اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ولا تقولوا لمن يقتل في في سبيل الله اموات. بل احياء ولكن لا تشعرون. ولنبلونكم بشيء من الخوف سوى الجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة هبة قالوا قالوا انا لله اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يقول الله سبحانه ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله اموات بل احياء ولا لا تشعرون لما ذكر تبارك وتعالى الامر بالاستعاذ بالصبر على جميع الاحوال ذكر نموذجا مما يستعان بالصبر عليه. وهو الجهاد في سبيله وهو افضل الطاعات البدنية واشقها على النفوس. لمشقته في ولكونه مؤدي للقتل وعدم الحياة. التي انما يراه الراغبون في هذه الدنيا لحصول الحياة ولوازمها وكل ما تتصرفون به فانه سعي لها. ودفع لما يضادها. ومن المعلوم ان المحبوب لا يتركه العاقل الا لمحبوب اعلى منه اعظم اخبر تعالى ان من قتل في سبيله بان قاتل في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا ودينه الظاهر لا لغير الاغراض فانه لم تفته الحياة المحبوبة. بل حصل له حياة اعظم واكمل. مما تظنون وتحسبون. فالشهداء احياء عند ربهم يرزقون. فرحين بما اتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم الا خوف ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وان الله لا يضيع اجر المؤمنين. فهل اعظم من هذه الحياة متضمية للقرب من الله تعالى وتمتعهم برزقه البدني في المأكولات والمشروبات اللذيذة والرزق الروحي وهو الفرح وهو الاستبشار وزوال كل خوف وحزن وهذه حياة برزخية اكمل من حياة الدنيا فلقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان ارواح الشهداء في اجواف طيور خضر تريد انهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي الى قناديل معلقة بالعرش وفي هذه الاية اعظم حث على الجهاد في سبيل الله وملازمة الصبر عليه فلو شعر العباد بمال المقتولين في سبيل الله من الثواب لم يتخلوا عنه احد ولكن عدم العلم اليقيني التام هو الذي فتر العزائم وزاد نوما نائم وافات الاجور العظيمة لما لا يكون كذلك والله تعالى قد اشترى من من المؤمنين انفسهم واموالهم بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون. فوالله لو كان الانسان الف نفس تذهب نفسا فنفسا في سبيل الله. لم يكن عظيما في جانب هذا اجر عظيم ولهذا لا يتمنى الشهداء بعدما عاينوا من ثواب الله وحسن جزاءه الا ان يردوا الى الدنيا حتى يقتلوا في سبيله مرة بعد مرة وفي الاية دليل على نعيم البرزخ وعذابه كما تكاثرت بذلك النصوص ثم يقول سبحانه ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين اخبر تعالى انه لابد ان يبتلي عباده بالمحن. يتبين الصادق من الكذب. والجازع من الصابر. وهذه سنته تعالى في عباده. لان السراء لو استمرت اهل الايمان ولم يحصل معها محنة لحصل الاختلاط الذي هو فساد. وحكمة الله تقتضي تمييز اهل الخير من هذه فائدة المحن لا ازالة ما مع المؤمن من امام ولا ردهم عن دينهم فما كان الله ليضيع ايمان المؤمنين. اخبر في هذه الاية انه سيبتلي عباده بشيء من الخوف من الاعداء والجوع اي بشيء يسير منهما لانه لانه لو ابتلاهم بالخوف كله او الجوع لهلكوا المحن تمحص لا تهلك ونقص من اموال وهذا يشمل جميع النقص المعتري للاموال من جوائز سماوية وغرق وضياع واخذ واخذ الظلمة الاموال من الملوك الظلمة وقطاع الطريق وغير ذلك والانفس اي ذهاب الاحباب من الاولاد والاقارب واصحابه ومن انواع الامراض في بدن العبد او بدن من يحبه. والثمرات اي الحبوب. وثمار النخيل والاشجار كلها والخضر برد او برد او حرق او افة سماوية من جراد ونحوه. هذي الامور لا بد ان تقع لان العليم الخبير اخبر بها فوقعت كما اخبر. فاذا وقعت انقسم الناس قسمين جازعين وصابرين فالجازع حصت له المصيبتان هواة المحبوب وهو وجود وهو ووجود وهو وجود هذه المصيبة. وفوات ما هو اعظم منها وهو الاجر بامتثال امر الله بالصبر. ففاز بالخسارة والحرمان ونقصي ما معهم من الايمان. وفاته الصبر والرضا والشكران. وحصل له السخط الدال على شدة النقصان اما من وفقه الله للصبر عند وجود هذه المصائب فحبس نفسه عن تسخط قولا وفعلا واحتسب اجرها عند الله وعلم ان ما يدركه من اجري بصدره اعظم من المصيبة التي حصلت له. بل المصيبة تكون نعمة في حقه. لانها صارت طريقا لحصول ما هو خير له وانفع منه قد امتثل امتثل امر الله وفاز بالثواب. فلهذا قال تعالى وبشر الصابرين. اي بشرهم بانهم يوفون اجرهم بغير حساب الصابرون هم الذين فازوا بالبشارة العظيمة والمنحة الجسيمة ثم وصفهم بقوله الذين اذا اصابتهم مصيبة وهي كل ما يؤلم القلب او البدن او كليهما. مما تقدم ذكره. قالوا انا لله اي مملوكون لله مدبرون تحت امر وتصريفه ليس لنا من فليس لنا من انفسنا واموالنا شيء فاذا ابتلانا بشيء منها فقد تصرف ارحم الراحمين بمماليك واموالهم فلا اعتراض علي. بل من كمال عبودية العبد علمه بان وقوع البلية من المالك الحكيم الذي هو ارحم بعبده من نفسه. فيوجب له ذلك الرضا عن الله. والشكر له على تدبيره لما هو خير لعبده وان لم يشعر بذلك ومع اننا مملوكون لله فانا اليه راجعون يوم المعاد. فمجاز كل عامل بعمله. فان صبرنا واحتسبنا وجدنا اجرنا موفورا عنده. ان جزعنا وسخطنا لم يكن حظنا الا السخط وفوات الاجر. فكون العبد لله وراجع اليه من اقوى اسباب الصبر اولئك الموصوفون بالصبر المذكور عليهم صلوات من ربهم اي ثناء وتنويه بحالهم ورحمة عظيمة ومن رحمة اياهم ان وفقهم للصبر الذي ينالون به كمال اجر. واولئك هم المهتدون. الذين عرفوا الحق وهو في هذا الموضع علمهم بانهم لله وانهم اليه راجعون وعملوا به وهو هنا صبرهم لله ودلت هذه الاية على ان من لم يصبر فله ضد ما لهم فحصل له الذم من الله والعقوبة والضلال وخسارة. فما اعظم الفرق بين فريقين وما اقل الصابرين واعظم جزاء واعظم عناء الجازعين. وقد اشتمت هاتان الايتان على توطين النفوس على المصائب قبل بوقوعها لتخف وتسهل اذا وقعت وبيان ما تقابل به اذا وقعت وهو الصبر. وبيان ما يعين على الصبر ومن الصابر من اجر ويعلم حال غير الصابر بضد حال الصابر. وان هذا الابتلاء والامتحان سنة الله التي قد خلت. ولن تجد لسنة الله تبديلا انواع المصائب. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. من الحلقة القادمة غدا ان شاء الله. والسلام وعليكم ورحمة الله وبركاته