الذين يأكلون الربا لا يقومون الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من انهم قالوا انما البيع مثل الربا. ذلك بانهم قالوا انما البيع مثل الربا واحل صلى الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وقت وامره الى الله ومن عاد فاولئك اصحاب النار هم فيها خالدون يخبر تعالى عن اكلة الربا وسوء مآلهم والشدة منقلبهم انهم لا يقومون من قبورهم ليوم نشورهم الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس اي يصرعه الشيطان بالجنون؟ فيقومون من قبورهم حيارى سكارى مضطربين. متوقعين لعظيم النكال وعسر الوباد. فكم ما تقلبت عقولهم وقالوا انما البيع مثل الربا. وهذا لا يكون الا من جاهل عظيم جهله. او متجاهل عظيم عناده. جازاهم الله من جنس احوالهم فصارت احوالهم احوال المجانين. ويحتمل ان يكون قوله لا يقومون الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس. اما انه لما سلبت عقولهم في طلب المكاسب الربوية خفت احلامهم وضعفت ارائهم وصاروا في هيئتهم وحركاتهم يشبهون المجانين في عدم بانتظامها وانسلاب العقل الادبي عنهم. قال الله تعالى ردا عليهم ومبينا حكمته العظيمة. واحل الله البيع اي لما فيه من عموم المصلحة شدة الحاجة وحصول الضرر بتحريمه. وهذا اصل في حل جميع انواع التصرفات الكسبية. حتى يرد ما يدل على المنع. وحرم الربا لما فيه من الظلم وسوء العاقبة والربا نوعان ربا نسيئة كبيع الربا بما يشاركه في العلة نسيئة ومنه جعل ما في الذمة رأس مال سلم وربا فضل وهو بيع ما يجري فيه الربا بجنسه متفاضلا. وكلاهما محرم بالكتاب والسنة. والاجماع على ربا النسيئة. وشذ من الفضل وخالف النصوص المستفيضة بل الربا من كبائر الذنوب وموبقاتها. فمن جاءه موعظة من ربه اي وعظ وتذكير وترهيب عن تعاطي الربا على يد من قيده الله لموعظته. رحمة من الله بالموعوظ واقامة للحجة عليه. فانتهى عن فعله. وانزجر عن تعاطيه فله ما سلف اي ما تقدم من المعاملات التي فعلها قبل ان تبلغه الموعظة. جزاء لقبوله للنصيحة. دل مفهوم الاية ان من لم بالاول والاخر. وامره الى الله في مجازاته. وفيما يستقبل من اموره. ومن عاد الى تعاطي الربا ولم تنفعه الموعظة ان اصر على ذلك فاولئك اصحاب النار هم فيها خالدون. اختلف العلماء رحمهم الله في نصوص الوعيد التي ظاهرها تخليد اهل الكبائر من الذنوب دون الشرك بالله. والاحسن فيها ان يقال هذه الامور التي رتب الله عليها الخلود في النار. موجبات ومقتضيات لذلك. ولكن الموجب لم يوجد ما يمنعه ترتب عليه مقتضاه. وقد علم بالكتاب والسنة واجماع سلف الامة ان التوحيد والايمان مانع من الخلود في النار. فلولا ما الانسان من التوحيد لصار عمله صالحا للخلود فيها بقطع النظر عن كفره. ثم قال تعالى والله لا يحب كل كفار اثير. يمحق الله الربا ان يذهبه ويذهب بركته ذاتا ووصفا فيكون سببا لوقوع الافات فيه ونزع البركة عنه وان انفق منه لم يؤجر عليه يكون زادا له الى النار ويربي الصدقات ان ينميها وينزل البركة في المال الذي اخرجت منه. وينمي اجر صاحبها وهذا لان الجزاء من العمل فان المرابي قد ظلم الناس واخذ اموالهم على وجه غير شرعي فجوزي بذهاب ماله والمحسن اليهم بانواع الاحسان ربه اكرم فيحسن عليه كما احسن على عباده. والله لا يحب كل كفار لنعم الله. لا يؤدي ما اوجب عليه من الصدقات. ولا يسلم منه ومن شره الله اثيم اي قد فعل ما هو سبب لاثمه وعقوبته. لما ذكر اكلة الربا وكان من المعلوم انهم لو كانوا مؤمنين ايمانا ينفعهم لم يصدر منه ما صدر ذكر حالة المؤمنين واجرهم وخاطبهم بالايمان. ونهاهم عن اكل الربا ان كانوا مؤمنين. يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا ان كنتم مؤمنين. اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا ان كنتم مؤمنين. فان لم تفعلوا فاذنوا بحرب من فان لم تفعلوا فاذنوا بحرب من الله ورسوله تبتم فلكم رؤوس اموالكم لا تظلمون ولا تظلمون. وهؤلاء هم الذين يقبلون موعظة ربهم وينقادون لامره وامرهم ان يتقوه. ومن جملة تقواه ان يذروا ما بقي من الربا. اي المعاملات الحاضرة الموجودة واما ما سلف عن التعاظ عفا الله عنه ما سلف. واما من لم ينزجر بموعظة الله ولم يقبل نصيحته فانه مشاق لربه محارب له. وهو عاجز ضعيف ليس له يدان في محاربة العزيز الحكيم. الذي يمهل للظالم ولا يهمله حتى اذا اخذه اخذه اخذ عزيز مقتدر. وان تبتم عن الربا فلكم رؤوس اموالكم. اي انزلوا عليها لا تظلمون من عاملتموه باخذ الزيادة التي هي الربا. ولا تظلمون بنقص رؤوس اموالكم وان كان ذو عسرة فنظرة الى ميسرة وان تصدقوا خير لكم ان وان كان المدين ذو عسرة لا يجد وفاء فنظرة الى ميسرة وهذا واجب عليه ان ينظره حتى يجد ما يوفي به وان تصدقوا خير لكم ان كنتم تعلمون. اما باسقاطها او بعضها. واتقوا يوما ترجعون فيه هذه الاية من اخر ما نزل من القرآن وجعلت خاتمة لهذه الاحكام والاوامر والنواهي. لان فيها الوعد على الخير والوعيد على فعل الشر وان من علم انه راجع الى الله فمجازيه على الصغير والكبير والجلي والخفي. وان الله لا يظلمه مثقال ذرة. اوجب له الرغبة والرهبة بدون حلول العلم في ذلك في القلب لا سبيل الى ذلك