بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله النبي الامين وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد اه اهلا وسهلا بكم ايها الاخوة والاخوات في هذا اه الدرس الرابع آآ من الوحدة الثالثة كنا قد تكلمنا في دروس سابقة في هذه الوحدة اه عن اه تكلمنا عن اه طالب العلم اه وما بين الرؤية البعيدة والاهداف القريبة وبين اه وتكلمنا كذلك عن تفصيل الخطة العلمية بحسب ما يناسب كل طالب وعن موقف طالب العلم من اختلاف آآ الخطط والمنهجات العلمية اه وفي هذا الدرس الرابع ان شاء الله سنتكلم عن اهمية الاستشارة اه في تحصيل العلم اه ايها الاخوة والاخوات من الوصايا العامة المفيدة جدا لطالب العلم والتي تصحح مساره في طريقه في التحصيل والطلب وتحفظ له جهده ووقته ان يهتم بالاستشارة والاستشارة كما تعلمون مبدأ شرعي عظيم امر الله جل وعلا به نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم في قوله جل وعلا وشاورهم في الامر يقول الحسن البصري رحمه الله تعالى ما امر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالمشاورة لحاجة منه الى رأيهم يعني الى رأي اصحابه وانما اراد ان يعلمهم ما في المشاورة من الفضل ولتقتدي به امته من بعده شاور صديقك في الخفي المشكل واقبل نصيحة ناصح متفضل فالله قد اوصى بذاك نبيه في قوله شاورهم وتوكلي ومع كثرة ما ورد في هذا الباب من الاحاديث والمواقف والمواقف النبوية عن النبي صلى الله عليه وسلم. الا اننا ايها الاخوة والاخوات حقيقة نجد في واقعنا كثيرا اه نجد في واقعنا خللا اه عند كثير من طلاب العلم وقصورا وتقصيرا في شأن الاستشارة طيب طالب العلم يستشير في ماذا؟ يستشير اولا في برنامجه وفي خطته العلمية ويستشير كذلك في الدروس والدورات وبرامج التعليم عن بعد ونحوها من وسائل التعلم ويستشير طالب العلم ايضا في الكتاب الذي يدرسه وفي الشرح الذي يقرأه وفي الشيخ الذي يقرأ عليه ويدرس عنده قد يكون هذا الكتاب متميزا للغاية لكنه لا يناسب هذا الطالب وقد يكون هذا الشرح شرحا جيدا لكنه اوسع مما يحتاجه الطالب او اخسر مما يحتاجه الطالب وقد يكون هذا الشيخ او هذا الاستاذ ممن آآ عرف مثلا بالتوسع او بالاختصار او بكثرة الانقطاع والانشغال لا يناسب هذا الطالب ولذلك لو استشار الطالب في مثل هذه الامور لوفر على نفسه كثيرا من الجهد والوقت ولضاعف انتاجه وتحصيله واستفادته في برامجه العلمية اه هنا يأتي السؤال بعد ذلك استشير من في مثل هذه الامور من افضل من يستشار في امور العلم العلماء والاساتذة الذين سبقوك في هذا المجال في مجال التعلم والتحصيل لا سيما من يعرف هذا الطالب. من يعرفك ويعرف حالك ويعرف طبعك وقدراتك فمشورتهم لك من انفع ما يكون وقد تكون الاستشارة احيانا في امر تخصصي دقيق فتحتاج فيه الى استشارة الخبراء والمتخصصين وهذا الامر ايها الاخوة الكرام آآ اذا نظرنا الى كتب اداب طلب العلم وما سطره المتقدمون في اداب آآ العالم المتعلم سنجد تركيزا كثيرا على قضية استشارة طالب العلم والا يعني يخطو في في طريق العلم الا بعد ان يستشير استاذه وشيخه ويصدر عن رأيه عن رأي معلمه واستاذه ومن لطائف الاخبار ما اورده القاضي عياض رحمه الله تعالى في ترجمة الحارث ابن اسد رحمهم الله جميعا يقول الحارث بن اسد وهو من تلاميذ الامام مالك يقول لما اردنا وداع ما لك ابن انس اه لما اردنا وداع ما لك بن انس اه الامام الجليل امام دار الهجرة قل دخلت عليه انا وابن القاسم وابن وهب فقال له ابن وهب اوصني فقال له مالك رحمه الله تعالى قال لابن وهب اتق الله وانظر عمن تنقل ثم قال لابن القاسم اتق الله وانشر ما سمعت يقول الحارث بن اسد وقال لي مالك اتق الله وعليك بتلاوة القرآن فهؤلاء ثلاثة من تلاميذ الامام مالك رحمه الله اوصى كل واحد منهم بوصية مختلفة وانظر الى هذا العالم الرباني كيف ينزل كل طالب من طلابه منزلا يليق بحاله في العلم وفي العمل ويشير عليه بما يوافق استعداده النفسي واستعداده العلمي حتى يحصل به النفع على اكمل الوجوه. وحتى لا يشتغل احدهم بشيء لا ينتفع به او ربما يقل الانتفاع او ربما لا يحسنه وقد يشتغل الانسان احيانا بشيء يضره او يضر الناس الامام مالك رحمه الله تعالى رأى في ابن وهب رأى فيه كمال الحفظ والاعتناء بالاثار فاوصاه ان يشتغل بهذا الباب وارشده ان يهتم بتحقيق الرواية ويتثبت في مروياته فاصبح ابن وهب اماما في هذا الميدان ورأى ورأى الامام مالك رحمه الله في تلميذه ابن القاسم رأى فيه الفقه وقوة الاستنباط فاوصاه ان ينشر الفقه وما سمعه عنه في الفتوى فاصبح ابن القاسم لما اخذ بهذه الوصية من فقهاء زمانه ونشر مذهب ما لك في الافاق واما الحارث رحمه الله تعالى فكان الامام مالك رآه دون صاحبيه في هذين الامرين يعني في الرواية وفي فاوصاه بان يشتغل بعبادة من افضل العبادات واجلها وهي تلاوة القرآن واخذ الحارث ابن اسد رحمه الله بوصية الامام مالك فكان مشتغلا بعد ذلك بتلاوة القرآن بل كان اذا سئل عن فتوى لم يفتي ولم يجب وكان يقول لم يرني مالك اهلا للعلم فانتفع هؤلاء الثلاثة بمشورة شيخهم وامامهم الامام مالك رحمه الله وهكذا ينتفع طالب العلم بمشورة استاذه ونصيحة استاذه في ميدان التعلم والتحصيل فالخلاصة ايها الاخوة والاخوات لا ينبغي لطالب العلم في هذا المجال وفي هذا الميدان الذي سبقنا فيه اه السابقون لا ينبغي ان ينفرد برأيه وان ينفرد اه يعني ما يبدو له من اه من رأي او من مصلحة وانما يستشير في مثل هذه الامور ويجمع الى عقله عقول الناس ويستفيد من ارائهم. ففي ذلك آآ امتثال لامر الله جل وعلا ولسنة النبي صلى الله عليه وسلم في الاستشارة وفيه آآ اكمال العقل وتمام الحكمة. اسأل الله جل وعلا ان يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح. وصلى الله مبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين ايها الناس من استطاع منكم ان يتفرغ لطلب العلم وتحصيله كذلك افضل. وتلك نعمة كبرى وغنيمة كبرى وان التفرغ لطلب العلم ليتأكد في هذا الزمان الذي قل فيه الفقهاء في دين الله وكثر فيه طلب الدنيا والاقبال عليها من اكثر الناس. ومن لم يستطع ان لطلب العلم فليستمع الى العلم وليجلس الى اهله فيستفيد منهم ويفيد غيره