سيئة في مكة اعظم واكبر واشد اثما من سيئة في جدة والطائف مثلا وسيئة في رمضان وسيئة في عشر ذي الحجة اشد واعظم من سيئة في رجب او شعبان ونحو ذلك فهي تضاعف من جهة الكيفية لا من جهة العدد. قال تعالى ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب اليم تنكر الجميع فاذا الحد اي الحاد والالحاد هو الميل عن الحق يسر مشروع كبار العلماء بالكويت ان يقدموا لكم هذه المادة الاختيارات الفقهية في مسائل العبادات والمعاملات. من فتاوى سماحة العلام الامام عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله. جمعها ورتبها الشيخ خالد بن سعود بن عامر العجمي كتاب الحج. باب صيد الحرم. بيان حرمة مكة ومكانة العتيق وما ورد في ذلك من ايات واحاديث واثار قال الامام العلامة ابن باز رحمه الله لا يخفى على كل من له ادنى علم وادنى بصيرة. حرمة مكة ومكانة البيت العتيق لان ذلك امر قد اوضحه الله في كتابه العظيم في ايات كثيرة وبينه رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في احاديث كثيرة. وبينه اهل العلم في كتبهم ومناسكهم وفي التفسير والامر بحمد الله واضح ولكن لا مانع من التذكير بذلك والتواصي بما اوجبه الله من حرمتها والعناية بهذه الحرمة ومنع كل ما يضاد ذلك ويخالفه يقول عز وجل في كتابه المبين ان اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين اوضح الله سبحانه في هذه الاية ان البيت العتيق هو اول بيت وضع للناس وانه مبارك وانه هدى للعالمين وهذه تشريفات عظيمة ورفع لمقام هذا البيت وتنويه بذلك وقد ورد في الصحيحين وغيرهما من حديث ابي ذر رضي الله عنه انه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن اول بيت وضع للناس فقال عليه الصلاة والسلام المسجد الحرام قلت ثم اي قال المسجد الاقصى قلت كم بينهما قال اربعون عام قلت ثم اي قال حيثما ادركتك الصلاة فصل فان ذلك مسجد هذا البيت العتيق هو اول بيت وضع للناس للعبادة والطاعة وهناك بيوت قبله للسكن. ولكن اول بيت وضع للناس ليعبد الله فيه ويطاف به هو هذا البيت واول من بناه هو خليل الله ابراهيم. وساعده في ذلك ابنه اسماعيل اما ما روي ان اول من عمره هو ادم فهو ضعيف والمحفوظ والمعروف عند اهل العلم ان اول من عمره هو خليل الله ابراهيم عليه الصلاة والسلام واول بيت وضع بعده للعبادة هو المسجد الاقصى على يد يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم عليهم الصلاة والسلام. وكان بينهما اربعون سنة ثم عمره بعد ذلك بسنين طويلة سليمان نبي الله عليه الصلاة والسلام وهذا البيت العتيق هو افضل بيت واول بيت وضع للناس للعبادة وهو مبارك لما جعل الله فيه من الخير العظيم بالصلاة فيه والطواف به والصلاة حوله والعبادة كل ذلك من اسباب تكفير الذنوب وغفران الخطايا قال تعالى واذ جعلنا البيت مثابة للناس وامنا واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى. وعهدنا الى ابراهيم واسماعيل ان طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود فالله سبحانه قد جعل هذا البيت مثابة للناس. يثوبون اليه ولا يشبعون من المجيء اليه بل كلما صدروا احبوا الرجوع اليه والمثابة اليه لما جعل الله في قلوب المؤمنين من المحبة له. والشوق الى المجيء اليه لما