السلام عليكم ورحمة الله. اخوتي الكرام نستمر بعون الله في سلسلة نصرة للشريعة. في حلقة مفاسد اسلمة الديموقراطية ذكرنا مفاسد نتجت عن الانخراط في العمل السياسي المتحلل من الضوابط الشرعية. ثم في حلقات تلتها وضحنا احد الاثار العقدية السلبية وهو شيوع مفهوم السيادة المطلقة للشعب. سيادته حتى على الشريعة. اليوم نتكلم عن اثر فكري سلبي اخر. ظاهرة خطيرة تحتاج وقفة وتأملا واصلاحا. الا وهي تعود الناس على عدم احترام النص الشرعي ومعارضته بالشبهات العقلية. عندما نناقش سلوكا معينا ونبين حرمته بالقرآن والسنة فان ردود المبررين المدافعين عادة ما تكون ردودا عقلية بحتة مجردة من الدليل. نقول لهم قال الله تعالى وقال رسوله صلى الله عليه وسلم وهم يقولون هذا الطريق غير موصل. اختلفت الاحوال يلزم من قولك ان نترك الساحة للعلمانيين. ان نفعل ما تقول تنتكس الدعوة ويزج بالمسلمين في السجون. يترتب على قولك تضليل كثير من الناس طرحكم تسطيح للمسألة. الوضع اعقد من هذا. ان فعلنا ما تقولون تكالب علينا اعداؤنا وفقدنا مكتسباتنا وحين اذا لا عزاء للاغبياء، بل ويتكلم البعض بعبارات مثل التنظير سهل لكن عند الدخول في المعترك يختلف الامر. كلامكم هذا مثاليات حالمة يصعب تطبيقها عند مواجهة الضغوط. يقولون هذه العبارات بنفس الانسان المجرب صاحب الرؤية الشمولية والنظرة الحكيمة الذي عركته الحياة مخاطبا شابا غرا متحمسا. مع ان هذه العبارات ما هي الا رفض مبطن لنصوص الكتاب والسنة واتهام لها بالقصور وعدم الكفاية. مدارها جميعا على عبارة من قال قبلهم ان نتبع الهدى معك نتخطف من ارضنا نحن عندما نخاطبهم بقال الله من قال رسوله نحسب اننا حسمنا الامر وقطعنا السؤال لاننا نخاطب مسلمين. فاذا بنا نفاجئ بان ان هذه اللغة لا تعني الكثير بالنسبة لهم ولا تقنعهم بل يردون بقولهم يلزم ويترتب ولكن والواقع والظروف. واحيانا يخلطون كلامهم بعبارات مجملة لتلطيف حدة ردهم لكلام الله ورسوله كقولهم. وقد تنازل النبي في صلح الحديبية الاسلام لا يمكن ان يدعو الى ما تقول ما تقوله هو فهمك انت للايات. انتم تتشبثون بنص واحد ولا تنظرون الى الموضوع بشموليته طيب نسألهم هاتوا لنا الفهم الصحيح. هاتوا لنا النصوص الاخرى؟ لا جواب. انما هي اطلاقات هلامية واتباع للهوى. نحن عندما نقول الشبهات العقلية انما نستخدم اصطلاحا تعارف عليه الناس والا فهي هوى متبع. اما العقل فهو يقود الى اتباع النقل دعاني لحكم الله تعالى. فنقول هنا اخواني. هذه الطريقة فيها رد لحكم الله ورسوله. فالاسلام مبني على التسليم والخضوع التام لاحكام الله تعالى. ثقة ويقينا وايمانا بانه وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم. وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون. الاسلام مبني على انك تفعل الشيء مخالفا لهواك وعقلك ثقة ويقينا بعلم الله وحكمته ورحمته. الرد على النصوص الشرعية بالشبه العقلية هو عدم احترام لها عدم توقير لها. اذ ليس التوقير بتقبيل القرآن وتعليق اياته زينة في البيوت. قال الله تعالى انما كان قول المؤمنين اذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم ان يقولوا سمعنا واطعنا. اذا فمن ادعى الايمان فليس له الا هذا اخواني نهى الله عز وجل المؤمنين عن ان يفعلوا فعلا او يقضوا امرا قبل اذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا ايها الذين امنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله. فكيف بمن جاءه امر الله ورسوله؟ فرد عليه بشبهاته العقلية. نهى الله عز وجل عن من مجرد رفع الصوت في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم فقال تعالى يا ايها الذين امنوا لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ان تحبط اعمالكم وانتم لا تشعرون. كاد الخير ان ابو بكر وعمر ان يهلكا وتحبط اعمالهما لان اصواتهما ارتفعت وهما يختلفان على اختيار امير لبني تميم. لم يتكلم النبي ولم يردا عليه امره. بل رفعا صوته في حضرته فقط كما في البخاري. فجاءهما التنبيه ان تحبط اعمالكم وانتم لا تشعرون. فكيف بمن يقال له؟ قال الله وقال رسوله فيقول ولكن ارى انه والواقع الا يخشى من يردون بهذه العبارات ان تحبط اعمالهم وهم لا يشعرون ليست مشكلتنا مع هؤلاء انهم يردون على الكتاب والسنة بالكتاب والسنة سنة. فلو انهم قالوا لعل هذه الاية عامة وهناك اية تخصصها. او لعلها مطلقة وهناك اية تقيدها او لعلها منسوخة او لعل الحديث غير صحيح او لعلكم لم تفهموا الاية او الحديث الفهم الصحيح والفهم الصحيح كذا وكذا او لعلكم لم تحسنوا تحقيق المناط فانزلتم الدليل على غير محله لو كانت الردود من هذا الجنس لهان المصاب ولا امكن التحاور والوصول الى نتيجة. لكنهم يقولون العمل السياسي يتطلب والمرحلة تقتضي. قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى وفي قوله تعالى يجادلون في ايات الله بغير سلطان اتاهم بيان انه لا يجوز ان يعارض كتاب الله بغير كتاب الله لا بفعل احد ولا امره لا دولة ولا سياسة لا دولة ولا سياسة فانه حال الذين يجادلون في ايات الله بغير سلطان اتاهم. اذا هذه مجادلة في ايات الله تستوجب مقت الله يا عبد الله فاحذر. قال الله تعالى الذين يجادلون في ايات الله غير سلطان اتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين امنوا. كل من شم رائحة الايمان يمقت مثل هذا الرد على كلام الله قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم فاما ان كانت همة السامع مصروفة عند سماع الامر والنهي الى فرض امور قد تقع وقد لا تقع ان هذا مما يدخل في النهي ويثبت عن الجد في متابعة الامر. وهؤلاء يقولون اذا استجبنا لما تقولون فسيقع كذا نفقد كذا. وقد اشتد نكير صحابة النبي صلى الله عليه وسلم على من يقال له. قال رسول الله فيقول ولكن روى البخاري ومسلم ان عمران ابن طيب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحياء خير كله. فقال بشير بن كعب انا لنجد في بعض الكتب او الحكمة ان منه سكينة ووقارا لله ومنه ضعف. فغضب عمران حتى احمرت عيناه وقال الا اراني احدثك عن رسول الله؟ الا اراك اني احدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعارض فيه. وروى ابن ماجة ان عبادة ابن الصامت ذكر ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن درهمين بدرهم فقال رجل ما ارى بهذا بأسا يدا بيد. فقال عبادة اقول قال النبي صلى الله عليه وسلم. وتقول لا ارى به بأسا والله لا يضلني واياك سقف ابدا. والله لا يظلني واياك سقف ابدا. ولاحظوا اخواني ان هذه التي انكرها الصحابة كانت فلتة تفلت من فم المتكلم لا يظن الا انه تاب عنها. ولم تكن تمثل منهجا مستمرا مستقرا يردون به على النصوص. ونختم بكلام نفيس لابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين اذ قال هل كان في الصحابة من اذا سمع نص رسول الله صلى الله عليه وسلم عارضه بقياسه او ذوقه او وجده او عقله او سياسته. وهل كان قط احد منهم يقدم على نص رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلا او قياسا او ذوقا او سياسة او تقليد مقلد فلقد اكرم الله اعينهم وصانها ان تنظر الى وجه من هذا حاله او يكون في زمانهم. ولقد حكم عمر بن الخطاب رضي الله عنه على من قدم حكمه على نص الرسول بالسيف. وقال هذا حكمي فيه. فيال الله ما زال الكلام لابن القيم. فيال الله كيف لو رأى ما رأينا وشاهد ما بلينا به من تقديم رأي كل فلان وفلان على قول المعصوم صلى الله عليه وسلم ومعاداة من اطرح ارائهم قدم عليها قول المعصوم فالله المستعان وهو الموعد واليه المرجع. انتهى كلامه رحمه الله. نسأل الله ان يهدي الضالين من المسلمين ويشرح بهذا الكلام من يسمع ويتقبل منا اعمالنا والسلام عليكم ورحمة الله