هل يجوز اختلاط الرجال بالنساء؟ اذا امنت الفتنة احسن الله اليكم بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين هذا السؤال ورد الى سماحة المفتي الشيخ محمد ابن إبراهيم في وقته ونظرا الى ان الجواب الذي اجاب به هو جواب مفصل رأيت ان انقل جوابه بنصه وقال رحمه الله الجواب اختلاط الرجال بالنساء له ثلاث حالات الاولى اختلاط النساء بمحارمهن من الرجال وهذا لا اشكال في جوازه الثانية اختلاط النساء بالاجانب لغرض الفساد. وهذا لا اشكال في تحريمه ثالث اختلاط النساء بالاجانب في دور العلم والحوانيت والمكاتب والمستشفيات والحفلات ونحو ذلك فهذا في الحقيقة قد يظن السائل في بادئ الامر انه لا يؤدي الى افتتان كل واحد من النوعين بالاخر ولكشف حقيقة هذا القسم فاننا نجيب عنه من طريق مجمل ومفصل اما المجمل فهو ان الله تعالى جبل الرجال على القوة والميل الى النساء وجبل النساء على الميل الى الرجال مع وجود ضعف ولين فاذا حصل الاختلاط نشأ عن ذلك اثار تؤدي الى حصول الغرض السيء لان النفوس امارة بالسوء والهوى يعمي ويصم والشيطان يأمر بالفحشاء والمنكر واما المفصل فالشريعة مبنية على المقاصد ووسائلها وسائل المقصود الموصلة اليه لها حكمه النساء مواضع قضاء وتر الرجال وقد سد الشارع الابواب المفظية الى تألق كل فرد من افراد النوعين بالاخر ويتجلى ذلك بما نسوقه لك من الادلة من الكتاب والسنة اما الادلة من الكتاب فستة الدليل الاول وقال تعالى وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الابواب وقالت هيت لك قال معاذ الله انه ربي احسن واحسن مثواي انه لا يفلح الظالمون وجه الدلالة انه لما حصل اختلاط بين امرأة عزيز مصر وبين يوسف عليه السلام ظهر منها ما كان كامنا وطلب فطلبت منه ان يوافقها. ولكن ادركه الله برحمته فعصمه منها وذلك في قوله تعالى فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن انه هو السميع العليم وكذلك اذا حصل اختلاط اختلاط بالنساء اختار كل من النوعين من يهواه من النوع الاخر وبذل فبعد ذلك الوسائل للحصول عليه الدليل الثاني امر الله الرجال بغض البصر. وامر النساء بذلك فقال تعالى قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم هو يحفظ فروجهم ذلك ازكى لهم ان الله خبير بما يصنعون. وقل للمؤمنات يغوون من ابصارهن ويحفظن وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن الاية وجه الدلالة من الايتين انه امر المؤمنين والمؤمنات بغض البصر وامره وامره يقتضي الوجوب ثم بين تعالى ان هذا ازكى واطهر. ولم يعفو الشارع الا عن نظر الفجاءة فقد روى الحاكم في المستدرك عن علي رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يا علي اه لا تتبع النظرة لا تتبع النظرة النظرة. فانها لك الاولى وليست لك الاخرة. قال الحاكم وبعد اخراج شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي في تلخيصه. وبمعناه عدة احاديث ما امر الله بغض بغض البصر الا لان النظر الى من يحرم النظر اليه زنا روى ابو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال العينان زناهما النظر والاذنان زناهما الاستماع. واللسان زناه الكلام واليد زناها البطش والرجل زناها الخطى. متفق عليه واللفظ لمسلم وانما كان زنا لانه تمتع بالنظر الى محاسن المرأة. ومؤد الى دخولها في قلب ناظرها. فتتألق وفي قلبه او فتعلق في قلبه فيسعى الى ايقاع الفاحشة بها. فاذا نهى الشارع عن النظر اليهن لما يؤدي اليه من المفسدة وهو حاصل في الاختلاط فكذلك الاختلاط ينهى عنه لانه وسيلة الى ما لا تحمد عقباه من التمتع بالنظر والسعي الى ما هو اسوأ منه الدليل الثالث الادلة التي شيقت في ان المرأة عورة. ويجب عليها التستر في جميع بدنها لان كشف ذلك او شيئا منه يؤدي الى النظر اليها. والنظر اليها يؤدي الى تعلق القلب بها. ثم ثم تتبادل الاسباب للحصول عليها وكذلك الاختلاط الدليل الرابع قال تعالى ولا يضربن بارجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وجه الدلالة انه تعالى منع النساء من الظرب بالارجل وان كان جائزا في نفسه لان لا لا يكون سببا الى الى سمع الى سمع الرجال صوت الخلخال ويثير ذلك دواعي الشهوة من