطة ثلاث مدارس غير المدارس المذكورة والمتولي للتدريس فيها اشخاص من كبار تلامذته يعلم فيها القرآن والتوحيد ومبادئ الحساب والخط وفتح مدرسة في قرية نجامية من تبع صامتة وفي الجرادية والجاظع وهي الثلاث المدارس المشار اليها انفا وفتح ايضا مدرسة في مخلاف بيش في ام الخشب التي هي المركز وفي المحلة مدرسة وفي السلامة مدرسة وفي الملحى مدرسة وفي العدايا مدرسة وفي صبيا مدرسة والقرى المذكورة تبع صبيا. وجميع المعلمين في المدارس المذكورة من تلامذة الشيخ عبدالله والشيخ يزور المدارس المذكورة ويلاحظ دروسها ويحرض المعلمين والتلامذة على الجد هكذا اخبرني الشيخ ابراهيم ويذكر ان حالة البلاد قد تحسنت بسبب هذا التعليم. ويذكر الشيخ ابراهيم انه قرأ في عشر الخمس على الشيخ ثم سافر الى الهند في سنة خمس واربعين وثلاث مئة والف من الهجرة وقصد ذهني وقرأ على احسنهم الشيخ محمد السورتي ثم رجع الى الحجاز فقرأ في المعهد على الشيخ الشاوي والشيخ محمد حامد والشيخ البيز وعلى الشيخ سليمان ابن حمدان والتويري وبعد ذلك تولى خطابة جامع جيزان ثم قضاء سامطة ويذكر ان قاضي جيزان الان عبدالله بن عودة السعوي وقاضي صبيا عبدالرحمن بن محيميد. وقاضي ابو عريش عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل. وقاضي العارضة عقيل اخو عبدالله اذكروا الله واتفقت ايضا بالشيخ عبدالحميد الخطيب وسرني ظاهر عقيدته والشيخ بهجة بن عبدالرزاق البيطار والشيخ محمد حامد وسمعت بعض تذكيرهما والشيخ عبدالله بن علي القصيمي والشيخ حامد التقي من تلامذة الشيخ جمال الدين القاسمي من مدرسي دمشق والشيخ عبدالعزيز ابن عمر ابن عكاس ابن عم الشيخ علي ابن عكاس من سكان الاحساء هذا ما تيسر ذكره في احوال سماحة الشيخ رحمه الله والله اعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه