الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ وليد بن راشد السعيدان حفظه الله يقدم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تقول السائلة ان اختها مريضة بالوسواس القهري في الطهارة والصلاة وغيرها من العبادات. تقول وسواسها شق عليها كثيرا. هل عندما تذهب النفسي لاخذ العلاج جائز ام انه يعتبر من ضعف الايمان وهل الطريقة الصحيحة ان تقول اخذ بالاسباب والتوكل على الله وهو الشافي ولكن هذا سبب فقط. الحمد لله رب العالمين وبعد المتقرر في قواعد اهل السنة والجماعة رحمهم الله تعالى ان حقيقة التوكل مبنية على ركنين اثنين على كمال تفويض اعتماد القلب على الله عز وجل وهذا هو الركن الاول. وعلى فعل الاسباب المتاحة المشروعة التي اخرجها الله عز وجل لعباده وهذا هو الركن الثاني فليس التوكل تفويض القلب فقط وليس التوكل الاخذ بالاسباب فقط بل التوكل مزيج من تفويض القلب من تفويض اعتماد القلب على الله عز وجل ومن فعل الاسباب. فالاخذ بالاسباب من كمال التوكل واركانه فلا يجوز للانسان ان يعطل الاخذ بالاسباب المتاحة المشروعة بحجة انه متوكل لان هذا في حقيقته تواكل وليس وبتوكل ففي صحيح الامام البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال كان اهل اليمن يحجون لا يتزودون ويقولون نحن المتوكلون. فانزل الله عز وجل ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم فاجاز لهم البيع والشراء عفوا. فانزل الله عز وجل وتزودوا فان خير الزاد التقوى. فامرهم الله عز وجل ان يتزودوا لان التزود في سفرة الحج من كمال التوكل. واعظم المتوكلين على الله من هو؟ انما هو النبي صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم. ولم يكن يمنعه توكله من ان يأخذ بالاسباب المتاحة. فقد عالج النبي صلى الله عليه وسلم ما ينزل به من الامراض عالجها بالحجامة عالجها بادوية اخرى وقد كان يدخل الحرب ومعه السيف وكان تلبس اللأمة وظاهر يوم احد بين ذراعين وهو سيد المتوكلين صلى الله عليه وسلم. بل انني اذا وقفت عند ايتين من الايات القرآنية اتعجب كثيرا في اهمية امر الله عز وجل بالاخذ بالاسباب وهما كما يلي الاية الاولى في فرعون وقومه وموسى وقومه. فان موسى وقومه لما هربوا من فرعون وقومه وصلوا الى شفير وصلوا الى شاطئ البحر وفرعونه وقومه وراءهم والبحر من امامهم وفي هذه الظروف الحالكة ينزل الامر من الله عز وجل لموسى ان يضرب بعصاك البحر مع ان الله عز وجل قادر القدرة الكاملة على ان ينفلق البحر ويكون طرقا بلا ضربة هذه العصا. ولكن ليس ثمة شيء يكون الا الا ولابد ان يكون له سبب. فلابد يا موسى ان تضرب بعصاك حتى ينفلق البحر. مع اننا نجزم ان ضرب العصا ليس له اثر في انفلات البحر عادة ولا حسا ولكنه امر الله في الاخذ بالاسباب فلا بد من الاخذ بالاسباب مع انها ظروف ضيقة تمر على موسى وقومه. والثانية الواحدة لها دورها الكبير في نجاتهم. ولكن الله يأبى ان ينفلق البحر الا بعد الاخذ بالاسباب فكيف ياتينا انسان يقول انني سوف اتوكل على الله عز وجل واعطل الاخذ بالاسباب؟ هذا مخالفة لحقيقتك التوكل الاية الثانية في قوله في قول الله عز وجل عن مريم وهزي اليك بجذع النخلة. وتصور معي ايها السائل امرأة بعيدة عن اهلها قد انجبت ولدا بلا زوج وتخاف من المستقبل الذي سيواجهها وهي ضعيفة بعد الولادة ثم ثم تحتاج الى شيء من الطعام فيأمرها الله عز وجل ان تهز ماذا؟ ان تهز بجذع نخلة. لو يجتمع رجال ذوو عدد يهز جذع نخلة لما سقطت ولا تمرة واحدة. لكنه امر الله عز وجل بالاخذ بالاسباب. مع ان الله عز وجل قادر على القدرة الكاملة على ان يسقط الرطب جنيا تأكله مريم رضي الله عنها بلا هذا الهز ولكنه مبدأ الاخذ اسباب مع انها تمر في هذه الحالة بظروف صعبة ولكن لم تمنع ظروفها ان تأخذ بالاسباب فلابد من الهز حتى يتساقط الرطب. جنيا. فاذا وقع على الانسان شيء من اقدار الله عز وجل من الامراض. سواء امراضا حسية او امراضا معنوية فلا ينبغي للانسان ان يستسلم لهذا المرض مع ان الله عز وجل قد فتح له ابواب الاخذ بالاسباب ابواب علاج هذا المرض فعليه فعلى من اصيب بالوسواس القهري ان يطرق ابواب المستشفيات وان يتوكل على الله عز وجل توكله لا يمنعه من ان يطرق ابواب المستشفيات وان يتعاطى العلاج الذي يصرف له وذهابه للمستشفيات وطرق ابواب الاطباء ليس يخدش توكله على الله عز وجل هل من تمام توكله على الله ان يأخذ بالاسباب؟ فليس التوكل هو الاخذ بالاسباب فقط. وليس التوكل هو تفويض اعتماد القلب على الله فقط بل التوكل مزيج بين هذين الامرين. فوصيتي لاختك وفقها الله واياك ان تذهبوا بها الى احد اطباء نفسيين الموثوقين في خبرتهم في هذا المجال حتى تأخذ علاجهم وينظروا في حالها لعل الله ان يكتب على يدهم شفاء وهذا لا يمنع ان تكون متوكلة مفوضة قلبها معتمدة على الله عز وجل والله اعلم