منهم اليهن وكذلك الاختلاط. يمنع لما يؤدي اليه من الفساد الدليل الخامس قوله تعالى يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور. فسرها ابن عباس وغيره هو الرجل يدخل اهل البيت بيتهم ومنهم المرأة الحسناء وتمر به فاذا غفلوا لاحظها. فاذا فطنوا غض بصره عنها. فاذا غفلوا غفلوا لحظة. فاذا فطنوا وقد اطلع عليه من قلبه انه لو اطلع على فرجها وانه لو قدر عليها فزنا بها. وجه الدلالة ان الله تعالى وصف العين التي تسارق النظر الى ما لا يحل النظر اليه من النساء بانها خائنة. فكذلك بالاختلاط الدليل السادس انه امرهن بالقرار في بيوتهن. قال تعالى وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى وجه الدلالة ان الله تعالى امر ازواج رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهرات المطهرات الطيبات بلجوم بيوتهن وهذا الخطاب عام لغيرهن من نساء المسلمين لما تقرر في علم الاصول ان خطاب المواجهة يعم الا ما دل الدليل على تخصيصه. وليس هناك دليل يدل على الخصوص. فاذا كنا مأمورات لزوم البيوت الا اذا اقتضت الضرورة خروجهن فكيف يقال بجواز الاختلاط على نحو ما سبق على انه كثر في هذا الزمان وطغيان النساء وخلعهن حجاب الحياء واستهتارهن بالتبرج واستهتارهن بالتبرج عند الرجال الاجانب والتعري عندهم وقل الوازع وقل الوازع عمن انيط به الامر من وغيرهم. واما الادلة من السنة فاننا نكتفي بذكر عشرة ادلة الاول روى الامام احمد في المسند بسنده عن ام حميد امرأة ابي حميد الساعدي. رضي الله عنهما انها جاءت النبي الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله اني احب الصلاة معك. قال قد علمت انك تحبين الصلاة معي وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك. وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك. وصلاة في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي قال فامرت فبنى لها فبني لها مسجد في اقصى بيت من بيوتها واظلمه فكانت والله تصلي فيه حتى ماتت. وروى ابن خزيمة في صحيحه عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان احب صلاة المرأة الى الله في اشد مكان من بيتها ظلمة. وبمعنى هذين الحديثين عدة احاديث تدل على ان صلاة المرأة في بيتها افضل من صلاتها في المسجد وجه الدلالة انه اذا شرع في حقها ان تصلي في بيتها وانه افضل حتى من الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فلأ ان يمنع الاختلاط من باب او لا ما رواه مسلم والترمذي وغيرهما باسانيدهم عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير صفوف الرجال اولها وشرها اخرها وخير صفوف النساء اخرها وشرها اولها. قال الترمذي بعد اخراجه حديث حسن صحيح وجه الدلالة ان الرسول صلى الله عليه وسلم شرع للنساء اذا اتينا الى المسجد فانهن ينفصلن عن الجماعة على حدة ثم وصف اول صفوفهن بالشر والمؤخر منهن بالخير وما ذلك الا لبعد متأخرات عن الرجال عن مخالطته ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم وذم اول صفوفهن لحصول عكس ذلك ووصف فاخر صفوف الرجال بالشر اذا كان معهم نساء في المسجد لفوات التقدم والقرب من الامام وقربه من النساء اللاتي يشغلنا البال اللائي يشغلنا البال وربما وربما فسدت به العبادة وشوشنا النية والخشوع فاذا كان الشارع توقع حصول ذلك في مواطن العبادة. مع انه لم يحصل اختلاط في حصول ذلك اذا وقع اختلاط من باب اولى. فيمنع الاختلاط من باب اولى الثالث. روى مسلم في صحيحه عن زينب زوجة عبد الله ابن مسعود رضي الله عنها قالت قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا شهدت احداكن المسجد فلا وروى ابو داوود في سننه والامام احمد والشافعي في مسنديهما لاسانيدهم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان الله صلى الله عليه وسلم قال لا تمنعوا دماء الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تفلات. قال ابن دقيق العيد فيه حرمة التطيب. الا مريد الخروج الى المسجد لما فيه من تحريك داعية الرجال وشهوتهم. وربما يكون سببا لتحريك شهوة المرأة ايضا قال ويلحق بالطيب ما في معناه كحسن اللبس والحلي الذي يظهر اثره والهيئة الفاخرة. قال