بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان. حلقات تبث في اذاعة القرآن الكريم الدرس السادس. بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا وخلق العباد فلم يتركهم هملا بل بين لهم طريق الخير وطريق الشر وارسل اليهم رسلا ووفق من شاء للعمل الصالح اذا علم منه صدق النية وحب الخير وحرم من اعرض عن ذكره وتكبر عن طاعته واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله لا خير الا دل امته عليه ولا شر الا حذرها صلى الله عليه وعلى اله واصحابه. والذين اتبعوهم باحسان وسلم تسليما كثيرا اما بعد ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اعلموا انه يجب علينا جميعا اصلاح نياتنا واعمالنا. فان الله لا ينظر الى صوركم واموالكم. وانما ينظر الى قلوبكم واعمالكم واعلموا ان الجزاء من جنس العمل فكما تدين تدان وفي الحديث القدسي الذي رواه ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى قال ان الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة وان هم بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات الى سبع مئة ضعف الى اضعاف كثيرة. وان هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة وان هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة. رواه البخاري ومسلم لقد تضمن هذا الحديث اربعة امور الامر الاول عمل الحسنات الامر الثاني الهم بالحسنات الامر الثالث عمل السيئات الامر الرابع الهم بالسيئات وكل امر من هذه الامور يترتب عليه حكم خاص به فمن عمل حسنة فانها تضاعف بعشر امثالها هذا لازم لكل الحسنات. كما قال تعالى من جاء بالحسنة فله عشر امثالها واما زيادة المضاعفة على العشر فهو لمن شاء الله ان يضاعف له وهو يختلف باختلاف الاعمال واختلاف النيات واختلاف العاملين واختلاف الاوقات والامكنة واختلاف الاحوال النفقة في سبيل الله تضاعف بسبعمائة ضعف. قال الله تعالى مثل الذين ينفقون اموالهم في سبيل الله كمثل حبة انبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء دلت هذه الاية الكريمة على ان النفقة في سبيل الله تضاعف بسبع مئة ضعف ومن الاعمال ما لا تنحصر مضاعفته بعدد. كما قال تعالى من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له اضعافا كثيرة قال تعالى انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب وفي الحديث يقول الله تعالى كل عمل ابن ادم له الحسنة بعشر امثالها الى سبع الى سبعمائة ضعف الا الصيام فانه لي وانا اجزي به وقد تضاعف الحسنة اضعافا كثيرة لشرف المكان كما ورد ان الصلاة في المسجد الحرام بمائة الف صلاة والصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالف صلاة قد تضاعف في شرف الزمان كما ورد ان من تطوع في رمظان بخصلة من خصال الخير كان كمن ادى فريضة فيما سواه ومن ادى فيه فريضة كان كمن ادى سبعين فريضة فيما سواه ومن عمل سيئة كتبت بمثلها من غير مضاعفة. كما قال تعالى ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الا مثلها وهم لا يظلمون وفي هذا الحديث كتبت له سيئة واحدة. السيئة لا تضاعف لكنها تعظم احيانا لشرف المكان الذي فعلت فيه او لشرف الزمان اتعظم عقوبتها بسبب ذلك كالسيئة في المسجد الحرام والاشهر الحرم والاحرام. قال تعالى ان الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب اليم وقال في الاشهر الحرم فلا تظلموا فيهن انفسكم. وقال في الاحرام الحج اشهر معلومات فمن فرض فيهن حج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وقد يعظم اثم السيئة بالنسبة لمكانة فاعلها عند الله قال الله تعالى لنبيه ولولا ان ثبتناك لقد كدت تركن اليهم شيئا قليلا. اذا لا لقناك ضعف الحياة الممات فقال تعالى لنساء نبيه يا نساء النبي من يأتي منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين ومعصية العالم اشد اثما من معصية الجاهل. وهكذا يعظم اثم السيئة بحسب الملابسات والاحوال وقوله صلى الله عليه وسلم فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة يدل على ان الله يثيب على نية الخير اذا نواه المسلم فلم يعمله لمانع حال بينه وبين فعله. فمن نوى الجهاد في سبيل الله فلم يتمكن منه كتب له اجر المجاهدين ومن نوى قيام الليل فغلبته عيناه ولم يستيقظ كتب له اجر القائم وفي قوله صلى الله عليه وسلم وان هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة دليل على ان ان من نوى فعل السيئة وقدر عليه على ان من نوى فعل السيئة وقدر عليه ثم تركه خوفا من الله كتب الله له بذلك حسنة كاملة لان تركه المعصية بهذا القصد عمل صالح فاما ان كان ترك المعصية لا خوفا من الله تعالى وانما تركها لخوف المخلوقين او مرائتهم. فانه لا يحصل على هذا الثواب بل قيل انه يعاقبوا على تقديم خوف المخلوقين على خوف الله عز وجل لان تقديم خوف المخلوقين على خوف الله محرم وان هم بالمعصية وسعى في تحصيلها ثم حال بينه وبينها القدر وفي نيته ان يفعلها لو تمكن منها فانه يعاقب على نيته وسعيه للمعصية كما قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا التقى المسلم ان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار قالوا يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول قال انه كان حريصا على قتل صاحبه. كما دل الحديث الاخر على ان من هم بمعصية وتحدث بلسانه بما هم به فانه يؤاخذ على ذلك قال صلى الله عليه وسلم ان الله يتجاوز لامتي عما حدثت به انفسها ما لم تتكلم به او تعمل بان تكلمه بالمعصية معصية. فاتقوا الله ايها المسلمون وانظروا في اعمالكم ونياتكم. وتزودوا من الاعمال الصالحة وتوبوا من الاعمال السيئة والنيات الفاسدة. واتقوا الله لعلكم ترحمون. والى لقاء قادم باذن الله. مع الاحاديث السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد