اعوذ بالله من الشيطان الرجيم يا ايها الذين امنوا كتب عليكم القصاص في القتلى فمن عفي له من اخيه شيء فاتباع بالمعروف واداء ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب اليم. ولكم في القصاص لعلكم تتقون بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يقول الله سبحانه يا ايها الذين امنوا كتب عليكم القصاص بالقتلى الاية يمتن تعالى على عباد مؤمنين بانه فرض عليهم القصاص في القتلى اي المساواة فيه وان يقتل القاتل على الصفة التي قتل عليها المقتل اقامة للعدل والقسط بين العباد. وتوجيه الخطاب لعموم المؤمنين فيه دليل على انه يجب عليهم كلهم حتى اولياء القاتل حتى القاتل بنفسه اعانة ولي المقتول اذا طلب القصاص ويمكنه من القاتل وانه لا يجوز لهم ان يحولوا بين هذا الحد ويمنع الولي من اختصاص كما عليه عادة الجاهلية ومن اشبههم من ايواء المحدثين نبين تفصيل ذلك فقال الحر بالحر يدخل بمنطوقها الذكر بالذكر والانثى بالانثى والانثى بالذكر فالذكر بالانثى فيكون منطوقها مقدما على مفهوم قوله الانثى بالانثى مع دلالة السنة على ان الذكر يقتل بانثى وخرج من عموم هذا الابوان وان علو الابوان وان علوا فلا يقتلان بالولد بورود السنة بذلك مع ان في قوله القصاص ما يدل على انه ليس من عدل ان يقتل الوالد بولده. ولان في قلب الوادي من الشفقة والرحمة ما يمنعه من القتل لولده الا بسبب اختلال في عقله او اذية شديدة جدا من الولد له خرج من عموم ايضا الكافر بالسنة مع ان الاية في خطاب المؤمنين خاصة ايظاف ليس من العدل ان يقتل ولي الله بعدوه والعبد بالعبد ذكرا كان او انثى تساوت قيمتهما او اختلفت ودل بمفهومها على ان الحر لا يقتل بالعبد. لكونه غير مساو له والانثى بالانثى. اخذ بمفهومها بعض اهل العلم فلم قتل الرجل بالمرأة وتقدم وجه ذلك وفي هذه الاية دليل على ان الاصل وجوب القود في القتل. وان الدية بدل عنه ولهذا قال فمن عفي له من اخيه شيء اي عفى ولي المقتول عن القاتل الى الدية او عفى بعض الاولياء فانه يسقط القصاص وتجب الدية وتكون الخيرة في القود واختيار الدية الى الولي واذا عفا عنه وجب على الولي اي ولي المقتول ان يتبع القاتل بالمعروف. من غير ان يشق عليه ولا يحمله ما لا يطيق بل يحسن اقتضاء والطلب ولا يحرجه. وعلى القاتل اداء اليه باحسان اي من غير مطل ولا نقص ولا اساءة او قولية فهل جزاء الاحسان اليه بالعفو الا الاحسان ذو حسن القضاء؟ وهذا مأمور به في كل ما يثبت في ذمم الناس مأمور من له الحق باتباعه بالمعروف. ومن عليه الحق بالاداء بالاحسان وفي قوله فمن عفي له من اخيه ترقيق يحث على العفو والدية واحسن من ذلك العفو مجانا وفي قوله اخيه الدليل على ان القاتل لا لا يكفر لان المراد بالاخوة هنا واخوة الايمان فلم يخرج بالقتل منها ومن باب باولى ان سائر المعاصي التي هي دون الكفر التي هي دون الكفر ولا يكفر بها فاعلها. وانما ينقص بذلك ايمانه. واذا عفا اولياء المقتول او عفا بعضهم احتقن دم القاتل وصار معصوما منهم ومن غيرهم ولهذا قال فمن اعتدى بعد ذلك اي بعد العفو فله عذاب اليم اي في الاخرة. واما قتله وعدمه فيؤخذ مما تقدم لانه قتل مكافئا له فيجب قتله بذلك. واما من فسر العذاب الاليم بالقتل. وان الاية تدل على انه يتعين قتله ولا يجوز العفو عنه. لذلك قال بعض العلماء الصحيح الاول لان جنايته لا تزيد على جناية غيره ثم ميت على حكمته العظيمة في مشروعية القصاص فقال ولكم في القصاص حياة اي تنحقن بذلك الدماء وتنقمع به الاشقياء لان من عرف انه مقتول اذا قتل لا يكاد يصدر منه القتل. واذا رؤي القاتل مقتولا انذعر بذلك غيره وانزجر. فلو عقوبة القاتل غير القتل لم يحصل انكفاف الشر الذي يحصل بالقتل. وهكذا سائر الحدود الشرعية فيها من النكات والانزجار ما يدل على حكمة الحكيم الغفار تنكر الحياة لافادة التعظيم والتكثير. ولما كان هذا الحكم لا يعرف حقيقته الا اهل العقول الكاملة والالباب الثقيلة خصهم بالخطاب دون غيرهم. وهذا يدل على ان الله تعالى يحب من عباده ان يعملوا افكارهم وعقولهم في تدبر ما في احكام من الحكم والمصالح الدالة على كماله وكمال حكمته وحمده وعدله ورحمته الواسعة ان من كان بهذه المثابة قد استحق المدح بانه من ذوي الالباب الذين وجه اليهم الخطاب وناداهم رب الارباب وكفى بذلك فضلا وشرفا لقوم وقوله لعلكم تتقون وذلك ان من عرف ربه وعرف ما في دينه وشرعه من اسرار عظيمة والحكم البديعة والايات الرفيعة اوجب له ذلك ان ينقاد لامر الله ويعظم معاصيه فيتركها ويعظم معاصيه فيتركها فيستحق بذلك ان يكون من المتقين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. الى الحلقة القادمة غدا ان شاء الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته