السلام عليكم ورحمة الله. احبتي الكرام نتابع سلسلة نصرة للشريعة. كنا قد بينا في الحلقات الثمانية الاخيرة مفاسد عقدية نتجت عن انخراط المنتسبين للعام الاسلامي في هيكليات الحكم الوضعي. اليوم بعون الله نبين نتيجة اخرى خطيرة جدا الا وهي ايقاع عموم الناس في تبرير الحكم بغير ما انزل الله. هذا امر مهم ودقيق للغاية اخواني فارجو الانتباه له. حديثي هنا ليس عن الحكم بغير ما انزل الله بل عن تبرير هذا الحكم ومن قبيل التركيز لن اتعرض هنا لكفر الذي يحكم بغير ما انزل الله او عدم كفره والاستحلال وعدم الاستحلال وانما دعونا نرتب افكارنا بداية دعونا نتفق على ان الحكم بغير ما انزل الله هو في اصله معصية. بغض النظر معصية مكفرة او غير مكفرة قبل الثورات العربية كان الخلاف بين علماء السلفية وعلماء السلاطين متركزا على ما اذا كان هذا الحكم كفرا او معصية غير مكفرة. واذا ما ذكر قوله تعالى ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون. كان علماء السلاطين يجهدون في نقل سلطانهم من دائرة الكافرون الى الفاسقون او الظالمون ليثبتوا له اسم الاسلام ويوجب على شعبه بالتالي الطاعة له في غير معصية. كانوا ويجهدون في محاولة اثبات ان كفر حاكمهم هو كفر دون كفر. لكن صفاقة اكثرهم لم تبلغ به حد نفي ان هذا الحكم الوضعي معصية اذا فلنتفق على ان الحكم بغير الشريعة معصية بغض النظر مكفرة او غير مكفرة. ثم لنتفق على ان كونها معصية امر معلوم من الدين بالضرورة لا يجوز لمسلم انكاره اذ الادلة عليه مستفيضة محكمة كقوله تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم. وقوله تعالى ثم جعلناك على شريعة قم من الامر فاتبعها ولا تتبع اهواء الذين لا يعلمون. وقوله ان الحكم الا لله وقوله اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله وتفسير النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الاية في حديث الترمذي وغيره. واجماع المسلمين على حرمة الحكم بغير الشريعة واجماعهم على حرمة تبديل مرجعية الشريعة بحيث يكون الحكم بغير ما انزل الله قانونا متبعا ملزما محميا بالقوة يحمل عليه ويعاقب من خالفه وليس فلتات عارضة. المصيبة التي ادى اليها اشتراك اسلاميين في هيكليات الحكم الجاهلية وعدم التمايز عنها انهم بذلك لبسوا على من اتبعهم من الشعوب واشركوهم معهم في تبرير الحكم بغير الشريعة واستحلال هذا الامر المعلوم حرمته من الدين بالضرورة. فاصبحنا نسمع من بعض عامة الناس تبريرا بان الشعوب غير مهيئة لتطبيق الشريعة. وان تطبيقها يعني استعداء النظام الدولي. وان الحرية مقدمة على الشريعة انه لابد من سد حاجات الناس قبل تطبيقها وغير ذلك من العبارات التي تبرر الحكم بغير ما انزل الله ولو بشكل مرحلي كان علماء السوء يجهدون في محاولة اثبات الاسلام للحكام بادعاء ان الكفر انما يقع اذا استحل الحاكم الحكم بغير بما انزل الله ويرد عليهم علماء السلفية بان هذا الحكم فعل مكفر في ذاته استحل ام لم يستحل. فاذا بقطاعات من الناس تساق الى الاستحلال ذاته والله المستعان. لم تعد المسألة مقتصرة على التعذر بالعجز عن