لله ما في السماوات وما في الارض وان تبدوا ما في انفسكم او تخفوه حاسدكم به آآ يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء آآ والله على كل شيء قدير. هذا اخبار من الله ان له ما في السماوات وما في الارض. الجميع رزقهم ورزقهم ودبرهم لمصالحهم الدينية والدنيوية. فكانوا ملكا له وعبيدا لا يملكون لانفسهم ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا وهو ربهم ومالكهم والذي يتصرف فيهم بحكمته وعدله واحسانه. وقد امرهم ونهاهم وسيحاسبهم على ما اسروه واعلنوه. فيغفر من يشاء وهو لمن اتى باسباب المغفرة ويعذب من يشاء بذنبه الذي لم يحصل له ما يكفره. والله على كل شيء قدير لا يعجزه شيء بل كل الخلق طوع قهره ومشيئته وتقديره وجزائه كل امن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين احد يخبر تعالى عن ايمان الرسول والمؤمنين معه. وانقيادهم وطاعتهم وسؤالهم مع ذلك المغفرة. فاخبر انهم امنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله هذا يتضمن الايمان بجميع ما اخبر الله به عن نفسه. واخبرت به عنه رسله من صفات كماله ونعوت جلاله. على وجه الاجمال والتفصيل وتنزيهه عن والتعطيل وعن جميع صفات النقص. ويتضمن الايمان بالملائكة الذين نصت عليهم الشرائع جملة وتفصيلا. وعلى الايمان بجميع الرسل والكتب. اي بكل لما اخبرت به الرسل وتضمنته الكتب من الاخبار والاوامر والنواهي. وانهم لا يفرقون بين احد من رسله. بل يؤمنون بجميعهم. لانهم بين الله وبين عباده. فالكفر ببعضهم كفر بجميعهم. بل كفر بالله. وقالوا سمعنا ما امرتنا به ونهيتنا. واطعنا لك في ذلك ولم يكونوا ممن قالوا سمعنا وعصينا. ولما كان العبد لا بد ان يحصل منه تقصير في حقوق الله تعالى. وهو محتاج الى مغفرته على الدوام قالوا غفرانك اي نسألك مغفرة لمن صدر منا من التقصير والذنوب. ومحو ما اتصفنا به من العيوب واليك المصير. اي المرجع لجميع الخلائق فتجزيهم بما عملوا من خير وشر ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا ربنا ولا تحمل علينا اصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا واعف عنا واغفر لنا وارحمنا. انت مولانا فانصرنا على القوم لما نزل قوله تعالى وان تبدوا ما في انفسكم او تخفوه يحاسبكم به الله. شق ذلك على المسلمين لما توهموا ان ما يقع في القلب من الامور اللازمة والعارضة المستقرة وغيرها مؤاخذون به. فاخبرهم بهذه الاية انه لا يكلف نفسا الا وسعها. اي امرا تسعه طاقتها. ولا يكلفها ويشق عليها. كما قال تعالى ما جعل عليكم في الدين من حرج اصل الاوامر والنواهي ليست من الامور التي تشق على النفوس. بل هي غذاء للارواح ودواء للابدان. وحمية عن الضرر. فالله تعالى امر العباد بما ما امرهم به رحمة واحسانا. ومع هذا اذا حصل بعض الاعذار التي هي مظنة المشقة. حصل التخفيف والتسهيل اما باسقاطه عن المكلف او بعضه كما في التخفيف عن المريض والمسافر وغيرهم. ثم اخبر تعالى ان لكل نفس ما كسبت من الخير. وعليها ما اكتسبت من الشر. فلا تزن وازرة اخرى ولا تذهب حسنات العبد لغيره. وفي الاتيان بكسب في الخير. الدال على ان عمل الخير يحصل للانسان بادنى سعي منه. بل بمجرد القلب واتى بكتسب في عمل الشر. بالدلالة على ان عمل الشر لا يكتب على الانسان حتى يعمله. ويحصل سعيه. ولما اخبر تعالى عن ايمان الرسول والمؤمنين معه. وان كل عامل سيجازى بعمله. وكان الانسان عرضة للتقصير والخطأ والنسيان. واخبر انه لا يكلفنا الا ما نطيق وتسعه قوتنا. اخبر عن دعاء المؤمنين بذلك. وقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان الله قال قد فعلت اجابة لهذا الدعاء قال ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا. والفرق بينهما ان نسيان ذهول القلب عما امر به فيتركه نسيانا. والخطأ ان يقصد شيئا يجوز له قصده. ثم يقع فعله على ما لا يجوز له فعله. فهذان قد عفا الله عن هذه الامة ما يقع بهما رحمة بهم واحسانا على هذا من صلى في ثوب مغصوب او نجس او قد نسي نجاسة على بدنه او تكلم في الصلاة ناسيا او فعل مفطرا ناسيا او فعل محظورا من محظورات في الاحرام التي ليس فيها اتلاف نسيا فانه معفو عنه. وكذلك لا يحنث من فعل المحلوف عليه ناسيا. وكذلك لو اخطأ فاتلف نفسا او مالا فليس عليه اثم. وانما الضمان مترتب على مجرد الاتلاف. وكذلك المواضع التي تجب فيها التسمية. اذا تركها الانسان ناسيا لم يضر ولا تحمل علينا اصرا. اي تكاليف مشقة كما حملته على الذين من قبلنا. وقد فعل تعالى فان الله خفف عن هذه الامة في الاوامر من الطهارات واحوال العبادات ما لم يخففه على غيرها. ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به. وقد فعل وله الحمد واعف عنا واغفر لنا وارحمنا فالعفو والمغفرة يحصل بهما دفع المكاره والشرور. والرحمة يحصل بها صلاح الامور. انت مولانا اي ربنا ومليكنا والهنا حين امتز الولايتك ايانا منذ اوجدتنا وانشأتنا. فنعمك دابة علينا متصلة عدد الاوقات. ثم انعمت علينا بالنعمة العظيمة والمنحة الجسيمة وهي نعمة الاسلام التي جميع النعم تبع لها. فنسألك يا ربنا ومولانا تمام نعمتك بان تنصرنا على القوم الكافرين الذين كفروا بك وبرسلك وقاوموا اهل دينك ونبذوا امرك. فانصرنا عليهم بالحجة والبيان والسيف والسنان. بان تمكن لنا في الارض وتخذلهم وترزقنا الايمان والاعمال التي يحصل بها النصر والحمد لله رب العالمين