السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. اخوتي الكرام لا زلنا في سلسلة نصرة للشريعة. ذكرنا في الحلقة الماضية ان من يحمل مشروعا اسلاميا ان استلم الحكم حكمة فلا مناص له من اعلان السيادة المطلقة الكاملة المنفردة للشريعة ومن اللحظة الاولى. وذكرنا ان هذا لا يعني بالضرورة اتيانها بالواجبات كلها والغاء المنكرات كلها دفعة واحدة. لكن ما دام القانون اسلاميا محضا والدولة تطبق ما تقدر عليه فالشريعة مطبقة. وذكرنا امثلة عملية للنقلة الكبيرة التي يحدثها اعلان سيادة الشريعة. ثم وعدتكم باستخلاص دروس مهمة من هذه امثلة. تعالوا احبتي الكرام نستعرض بعض هذه الدروس. اولا لاحظنا ان اعلان سيادة الشريعة يؤثر في كل شيء في المجتمع المجتمع يصبح مبنيا على العبودية المطلقة لله. بهذا الاعلان فان اعمالا كانت تجرم في ظل القوانين الوضعية اصبحت واخرى كانت مسموحة اصبحت جرائم. اشخاص واملاك فقدت حصانتها. واخرى اكتسبتها قضايا كانت رابحة تخسر واخرى كانت خاسرة تربح. اتفاقيات تلغى واخرى تبرم. كل هذا باعلان تطبيق الشريعة ومن اللحظة الاولى. حتى ان لم تستطع الدولة انفاذ هذه الاحكام مرة واحدة فان تسميتها وتوصيفها الشرعي يبقى ذا اثر كبير فرق كبير بين ان يعرف الفرد انه يفعل شيئا محظوظا عليه تشجعه الدولة وان يفعل شيئا ممنوعا يستوجب العقوبة فان تأخرت المثوبة والعقوبة الى حين قدرة الدولة واستطاعتها فتوصيف الافعال يبقى ذا اثر كبير في سلوك المجتمع ثانيا لاحظنا ان البديل عن اعلان سيادة الشريعة هو ان تحكم الدولة الاسلامية بالقانون الوضعي الجاهلي. عندما قل اسلاميون في الحكم فهم دولة. ليس لهم ان يقفوا موقف المحايد من التصرفات والاشخاص والقضايا. اما ان يحكموا بالاسلام واما ان يحكموا بالقوانين الوضعية الجاهلية. افحكم الجاهلية يبغون ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون. ولبيان ذلك اكثر ارجو مراجعة الحلقة الثالثة بعنوان المعنى الخطير للتدرج. فيا من تطالبون بعدم اعلان سيادة الشريعة من اللحظة الاولى. اعرفوا ما يؤدي اليه ذلك. ان تصبح الدولة الاسلامية حارسة للقوانين الوضعية منفذة لها معاقبة لمن خالفها مثيبة للعاصي معاقبة للمطيع. ماذا بقي لها من اسم الاسلامية حينئذ؟ هل تقبلون للدولة الاسلامية يا ان تفعل ذلك ولو ليوم واحد يا اصحاب التدرج. المني ما سمعته من احد الدعاة وهو يقول لمستمعيه في المسجد ما تظنوش ان الاسلاميين اذا وصلوا الحكم هيغيروا كل حاجة مرة واحدة. يمكن ما فيش حاجة من القوانين هتتغير اول سنتين تلاتة. لكن الناس هتبقى نضيفة وهذا كما ترون اخواني كلام خطير للغاية. يدل على عدم وعي لمعنى ان تكون في الحكم. او على تجويز ان يسوس مسلمون المجتمع بقوانين جاهلية وضعية ان لم يتغير شيء من القوانين فستبقى الاماكن التي تمارس فيها المحرمات قانونية كما كانت في القانون الوضعي. وتستحق من الدولة الحماية الرعاية ضد من يريدون انكار