يجدون في ذلك من الخير العظيم ورفيع الدرجات ومضاعفة الحسنات وتكفير السيئات ثم جعله امنا يأمن فيه العباد وجعله امنا للصيد الذي فيه فهو حرام امن يأمن فيه الصيد الذي اباح الله للمسلمين اكله خارج الحرم يأمن فيه حال وجوده به حتى يخرج لا ينفر ولا يقتل ويقول تعالى ومن دخله كان امنا يعني وجب ان يؤمن وليس المعنى انه لا يقع فيه اذى لاحد ولا قتل بل ذلك يقع وانما المقصود ان الواجب تأمين من دخله. وعدم التعرض له بسوء وكانت الجاهلية تعرف ذلك فكان الرجل يلقى قاتل ابيه او اخيه فلا يؤذيه بشيء حتى يخرج فهذا البيت العتيق وهذا الحرم العظيم جعله الله مثابة للناس وامنا. واوجب على نبيه ابراهيم واسماعيل ان يطهراه للطائفين والعاكفين والركع السجود. اي المصلين وقال في الاية الاخرى واذ بوأنا لابراهيم مكان البيت الا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود والقائم هنا هو المقيم وهو العاكف والطائف معروف والركع السجود هم المصلون فالله جلت قدرته امر نبيه ابراهيم وابنه اسماعيل ان يطهر هذا البيت وهكذا جميع ولاة الامور يجب عليهم ذلك ولهذا نبه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك يوم فتح مكة واخبر انه حرم امن وان الله حرمه يوم خلق السماوات والارض ولم يحرمه الناس. وقال لا ينفر صيده ولا يعبد شجره ولا يختلى خلاه ولا يسفك فيه دم ولا تلتقط لقطته الا لمعرف ويعني عليه الصلاة والسلام بهذا حرمة هذا البيت فيجب على المسلمين وعلى ولاة الامور كما وجب على ابراهيم واسماعيل والانبياء وعلى خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم ان يحترموه ويعظموه وان يحذروا ما حرم الله فيه من ايذاء المسلمين والظلم لهم والتعدي عليهم حجاجا او عمارا او غيرهم فالواجب تطهير هذا البيت للمقيمين فيه والمتعبدين فيه واذا وجب على الناس ان يحترموه وان يدفعوا عنه الاذى فالواجب عليهم ايضا ان يطهروا هذا البيت وان يحذروا معاصي الله فيه. وان يتقوا غضبه وعقابه. والا يؤذي بعضهم بعضا. ولا ان يقاتل بعضهم بعضا فهو بلد امن محترم يجب على اهله ان يعظموه وان يحترموه. وان يحذروا معصية الله فيه. والا يظلم بعضهم بعضا. ولا يؤذي بعضهم بعضا لان السيئة فيه عظيمة كما ان الحسنات فيه مضاعفة والسيئات عند اهل العلم والتحقيق تضاعف لا من جهة العدد فان من جاء بالسيئة فانما يجزى مثلها. ولكنها مضاعفة بالكيفية فالسيئة في الحرم ليست مثل السيئة في خارجه بل هي اعظم واكبر حتى قال الله في ذلك ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب اليم ومن يرد فيه ان يهم فيه ويقصد فظمن يرد معنى يهم. ولهذا عداه بالباء بقوله ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب اليم اي من يهم فيه بالحاد بظلم فاذا كان من هم بالالحاد او اراده استحق العذاب الاليم. فكيف بمن فعله اذا كان من يهم ومن يريد متوعدا بالعذاب الاليم فالذي يفعل الجريمة ويتعدى الحدود فيه من باب اولى. في استحقاقه العقاب والعذاب الاليم ويقول جل وعلا في صدر هذه الاية ان الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام. الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه وهذا يبين لنا انه محرم. وانه لا فرق فيه بين العاكف وهو المقيم. والبادي وهو الوارد والوافد اليه من حاج ومعتمر وغيرهما وهذا هو اول الاية في قوله تعالى ومن يرد فيه بالحاد بظلم وبين جل وعلا عظمة هذا المكان. وان الله جعله امنا وجعله حرما ليس لاحد من المقيمين فيه ولا من الواردين اليه ان يتعدى حدود الله فيه او ان يؤذي الناس فيه ومن ذلك يعلم ان التعدي على الناس واذائهم في هذا الحرم الامن بقول او فعل من اشد المحرمات عليها بالعذاب الاليم بل من الكبائر ولما فتح الله على نبيه صلى الله عليه وسلم مكة خطب الناس وقال ان هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والارض ولم يحرمه الناس وان الله جل وعلا لم يحله لي الا ساعة من نهار وقد عادت حرمته اليوم كحرمته بالامس. فليبلغ الشاهد الغائب وقال انه لا يحل لاحد ان يسفك فيه دما او يعضد فيه شجرة ولا ينفر صيده ولا يختلي خلاه ولا تلتقط لقطته الا لمنشد. اي معرف فاذا كان الصيد والشجر محترمين فيه فكيف بحال المسلم فمن باب اولى ان يكون تحريم ذلك اشد واعظم فليس لاحد ان يحدث في الحرم شيئا مما يؤذي الناس لا بقول ولا بفعل بل يجب ان يحترمه وان يكون منقادا لشرع الله فيه وان يعظم حرمات الله اشد من ان يعظمها في غيره وان يكون سلما لاخوانه يحب لهم الخير ويكره لهم الشر ويعينهم على الخير وعلى ترك الشر. ولا يؤذي احدا لا بكلام ولا بفعل ثم قال تعالى فيه ايات بينات مقام ابراهيم فالله جعل فيه ايات بينات وهي التي فسرها العلماء بمقام ابراهيم. اي مقامات ابراهيم. لان كلمة مقام لفظ مفرد مضاف الى معرفة فيعم جميع مقامات ابراهيم فالحرم كله مقام ابراهيم تعبد فيه. ومن ذلك المشاعر عرفات والمزدلفة ومنى كل ذلك من مقام ابراهيم ومن ذلك الحجر الذي كان يقوم عليه وقت البناء والذي يصلي اليه الناس الان كله من مقامات ابراهيم ففي ذلك ذكرى لاولياء الله المؤمنين. ليتأسوا بنبي الله ابراهيم كما امر الله نبينا محمدا بذلك في قوله تعالى ثم اوحينا اليك ان اتبع ملة ابراهيم حنيفا فامر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم ان يتبع ملة ابراهيم الخليل ابي الانبياء جميعا ونبي الله محمد صلى الله عليه وسلم هو افضل الرسل جميعا. واكملهم بلاغا ونفعا للناس. وتوجيها لهم الى الخير وارشادا الى الهدى واسباب السعادة فالواجب على كل مسلم من هذه الامة ان يتأسى بنبيه صلى الله عليه وسلم في اداء الواجبات وترك المحرمات وكف الاذى عن الناس وايصال الخير اليهم فمن الواجب على ولاة الامور من العلماء ان يبينوا وان يرشدوا والواجب على ولاة الامور من الامراء والمسؤولين ان ينفذوا حكم الله وينصحوا وان يمنعوا كل من اراد ايذاء المسلمين في مكة من الحجاج والعمار وغيرهم. كائنا من كان من الحجاج او من غير الحجاج من السكان او من غير السكان. من جميع اجناس الناس يجب على ولاة الامور تجاه هذا الحرم الشريف ان يصونوه وان يحفظوه وان يحموه من كل اذى كما اوجب الله ذلك واوجبه نبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم. ومن ذلك يعلم ان ما حدث في العام الماضي عام سبع واربعمئة والف للهجرة من بعض حجاج ايران من الاذى امر منكر وامر شنيع لا تقره شريعة ولا يقره ذو عقل سليم. بل شريعة الله تحرم ذلك وكتاب الله يحرم ذلك وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم تحرم