اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون اياما معدودات. فمن كان من مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين. فما وان تصوموا خير لكم ان كنتم تعلمون. شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر. يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يقول الله سبحانه يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون يقول تعالى بما من الله به على عباده لانه فرض عليهم الصيام كما فرضه على الامم السابقة لانهم من الشرائع والاوامر التي هي مصلحة للخلق في كل زمان وفي تنشيط لهذه الامة بانه ينبغي لكم ان تنافسوا غيركم في تكميل الاعمال والمسارعة الى صالح الخصال وانه ليس من الامور قيل التي اختصصتم بها ثم ذكر تعالى حكمته في مشروعه في الصيام فقال لعلكم تتقون. فان الصيام من اكبر اسباب التقوى لان فيه امتثال امر الله واجتناب نهيه ومما اشتمل عليه من التقوى ان الصائم يترك ما حرم الله عليه من الاكل والشرب والجماع ونحوها التي تميل اليها نفسه متقربا بذلك الى الله راجيا بتركها ثوابه فهذا من التقوى منها ان الصائم يجرب نفسه على مراقبة الله تعالى ويترك ما تهوى نفسه مع قدرته عليه لعلمه باطلاع الله عليه ومنها ان الصيام يضيق مجاري الشيطان. فانه يجري من ابن ادم مجرى الدم. فبالصيام يضعف نفوذه وتقل منه المعاصي منها ان الصائم في الغالب تكثر طاعته. والطاعات من خصال التقوى. ومنها ان الغني اذا ذاق الم الجوع اوجب له ذلك مواساة الفقراء المعدمين. ومع وهذا من خصائص التقوى. ولما ذكر انه فرض عليهم الصيام اخبر انه ايام معدودة اي قليلة في غاية السهولة ثم سهل تسهيلا اخر فقال فمن كان منكم مريضا او على سفر فعدة من ايام وذلك للمشقة في الغالب رخص الله لهما في الفطر. ولما كان لابد من حصول مصلحة الصيام لكل مؤمن امرهما ان يقضي في ايام اخر اذا زال المرض وانقض السفر وحصى في الراحة. وفي قوله فعدة من ايام فيه دليل على انه يقضي على في ايام رمضان كاملا كان او ناقصا. وعلى انه يجوز ان يقضي اياما قصيرة باردة عن ايام طويلة حارة وقوله وعلى الذين يطيقونه ان يطيقون الصيام فدية عن كل يوم يفطرونه طعام مسكين. وهذا في ابتداء ثوب الصيام لما كانوا غير معتادين للصيام وكان فرضه حتما فيه مشقة عليهم درجهم الرب الحكيم باسهل طريقة وخير المضيق للصوم بين ان يصوم وهو افضل او يطعم ولهذا قال وان تصوموا خير لكم. ثم بعد ذلك جعل الصيام من على المطيق وغير المطيق يفطر ويقضيه في ايام اخر. وقيل وعلى الذين يطيقونه ان يتكلفونه ويشق عليهم مشقة غير محتملة. كالشيخ الكبير فدية عن كل يوم طعام مسكين. وهذا هو الصحيح. شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن. عليكم الشهر العظيم الذي قد حصل لكم فيه من الله الفضل العظيم. وهو القرآن الكريم المشتمل على الهداية لمصالحكم الدينية والدنيوية وتبيين الحق باوضح بيان والفرقان بين الحق والباطل والهدى والضلال. واهل السعادة واهل الشقاوة فحقيقة قم بشهر هذا فظله وهذا احسان الله عليكم فيه ان يكون موسما للعباد مفروضا فيه الصيام فلما قرره وبين فضيلته فحكمة الله تعالى بتخصيصه قال فمن شهد منكم الشهر فليصمه فهذا فيه تعيين الصيام على القادر الصحيح الحاضر ولما كان النسخ للتخيير بين الصيام والفداء خاصة اعاد الرخصة للمريض والمسافر لئلا يتوهم ان الرخصة ايضا منسي فقال يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر. اي يريد الله تعالى ان ييسر عليكم الطرق الموصلة الى رضوانه. اعظم يسير ويسهلها ابلغ تسهيل. ولهذا كان جميع ما امر الله به عباده في غاية السهولة في اصله. اذا حصت بعض العوارض الموجبة في ثقله سهله تسهيلا اخر. اما باسقاطه او تخفيفه بانواع التخفيفات وهذي جملة لا يمكن تفصيلها. لان تفاصيلها جميع الشرعيات ويدخل فيها جميع الرخص والتخفيفات لتكمل العدة وهذا والله اعلم بان لا يتوهم متوهم ان صيام رمضان يحصل المقصود منه بعضه دفع هذا الوهم بالامر بتكميل عدته ويشكر الله ويشكر الله تعالى عند اتمامه على توفيقه وتسهيله وتبينه لعباده وبالتكبير عند انقضائه يدخل في ذلك التكبير عند رؤيته لا لشوال الى فراغ خطبة العيد وصلى الله سلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. الى الحلقة القادمة غدا ان شاء الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته