اعوذ بالله من الشيطان الرجيم وقالوا كونوا هودا او نصارى تهتدوا ابراهيم حنيفا وما كان من المشركين كونوا امنا بالله وما انزل الينا وما انزل الى ابراهيم واسماعيل واسحاق والاسباط وما اوتي موسى وعيسى وما اوتيين نبيون من ربهم لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يقول الله سبحانه وقالوا كونوا هودا او نصارى تهتدوا قل بل ملة ابراهيم حنيفا وما كان من المشركين كل من اليهود والنصارى المسلمين الى الدخول في دينهم. زاعمين انهم هم المهتدون وغيرهم ضال. قال له مجيبا جواب شافية بل نتبع ملة ابراهيم حنيفا. اي مقبلا على الله معرضا عما سواه. قائلا بالتوحيد تاركا للشرك والتمديد فهذا الذي في اتباعه الهداية وفي الاعراض عن ملة الكفر والغواية ثم قال تعالى قولوا امنا بالله وما انزل الينا وما انزل الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط الاية هذه الاية الكريمة قد اشتمت على جميع ما يجب الايمان به. واعلم ان الايمان الذي هو تصديق القلب التام في هذه الاصول واقراره المتضمن لاعمال القلوب والجوارح وهو بهذا الاعتبار يدخل فيه الاسلام. وتدخل فيه الاعمال الصالحة كلها. فهي من الايمان واثر من اثاره حيث اطلق الايمان دخل فيه ما ذكر. وكذلك الاسلام اذا اطلق دخل فيه الامام واذا قرن بينهما كان الايمان اسما لما في القلب من الاقرار والتصديق والاسلام اسما للاعمال الظاهرة وكذلك اذا جمع بين الايمان والاعمال الصالحة. فقوله تعالى قولوا اي بالسنتكم متواطئة عليها قلوبكم. وهذا هو القول مترتب عليه الثواب والجزاء وكما نطق باللسان بدون اعتقاد القلب نفاق وكفر القول الخالي من العمل عمل القلب عديم التأثير. قليل الفائدة. وان كان العبد يؤجر عليه اذا كان خيرا ومعه الايمان لكن فرق بين القول المجرد والمقترن به عمل القلب وفي قوله قولوا اشارة الى الاعلان بالعقيدة والصدع بها والدعوة لها اذ هي اصل الدين واساسه. وفي قوله امنا ونحوه ان في صدور الفعل منسوبا الى جميع الامة اشارة الى انه يجب على الامة الاعتصام بحبل الله جميعا والحث على ائتلافه حتى يكون داعيهم واحدا. وعملهم متحدا وفي ضمنه النهي عن افتراق وفيه ان المؤمنين كالجسد الواحد. وفي قوله قولوا امنا بالله الى اخره دلالة على جواز اضافة الانسان الى الى نفسه الايمان على وجه التقييد بل على وجوب ذلك. لخلاف قوله انا مؤمن ونحوه فانه لا يقال الا مقرونا باستثناء بالمشيئة لما فيه من تزكية النفس والشهادة على نفسي بالايمان فقوله امنا بالله اي بانه واجب الوجود واحد احد متصف بكل صفة كمال. منزها عن منزه عن كل نقص مستحق لافراده بالعبادة كلها. وعدم الاشراك به في شيء منها بوجه من وجوه وما انزل الينا يشمل القرآن والسنة لقوله تعالى وانزل الله عليك الكتاب والحكمة يدخل فيه الايمان بما تضمنه كتاب الله وسنة رسوله. من صفات الباري وصفات رسله واليوم الاخر والغيوم الماضية المستقبلة الايمان بما تضمنه ذلك من احكام الامرية الشرعية واحكام الجزاء وغير ذلك. وما انزل الى ابراهيم الى الاية فيه الايمان بجميع الكتب المنزلة على جميع الانبياء والايمان بالانبياء عموما وخصوصا ما نص عليه بالاية وفي اتيانهم بالشرائع الكبار الواجب في الايمان بالانبياء والكتب ان يؤمن بهم على وجه العموم والشمول ثم ما عرف منهم بالتفصيل وجب الايمان به مفصلا وقوله لا نفرق بين احد منهم اي بل نؤمن بهم كلهم. هذه خاصية المسلمين التي انفردوا بها عن كل من يدعي انه على دين. فاليهود والنصارى والصابئون وغيرهم وان زعموا انهم يؤمنون بما يؤمنون بما يؤمنون به من الرسل والكتب فانهم يكفرون بغيره فيفرقون بين الرسل والكتب بعضها يؤمنون به وبعضها يكفرون به وينقض وينقص وينقض تكذيبهم تصديقهم وينقض تكذيبهم تصديقهم. فان الرسول الذي زعموا انهم قد امنوا به قد صدق سائر الرسل. وخصوصا محمد صلى الله عليه وسلم اذا كذبوا محمدا فقد كذبوا رسولهم فيما اخبرهم به فيكون كفرا برسولهم وفي قوله وما اوتي النبيين من ربهم دلالة على ان عطية الدين هي العطية الحقيقية المتصلة بالسعادة الدنيوية والاخروية. لم يأمرنا ان نؤمن بما اوتي الانبياء من الملك والمال ونحو ذلك. بل امرنا ان نؤمن بما اعطوا من الكتب والشرائع. وفيه ان الانبياء مبلغون عن الله ووسائط بين الله وبين خلقه بتبليغ دينه. ليس لهم من امري شيء. وفي قوله من ربهم اشارة الى انهم كما الربوبية لعباده ان ينزل عليهم الكتب ويرسل اليهم الرسل فلا تقتضي ربوبيته تركهم السدى ولا هاملاك اذا كان ما اوتي النبيون انما هو من ربهم ففيه الفرق بين انبياء وبين من يدعي النبوة وانه يحصل الفرق بينهم بمجرد معرفة ما يدعون اليه الرسل لا يدعون الا الى الخير ولا ينهون الا عن كل شر. وكل واحد منهم يصدق الاخر فيشهد له بالحق من غير تخالف تناقض لكونه من عند ربهم ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا. وهذا بخلاف من ادعى النبوة فلابد ان يتناقضوا في اخبارهم واوامرهم ونواهيهم. كما يعلم ذلك من سبر احوال الجميع وعرف ما يدعون اليه. فلما بين تعالى ما يؤمن به عموما وخصوصا. فكان القول لا يغني عن العمل قال ونحن له مسلمون. اي خاضعون لعظمته. من لعبادته بباطننا وظاهرنا مخلصون له العبادة بدليل تقديم المعمول وهو له على العامل وهم وهو مسلمون اشتمت هذه الاية الكريمة على ايجازها واختصارها على انواع التوحيد الثلاثة توحيد الربوبية وتوحيد الالوهية وتوحيد الاسماء والصفات واشتملت على الايمان بجميع الرسل وجميع الكتب وعلى التخصيص الدال على الفضل بعد التعميم وعلى التصديق بالقلب واللسان والجوارح والاخلاص لله في ذلك وعلى الفرق بين الرسل الصادقين. ومن ادعى النبوة من الكاذبين. وعلى تعليم الباري عبادة. كيف يقولون ورحمتي واحسانه عليهم بالنعم المتصلة بسعادة الدنيا والاخرة. فسبحان من جعل كتابه تبيانا لكل شيء. وهدى ورحمة لقوم يؤمنون وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. الى الحلقة القادمة غدا ان شاء الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته