بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان. حلقات تبث في اذاعة القرآن الكريم الدرس الثامن بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله وحده. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد واله وصحبه وبعد ايها الاخوة المستمعون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتحدث اليكم في هذه الحلقة كسابقاتها في موضوع الاحاديث القدسية ونورد هنا واحدا منها عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل انا عند ظن عبدي بي وانا معه حين يذكرني فان ذكرني في نفسي في نفسه ذكرته في نفسي وان ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وان اقترب الي شبرا تقربت اليه ذراعا وان اقترب الي ذراعا اقتربت اليه باعا وان اتاني يمشي اتيته هرولة. رواه مسلم في هذا الحديث الحث على احسان الظن بالله عز وجل والنهي عن اساءة الظن به. وان الله يعامل العبد بحسب ما يظنه به من الخير والشر وحسن الظن بالله تعالى من واجبات التوحيد. ولذلك ذم الله من اساء الظن به لان مبنى حسن الظن على العلم برحمة الله وعزته واحسانه وقدرته وعلمه وحسن اختياره. وقوة التوكل عليه فاذا تم العلم بذلك اثمر له حسن الظن بالله وحمله على العمل الصالح والتقرب الى الله وسوء الظن بالله عز وجل بضد ذلك. يحمل العبد على اليأس من رحمة الله قال الامام ابن القيم رحمه الله واعظم الذنوب عند الله تعالى اساءة الظن به فان من اساء الظن به ظن به خلاف كماله الاقدس وظن به ما يناقض اسماءه وصفاته. ولهذا توعد الله عليه بما لم يتوعد على غيره قال تعالى ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم. واعد لهم جهنم وساءت مصيرا وقال تعالى وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم ارداكم فاصبحتم من الخاسرين وقال عن المنافقين الذين ظهر نفاقهم يوم احد يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الامر من شيء؟ قل ان الامر كله لله قال ابن القيم رحمه الله وابن الجاهلية اسر لانه سبحانه لا ينصر رسوله وان امره سيظمحل وفسر ان ما اصابهم لم يكن بقدر الله وحكمته وفسر بانكار الحكمة وبانكار القدر وانكار ان يتم امر رسوله وان يظهره على الدين كله وهذا هو ظن السوء الذي ظن المنافقون والمشركون في سورة الفتح وانما كان هذا ظن السوء لانه ظن غير ما يليق به سبحانه وما يليق بحكمته وحمده ووعده الصادق فمن ظن انه يدين الباطل على الحق ادالة مستقرة يظمحل معها الحق او انكر ان يكون ما جرى بقضائه وقدره او انكر ان يكون قدره لحكمة بالغة يستحق عليها الحمد بل زعم ان ذلك لمجرد مشيئة فذلك ظن الذين كفروا وويل للذين كفروا من النار انتهى واذا كان ظن السوء وظن غير الحق بالله عز وجل هو ظن الجاهلية والكفار والمنافقين فان المؤمنين يحسنون الظن بربهم. وقد روى ابو داوود وابن حبان حسن الظن من حسن العبادة وفي رواية للترمذي والحاكم حسن الظن بالله من حسن العبادة قال الكرماني وفي هذا الحديث اشارة الى ترجيح جانب الرجاء على جانب الخوف اي لان العاقل اذا سمعه لا يعدل الى ظن ايقاع الوعيد وهو جانب الخوف بل الى ظن وقوع الوعد وهو جن وهو جانب الرجاء ولكن يجب ان يقيد هذا بحالة الاحتضار اما في حالة الصحة فان المؤمن يجب ان يكون بين الخوف والرجاء بحيث لا يغلب جانبا على جانب. كما قال تعالى في وصف خواص المؤمنين انهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وقال تعالى ويرجون رحمته ويخافون عذابه. وفي قوله تعالى في هذا الحديث وانا معه اذا ذكرني حث على الاكثار من من الذكر لله عز وجل بالتهليل والتسبيح والتحميد والتكبير وبالاعمال الصالحات وفعل الطاعات وان الله تعالى يكون مع من يذكره معية خاصة مقتضاها التوفيق والنصر والاعانة والهداية ثم بين سبحانه ان الجزاء من جنس العمل. فقال سبحانه فان ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وان ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وهذا كقوله تعالى فاذكروني اذكركم وفي ذكر الله لعبده تشريف له وتنويه بشأنه واكرام له وكفى بذلك فظلا وشرفا قال ابن القيم ولو لم يكن في الذكر الا هذه وحدها لكفى بها فضلا وشرفا وفي قوله تعالى وان تقرب الي شبرا تقربت اليه ذراعا. وان تقرب الي ذراعا تقربت اليه باعا. حث على التقرب الى الله تعالى بطاعته وان ذلك يسبب قرب الله من عبده قربا خاصا ودنوه منه فانه سبحانه قريب مجيب اقرب الى من دعاه من عنق راحلته. وهو مع هذا علي على عرشه بائن من خلقه سبحانه وتعالى فهو سبحانه قريب في علوه علي في دنوه وفي هذا انه سبحانه يزيد عبده المؤمن تفضلا منه اكثر من عمله وهذا كقوله تعالى واذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان لقوله تعالى واسجد واقترب. وفي الحديث اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد وفي هذا الحديث فوائد عظيمة منها وجوب احسان الظن بالله وان من احسن الظن بالله وتقرب اليه بطاعته نال منه الخير والبركة والثواب العاجل والاجل وفيه النهي عن اساءة الظن بالله وان من اساء الظن بربه عاقبه وابعده من رحمته. كما قال تعالى الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم واعد لهم جهنم وساءت مصيرا وفي الحديث الحث على الاكثار من ذكر الله. وان الله تعالى يذكر من ذكره وان الجزاء من جنس العمل وقد ذكر العلامة ابن القيم في كتابه الوابل الصيب للذكر اكثر من مائة فائدة وفي الحديث الحث على التقرب الى الله بالطاعة وفيه اثبات قرب الله من خلقه كما يليق بجلاله سبحانه وتعالى والله اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه والحمد لله رب العالمين والى الحلقة القادمة باذن الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته