نفى شيئا واثبت شيئا مما دل الكتاب والسنة على اثباته. فهو متناقض. لا يثبت له دليل شرعي ولا عقلي. بل قد خالف المعقول والمنقول قل سل بني اسرائيل كم اتيناهم من اية بينة ومن يبدل نعمة الله الله شديد العقاب. يقول تعالى سل بني اسرائيل كم اتيناهم من اية بينة تدل على الحق وعلى صدق الرسل. فتيقنوها وعرفوها فلم يقوموا بشكر هذه النعمة. التي تقتضي القيام بها ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو الد خصام لما امر تعالى بالاكثار من ذكره وخصوصا في الاوقات الفاضلة الذي هو خير ومصلحة وبر. اخبر تعالى بحال من يتكلم بلسانه ويخالف فعله قوله. فالكلام اما ان يرفع الانسان او يخفضه. فقال ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا اي اذا تكلم راق كلامه السامع واذا نطق ظننته يتكلم بكلام نافع ويؤكد ما يقول بانه يشهد الله على ما في قلبه بان يخبر ان الله يعلم ان ما في قلبه موافق لما نطق به. وهو كاذب في ذلك لانه يخالف قوله فعله. فلو كان صادقا لتوافق القول فعل كحال المؤمن غير المنافق. فلهذا قال وهو الد الخصام. اي اذا خاصمته وجدت فيه من اللدد والصعوبة والتعصب ما يترتب على ذلك ما هو من مقابح الصفات. ليس كاخلاق المؤمنين الذين جعلوا السهولة مركبهم. والانقياد للحق وظيفتهم والسماحة سجين واذا تولى سعى في الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد واذا تولى هذا الذي يعجبك قوله اذا حضر عندك سعى في الارض ليفسد فيها ان يجتهدوا على اعمال المعاصي التي هي افساد في الارض ويهلك بسبب ذلك الحرث والنسل. فالزروع والثمار والمواشي تتلف وتنقص وتقل بركتها. بسبب بالعمل في المعاصي. والله لا يحب الفساد. واذا كان لا يحب الفساد. فهو يبغض العبد المفسد في الارض غاية البغض. وان قال بلسانه قولا حسنا ففي هذه الاية دليل على ان الاقوال التي تصدر من الاشخاص ليست دليلا على صدق ولا كذب ولا بر ولا فجور حتى العمل المصدق لها المزكي لها. وانه ينبغي اختبار احوال الشهود والمحق والمبطل من الناس بسبر اعمالهم. والنظر احوالهم والا يغتر بتمويههم وتزكيتهم انفسهم. ثم ذكر ان هذا المفسد في الارض بمعاصي الله اذا امر بتقوى الله تكبر واخذته العزة بالاثم فيجمع بين العمل بالمعاصي والكبر على الناصحين. فحسبه جهنم التي هي دار العاصين والمتكبرين ولا بئس المهاد اي المستقر والمسكن عذاب دائم وهم لا ينقطع ويأس مستمر لا يخفف عنه والعذاب ولا يرجون الثواب. جزاء لجناياتهم ومقابلة لاعمالهم. فعياذا بالله من احوالهم ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله. والله رؤوف ومن الناس من يشري نفسه هؤلاء هم الذين باعوا انفسهم وارخصوها وبذلوها طلبا لمرضاة الله ورجاء لثوابه. فهم بذلوا الثمن للمليء الوفي الرؤوف بالعباد من رأفته ورحمته ان وفقهم لذلك وقد وعد الوفاء بذلك. فقال ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بان لهم الجنة وفي هذه الاية اخبر انهم اشتروا انفسهم وبذلوها. واخبر برأفته الموجبة لتحصين ما طلبوا. وبذل ما به رغبوا. فلا تسألوا هل بعد هذا عن ما يحصل لهم من الكريم؟ وما ينالهم من الفوز والتكريم ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين. هذا امر من الله تعالى للمؤمنين ان يدخلوا في السلم كافة اي في جميع شرائع الدين ولا يتركوا منها شيئا والا يكونوا ممن اتخذ الهه هوى وان وافق الامر المشروع هواه فعله. وان خالفه تركه. بل الواجب ان يكون الهوى تبعا للدين. وان يفعل كل ما يقدر عليه من افعال خير وما يعجز عنه يلتزمه وينويه فيدركه بنيته. ولما كان الدخول في السلم كافة لا يمكن ولا يتصور الا مخالفة طرق الشيطان قال ولا تتبعوا خطوات الشيطان اي في العمل بمعاصي الله انه لكم عدو مبين. والعدو المبين لا الا بالسوء والفحشاء وما به الضرر عليكم. ولما كان العبد لا بد ان يقع منه خلل وذلل. قال تعالى البينات فاعلموا ان الله عزيز حكيم فان زللتم من بعد ما جاءتكم البينات. اي على علم ويقين فاعلموا ان الله عزيز حكيم. وفيه من الوعيد الشديد والتخويف ما يوجب ترك الزلل فان العزيز القاهر الحكيم اذا عصاه العاصي قهره بقوته وعذبه بمقتضى حكمته فان من تعذيب العصاة والجناة وقضي وهذا فيه من الوعيد الشديد والتهديد ما تنخلع له القلوب. يقول تعالى هل ينتظر الساعون في الفساد في الارض؟ المتبعون لخطوات الشيطان انبذون لامر الله الا يوم الجزاء بالاعمال. الذي قد حشي من الاهوال والشدائد والفظائع. ما يقلقل قلوب الظالمين ويحق به الجزاء السيء على المفسدين. وذلك ان الله تعالى يطوي السماوات والارض. وتنثر الكواكب وتكور الشمس والقمر تنزل الملائكة الكرام فتحيط بالخلائق. وينزل الباري تبارك وتعالى في ظلل من الغمام. ليفصل بين عباده بالقضاء العدل. فتوضع الموازين وتنشر الدواوين وتبيض وجوه اهل السعادة وتسود وجوه اهل الشقاوة ويتميز اهل الخير من اهل الشر وكل يجازى فهنالك يعض الظالم على يديه اذا علم حقيقة ما هو عليه. وهذه الاية وما اشبهها دليل لمذهب اهل السنة والجماعة المثبتين للصفات الاختيارية كالاستواء والنزول والمجيء. ونحو ذلك من الصفات التي اخبر بها تعالى عن نفسه. او اخبر بها عنه رسوله صلى الله عليه وسلم فيثبتونها على وجه يليق بجلال الله وعظمته من غير تشبيه ولا تحريف خلافا للمعطلة على اختلاف انواعهم من الجهمية والمعتزلة والاشعرية ونحوهم ممن ينفي هذه الصفات ويتأول لاجلها الايات بتأويلات ما انزل الله عليها من سلطان بل حقيقة القدح في بيان الله وبيان رسوله. والزعم بان كلامهم هو الذي تحصل به الهداية في هذا الباب. فهؤلاء ليس معهم دليل نقلي بل ولا دين عقلي ام النقلي فقد اعترفوا ان النصوص الواردة في الكتاب والسنة ظاهرها بل صريحها دال على مذهب اهل السنة والجماعة وانها تحتاج لدلالتها على مذهبهم الباطل ان تخرج عن ظاهرها ويزاد فيها وينقص. وهذا كما ترى لا يرتضيه من في قلبه مثقال ذرة اخوة من ايمان. واما العقل فليس في العقل ما يدل على نفي هذه الصفات. بل العقل دل على ان الفاعل اكمل من الذي لا يقدر على الفعل. وان فعله تعالى المتعلق بنفسه. والمتعلق بخلقه هو كمال. فان زعموا ان اثباتها يدل على التشبيه بخلقه. قيل لهم الكلام على الصفات يتبع الكلام على الذات. فكما ان لله ذات لا تشبهها الذوات. فلله صفات لا تشبهها الصفات. فصفاته تبع لذاته. وصفات خلقه تبع لذواتهم فليس في اثباتها ما يقتضي التشبيه بوجه. ويقال ايضا لمن اثبت بعض الصفات ونفى بعضها. او اثبت الاسماء دون الصفات اما ان تثبت الجميع كما اثبته الله لنفسه واثبته رسوله. واما ان تنفي الجميع وتكون منكرا لرب العالمين. واما اثباتك بعد ذلك هو نفيك لبعضه فهذا تناقض. ففرق بينما اثبتته وما نفيته. ولن تجد الى الفرق سبيلا. فان قلت ما اثبته لا قال لك اهل السنة والاثبات لما نفيته لا يقتضي تشبيها. فان قلت لا اعقل من الذي نفيته الا التشبيه. قال النفاة ونحن لا نعقل من الذي اثبته الا التشبيه. فما اجبت به النفاة اجابك به اهل السنة لما نفيته. والحاصل ان من بل كفروا بها وبدلوا نعمة الله كفرا. فلهذا استحقوا ان ينزل الله عليهم عقابه ويحرمهم من ثوابه. وسمى الله تعالى كفر النعمة تبديلا لان من انعم الله عليه بنعمة دينية او دنيوية فلم يشكرها ولم يقم بواجبها اضمحلت عنه وذهبت وتبدلت بالكفر والمعاصي فصار الكفر بدل النعمة. واما من شكر الله تعالى وقام بحقها. فانها تثبت وتستمر. ويزيده الله منها زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسهرون من الذين امنوا زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين امنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من ان يشاء بغير حساب. يخبر تعالى ان الذين كفروا بالله وباياته ورسله. ولم ينقادوا لشرعه انهم زينت لهم الحياة الدنيا فزينت في اعينهم وقلوبهم فرضوا بها واطمأنوا بها وصارت اهواءهم واراداتهم واعمالهم لها فاقبلوا عليها واكبوا على تحصيلها وعظموها وعظموا من شاركهم في صنيعهم واحتقروا المؤمنين واستهزأوا بهم وقالوا اهؤلاء من الله عليهم من بيننا؟ وهذا من ضعف عقولهم ونظرهم القاصر. فان الدنيا دار ابتلاء وامتحان. وسيحصل الشقاء فيها لاهل الايمان والكفران بل المؤمن في الدنيا وانا له مكروه فانه يصبر ويحتسب فيخفف الله عنه بايمانه وصبره ما لا يكون لغيره وانما الشأن كل الشأن والتفضيل الحقيقي في الدار الباقية. فلهذا قال تعالى والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة فيكون المتقون في اعلى الدرجات متمتعين بانواع النعيم والسرور والبهجة والحبور. والكفار تحتهم في اسفل الدرجات. معذبين بانواع العذاب والاهانة لقاء السرمدي الذي لا منتهى له. ففي هذه الاية تسلية للمؤمنين ونعي على الكافرين. ولما كانت الارزاق الدنيوية والاخروية لا تحصل الا بتقدير الله. ولن تنال الا بمشيئة الله. قال تعالى والله يرزق من يشاء بغير حساب. فالرزق الدنيوي يحصل للمؤمن والكافر واما رزق القلوب من العلم والايمان ومحبة الله وخشيته ورجائه ونحو ذلك فلا يعطيها الا من يحب كان الناس امة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وانزل وانزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه. وما اختلف فيه الا الذين اوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم. فهدى الله الذين امنوا لما اختلفوا فيه من الحق باذنه والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم. اي كانوا مجتمعين على الهدى وذلك عشرة قرون. بعد نوح عليه السلام. فلما اختلفوا في الدين فكفر فريق منهم وبقي الفريق الاخر على الدين. وحصل النزاع وبعث الله الرسل ليفصلوا بين الخلائق ويقيموا الحجة عليهم. وقيل جبل كانوا مجتمعين على الكفر والضلال والشقاء. ليس لهم نور ولا ايمان. فرحمهم الله تعالى بارسال الرسل اليهم. مبشرين من اطاع الله بثمرات الطاعات من الرزق والقوة في البدن والقلب والحياة الطيبة. واعلى ذلك الفوز برضوان الله والجنة. ومنذرين من عصى الله بثمرات معصية من حرمان الرزق والضعف والاهانة والحياة الضيقة. واشد ذلك سخط الله والنار. وانزل معهم الكتاب بالحق. وهو الاخبارات الصادقة والاوامر العادلة. فكل ما اشتملت عليه الكتب فهو حق يفصل بين المختلفين في الاصول والفروع. وهذا هو الواجب عند الاختلاف والتنازع. ان رد الاختلاف الى الله والى رسوله. ولولا ان في كتابه وسنة رسوله فصل النزاع. لما امر بالرد اليهما. ولما ذكر نعمته العظيمة انزال الكتب على اهل الكتاب. وكان هذا يقتضي اتفاقهم عليها واجتماعهم. فاخبر تعالى انه ان بغى بعضهم على بعض. وحصل النزاع والخصام كثرة الاختلاف فاختلفوا في الكتاب الذي ينبغي ان يكونوا اولى الناس بالاجتماع عليه. وذلك من بعد ما علموه وتيقنوه بالايات البينات والادلة القاطعات وضلوا بذلك ضلالا بعيدا فهدى الله الذين امنوا من هذه الامة لما اختلفوا فيه من الحق فكل ما اختلف فيه اهل الكتاب واخطأوا فيه الحق والصواب. هدى الله للحق فيه هذه الامة. باذنه تعالى وتيسيره لهم ورحمته. والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم فعم الخلق تعالى بالدعوة الى الصراط المستقيم. عدلا منه تعالى واقامة حجة على الخلق. لئلا يقولوا ما جاءنا من ولا نذير وهدى بفضله ورحمته واعانته ولطفه. من شاء من عباده فهذا فضله واحسانه. وذاك عدله وحكمته مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول قل هو الذين امنوا معه متى نصر الله؟ الا ان نصر الله قريب يخبر تعالى انه لابد ان يمتحن عباده بالسراء والضراء والمشقة. كما فعل بمن قبلهم فهي سنته الجارية التي لا تتغير ولا تتبدل ان من قام بدينه وشرعه لابد ان يبتليه. فان صبر على امر الله ولم يبالي بالمكاره الواقفة في سبيله. فهو الصادق الذي قد نال من السعادة كما لها ومن السيادة التها. ومن جعل فتنة الناس كعذاب الله بان صدته المكاره عما هو بصدده. وثنته المحن عن مقصده. فهو الكاذب في دعوى الايمان فانه ليس الايمان بالتحلي والتمني ومجرد الدعاوى حتى تصدقه الاعمال او تكذبه. فقد جرى على الامم ما ذكر الله عنهم مستهم البأساء اي الفقر والضراء اي الامراض في ابدانهم وزلزلوا بانواع المخاوف من التهديد بالقتل والنفي واخذ الاموال وقتل الاحبة وانواع المضار حتى وصلت بهم الحال والمهم الزلزال الى ان استبطأوا نصر الله مع يقينهم به ولكن لشدة الامر وضيقه. قال الرسول والذين امنوا معه متى نصر الله؟ فلما كان الفرج عند الشدة وكلما ضاق الأمر التاسع قال تعالى الا ان نصر الله قريب. فهكذا كل من قام بالحق فانه يمتحن. فكلما اشتدت عليه وصعوبت اذا صبر وثابر على ما هو عليه انقلبت المحنة في حقه منحة والمشقات راحات واعقبه ذلك الانتصار على الاعداء وشفاء ما في به من الداء وهذه الاية نظير قوله تعالى ام حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين وقوله تعالى الف لام ميم احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا وهم لا يفتنون. ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين. فعند الامتحان يكرم المرء او يهان