الحافظ ابن حجر وكذلك بالرجال وقال الخطابي في معالم السنن التفل سوء الرائحة. يقال امرأة تفلة اذا لم تتطيب ونساء الرابع روى اسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ما تركت بعدي فتنة هي اضر على الرجال من النساء رواه البخاري ومسلم وجه الدلالة انه وصفهن بانهن فتنة. فكيف يجمع بين الفاتن والمفتون هذا لا يجوز الخامس عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان الدنيا حلوة خضرة وان وان اللهم استخلفكم فيها. فناظر كيف تعملون. فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فان اول فتنة بني اسرائيل في النساء رواه الدلالة ان النبي صلى الله عليه وسلم امر باتقاء النسائي وهو يقتضي الوجوه فكيف يحصل الامتثال مع الاختلاط هذا لا يجوز السادس رواه ابو داود في السنن والبخاري في سننهما عن عن حمزة ابن السيد الانصاري عن ابيه رضي الله عنه انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال النبي صلى الله عليه وسلم للنساء استأخرن فانه ليس لكن ان تحققن الطريق. فعليكن بحافات فكانت المرأة تلصق بالجدار. حتى ان ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها هذا لفظ ابي داوود قال ابن الاثير في النهاية في غريب الحديث يحققن الطريق هو ان يركبن حقها وهو وسطها ذو الدلالة ان الرسول صلى الله عليه وسلم اذا منعهن من الاختلاط في الطريق لانه يؤدي الى الافتتان فكيف قالوا بجواز الاختلاط في غير ذلك تابعوا رواه ابو داوود الطيالسي في سننه وغيره عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بنى المسجد جعل بابا للنساء وقال لا يلج من هذا الباب من الرجال احد. وروى البخاري في التاريخ الكبير عن ابن عمر رضي الله عنهما عن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تدخلوا المسجد من باب النساء وجه الدلالة ان الرسول صلى الله عليه وسلم منع اختلاط الرجال والنساء في ابواب المساجد دخولا وخروجا ومنع اصل اشتراكهما في ابواب المساجد سدا لذريعة الاختلاط. فاذا منع الاختلاط في هذه الحال فكيف ذلك من باب اولى رواه البخاري في صحيحه عن ام سلمة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا سلم من صلاته قام النساء احي حين يقضي تسليمه ومكث النبي صلى الله عليه وسلم في مكانه يسيرا في رواية ثانية له وكان يسلم فتنصرف النساء فيدخلن بيوتهن من قبل ان ينصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية كنا اذا سلمنا من المكتوبة قمنا وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى وصلى معه من الرجال ما شاء الله فاذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال والدلالة انه منع بالفعل وهذا فيه تنبيه على منع الاختلاط في غير هذا الموضع الدليل العاشر. والطبراني في المعجم كبيري عن معقل ابن يسار رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لان يطعن في رأس احدكم بمخيط من حديث خير من ان يمس امرأة لا تحل له. قال الهيثمي في مجمع الزوائد رجاله رجال الصحيح وقال قال قال الهيتمي في مجمع الزوائد رجاله رجال الصحيح. وقال المنذري في الترغيب والترهيب رجاله ثقات. وروى ايضا من حديث ابي امامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال لان يزحم رجل خنزيرا متلطخا متلطخا بطين وحمأة خير له من ان يزحم منكبه منكب امرأة لا تحل بالدلالة من الحديثين انه صلى الله عليه وسلم منع مماسة الرجل المرأة بحائل وبدون حائل اذا لم يكن محرما لها. لما بما في ذلك من الامر السيء وكذلك الاختلاط يمنع لذلك فمن تأمل ما ذكرناه من الادلة تبين له ان القول بان الاختلاط لا يؤدي الى فتنة انما هو بحسب لبعض الاشخاص والا فهو في الحقيقة يؤدي الى فتنة ولهذا منعه الشارع حسما لمادة الفساد. ولا يدخل في ذلك ما تدعو اليه وتشتد الحاجة اليه ويكون في مواضع العبادة كما يقع في الحرم المكي. والحرم المدني نسأل الله تعالى ان يهدي ضال المسلمين. وان يهتدي وان يزيد المهتدي منهم هدى وان يوفق ولاتهم لفعل الخيرات وترك المنكرات والاخذ على ايدي السفهاء انه سميع قريب مجيب وصلى الله على محمد واله وصحبه مفتي. الديار السعودية محمد ابن ابراهيم رحمه الله