منكرها. فهل يتصور ان تعين الدولة الاسلامية في النهاية حراسا ملتحين على ابواب الخمارات والنوادي الليلية ما لكم كيف تحكمون. فيا من تدافعون عن التدرج اعرفوا عما عن ماذا تدافعون. اعرفوا عن ماذا تدافعون. ثالثا الثالثة من الامثلة التي ضربناها في الحلقة الماضية. ان الحق واحد والباطل متشعب. ان لم يلتزم الدعاة باعلان سيادة فانهم سيتخبطون في البديل عن ذلك لانهم فقدوا البوصل بالتنازل عن الحق فماذا بعد الحق الا الضلال؟ فانى تصرفون فترى هذا الداعية يقول قد لا نغير شيئا من القوانين اول سنتين او ثلاثة. اخر يقدرها باشهر والثالث بمدة اكثر او اقل. اخر يقول سنبدأ احكام الشريعة التي يتقبلها الشعب ونؤخر ما لا يتقبلها. واخر يقول نبدأ بالاحكام المتعلقة بالاخلاق والسلوك ونؤخر الحدود. واخر ايضا نقوي الاقتصاد ثم نطبق الشريعة. اصبحت المسألة خاضعة لتقديرات البشر. اهم مسألة مسألة العبودية لله بتطبيق شرعه والخلافة في الارض اصبحت خاضعة للاهواء والتخمينات والتخريصات والظنون. وما يتبع اكثرهم الا ظنا ان ان لا يغني من الحق شيئا. هل يظن بالله تعالى ان يترك هذه المسألة المصيرية مسألة العبودية لله. بتطبيق شرعه ان يتركها لظنون البشر هكذا. فالحق واحد وهو في اعلان السيادة المطلقة التامة للشريعة من اللحظة الاولى. ومن تخلى عن ذلك دخل في تشعبات ومتاهات وتخبطات رابعا اعلان السيادة للشريعة من اللحظة الاولى هو عقد بين الحاكم والمحكوم ملزم للطرفين يمنع ايا منهما من التلاعب وبه تسقط الحصانات الزائفة حتى عن الحكام لانهم ان زاغوا عن تبعات هذا الاعلان فان على الشعب ان يحاسب يكتبهم ويقيس افعالهم الى هذه المسطرة الواضحة. مسطرة الشريعة. فالعاملون للاسلام ليسوا معصومين. ان وصلوا الى الحكم فما الذي يضمن الا تصيبهم لوثة السلطة والابهة التي اصابت من شغل المناصب قبلهم. معقول؟ نعم معقول لا عصمة لاحد. ان كنا نرى تنازلات قدمت من البعض هذا وهم بعد لم يصلوا الى الحكم. فما الحال عندما تذاق حلاوة الالقاب والمشي على السجاد الاحمر؟ ونحن مأمورون ان نأخذ بظواهر الناس في الخير والشر. لا يغنينا ان يقول قائل نيتي طيبة. اما النوايا فامرها الى الله عز وجل. لذلك فنحن لا نقبل ابدا هذه العبارات المائعة الرمادية التي تستخدم هذه الايام بديلا عن عبارة تحكيم الشريعة ومن اللحظة الاولى. ومن اللحظة الاولى. العبارات المائعة الرمادية هذه مثل عبارة اجندة واضحة للتدرج في تطبيق الشريعة. او سنطبق ما يتوافق مع رح الشريعة. او فلان لديه توجه نحو تطبيق الشريعة او سنسن القوانين بما يحقق مقاصد الشريعة. او الحزب الفلاني سيسعى بخطوات حثيثة الى تطبيق الشريعة. او عليه ان يكون لديه نية جازمة لتطبيق الشريعة. او جدية في في الوصول بالمجتمع الى تطبيق الشريعة. او ستكون الدولة ذات مرجعية شرعية. هذه العبارات كلها هلامية مائعة تهربية. حتى وان استخدمت فيها كلمات الجدية والحزم والعزم والصدق تبقى مائعة هلامية غير مقبولة. اخواني تطبيق الشريعة عقد. هل تقبل ان تكتب مع ما لك شقة عقد ايجار صيغته اتفق الطرفان على ان يدفع المستأجر خمسمائة دينار شهريا مقابل ان يكون لدى المؤجر توجه واضح نحو تأجيره الشقة هل تقبل في عقد زواجك ان يكتب اتفق الطرفان على ان يدفع الرجل المهر مقابل ان يكون لدى ولي المرأة نية هزيمة لتزويجه اياها. هل تقبل بذلك هل تغني عندك النوايا حينئذ؟ كذلك تطبيق الشريعة عقد بين الحاكم والمحكوم. المحكوم يبذل الطاعة والولاء ويتعبد لله طاعة هذا الحاكم مقابل ان يلتزم الحاكم بتطبيق الشريعة. ثم هو قبل ذلك وفوق ذلك عقد مع الله عز وجل. عقد عبودية بتطبيق شرعه تعالى. لا تنفع فيه مثل هذه العبارات الهلامية. ان كنت لا تقبل هذه العبارات في عقد زواج او استئجار. فمن باب اولى ان لا تقبل في اخطر ما تعيش من اجله. العبودية لله تعالى بتطبيق شرعه. كلمة تطبيق الشريعة منضبطة. يمكن قياسها وعبارات التوجه والموقف والتدرج والنية والرؤية والمرجعية ليست منضبطة ولا يمكن قياسها. اذا استلم من يرفعون مثل هذه الشعارات الحكم في يوم من الايام ثم قست قلوبهم واصابتهم لوثة الكرسي وارادوا مداهنة الغرب لا خوفا على شعبهم بل خوفا على كراسيهم. فكيف يحاسبهم شعبهم. ان فرطوا في اوامر الشريعة فطالبهم البعض بتنفيذها. فما الذي يمنع هؤلاء الحكام الاسلاميين من ان يقولوا نحن لدينا توجه حقيقي ونية صادقة لتطبيق الشريعة. لكنه في تقديرنا ان الشعب غير مهيأ. والمرحلة لا تناسب. ونرى من المصلحة ان لا نطبق هذه من الشريعة الان. ونحن ما زلنا نتدرج في تطبيق الشريعة حسب اجندة واضحة. وفي اجندتنا ان علينا البقاء عند هذه المرحلة للاشهر القليلة القادمة اذا طرأ الانحراف على الحكام الاسلاميين وبرروا بمثل هذه المبررات فما الذي يمنعهم؟ خاصة وان عقدهم مع شعوبهم كان هلاميا من البداية. سندخل حينئذ في معركة الحكم على النوايا والاختلاف في تقدير الوضع يسمح ولا يسمح وما الى ذلك. اذا كان هذا الدرس الرابع من الامثلة التي ضربناها في الحلقة الماضية. هل بقيت هناك دروس؟ نعم. لكن حتى لا اطيل عليكم. دعونا نناقشها في الحلقة القادمة باذن الله. اسمحوا لي الان اخواني ان الخص الدروس الاربعة الاولى. اولا اعلان سيادة الشريعة يحدث انقلابا في موازين ومفاهيم وقوانين المجتمع من اللحظة الاولى ثانيا البديل عن هذا الاعلان هو ان تحكم الدولة بالقانون الوضعي الجاهلي ثالثا من تخلى عن اعلان سيادة الشريعة فسيدخل في متاهات الباطل المتشعب رابعا اعلان سيادة الشريعة عقد لا تقبل فيه العبارات الهلامية. خلاصة الحلقة اعلان تطبيق الشريعة من اللحظة الاولى هو الحق الاوحد. وهو المفهوم المنضبط المحدد المقيس شرعا المقيس شرعا والذي يحاسب عليه كل من الحاكم والمحكوم. وما عداه حكم جاهلية وباطل متشعب. ومفاهيم غير منضبطة ولا تؤدي الى انحراف الحاكم والمحكوم والى لقاء في الحلقة القادمة باذن الله. والسلام عليكم ورحمة الله