يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم لكم قراءة كتاب رسالة في الحث على اجتماع كلمة المسلمين وذم التفرق والاختلاف. فصل اذا علم هذا فالواجب على المسلمين عموما وعلى اهل العلم خصوصا ان يسعوا في هذا الامر ويتحمل من اجله المشاق. ويبذلوا جهدهم وطاقتهم في حصول التواجد وعدم التقاطع والتهاجر ويرغب غيرهم فيه امتثالا لامر الله وسعيا في محبوبه وطلب من الزلفى لديه فيوطنوا انفسهم على ما يناله من الناس من الاذية القولية والفعلية مع انها ستنقلب ان شاء الله راحة ومواصلة دينية ويقابلون المسيء اليهم بالعفو عنه والصفح وسلامة النفس ولا يعاملونه بما عاملهم به بل اذا عاملهم بالبغض عاملوه بالمحبة وان عاملهم بالاذى عاملوه بالاحسان وان عاملهم بالهجر وترك السلام عاملوه ببذل السلام والبشاشة ولين الكلام والدعاء له بظهر الغيب ولا يطيعوا انفسهم الامارة بالسوء بمعاملته من جنس ما عاملهم به فليست هذه حالة الانبياء واتباعهم بل حالهم العفو والصفح عن اهل الجرائم كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم عن حال النبي الذي ضربه قومه حين دعاهم الى الله حتى ادموه فجعل يمسح الدم عن وجهه ويقول اللهم اغفر لقومي فانهم لا يعلمون هذا والله الفخر الكامل الذي يبني لصاحبه في الدنيا الثناء الجميل وفي الاخرة الثواب الجزيل قال تعالى ولا يجرمنكم شنآن قوم ان صدوكم عن المسجد الحرام ان تعتدوا ويحث على مقابلة المسيء بالعفو في قوله تعالى ولئن صبرتم لهو خير للصابرين وان تعفو اقرب للتقوى فمن عفا واصلح فاجره على الله ولمن صبر وغفران ذلك لمن عزم الامور فاذا وفق المسلمون لهذه الحالة جمع الله شملهم والف بين قلوبهم وهداهم سبل السلام واخرجهم من ظلمات الجهل والظلم والضلال الى نور العلم والعدل والايمان ويجب عليهم اذا رأوا صاحب هوى يريد ان يشق عصا المسلمين ويفرق بينهم لنيل غرض من اغراضه الفاسدة ان يقمعوه انصحوه ولا يلتفتوا لقوله فان من هذا حاله اكبر الاعداء وان يحرصوا غاية الحرص على ستر عورات المسلمين وعدم تتبعها خصوصا ما يصدر من رؤساء الدين والعلماء وطلبة العلم الذين لهم الحق الاكبر على جميع المسلمين بما قاموا به من علم الشرع وتعليمه الذين لولاهم ما عرف الناس امر دينهم ومعاملاتهم فلولاهم لم يعرفوا كيف يصلون ويزكون ويصومون ويحجون بل لا يعرفون يبيعون ويشترون بل لولاهم لكان الناس كالبهائم لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا ولا عرفوا حلالا ولا حراما فالواجب على المسلمين احترامهم وكف الشر عنهم وقمع من يريدهم باذى والتغاضي مما يصدر منهم بستره وعدم نشره لان نشره فساد عريض واعلم ان للخير والشر علامات يعرف بها العبد فعلامة سعادة الانسان ان تراه قاصدا للخير لكافة المسلمين. حريصا على هدايتهم ونصيحتهم بما يقدر عليه عليه من انواع النصح مؤثرا لستر عوراتهم وعدم اشاعتها قاصدا بذلك وجه الله والدار الاخرة وعلامة شقاوة العبد ان تراه يسعى بين الناس بالغيبة والنميمة ويتتبع عثراتهم ويتطلع على عوراتهم فاذا سمع بشيء صدر منهم من المكروه اشاعه واذاعه بل ربما نشر معه شرحا من ابتداعه فهذا العبد بشر المنازل عند الله. مقيت عنده متعرض لمساخطه يوشك ان يفضحه في دنياه قبل اخراه ان لم يتدارك نفسه بالتوبة النصوح وتبديل السيئات بالحسنات فحقيق بمن لنفسه عنده قيمة ان يربأ بها عن هذه الخصلة الذميمة ويتأمل معنى قوله صلى الله عليه وسلم من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والاخرة وقوله صلى الله عليه وسلم يا معشر من امن بلسانه ولم يدخل الايمان قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فانه من يتبع عورة اخيه يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته هذا الوعيد الشديد في عموم المسلمين. واما العلماء والصالحون فالوقوع بهم اقبح واقبح وهو علامة على معاداة الله ومحاربته لان الله قال على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من عادى لي وليا فقد اذنته بالحرب وقد قال بعض السلف ان لم يكونوا العلماء اولياء الله فلا ادري من هم اولياؤه وصدق رحمه الله فان ولاية الله انما تنال بحسب قيام العبد باوامر الله تعالى ولاهل العلم من هذا اكبر نصيب فانه لا يكاد ينال العبد طرفا من العلم يصير فيه رئيسا حتى يجتهد ويجد ويمضي عليه زمن طويل وهو متجرد طلب العلم تاركا لما عليه اهل الدنيا مستغرقا لاكثر اوقاته واشرف ساعاته بالاشتغال بالعلم الذي هو بنفسه اجل الطاعات وهو احرى بولاية الله من غيرهم فكيف يمكن بالقدح فيهم من غلبت عليه الشقاوة وافنى زمانه بالقيل والقال ولم يضرب مع الصالحين بسهم من نفائس الاعمال فلا تراه باحثا عن امر دينه ولا مجالسا للعلماء على وجه الاستفادة منهم بل لو سئل عن ادنى مسألة من امر دينه لم ينطق ببنت شفه ومع هذا فقد اطلق لسانه بسلب العلماء واهل الدين زاعما فيما قاله انه مصيب نعم قد اصاب طريق اهل الشر والتحق بالحيوانات الخسيسة التي تترك الاطعمة الطيبة. وتذهب الى الجيفة ونحوها من الاطعمة الخسيسة لتركه المحاسن واقباله على ما ظنه مساوئ وانحرف عن طريق اهل الخير فليس بكفئ ان يذكر معهم وانما يذكر لان لا يغتر به المغترون ويقع بشبكته الجاهلون ولعله ان يرتدع ويتوب ويقلع الى ربه وينيب فليس على طريق التوبة حجاب. ولا ذنب الا وراءه مغفرة الملك الوهاب. لمن تاب واناب