اعوذ بالله من الشيطان الرجيم فيقول السفهاء من الناس ما ولا هم عن قبلتهم التي كانوا عليها يهدي من يشاء وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها الا لنعلم الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على وان كانت لكبيرة الا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع ايمانكم ان الله بالنار بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يقول الله سبحانه سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها الايات عن الشمات الاية الاولى على معجزة وتسلية وتطمين قلوب المؤمنين واعتراض وجوابه من ثلاثة اوجه وصفة يعترض وصفة المسلم لحكم الله ودينه اخبر تعالى انه سيعترض السفهاء من الناس وهم الذين لا يعرفون مصالح انفسهم بل يضيعونها ويبيعونها بابخس ثمن. وهم اليهود والنصارى. ومن اشبههم من المعترضين على احكام الله وشرائعه وذلك ان المسلمين كانوا مأمورين باستقبال بيت المقدس مدة مقامهم بمكة. ثم بعد الهجرة الى المدينة نحو سنة لما لله في ذلك من الحكم التي سيشير الى بعضها وكانت حكمة تقوي امرهم باستقبال الكعبة اخبرهم انه لابد ان يقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها. وهي استقبال بيت المقدس اي شيء صرفهم عنه وفي ذلك الاعتراض على حكم الله وشرعه وفضله واحسانه فسلاهم واخبر بوقوعه وانه انما يقع ممن اتصف بالسفه قليل العقل والحلم والديانة فلا تبالوا بهم. اذ قد علم مصدر هذا الكلام العاقل لا يبالي باعتراض السفيه ولا يلقي له ذهنه. ودلت الاية على انه لا يعترض على احكام الله الا سفيه جاهل واما الرشيد المؤمن العاقل فيتلقى احكام ربه بالقبول والانقياد والتسليم. كما قال تعالى قال وما كان وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهما الاية انما كان قول المؤمنين اذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم ان يقولوا سمعنا واطعنا وقد كان في قوله السفهاء ما يغني عن رد قولهم وعدم المبالاة به ولكنه تعالى مع هذا لم يترك هذه الشبهة حتى ازالها وكشفها. مما سيعرض لقبول لبعض القلوب من اعتراض. فقال تعالى قل لهم مجيبا لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء الى صراط مستقيم. اي فاذا كان المشرق والمغرب ملكا لله. ليس جهة من الجهات خارجة من ملك ومع هذا يهدي من يشاء الى صراط مستقيم ومن هدايتكم الى هذه القبلة. التي هي من ملة ابراهيم. فلاي شيء يعترض المعترض بتوليتكم قبلة داخلة تحت ملك الله لم تستقبلوا جهة ليست ملكا له. فهذا يجب التسليم لامره لمجرد ذلك فكيف هو من فضل الله عليكم وهدايته واحسانه ان هداكم لذلك فالمعترض عليكم معترض على فضل الله لكم وبغيا ولما كان قوله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم. مطلقا والمطلق يحمل على المقيد. فان الهداية والضلال لهم اسباب اوجبتها لحكمة الله وعدله. وقد اخبر في غير موضع من كتابه باسباب الهداية. التي اذا اتى بها العبد حصل له الهدى كما قال تعالى يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ذكر في هذه الاية السبب الموجب لهداية هذه الامة مطلقا بجميع انواع الهداية ومنة الله عليها فقال وكذلك جعلناكم امة وسطا. اي عدلا خيرا وما عدا الوسط فاطراف داخلة تحت الخطر. فجعل الله هذه الامة وسطا في كل امور الدين. وسطا في الانبياء وبين من جفاهم كاليهود بان امنوا بهم كلهم على الوجه اللائق بذلك ووسطا في الشريعة لا تشديدات اليهود واصالهم ولا تهاون النصارى وفي باب الطهرة والمطاعم ذاك اليهود الذين لا تصح لهم صلاة الا في بيعهم وكنائسهم ولا يطهرهم الماء من النجاسات قد حرمت عليهم طيبات عقوبة لهم ولا كالنصارى الذين لا ينجسون شيئا ولا يحرمون شيئا بل اباحوا ما دبروا ودرج بل طهارتهم اكمل طهارة واتمها اباح الله لهم الطيبات من المطاعم والمشارب والملابس والمناكح حرم عليهم الخبائث من ذلك ولهذه الامة من الدين اكمله. ومن الاخلاق اجلها ومن الاعمال افضلها. ووهبهم الله من العلم والحلم والعدل والاحسان ما لم يهبه لامة سواهم. فلذلك كانوا امة وسطا كاملين معتدلين ليكونوا شهداء على الناس بعدالتهم لحكمهم بالقسط يحكمون على الناس من سأرها الاديان ولا يحكم عليهم غيرهم. فما شهدت له هذه الامة من قبول فهو مقبول. وما شهدت له بالرد فهو مردود. فان قيل كيف يقبل حكمهم على غيرهم والحال ان كل مختصمين غير مقبول قول بعضهم على بعض قيل انما لم يقبل قول احد المتخاصمين لوجود التهمة اما اذا انتفت التهمة وحصلت العادات التامة كما في هذه الامة فانما المقصود الحكم بالعدل والحق وشرط ذلك العلم والعدل. وهما موجودان فيها الامة فقبل قولها بفضلها وطلب مزكيا لها فهو اكمل الخلق نبيهم صلى الله عليه وسلم. فلهذا قال تعالى ويكون الرسول عليكم شهيدا من شهادة هذه امتي على غيرهم انه اذا كان يوم القيامة فسأل الله المرسلين عن تبليغهم والامم المكذبة عن ذلك وانكروا ان الانبياء بلغتهم استشهد الانبياء بهذه الامة وزكاها نبيها. وفي الاية دليل على ان اجماع هذه الامة حجة القاطعة وانهم معصومون عن خطأ لاطلاق قولهم وسطا. قوله وسطا. فلو قدر الاتفاق مع الخطأ لم يكونوا وسط الا في بعض الامور وفيها اشتراط العداة للحكم والشهادة والفتية ونحو ذلك. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. الى الحلقة القادمة غدا ان شاء الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته