يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم لكم قراءة كتاب رسالة في الحث على اجتماع كلمة المسلمين وذم التفرق والاختلاف فصل ومن اعظم ما يجب الاعتناء به على اهل العلم الا يجعلوا الاختلاف بينهم في المسائل الدينية التي لا يخرج المخالف فيها الى البدع او الشرك سببا وداعيا الى التفرق وتشتيت القلوب وموجبا للقدح والطعن بسببها والموالاة والمعاداة عليها فان هذا ظلم وتعد لا يحل باجماع المسلمين فما زال السلف الصالح من الصحابة والتابعين فمن بعدهم يختلفون في مسائل الدين ولا ينكر بعضهم على بعض ولا يوجب بعضهم على بعض ان يتبعه والا ضل له فان هذه مرتبة لا تصلح الا للرسل فهم الذين يضلل مخالفهم واما من عاداهم فلم تضمن له العصمة ومن رحمة الله بعباده ان جعل اختلاف هذه الامة رحمة ليثيب المصيب ويعفو عن المخطئ. واتفاقهم حجة ونجاة وعصمة فالواجب على اهل العلم ان يبذلوا جهدهم بتحري الحق والصواب والا يضللوا المخالف لهم مهما اخطأ او اصاب وهذا في جميع المسائل التي تعارضت فيها اقوال سلف الامة بحسب ما اداهم اليه اجتهادهم وذلك مثل من يرى ان الماء لا ينجس الا بالتغير بالنجاسة لا يجوز له القدح في من يرى ان ما لم يبلغ قلتين ينجس بمجرد الملاقاة وبالعكس وكذلك من يرى ان الماء المستعمل في رفع الحدث يصير طاهرا غير مطهر لا يضلل من يراه طاهرا مطهرا، وبالعكس ولا من يرى ان الصلاة في الثوب النجس ناسيا تعاد على من لا يرى الاعادة وبالعكس ولا من يرى وجوب صوم ليلة الثلاثين من شعبان في الغيم على من يرى استحباب الفطر او اباحته ولا بالعكس ولا من يبيح فعل النوافل ذوات الاسباب في اوقات النهي على من يمنعها وبالعكس وامثال هذه المسائل التي لم يزل الخلاف فيها بين السلف والى الان فلا يحل لمن يرى احد القولين فيها ان ينكر على غيره على وجه القدح به فان هذا ظلم لا يجوز بل وظيفة اهل العلم في مثل هذه المسائل الخلافية ان يبينوا ما يرون انه الصحيح بحسب قدرتهم بالدليل الشرعي الذي هو الكتاب والسنة والاجماع والاعتبار بالقياس والحكم وضعف العقل بالدليل الشرعي وان يردعوا من جعل هذا الخلاف سلما للاختلاف لانه بعيد عن الانصاف نعم ان ظهر من احد من اهل العلم مخالفة بينة لدليل شرعي صريح فانه يجب نصحه ويبين له الدليل الشرعي باقرب الطرق. ولا يجعل تأنيبه او غيبته في المجالس بدلا من نصحه فليست هذه طريقة اهل الانصاف بل طريقتهم النصيحة سرا وعدم اشاعة الفاحشة وبالجملة فالواجب على اهل العلم وغيرهم السعي في معرفة الحق والاجتهاد في تنفيذه والعمل به والتعاون على ذلك وان يحب احدهم لاخيه ما يحب لنفسه سواء وافقه او خالفه فكما انه اذا وقع منه خطأ وزلل لم يحب اطلاع احد عليه بل يحرص على ستر نفسه فكذلك ينبغي ان ينزل اخاه منه بهذه المنزلة وان يحمل ما يصدر منه على احسن محمل فان الجزاء من جنس العمل. فمن كان عمله مع اخوانه هكذا ستر الله عليه باسباب يعلمها واسباب لا يعلمها سترا لا يحصل لمن لم يكن بهذه المثابة فكما تدين تدان جزاء وفاقا فنسأل الله ان يوفقنا واخواننا المسلمين لما يحبه ويرضاه وان يصلح احوال المسلمين ويؤلف بين قلوبهم ويهديهم سبل السلام والحمد لله رب العالمين. وصلى الله على محمد وسلم