قال النبي صلى الله عليه وسلم من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وارضى عنه الناس ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه واسخط عليه الناس اللهم اعذنا من القول عليك بلا علم هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فاسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لخيري الدنيا والاخرة وان يجعلنا واياكم ممن استعمل في طاعة ربه تماسله جل وعلا ان يمن علينا بادراك شهر رمضان وان يجعلنا ممن صان صيامه من المفطرات والمنقصات كما اسأله جل وعلا صلاح احوال الامة واستقامة امورها في هذا اليوم باذن الله عز وجل اتحدث عن بعض الامور التي قد يتوهم بعض الناس انها مؤثرة على الصيام وليس الامر كذلك وكنا قد اشرنا الى شيء من هذا فيما مضى حيث ذكرنا امر الاحتلام فعندما يحترم الانسان في منامه وهو صائم فان هذا لا يؤثر على صومه ومن الامور التي قد يظن انها مؤثرة على الصوم ما يتعلق بوضع اشياء على خارج البدن فانها غير مؤثرة وانما المؤثر ما يدخل في الجوف او ما يخرج منه وحينئذ لو وضع الطعام على خارج بدنه لم يؤثر هذا على صومه ومن ذلك لو وضع الماء. ولهذا يجوز لي الصائم ان يغتسل ويجوز للصائم ان يفعل السباحة ويجوز للصائم العوم والغوص فان قال قائل بان هذه الامور قد تدخل مع مسام البدن قيل بان هذه الاشياء كانت موجودة في عهد النبوة. وكان وكان الناس يفعلونها من ذلك الوقت ومع هذا لم تؤثر على صوم الصائم ومثل هذا فيما يتعلق بانواع المراهم والدهون التي توضع على طهر البدن فانها لا تؤثر على صوم الصائم اذ ليس تاكلا ولا شربا ولا في معناهما ولا في معنى شيء من المفطرات التي جاء باثبات انها من المفطرات ومثل هذا كان يفعل في عهد النبوة ومع ذلك لم يؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم انه مطالبة بتأثيره على الصوم ومما قد يظن انه يؤثر على الصوم انواع الطيب التي تستعمل سواء كانت الاطياب التي هي سائلة وتوضع على البدن او كانت من البخور الذي قد يدخل في جوف الانسان واما بالنسبة للطوي بالطيب السائل فهو محل اتفاق في الجملة انه لا يؤثر على صوم الصائم ولكن بالنسبة للبخور ان كان بعيدا عن الصائم فانه لا يؤثر على صومه اما اذا تعمد الصائم ادخالا. دخان البخور الى جوفه فهذا مما رأى فيه طائفة كبيرة بانه مؤثر على صوم الصائم قالوا لان البخور يتشكل منه مادة لها جرم. وبالتالي اذا تصاعد الى الانف ودخل الى الدماغ فانه ينعقد جسما. وبالتالي قالوا بانه مؤثر على صوم الصائم وهذا انما يكون في من تعمد شمه وفي من دخل او تيقنا بدخول اجسام او مواد لها جرم الى جوف الانسان ومثل هذا ما يتعلق بالدخان فان الدخان محرم في جميع ايام السنة وذلك لانه مضر للبدن. ولانه اشراف واتلاف للمال في غير محله. ولانه ايظا يؤثر على بعد الانسان من مجتمعات الخير ولانه يؤذي الاخرين ويلحق بهم انواع الاذية فمنع منه وهكذا هو مؤثر على صوم الصائم وذلك لان الدخان له اجران تدخل في بدن الصائم. فتؤثر على صومه وذكر المؤلف ايضا ما يتعلق المعنى في هذه الاشياء ان دخول هذا الدخان الى البدن قد يؤثر على او يغير حالة البدن وقد قال طائفة من اهل العلم بان مقصود الشارع بالصوم ابقاء البدن على حالة مستقرة يتمكن البدن معها من تصحيح وضعه واستثنوا من ذلك ما يخرج عن ارادة الانسان وجا دخان او غبار ودخل في الجوف او ما يتصاعد من الدقيق فدخل في الجوف هذا ليس بقصد من الانسان ولا اختيار فهو يماثل ما لو اكل او شرب ناسيا الذي ورد في الحديث الصحيح وحينئذ ينبغي بنا ان نعرف المعنى الذي من اجله اثبت الشارع حكم الفطر او حكم بقاء الصوم وهذه قاعدة مهمة وهي ان الاحكام الشرعية تناط باوصاف وهذه الاوصاف تكون منضبطة. معروفة الحدود والمعالم. فمتى وجدت في محل متى وجدت هذه الاوصاف في محل اثبتنا الحكم بناء عليها. ومتى انتفت الاوصاف فان الحكم ينتفي. فالحكم يدور مع علة وجودا وعدما. ولا لكن في مرات قد يظن ان بعظ الاوصاف هو العلة وبالتالي يركب على ذلك الوصف احكام شرعية لا تكون مقصودة للشارع ومن امثلة ذلك في قول الله عز وجل فمن كان منكم مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر فقد اجاز الشارع في هذه الاية الفطر لصنفين من الناس اولهما المريض الثاني المسافر ولكنه في الاية قال فمن كان منكم مريضا ما قال به مرظ معناه ان المرظ الذي يباح معه الفطر مرظ خاص. وليس كل مرض متى يكون المرض مبيحا للفطر في ثلاثة احوال الاول اذا كان الصيام يزيد في المرض والثاني اذا كان الصيام يؤخر الشفاء والبرؤ والثالث اذا كان الانسان يتألم ويتأذى من الصوم فيما يتعلق بمرظه فهذه الاحوال الثلاثة هي التي يباح معها الفطر اما من كان مريضا مرضا لا يتأثر بالصوم فحين اذ لا يجوز له الفطر ما يجينا واحد مشلول ويقول انا مريض وبالتالي سافطر نقول هذا ليس هذا المرض ليس مقصودا للشارع في قوله فمن كان منكم مريضا وفي قوله او به سفر. سفر هنا نكرة في سياق العموم في سياق العموم او في سياق الشرط فمن فيفيد العموم فيشمل قليل السفر وكثيره لان اللفظ المطلق اذا جاء في اسلوب النهي افاد العموم. ومن ذلك النكرات وحينئذ نقول بان كل سفر يباح معه الفطر فان قال قائل انا اركب في الطائرة وفي ساعتين اصل وراحتي في الطائرة اعظم من رائحة وراحتي في الطائرة اعظم من راحتي في بيتي قيل الحكم الشرعي مناط بالسفر فيثبت الحكم وهو جواز الفطر معه وجودا وعدما. فلو قال لنا قائل المسافر يفطر للمشقة عليه اليس كذلك؟ توافقون موافقون الشارع اباح للمسافر ان يفطر لما يمر به من المشقة هذا كلام خاطئ بل هو ظلال في دين الله. قد يؤدي الى الغاء الشريعة بالكلية سبحان الله كيف هذا؟ المشقة لم يعلق الشارع الحكم عليها. ما قال ومن كان به مشقة او كان عليه مشقة قه وانما اجاز الفطر لطائفتين المريض ومن كان على سفر ما قال من كان عليه مشقة ولو فتحنا الباب لان المشقة وصف غير منضبط. لا يعرف حدوده ومعالمه. ولو فتحنا الباب لالغينا حكم الصيام بالكلية. كيف جاءنا عمال المباني العالية في الدور ستة وثلاثين وخمسين وثمانين قالوا يا جماعة الخير علينا من المشقة اعظم من المشقة التي على المسافر فأبيحوا لنا الفطر وافقتم معهم جانا الخباز قال انا اصالي الحر الشديد والنار التي في فرن الخبز عظيمة الاثر تذهب تجفف ما في بدني من الماء ولذلك افتوا لي بالفطر فان المشقة علي اعظم من مشقة المسافر فجاءنا الرعاة وقالوا نريد ان نفطر علينا مشقة وجاءنا الموظفون وقالوا علينا مشقة في الذهاب والاياب فجاءنا الاساتذة الذين يدرسون قالوا علينا مشقة كنا افطروا جاء الطلاب وقالوا علينا مشقة جاء لاعب الكرة قالوا علينا مشقة جاء الممثلون قالوا علينا مشقة. بقي احد فلو قلنا بذلك لالغينا حكم الصوم عرفتم انكم مخطئون وانكم مخالفون لشرع الله وانكم لو سير على كلامكم لادى الى ابطال الشريعة في ايجاد ركن من اركان الاسلام وهو الصيام بالتالي انتبه ان تتكلم بكلمة في دين الله عز وجل وانت على وانت لست على يقين منها فقد تظن ان هذا هو الشرع وهو دين الله وتكون ممن يهدم دين الله بهذه الكلمة صدوا عن الله وعن شرعه بما يظن انه يقرر حكم الله ودينه واضح هذا؟ ومن هنا امر الشرع بالرجوع الى علماء الشريعة الذين يتمكنون من استخراج الاحكام من الادلة. فقال فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا المون وقال وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم. من الذي ينذر الفقهاء؟ فقهاء لعلهم يحذرون خصوصا في المدلهمات التي يحصل بها سفك الدماء. ويحصل بها انتهاك الاموال ويحصل بها اعتداء على الاعراض ولذا قال الله جل وعلا واذا جاءهم امر من الامنيا والخوف اذاعوا به ولو ردوه الى الرسول والى اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم. وكم من مرة سار الناس على ما يسمونه العاطفة الدينية. ويظنون انها من دين الله وتكون من اتباع الهواء من اتباع الهواء الذي يقول الله عز وجل في ولا تتبع الهوى فيظلك عن سبيل الله وحينئذ تعرف وجوب الرجوع الى العلماء وفي السنن من حديث ابن عباس ان رجلا من الصحابة كان به جرح في رأسه شجة فاحتلم فسأل اصحابه هل تجدون لي من رخصة في ان اترك الاغتسال فقالوا لا نجد لك رخصة فاغتسل فمات ايظنون هذا شرع الله تكلموا بغير علم. ماذا قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم؟ قتلوه قتلهم الله قتلوه قتلهم الله تالي احذر يا ايها العبد من ان تتكلم في دين الله وفي شرعه بمجرد عواطف وقد يتكلم الفقيه والعالم بكلام لا تظنوا انه مقبول وهو شرع الله ودينه وانظر الى صلح الحديبية لما صالح النبي صلى الله عليه وسلم اهل مكة جاء بعض الصحابة يعترظون على الصلح ويقولون على من اعطي الدنية في ديننا يا رسول الله السنا على الحق وهم على الباطل؟ وهم هابة وهم صحابة وهم قد جاهدوا التنزيل وعرفوا التأويل ومع ذلك لما ساروا على ما مجرد ما يرونه خالفوا الهدي النبوي وخالفوا الشرع. لكن النبي صلى الله عليه وسلم بين لهم واوحلهم سبيل الحق في ذلك ولذلك اذا كانت الامور تقاد بالعلماء صلحت الاحوال. واذا كان العامة او الجمهور او الاكثرية هم الذين يجاملهم العلماء ولا يفتون مجاملة لهم يقع الاشكال وتقع مخالفة الشريعة وبالتالي على عالم الشريعة ان يبين الحق. ولو خالف اهواء الخلق سعي اللي ارظاء الخالق سبحانه وتعالى وسواء في هذا جمهور الناس او اصحاب الولاية او اصحاب المال او غيرهم. ولذا ولا تظنون ان هذا مجرد كلام نظري لا شاهدنا وشاهد غيرنا دلائل دلائل ذلك وبراهينه في احوالنا واحوال غيرنا ولذلك يحذر الانسان في هذا الباب من ان يعيب على علماء الشرع ما به لله وتكلموا به لله. ويحذر ان يتهمهم في نياتهم ومقاصدهم ولو كان يخالف هواك ولو كان يخالف ما تظن انه شرع رب العزة والجلال. ومن هنا وترت النصوص بالتحذير من القول على الله بلا علم. بل في هذا الباب من النصوص ما يجعل الانسان يقشعر بدنه. لو تقول علينا الاقاويل لاخذنا منه ايش دي واسمع لقول الله عز وجل ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب قد خاب من افترى وقال سبحانه ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا. اي لا يوجد احد اظلم منه والنصوص في هذا الباب كثيرة ان الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع في الدنيا. لكن ما هي العاقبة في الاخرة عاقبة شنيعة ولذلك احذر ان تنسبي الى الله والى شرعه والى نبيه صلى الله عليه وسلم شيئا لا تعرف انه ومن دين الله حتى ولو سمعته من عالم انسبه الى ذلك العالم. وسمعت فلانا يقول كذا. سمعت الشيخ الفلاني يقول كذا لان لا يؤاخذ لك الله لئلا يؤاخذك رب العزة والجلال بمثل هذا وهذه قاعدة عظيمة في هذا الباب باب الصيام. احذر ان تفتي الخلق الفتوى لها شروط. والمفتي لا بد ان يكون متصفا بالصفات. ما هي هذه الصفات اربع صفات اولها معرفة الادلة الشرعية الواردة في الباب. يعرف كتاب الله سنة رسوله ريحها وضعيفها يعرف الاجماع ويعرف بقية الادلة الواردة واما الصفة الثانية فان يكون عارفا بمواطن الاتفاق والاختلاف لان لا يأتي بقول جديد لم يقل به احد فيما مضى لانه لا يجوز ان نحدث اقوالا جديدة لم يقلها الاوائل. فان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تزال طائفة من امتي على الحق فدل هذا على انه اذا وجد زمان لا يوجد فيه قائل بذلك القول فان ذلك القول ليس الحق والشرط الثالث ان يكون لديك قدرة على فهم الادلة لان فهم الادلة ليس من الامور الاعتباطية. تفهم بمجرد ما في رأسك لا له شروط وله ضوابط وله طرائق هذا منطوق وهذا مفهوم والمنطوقة انواع هذا امر وهذا نهي وهذا عام وهذا خاص وهذا مطلق وهذا مقيد الى اخره وكل واحد من هذه الالفاظ والانواع له دلالة. فالامر يفيد الوجوب والامر يفيد الفورية والامر ويفيد الاجزاء والنوع الاخر ما يتعلق بالدلالات والمفاهيم هناك دلالة اشارة ودلالة تنبيه ودلالة دماء ودلالة اقتضاء والمفاهيم هناك دليل خطاب ونحن خطاب وفحوى خطاب والمفاهيم منها مفهوم صفة ومنها مفهوم اية ومنها مفهوم عدد ومنها مفهوم لقب ومنها مفهوم شرط. وكل واحد من هذه الاساليب له شروط وله ضوابط وبعضها يقبل مطلقا وبعضها يقبل في انواع من السياق دون بقية الانواع الاخرى فالامر ليس بالامور الاعتباطية. الامر له طرائق. فيأتي انسان حتى ولو كان معه شهادة هذا ولا دكتوراه ولا عنده مكان عالي ولا موظف في الافتاء وهو ما يعرف هذه القواعد ما يجوز له ان يفتي حرام عليه شرعا ان يفتي فالامر شديد هذا من القول على الله بلا علم واما الشرط الرابع فان يكون عنده من لغة العرب ما يفهم به معاني النصوص يجي واحد انجليزي ولا فرنسي ما يعرف القرآن. ولا يفهم القرآن. قالوا عندي الترجمة لمعاني القرآن. هذه الترجمة بشري هذي الترجمة جهد بشري يدخله الصواب والخطأ. فلا يصح ان نجعلها دليلا من ادلة الشرع وليست قرآنا وليست كلام رب العزة والجلال وليس عليها من البهاء والنور ما لكتاب الله عز وجل. بل بعض هذه التراجم كان من اسباب بصد بعض الخلق عن دين الله عز وجل. وذلك لان الناس اذا قرأوا كتاب الله اثر في قلوبهم وحركهم الى الله متى تفكروا فيه وتدبروا. واما اذا قرأوا هذه التراجم على انها كلام الله لم يجدوا فيها من الحلاوة ولم يجدوا فيها من المعاني العظيمة ولم يجدوا فيها من الدلالات ما يكون وامثاله في كتاب رب العزة والجلال فالمقصود اننا لابد ان نلاحظ هذا الجانب وهو الا نقول على الله بلا علم فالامر خطير. وكم من الدماء سفكت وكم من الاموال اخذت وكم من الاعراض انتهكت وكم من حروب حصلت وامور شنيعة بسبب هذا الباب. وشاهدوا هذا في قول النبي صلى الله عليه وسلم ان الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من صدور الرجال. ولكن يقبض والعلم بموت العلماء. حتى اذا لم يبقى عالم اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فافتوا بغير علم شو النتيجة فظلوا واضلوا وشاهدوا الحال في بقاع الارض اليوم اكبر دليل على ما ذكرته. اسأل الله جل وعلا ان يستعملنا واياكم في طاعته وان يحمي جوارحنا من معصيته. كما اسأله جل وعلا ان يجعل قاعدتنا في الكلام من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت واسأله جل وعلا ان يعيذنا من ان نقول عليه بلا علم. اللهم اعذنا من القول عليك بلا علم