تطبيق الشريعة لعدم تمكن الاسلاميين من اجهزة الدولة. طبعا هذا ليس عذرا اذ قد بينا انه لا يجوز لهم ان يشاركوا في حكم جاهلي هم غير ممكنين فيه وبينا الاثار المدمرة لذلك. لكن المشكلة ان بعض الناس دارت على السنتهم طروحات تبرر للاسلاميين تعطيل الشريعة حتى لو تمكنوا من اجهزة الدولة. وهذا يعني في المحصلة ايقاع الناس في استحلال امر معلوم الحرمة من الدين بالضرورة وتسويغه وتبريره واعتباره حكمة وعقلانية مع اعتبار الحكم بالشريعة تهورا وغباء وعدم مراعاة للمرحلة. هذا اخواني لا يختلف عن ان ننشر بين الناس استحلال الخمر او الزنا او الدفاع عن تعاطي الربا ويعني افساد عقائد الناس. بضلالات هي شر واسوأ اثرا من فتنة خلق القرآن او التجهم والارجاء والاعتزال. ايام الطواغيت الصرحاء كان القائمون بالحكم بغير ما انزل الله شرذمة قليلين يتابعهم شريحة من المنتفعين بينما عامة الشعب منكرون ولو بقلوبهم. اما الخطير في ايامنا في ايام الحكم الجاهلي الملتحي فهو اشراك قطاع كبيرة من الناس في هذه الجريمة وتبريرها بحيث يخشى عليهم من اثم اقرارها واستحلالها كانهم شاركوا في جريمة الحكم الجاهلية نفسها والادلة على ذلك كثيرة في الاحاديث الصحاح كقوله صلى الله عليه وسلم ستكونوا امراء فتعرفون وتنكرون. ستكون امراء فتعرفوا وتنكرون فمن عرف برئ ومن انكر سلم ولكن من رضي وتابع. وقوله عليه الصلاة والسلام ثم انها تخلف ومن بعدهم خلوف. يقولون ما لا يفعلون. ويفعلون ما لا يؤمرون. فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن. ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن. ومن جاهدهم قلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الايمان حبة خردل. هذا التبرير للحكم بالقوانين الوضعية يذهب حتى باضعف الايمان وحبات الخردل منه وقوله عليه الصلاة والسلام اذا عملت الخطيئة في الارض كان من شهدها فكرهها كان كمن غاب عنها. ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها. وقوله في حديث الاربعة ورجل لم يؤته الله مالا ولا علما. ورجل لم يؤته الله مالا ولا علما فهو يقول لو ان لي مالا لعملت بعمل فلان فهو بنيته فهو بنيته وهما في الوزر سواء. اذا فمن برر الحكم بالقوانين الوضعية كان كمن حكم بها. الامر جد وليس بالهزل يا اخواني. والناس مع ذلك يحتفلون بالانجازات. اية انجازات الرئيس افتتح مصنعا وقع اتفاقية زار مستشفى كان هذا كله يغطي على معصية المشاركة في الحكم بالقوانين الوضعية. وكأن هذه المعصية ليست شيئا اذا ما قيست بالانجازات المتحققة بل ليست معصية ابتداء قال شيخ الاسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين. وباتفاق جميع المسلمين ان من سوغ ان من سوغ يعني برر اتباع غير دين الاسلام او اتباع شريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر وهو ككفر من امن ببعض الكتاب وكفر ببعض الكتاب. انتهى كلامه. اتباع شريعة غير شريعة محمد من اشكاله. الحكم بغير الشريعة. وانفاذ قوانين في ارواح الناس واموالهم واعراضهم غير القوانين التي انزلها الله ليتعبد الناس بها فانظر ما قاله شيخ الاسلام في تسويغ مثل هذا الفعل. وقال الشيخ محمود شاكر رحمه الله وبعد فان اهل الريب والفتن ممن تصدروا للكلام في زماننا هذا. قد تلمس المعذرة لاهل السلطان في ترك الحكم بما انزل الله وفي القضاء في الدماء والاعراض والاموال بغير شريعة الله التي انزلها في كتابه. وفي اتخاذهم قانون اهل الكفر شريعة في بلاد الاسلام الى ان قال فمن احتج بهذين الاثرين. اثر ابن عباس كفر دون كفر واثر ابي مجلز وغيرهما في غير بابها وصرفها الى غير معناها رغبة في سلطان او احتيالا على تسويغ الحكم بغير ما انزل الله وفرض على عباده. لاحظ الشيخ لا يتكلم عن الحكم بغير ما انزل الله. بل على من وسوغ واتخذ المعاذير لهذا الحكم ما رأي الشيخ فيه؟ قال فحكمه في الشريعة حكم الجاحد لحكم من احكام الله ان يستتاب. فان اصر وكابر وجحد وجحد حكم الله ورضي بتبديل الاحكام فحكم الكافر المصر على كفره معروف لاهل هذا الدين. معروف لاهل هذا الدين. هنا اقول لاخواني الذين يوافقونني لا تنصرف هممكم الى المسارعة في تكفير هؤلاء المسوغين المبررين. بل الى هداية الناس واستنقاذهم من هذا الخطر الذي تلوثوا عقائدهم وبيان الحق لهم فاهل السنة اهل السنة يعلمون الحق ويرحمون الخلق. ومسألة الحكم بالكفر فيها تحقيق شروط وانتفاء موانع والفرق بين القول الناقد وغير الناقض للايمان في هذا المسألة فرق دقيق. هدفنا تعريف الناس بان تبريرهم هذا بغيض الى الله. ومهلكة نشفق عليهم منها. فان احسنا عرض ما لدينا من حق فاحسبوا ان كثيرا منهم يؤوب اليه ان شاء الله. واقول لمن يخالفنا لا تأخذك العزة بالاثم يا عبد الله. انا ما خاطبتك بهذه الكلمة لاكفرك. وانما لابين لك خطر ما انت عليه من تبرير الحكم بغير ما انزل الله رحمة بك لعلك تلقى الله بقلب سليم. فلا تسم اذنيك فيصمك الله. ولا تتعامى عن الحق فيعميك الله يهداك الله. كم من اناس بان لهم الحق برهة فتعاموا وافتروا على من ينصحهم وتعصبوا لحزبهم او رمزهم فاعقبهم الله نفاقا في قلوبهم. وقلب افئدتهم وابصارهم كما لم يؤمنوا به اول مرة. هذه الانحرافات تدريجية هي التي ادت في النهاية الى ان يقول نائب عن حركة اسلامية معروفة الخلافة الاسلامية كما يقول كثير من المفكرين الاسلاميين لن تعود الى ما كانت عليه سابقا. كانت ملائمة لمرحلة تاريخية معينة لكنها لا تصلح لعصرنا الحالي. الديموقراطية والحريات الحقيقية هي الاساس وتسبق الشريعة التي لا يجوز شرعا تطبيقها قولوا عن الشريعة لا يجوز شرعا تطبيقها. وانا جاهز لمحاججة الجميع فهذا رأي فقهي معتبر انتهى كلامه. هذا الكلام الذي هو جحود صارخ للحكم بما انزل الله. بل وتحريم له وايجاب للحكم بغير الشريعة اصبح يقال على انه رأي فقهي معتبر ويطرح للنقاش بين مؤيد ومعارض كنتيجة طبيعية للاستخفاف بمسألة المشاركة في الحكم بغير ما انزل الله خلاصة الحلقة من مفاسد مشاركة الاحزاب المنتسبة للعمل الاسلامي في انظمة الحكم الوضعي انها لبست على البعض واوقعتهم في تبرير الحكم الوضعي المعلوم حرمته من الدين بالضرورة. نسأل الله ان يهدي عباده وايانا لما يحب ويرضى. والسلام عليكم ورحمة الله