يقول السائل احسن الله اليكم هل الميت يسمع من يزوره؟ الحمد لله رب العالمين المتقرر في القواعد ان الاصل فيما كان غيبيا ان يكون قيفيا فلا يجوز لنا ان نثبت قضية من قضايا الامور الغيبية الا وبراء اثباتها برهان دليل الشرع. يعني اما كتابا او سنة. ومن ذلك فمسألة سماع الاموات. فان الادلة قد وردت باثبات سماع الاموات ووردت الادلة بنفيها. فمن الادلة التي تثبت السماع قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث انس بن مالك رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم العبد اذا وضع في قبره وتولى عنه اصحابه وانه ليسمع قرع او قال خفق نعالهم. فهذا سماع وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لما القي اهل القليب من المشركين في القليب قال يا فلان ابن فلان يا فلان ابن فلان قد جاء قد اتاني الله عز وجل ما وعد فهل اتاكم ما توعدون؟ فقال له عمر كيف تكلم اجسادا نخرة؟ يعني انها بالية. فقال يا عمر ما انت باسمع لي منهم ولكن لا ان يجيبوا. فاثبت النبي صلى الله عليه وسلم سماعهم. وهناك ادلة تنفي سماع الاموات كقول الله عز وجل وما انت بمسمع من في القبور واختلف العلماء رحمهم الله تعالى في وجه الجمع بين ذلك والقول الصحيح عندنا ان هناك ان الاستماع ينقسم الى قسمين. استماع جارحة مجرد عن الانتفاع واستماع انتفاع. فالمنفي في قول الله عز وجل وما انت بمسمع من في القبور انما هو سماع الانتفاع. فلو ان انسانا وقف على قبر انطقه الشهادتين او ذكره بشيء من الدين فانه وان سمعه الميت الا انه يسمعه سماع جارحة مجرد ولكن ليس يستمعه السماع انتفاع فلو ان قرآنا مثلا قرأ عند احد من الاموات فانه وان سمعه ان قلنا بسماعه الا انه يسمعه سماعا مجردا عن الانتفاع عظه والانتفاع بتعبداته وغير ذلك. فالاموات يسمعون سماع جارحة ولا يسمعون سماع انتفاع. فالادلة التي تثبت سماعهم انما تثبت سماع فرحت على الصفة التي يريدها الله عز وجل والادلة التي تنفي استماعهم انما تنفي استماعهم المقرون بالانتفاع والامتثال والادكار والاتعاظ والقبول وغير ذلك. والجمع بين الادلة واجب ما امكن. والسؤال ليس عن سماع الانتفاع وانما السائل يسأل عن سماع الجارحة فهل يسمعون سماع جارحة؟ الجواب نعم ولكن فيما ثبت الدليل بسماعهم فيه. واما ما لم يثبت الدليل سماعهم فيه فلا نقول باثباته ولا بنفيه لانه لا يزال في حيز الغيب. فنقول مثلا انه يسمع سلام من يسلم عليه. لقول النبي صلى الله عليه وسلم ما منكم من احد علي الا رد الله علي روحي حتى ارد عليه السلام اخرجه ابو داوود باسناد صحيح لغيره. من حديث ابي هريرة رضي الله عنه. وفي الحديث ما من رجل يمر على قبر رجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه الا رد الله عليه روحاه حتى يرد عليه السلام. ولذلك شرع للزائر ان يقول السلام عليكم دار قوم مؤمنين. ومنها انه يسمع انه يسمع القرع نعال اصحابه الذين شيعوه ودفنوه اذا ولوا عنه مدبرين. واما فيما عدا ذلك فانه لا بد ان نثبت هذه القضية التفصيلية في سماعه بدليل. فنحن نثبت من سماع الجارحة ما ورد به الدليل. واما ما لم يرد به الدليل فليس لنا شأن في اثبات او نفيه لان قضايا الغيب مبنية على التوقيف والله اعلم