ذلك وهذا ما بينه اهل العلم واجمعوا عليه من وجوب احترام هذا البيت وتطهيره من كل اذى. وحمايته من كل معصية ومن كل ظلم ووجوب تسهيل امر الحجاج والعمار واعانتهم على الخير وكف الاذى عنهم وانه لا يجوز لاحد ابدا لا من ايران ولا من غير ايران ان يؤذوا احدا من الناس لا بكلام ولا بفعال ولا بمظاهرات ولا بمسيرات جماعية تؤذي الناس وتصدهم عن مناسك حجهم وعمرتهم بل يجب على الحاج ان يكون كاخوانه المسلمين في العناية بالهدوء والاحسان الى اخوانه الحجاج وغيرهم والرفق بهم واعانتهم على الخير والبعد عن كل اذى. الادلة الشرعية دلت على ان الحسنات تضاعف في عن الفاضل مثل رمضان وعشر ذي الحجة. والمكان الفاضل كالحرمين. فان الحسنات تضاعف في مكة مضاعفة كبيرة. المضاعفة في الحرم الشريف بمكة لا شك فيها اعني مضاعفة الحسنات ولكن ليس في النص فيما نعلم حدا محدودا ما عدا الصلاة فان فيها نصا يدل على انها مضاعفة بمائة الف. حديث من صام رمضان في مكة كتب الله له مائة الف رمضان حديث ضعيف عند اهل العلم سيئة الحرم وسيئة رمضان وسيئة عشر ذي الحجة اعظم في الاثم من حيث الكيفية لا من جهة العدد فانه متوعد بهذا الوعيد. شجر عرفة ليس بمحرم. فقطع غصن منها لا يضر. لان عرفة حلال بل وليست من الحرم كل المواقيت ليست بحرم. فما قلع منها من شجر او نبات فلا يضر. وليس فيه شيء. قلع الشجر الذي في الحرم خطأ ومن اقتلعه فعليه التوبة الى الله من ذلك وليس هناك نص واضح في ايجاد قيمة ما يقلع من الشجر او النبات الاخضر. لا يجوز قطع شجر الحرم من اجل نصب بالخيام غرس بني ادم غير داخل في النهي. وانما النهي عن قطع شجرها النابت بغير انبات الادمي اما ما كان من انباته من نخل وغيره فمتى شاء قطعه. رعي المواشي في الحرم ليس فيه بأس ليست هناك خصوصية لحمام مكة ولا لحمام المدينة سوى انه لا يصاد ولا ينفر ما دام في حدود الحرم. اذا قتل الجراد بغير سبب فانه يفدي قيمته في حق المحرم. وهكذا من قتله في الحرم. تلزم الفدية من تعمد قتل الصيد وهو محرم او قتله في الحرم لقول الله سبحانه يا ايها الذين امنوا لا تقتلوا الصيد وانتم حرم. ومن قتله منكم متعمدا. فجزاء مثل ما قتل من النعم الاية والجمهور من اهل العلم الحقوا المخطئ بالمتعمد لان الاتلاف عندهم يستوي فيه المتعمد وغيره. لكن صريح القرآن يدل على ان الفدية لا تلزم الا المتعمد وهذا هو الاظهر ولان المحرم قد يبتلى بذلك من غير قصد. ولا سيما بعد وجود السيارات وقد قال الله سبحانه يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر. لا تعارض بين حديث الصعب ابن جثان وحديث ابي قتادة لانها ابا قتادة لم يصده للمحرمين ولم يعينوه عليه واما الصعب فقد اهداه للنبي صلى الله عليه وسلم حيا والمحرم ممنوع من الصيد الحي كما انه ممنوع من اكل ما صيد من اجله ولو كان صاحبه قد ذبحه هذا هو الجمع بين الحديثين ويدل على ذلك ايضا حديث جابر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه او يوصد لكم وهو حديث لا بأس به واسناده حسن. مقام ابراهيم حجر كان يقوم عليه يبني فلما فرغ جعله تحت جدار الكعبة ماء زمزم ماء مبارك سواء شرب في مكة او نقل الى امريكا او نجد او الى الشام. او الى اي مكان فضله وما فيه من نفع موجود وان نقل الاختيارات الفقهية