ما علم في التاريخ ثم قال تعالى يحذر تعالى عباده المؤمنين عن مكر هذه الطائفة الخبيثة من اهل الكتاب وانهم يودون ان يضلوكم. كما قال تعالى ود كثير من اهل الكتاب لو يردونكم من بعد ايمانكم كفارا ان مثل عيسى عند الله كمثل ادم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون الحق من ربك اي هذا الذي اخبرناك به من شأن المسيح عليه السلام هو الحق الذي في اعلى رتب ثم قال تعالى ثم قال له كن فيكون. يخبر تعالى محتجا على النصارى الزاعمين بعيسى عليه السلام ما ليس لهم بحق بغير برهان ولا شبهة. بل بزعمهم انه ليس له والد استحق بذلك ان يكون ابن الله او شريكا لله في الربوبية. وهذا اليس بشبهة؟ فضلا ان يكون حجة لان خلقه كذلك من ايات الله الدالة على تفرد الله بالخلق والتدبير. وان جميع الاسباب طوع مشيئته وتبع لارادته. فهو على نقيض قولهم ادل. وعلى ان احدا لا يستحق المشاركة لله بوجه من الوجوه اولى. ومع هذا فادم عليه السلام خلقه الله من تراب لا من ام ولا اب. فاذا كان ذلك لا يوجب لادم ما زعمه النصارى في المسيح. فالمسيح المخلوق من ام بلا اب من باب اولى واحرى. فان صح ادعاء البنوة والالهية في المسيح. فادعاؤها في ادم من باب اولى واحرى. فلهذا قال تعالى صدق لكونه من ربك الذي من جملة تربيته الخاصة لك ولامتك ان قص عليكم ما قص من اخبار الانبياء عليهم السلام فلا تكن من الممطرين اي الشاكين في شيء مما اخبرك به ربك. وفي هذه الاية وما بعدها دليل على قاعدة شريفة. وهو ان ما قامت الادلة على انه حق وجزم به العبد من مسائل العقائد وغيرها فانه يجب ان يجزم بان كل ما عرضه فهو باطل. وكل شبهة تورد عليه فهي يا فاسدة سواء قدر العبد على حلها ام لا. فلا يوجب له عجزه عن حلها القدح فيما علمه. لان ما خالف الحق فهو باطل. قال الله تعالى فماذا بعد الحق الا الضلال؟ وبهذه القاعدة الشرعية تنحل عن الانسان اشكالات كثيرة يوردها المتكلمون ويرتبها المنطقيون انحلها الانسان فهو تبرع منه والا فوظيفته ان يبين الحق بادلته ويدعو اليه احاجك فيه من بعد ما من العلم فقل تعالوا فقل تعالوا ندعوا انا وابنائكم ونسائنا ونساءكم ونساءنا ونساءكم ثم نبتهل ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ان هذا لهو القصص الحق وما من اله الا الله وان الله اي فمن جادلك وحاجك في عيسى عليه السلام وزعم انه فوق منزلة العبودية بل رفعه فوق منزلته من بعد ما جاءك من العلم بانه عبد الله. وبينت لمن جادلك ما عندك من الادلة الدالة على انه عبد انعم الله عليك دل على عناد من لم يتبعك في هذا العلم اليقيني. فلم يبق في مجادلته فائدة تستفيدها ولا يستفيدها هو. لان الحق قد تبين فيه جدال معاند مشاق لله ورسوله. قصده اتباع الهوى لا اتباع ما انزل الله. فهذا ليس فيه حيلة. فامر الله نبيه ان انتقل الى مباهلته وملاعنته فيدعون الله ويبتهلون اليه ان يجعل لعنته وعقوبته على الكاذب من الفريقين. هو واحب الناس اليه من الاولاد والابناء والنساء. فدعاهم النبي صلى الله عليه وسلم الى ذلك. فتولوا واعرضوا ونكلوا وعلموا انهم الا عانوه رجعوا الى اهليهم اولادهم فلم يجدوا اهلا ولا مالا وعجلوا بالعقوبة. فرضوا بدينهم مع جزمهم ببطلانه. وهذا غاية الفساد والعناد. فلهذا قال قال تعالى فان تولوا فان الله عليم بالمفسدين. فيعاقبهم على ذلك اشد العقوبة. واخبر تعالى ان هذا الذي قصه الله على عباده هو القصص الحق. وكل قصص يقص عليهم مما يخالفه ويناقضه. فهو باطل. وما من اله الا الله فهو المألوه المعبود الحق الذي لا تنبغي العبادة الاله ولا يستحق غيره مثقال ذرة من العبادة. وان الله لهو العزيز الذي قهر كل شيء وخضع له كل شيء الحكيم الذي يضع الاشياء مواضعها. وله الحكمة التامة في ابتلاء المؤمنين بالكافرين. يقاتلونهم ويجادلونهم هم يجاهدونهم بالقول والفعل قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ان لا نعبد الا الله اي قل لاهل الكتاب من اليهود والنصارى تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم اي هلموا نجتمع عليها وهي الكلمة التي اتفق عليها الانبياء والمرسلون. ولم يخالفها الا المعاندون والضالون. ليست مختصة في احدنا دون الاخر بل مشتركة بيننا وبينكم. وهذا من العدل في المقال والانصاف في الجدال. ثم فسرها بقوله الا نعبد الا الله اولا نشرك به شيئا فنفرد الله بالعبادة ونخصه بالحب والخوف والرجاء ولا نشرك به نبيا ولا ملكا ولا وليا ولا صنما ولا حسنا ولا حيوانا ولا جمادا. ولا يتخذ بعضنا بعضا اربابا من دون الله. بل تكون الطاعة كلها لله ولرسله. فلا نطيع المخلوقين في معصية الخالق لان ذلك جعل للمخلوقين في منزلة الربوبية. فاذا دعي اهل الكتاب او غيرهم الى ذلك فان اجابوا كانوا مثلكم لهم ما لكم وعليه ما عليكم. وان تولوا فهم معاندون متبعون اهواءهم. فاشهدوهم انكم مسلمون. ولعل الفائدة في ذلك انكم اذا قلتم لهم ذلك وانتم اهل العلم على الحقيقة. كان ذلك زيادة على اقامة الحجة عليهم. كما استشهد تعالى باهل العلم حجة على المعاندين وايضا فانكم اذا اسلمتم انتم وامنتم فلا يعبأ الله بعدم اسلام غيركم لعدم زكائهم ولخبث طويتهم. كما قال الله تعالى قل امنوا به او لا تؤمنوا ان الذين اوتوا العلم من قبله اذا يتلى عليهم يخرون للاذقان سجدا. وايضا فان في ورود الشبهات على العقيدة الايمانية مما يوجب للمؤمن ان يجدد ايمانه ويعلن باسلامه اخبارا بيقينه وشكرا لنعمة ربه في ها انتم هؤلاء حاججتم ايمانكم به علم. فلما فيما ليس لكم به علم والله يعلم وانتم لا تعلمون. ما كان ابراهيم يهوديا ولا ابراهيم للذين اتبعوه هذا النبي والذين امنوا والله ولي المؤمنين لما ادعى اليهود ان ابراهيم كان يهوديا. والنصارى انه نصراني وجادلوا على ذلك. رد تعالى محاجتهم ومجادلتهم من ثلاثة اوجه احدها ان جدالهم في ابراهيم جدال في امر ليس لهم به علم فلا يمكن لهم ولا يسمح لهم ان يحتجوا ويجادلوا في امر هم جانب عن وهم جادلوا في احكام التوراة والانجيل. سواء اخطأوا ام اصابوا فليس معهم المحاجة في شأن ابراهيم. الوجه الثاني ان اليهود ينتسبون الى احكام التوراة. والنصارى ينتسبون الى احكام الانجيل. والتوراة والانجيل ما انزل الا من بعد ابراهيم. فكيف ينسبون ابراهيم اليهم وهو قبلهم متقدم عليهم. فهل هذا يعقل؟ فلهذا قال افلا تعقلون؟ اي فلو عقلتم ما تقولون لم ذلك الوجه الثالث ان الله تعالى برأ خليله من اليهود والنصارى والمشركين وجعله حنيفا مسلما وجعل اولى الناس به من امن من به من امته وهذا النبي وهو محمد صلى الله عليه وسلم ومن امن معه. فهم الذين اتبعوه وهم اولى به من غيرهم. والله تعالى قال وليهم وناصرهم ومؤيدهم. واما من نبذ ملته وراء ظهره كاليهود والنصارى والمشركين. فليسوا من ابراهيم وليس منهم. ولا ينفع هم مجرد الانتساب الخالي من الصواب. وقد اشتملت هذه الايات على النهي عن المحاجة والمجادلة بغير علم. وان من تكلم بذلك فهو متكلم في لا يمكن منه ولا يسمح له فيه. وفيها ايضا حث على علم التاريخ وانه طريق لرد كثير من الاقوال الباطلة والدعاوى. التي تخالف ومن المعلوم ان من ود شيئا سعى بجهده على تحصين مراده. فهذه الطائفة تسعى وتبذل جهدها في رد المؤمنين. وادخال الشبه عليهم كل طريق يقدرون عليه. ولكن من لطف الله الا يحيق المكر السيء الا باهله. فلهذا قال تعالى وما يضلون الا انفسهم سعيهم في اظلال المؤمنين زيادة في ضلال انفسهم وزيادة عذاب لهم. قال الله تعالى الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون. وما يشعرون بذلك انهم يسعون في ضرر انفسهم. وانهم لا يضرونكم شيئا ثامن ما تكفرون بايات الله وانتم تشهدون. اي ما الذي دعاكم الى الكفر بايات الله؟ مع علمكم لان ما انتم عليه باطل. وان ما جاءكم به محمد صلى الله عليه وسلم. هو الحق الذي لا تشكون فيه. بل تشهدون به ويسر به بعضكم الى بعض بعض في بعض الاوقات فهذا نهيهم عن ضلالهم ثم وبخهم على اضلالهم الخلق فقال فوبخهم على لبس الحق بالباطل وعلى كتمان الحق لانهم بهذين الامرين يضلون من انتسب اليهم. فان العلماء اذا لبسوا الحق بالباطل فلم يميزوا بينهما بل ابقوا الامر مبهم وكتموا الحق الذي يجب عليهم اظهاره. ترتب على ذلك من خفاء الحق وظهور الباطل ما ترتب. ولم يهتدي العوام الذين يريدون حق لمعرفته حتى يؤثروا. والمقصود من اهل العلم ان يظهروا للناس الحق ويعلنوا به. ويميزوا الحق من الباطل. ويظهر الخبيث من الطيب. والحلال والحرام والعقائد الصحيحة من العقائد الفاسدة ليهتدي المهتدون ويرجع الضالون وتقوم الحجة على المعاندين. قال الله تعالى واذ اخذ الله ميثاق الذين اوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه. فنبذوه وراء ظهورهم. ثم اخبر تعالى عما همت به هذه الطائفة الخبيثة وارادة المكر بالمؤمنين. فقال طائفة من اهل الكتاب امنوا بالذي وقالت طائفة من اهل الكتاب امنوا بالذي انزل على الذين امنوا وجه النهار واكفروا اخره. ايدخلوا في دينهم على وجه المكر الكيد اول النهار. فاذا كان اخر النهار فاخرجوا منه لعلهم يرجعون عن دينهم. فيقولون لو كان صحيحا لما خرج منه اهل العلم والكتاب هذا الذي ارادوه عجبا بانفسهم وظنا ان الناس سيحسنون ظنهم بهم ويتابعونهم على ما يقولونه ويفعلونه. ولكن يأبى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون. وقال بعضهم لبعض ولا تؤمنوا الا لمن تبع دينكم والله واسع عليم لا تؤمنوا الا لمن تبع دينكم. اي لا تثقوا ولا تطمئنوا ولا تصدقوا الا من تبع دينكم. واكتموا امركم فانكم اذا غيركم وغير من هو على دينكم حصل لهم من العلم ما حصل لكم فصاروا مثلكم او حاجوكم عند ربكم وشهدوا عليكم انها قامت عليكم الحجة وتبين لكم الهدى فلم تتبعوه. فالحاصل انهم جعلوا عدم اخبار المؤمنين بما معهم من العلم قاطعا عنهم العلم. لان العلم بزعمهم لا يكون الا عندهم. وموجبا للحجة عليهم. فرد الله عليهم بان الهدى هدى الله. فمادة الهدى من الله تعالى لكل من اهتدى. فان اما علم الحق او ايثاره ولا علم الا ما جاءت به رسل الله ولا موفق الا من وفقه الله. واهل الكتاب لم يؤتوا من العلم الا قليلا واما التوفيق فقد انقطع حظهم منه لخبث نياتهم وسوء مقاصدهم. واما هذه الامة فقد حصل لهم ولله الحمد من هداية الله من العلوم والمعارف مع العمل بذلك ما فاقوا به وبرزوا على كل احد. فكانوا هم الهداة الذين يهدون بامر الله. وهذا من فضل الله عليها واحسانهم العظيم. فلهذا قال تعالى قل ان الفضل بيد الله. اي الله هو الذي يحسن على عباده بانواع الاحسان. يؤتيه من يشاء ممن باسبابه والله واسع الفضل كثير الاحسان. عليم بمن يصلح للاحسان فيعطيه. ومن لا يستحقه فيحرمه اياه. يختص والله ذو الفضل العظيم يختص برحمته من يشاء اي برحمته المطلقة التي تكون في الدنيا متصلة بالاخرة وهي نعمة الدين ومتمماته. والله ذو الفضل العظيم الذي لا يصفه الواصفون ولا يخطر بقلب بشر. بل وصل فضله واحسانه الى ما وصل اليه علمه. ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما